تغيير المالكي.. وماذا بعد؟

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الجميع ارتبط بالمالكي وجودا او عدما، فامريكا لا تساعد العراق اذا لم يتم تغيير المالكي، والاتحاد الاوربي لا يمد يد العون للعراق اذا لم يتغير المالكي، والسعودية ودول الخليج لن تتوقف عن دعم الجماعات المسلحة اذا لم يتغير المالكي، والاكراد سوف يعلنون دولتهم اذا لم يتغير المالكي، والسنة سيذهبون الى اقليم خاص بهم اذا لم يتغير المالكي.. هل هناك من ضمانات بالنسبة للاطراف المقابلة عند تغيير المالكي؟.

حسنا، تم الان تغيير المالكي، على الجانب الامريكي قدمت مساعدات من خلال عمليات جوية لكن بالتعاون مع اقليم كردستان، الاتحاد الاوربي يعمل على تسليح الاقليم وامداده بالسلاح، السعودية رحبت بترشيح البديل، الاكراد لم ينسحبوا من كركوك او المناطق المتنازع عليها والتي احتلوها بعد نكسة حزيران العراقية، ولم يتوقفوا عن تصدير النفط خارج الاطر الاتحادية.. السنة رفعوا شعار المطالب قبل المناصب.

هل يرتبط الوضع السياسي العراقي ارتباطا قدريا مع المالكي، كما اراد اقناعنا الاطراف جميعا والذين كانوا ضده طيلة السنوات الماضية (لا اناقش صحة سياساته او خطأها)، ام ان الفشل السياسي يرتبط بجوانب اخرى، يمكن اعتبار المالكي افرازا لها وليس سببا فيها، مثلما يمكن اعتبار العبادي او غيره اذا قاد العملية السياسية في العراق، سيكون افرازا للخلل في تلك الجوانب وليس سببا فيها؟.

اياد علاوي وفيّ لنغمة احتجاجه الطويلة، فهو (متشائل) حيال تكليف حيدر العبادي عن التحالف الوطني بتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، ولا يهمني في هذا المقام تفاؤله او تشاؤمه بقدر ما يهمني تصريحه حول داعش حيث يقول  (ان العراقيين المنتفضيين في بغداد وبقية المحافظات بصورة دستورية منذ فبراير (شباط) 2011 توسعت مظاهراتهم لتكوّن حراكا جماهيريا واسعا لم يلتفت إليه وإلى مطالب الجماهير التي جزء كبير منها مشروعة، هذا التهميش ولّد شرخا طائفيا وألحق ضررا بشرائح مهمة من المجتمع العراقي وبالوحدة الوطنية وبالقوات المسلحة التي استخدمتها الحكومة بعد سنة ونصف السنة لمواجهة المعتصمين وولّدت معارك حتى اليوم، وقد سماهم المالكي «داعش»، وهم ليسوا بـ«داعش»، وإنما هم عبارة عن حراك شعبي يتألف من العشائر والقبائل وقوى مدنية أخرى رافضة للتهميش الطائفي والإقصاء السياسي).

صاحب التصريح لا يمكن ان تقف معه عند التخطيط لاي جهد عسكري ضد الجماعات التي يسميها (المنتفضون) على الضد مما يسميها الجميع وحتى حلفاؤه (داعش)، وهي معضلة – عدم الاتفاق او التوافق – مع اياد علاوي لن يكف لسانه عن توجيه النقد لرئيس الحكومة في اي ملف من الملفات.

ماذا عن الأكراد؟

انهم سادة الابتزاز في مثل تلك المواقف.. فهم يفاوضون على 25 % لميزانيتهم، اي ربع ميزانية العراق مجتمعا، بمعنى اخر، ربع ميزانية العراق ستكون من حصة ثلاث محافظات كردية، ولا نعلم ما هي حصة الميزانية للمحافظات السنية المنتفضة، وهي ست محافظات، ما يتبقى سيكون من نصيب المحافظات الشيعية التي هي موطن الثروات النفطية.

حميد بافي القيادي في التحالف الكردستاني، وعضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، قال إن سياسة الحكومة السابقة التي وصفها بـ(السيئة تجاه الإقليم، وتوقفها عن صرف رواتب الإقليم منذ مدة طويلة، دفع الإقليم إلى المطالبة باستقلاله). لكنه قال ان (إعلان إقليم كردستان الاستقلال، مطلب مدني وإنساني وقانوني).

ومع انه سبق ان رأى "استقلال كردستان" مطلبا "مدنيا وانسانيا وقانونيا، عاد بافي ليتحدث عن الدستور الجديد، قائلا ان "ديباجة الدستور تنص على ان الالتزام بالدستور يحفظ العراق أرضا وسيادة وشعبا". ومع ذلك يرى القيادي في التحالف الكردستاني ان "من حق الإقليم ان ينفصل عن الحكومة الاتحادية في بغداد، إذا أراد الكرد الحصول على الاستقلال".

وتهرب محما خليل وهو قيادي كردي اخر من سؤال محرر في جريدة "العالم" عما إذا كان الكرد مستمرين بموقفهم بشأن الانفصال، لاسيما بعد تحقق مطلبهم البارز بتغير رئيس الوزراء نوري المالكي، أم أنهم سيغيرون سياساتهم تجاه بغداد، ويعيدون المناطق التي سيطرت عليها قوات البيشمركة إلى الحكومة الاتحادية.

وقال محما خليل "لن أجيب على هذه الاسئلة لأنني من سكنة قرية هجر الإرهابيين أهلها".

ماذا عن السنة؟

جيش العزة والكرامة احد الفصائل المسلحة المشاركة في (الثورة) ضد الحكومة دعا الى منح المحافظات المنتفضة حق تشكيل اقليم سني يحفظ دماء ابناء السنة من بطش الحكومة والمليشيات.

وقال الدكتور عمر الايوبي القيادي في جيش العزة والكرامة:” ان الثوار حملوا السلاح من اجل انتزاع حقوقهم المتمثلة بعدة مطالب واذا استجابت الحكومة للمطالب فعندها سيفتح باب الحوار مع الحكومة، على الرغم من انعدام الثقة باي حكومة ستاتي مستقبلا.

مجلس عشائر الثورة العراقية يشترط محاكمة المالكي وقادة جيشه ومليشياته كبداية لقبول اي حوار مع الحكومة.

مجلس محافظة الانبار يطالب رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي بتشكيل قوات شبيهة بحرس إقليم كردستان بغية حماية المحافظة من مسلحي تنظيم "داعش"، فيما أكد أن العشائر لن تنتفض ضد التنظيم إلا بعد تحقيق جميع شروطها.

هل يكفي تغيير المالكي وحده لاحداث الفرق في الواقع السياسي العراقي الان ومستقبلا؟

يرى الكاتب حسين درويش العادلي ان خيار المضي على نفس سكة العملية السياسية الحالية دونما أصلاح بنيوي جاد وحاسم أثبت فشله، ولا يمكن أن يجود بأكثر مما جاد، إنها سكة لم تنتج سوى الأزمات وفي المقدمة أزمة تصدع وانقسام الأمة والدولة حول قضايا الدولة الجوهرية: شكلها، هويتها، سلطاتها، ثرواتها، فضائها الستراتيجي،.. خيار التصحيح هو الخيار الأمثل لإعادة إنتاج الأمة والدولة، وهو خيار يتطلب تبني نظام تسوية الأزمة لا إدارتها وحسب، فمراحل التأسيس لقضايا الدولة الرئيسة تتطلب حسماً واضحاً يستند الى تسويات كبرى لضمان تكوين نواة صلبة للدولة بما يمكنها من مواجهة التحديات والمضي في التطور.

المطلوب تسوية شاملة لكافة قضايا الدولة، ودعني أقول صفقة تاريخية يشترك فيها نخب الأعراق والطوائف والإثنيات العراقية لإنجاز نواة صلبة لمشروع دولة قابلة للحياة، يتم الإتفاق على شكلها وهويتها وموارد التنازع حول قضاياها الأهم: السلطة والثروة والسيادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/آب/2014 - 21/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م