ما بين غزة وإسرائيل... حرب دعائية ومأساة إنسانية

 

شبكة النبأ: الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة مؤخرا، وراح ضحيتها الالاف بين قتيل وجريح، جلهم من المدنيين الفلسطينيين، والتي توقفت تحت هدنة وصفها متابعون بالهشة، بعد عدة ضغوط دولية مورست على إسرائيل، للحوار مع القيادات الفلسطينية، استثمارا للمبادرة والوساطة المصرية، على امل إيجاد فرصة مناسبة لإحلال السلام بينها وبين قطاع غزة الذي ما زال يرزح تحت سياسية الحصار والقصف المتواصل منذ سنين، بهدف اضعاف حركة حماس (التي تسيطر على القطاع منذ عام 2007) والفصائل المقاومة الأخرى.

ومع اعلان إسرائيل، بعد سحبها لقواتها البرية، بان مهمة الجيش أنجزت، إضافة الى إعلانها عن تدمير العديد من الانفاق ومنصات إطلاق الصواريخ، إضافة الى استهدافها النشطاء، غير ان الخبراء والمتابعون لم يتفقوا تمام مع إعلانات إسرائيل، التي وصفوها بالدعائية، سيما وان المظاهرات التي شهدتها إسرائيل مؤخرا والتي دلت على شعور المواطن الإسرائيلي بفشل الحرب وعدم تحقيق الأهداف المعلنة من قبل الحكومة، بل وقبولها بالهدنة والتحاور مع حماس (التي تعتبرها حركة إرهابية) التي باتت تفرض شروطها الخاص للسلام او القبول بحرب لا نهاية لها، قد اثبتت العكس من ذلك.

في سياق متصل اكدت القيادة الفلسطينية في ختام اجتماعها المطالب التي يتم التباحث بشأنها في القاهرة مع الجانب الاسرائيلي من خلال الجانب المصري، واعتبرت القيادة التي اجتمعت برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان ان "المطالب المحقة التي رفعها وفدنا بخصوص إنهاء الحصار لقطاع غزة وفتح المعابر وحرية الحركة لا تنفصل عن الهدف الوطني الأكبر والذي يتمثل في إنهاء الاحتلال عن جميع الأرض الفلسطينيةوفرض السيادة الكاملة لدولة فلسطين على أرضها ومياهها وأجوائها"، واضافت "هذا هو الهدف الذي يجب مواصلة العمل من أجله لإنهاء الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا الفلسطيني".

وكانت القيادة استمعت خلال الاجتماع الى رئيس الوفد الى القاهرة عزام الاحمد، حول تفاصيل المباحثات التي ستستأنف لاحقا، واوضحت القيادة إن "العمل من أجل إنشاء إطار دولي فعال يبقى الهدف الوطني والسياسي العاجل لإعادة طرح قضية إنهاء الاحتلال وإقرار الخطوات العملية لتحقيق ذلك"، واعربت عن املها بمواصلة العمل مع القيادة المصرية، معربة عن تقديرها "الكبير" للدور المصري ورعايتها للمفاوضات في "إطار القواعد والأسس التي تضمنتها المبادرة المصرية"، وكان الرئيس الفلسطيني جدد في بداية الاجتماع تمسكه بالمبادرة المصرية لوقف القتال في غزة، وتستأنف غدا الاحد المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للتوصل الى اتفاق يثبت الهدنة المتوافق عليها لمدة خمسة ايام. بحسب فرانس برس.

الى ذلك صمدت هدنة بين إسرائيل والفلسطينيين فيما يبدو بعدما بدأت بداية هشة مع موافقة الجانبين على اعطاء محادثات سلام تجرى بوساطة مصرية المزيد من الوقت لمحاولة إنهاء الحرب على قطاع غزة، وقال الجيش الإسرائيلي إن النشطاء في غزة خرقوا الهدنة وأطلقوا ثمانية صواريخ على إسرائيل وإن الطائرات الإسرائيلية ردت على ذلك باستهداف "قاذفات صواريخ ومواقع إرهابية" في القطاع، ونفى عزت الرشق المسؤول بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خرق الفلسطينيين للهدنة وندد بالغارات الجوية الإسرائيلية ووصفها بانها خرق لاتفاق التهدئة، ولم تقع اي اصابات على الجانبين وانتهى القتال بحلول الفجر.

وكانت هدنة للقتال المستمر منذ أكثر من شهر والذي راح ضحيته 1945 فلسطينيا و67 إسرائيليا قد انتهت، والقتال هو الأسوأ في المنطقة منذ حرب استمرت ثلاثة أسابيع في شتاء 2009، وفي القاهرة أعلن الفلسطينيون في اللحظات الأخيرة تمديد الهدنة لخمسة أيام أخرى حتى يتسنى للجانبين التفاوض بشأن هدنة طويلة الأجل بوساطة مصرية، وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه "وافقت إسرائيل على تمديد وقف إطلاق النار"، وثبت انه من الصعب تضييق هوة الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، لكن إسرائيل ومصر تعربان عن مخاوف أمنية عميقة بشأن حماس التي تسيطر على القطاع الساحلي مما يعقد أي اتفاق لتخفيف القيود على الحدود.

وقال إسماعيل هنية القيادي البارز بحماس لقناة الأقصى التابعة لحماس إن الحركة تصر على رفع الحصار عن غزة وتخفيف القيود المفروضة على حركة المواطنين في القطاع كشرط لتهدئة دائمة، وقال اعضاء في الوفد الفلسطيني انهم سيعودون إلى القاهرة ليل السبت لاستئناف المحادثات، وصرح مسؤول فلسطيني على دراية بسير المفاوضات في القاهرة بأن مصر قدمت اقتراحا جديدا لهدنة دائمة، وذكرت مصادر مصرية وفلسطينية أن إسرائيل وافقت مؤقتا على السماح بدخول بعض الامدادات إلى قطاع غزة وتخفيف القيود على حركة الافراد والبضائع عبر الحدود مع مراعاة شروط معينة، والمطلب الفلسطيني بميناء بحري في غزة واعادة انشاء مطار دمر في الصراعات السابقة مع إسرائيل يمثل حجر عثرة حيث ترفض إسرائيل تشغيلهما بسبب مخاوف امنية. بحسب رويترز.

وقال مسؤول فلسطيني إن الجانبين اتفقا على تأجيل مناقشة أي اتفاق بشأن الموانئ لمدة شهر، وتتضمن مسودة الاقتراح المصري ان تسمح إسرائيل بتوسيع منطقة صيد الاسماك التي تفرضها على صيادي غزة الى ستة أميال (عشرة كيلومترات) من المنطقة البحرية المعتادة التي تبلغ ثلاثة أميال، وقال المسؤول "ستزداد منطقة صيد الأسماك تدريجيا الى مسافة لا تقل عن 12 ميلا بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية واسرائيل" مشيرا إلى الدور الموسع المرجح في شؤون غزة لحكومة الرئيس عباس المدعومة من الغرب والموجودة في الضفة الغربية المحتلة، وبالإضافة الى ذلك قال المسؤول إن الخطة المصرية تدعو إلى تقليص حجم المنطقة التي يحظر على الفلسطينيين دخولها من جانب حدود غزة من 300 متر الى 100 متر حتى يمكن للمزارعين استعادة مساحات اراض فقدوها بسبب الإجراءات الامنية الصارمة.

ولا يجتمع المسؤولون الإسرائيليون وجها لوجه مع الوفد الفلسطيني لانه يضم حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل منظمة إرهابية، وبدأت إسرائيل عمليتها العسكرية في قطاع غزة في الثامن من يوليو تموز وأعلنت أن هدفها هو وقف هجمات الصواريخ عبر الحدود وتدمير انفاق التسلل، وقال مسؤولون طبيون في غزة إن معظم القتلى الفلسطينيين في العملية مدنيون، وأثار مقتل عدد كبير من المدنيين وتدمير آلاف المنازل في غزة إدانة دولية واسعة النطاق، وتقول الأمم المتحدة إن الحرب ادت لنزوح 425 الفا من سكان القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، وسحبت إسرائيل قواتها البرية من غزة بعد أن قالت إن الجيش أتم مهمته الرئيسية بتدمير أكثر من 30 نفقا حفرها نشطاء لشن هجمات عبر الحدود، وتريد إسرائيل الآن أن تضمن أن حماس لن تستخدم أي مواد بناء ترسل للقطاع لإعادة بناء هذه الأنفاق.

مواجهة حرب طويلة

فيما رفضت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) اقتراحات قدمتها القاهرة للمفاوضين الفلسطينيين سعيا لإنهاء هجوم إسرائيلي على قطاع غزة واعتبرتها غير كافية ولوحت باحتمال استئناف القتال عندما تنتهي الهدنة الحالية، وقالت إسرائيل إنها لم تقبل بعد الاقتراحات لكنها أشارت إلى أن مبعوثيها مستمرون مثل الفلسطينيين في حضور المحادثات،وينتهي وقف إطلاق النار الحالي ليل الاثنين، وتريد حماس التي تسيطر على قطاع غزة انهاء الحصار الإسرائيلي للقطاع وفتح المعبر مع مصر وإنشاء ميناء بحري ومطار كجزء من أي اتفاق لوقف دائم للعمليات القتالية مع الدولة اليهودية.

وقال اسامة حمدان عضو المكتب السياسي ومسؤول العلاقات الخارجية لحماس إن العروض التي قدمت للوفد الفلسطيني في القاهرة "لا تلبي طموح المطالب الفلسطينية"، وأضاف حمدان على صفحته على موقع فيسبوك "على اسرائيل القبول بشروط الشعب الفلسطيني أو مواجهة حرب استنزاف طويلة"، ولم تظهر إسرائيل التي بدأت هجومها العسكري في الثامن من يوليو تموز لمنع حماس من إطلاق الصواريخ عبر الحدود اهتماما كبيرا بتقديم تنازلات كبيرة، وتطالب إسرائيل بنزع سلاح غزة في أي اتفاق طويل الأجل وهو ما ترفضه حماس، ولم تكشف مصر سوى عن القليل من التفاصيل بشأن أي تقدم في المحادثات، وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه "لم توافق إسرائيل حتى الآن على أي اقتراح"، وأضاف المسؤول "لن يتم التوصل إلى تفاهمات (حول الهدنة طويلة الأجل) إلا إذا كانت تلبي المصالح الأمنية الإسرائيلية بشكل واضح".

ومن المقرر أن يعود المسؤولون الإسرائيليون إلى القاهرة وكذلك الوفد الفلسطيني الذي يضم ممثلين عن حماس وعن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي أشرك حماس في حكومة وحدة في أبريل نيسان، وأثنى عباس الذي كان يتحدث من رام الله حيث مقر حكومته على الوساطة المصرية، وقال في كلمة نقلها التلفزيون إن الهدف هو منع القتال والالتزام بالمبادرة المصرية دون غيرها، وسعت تركيا وقطر اللتان تتعاطفان مع حماس على القيام بوساطة لكن إسرائيل رفضت وساطتهما، وقالت الأمم المتحدة إن 425 ألفا من بين 1.8 مليون فلسطيني يسكنون قطاع غزة نزحوا بسبب الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 1900 فلسطيني و67 إسرائيليا. بحسب رويترز.

ويقول مسؤولو مستشفيات في القطاع الصغير المكتظ بالسكان إن معظم القتلى الفلسطينيين مدنيون، ووافقت إسرائيل والفلسطينيون على تمديد اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام لمواصلة المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى هدنة دائمة، وحظي الهجوم على غزة بتأييد واسع من الإسرائيليين، لكن احتمال التوصل إلى هدنة طويلة الأجل تحسن من موقف حماس الاقتصادي أو الدبلوماسي أثار تحفظات بين الإسرائيليين ومن قبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية، ونظم عدة آلاف من أعضاء الأحزاب اليسارية الإسرائيلية وجماعات النشطاء مظاهرة مناهضة لسياسة الحكومة في تل أبيب،وكتب على إحدى اللافتات "عندما يغيب السلام تأتي الحرب".

بعثة لمراقبة الحدود

الى ذلك أبدى الاتحاد الاوروبي استعداده استئناف نشاط بعثة من الاتحاد على الحدود بين مصر وغزة للمساعدة في تحقيق استقرار القطاع الفلسطيني بعد اسابيع من الحرب، ورحب وزراء الخارجية الذين يمثلون 28 دولة أعضاء في الاتحاد الاوروبي في محادثات عقدت في بروكسل بوقف اطلاق النار في غزة وقالوا ان بامكانهم اعادة اطلاق (بعثة المعاونة الحدودية) التابعة للاتحاد على معبر رفح وربما توسيع نطاقها، وجاء في بيان بعد الاجتماع "الاتحاد الاوروبي مستعد لدعم آلية دولية ممكنة أقرها مجلس الامن التابع للامم المتحدة تشمل اعادة تنشيط وربما توسيع نطاق وتفويض بعثة المعاونة الحدودية".

وبدأت بعثة المعاونة الحدودية التابعة للاتحاد الاوروبي مراقبة معبر رفح الحدودي في عام 2005 في اطار اتفاق يهدف الى تخفيف مخاوف أمنية اسرائيلية بعد ان سحبت قواتها ومستوطنيها من غزة، غير ان العملية توقفت بعد عامين عندما سيطرت حماس على القطاع الساحلي، وللمساعدة في استئناف نشاط البعثة قال وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي انهم يؤيدون أيضا اطلاق برنامج تدريبي لافراد الجمارك التابعين للسلطة الفلسطينية هم وأفراد الشرطة لاعادة نشرهم في غزة، كما أثار وزراء الاتحاد الاوروبي إمكانية عقد مؤتمر دولي للمانحين للمساعدة في تمويل اعادة اعمار غزة بعد انتهاء الصراع. بحسب رويترز.

واتهمت وزارة الداخلية الفلسطينية في حكومة حماس بقطاع غزة إسرائيل يوم الجمعة بإطلاق النار عبر الحدود في انتهاك للهدنة، وقالت متحدثة باسم الجيش الاسرائيلي "ليس لدينا علم بمثل هذا الحادث"، وقالت وزارة الداخلية في غزة إن القوات الإسرائيلية تطلق الرصاص على منازل شرقي بلدة خان يونس، وصمد الى حد بعيد وقف لاطلاق النار تم تمديده لمدة خمسة أيام بعد انتهاء هدنة سابقة أعقبت قتالا استمر شهرا قتل فيه 1945 فلسطينيا معظمهم مدنيون. وعلى الجانب الإسرائيلي قتل 64 جنديا وثلاثة مدنيينن، وبدأت الهدنة هشة حيث شنت اسرائيل غارة جوية ردا على اطلاق صاروخ من غزة في انتهاك لهدنة سابقة، ولم ترد تقارير عن وقوع اصابات في هذه الحوادث.

القائد الخفي

من جهة اخرى ربما تركته محاولات الاغتيال الإسرائيلية مثخنا بالجراح ودفعته للاختباء لكن اسم محمد الضيف القائد الخفي للجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) برز كالعقل المدبر للحرب مع إسرائيل، ولأنه المخطط الاستراتيجي الذي ساعد على تكوين شبكة من الانفاق تحت حدود إسرائيل استطاع الضيف أن يأخذ عدوه القوي على حين غرة بهجمات مباغتة سببت خسائر فادحة في الأرواح، ورغم الضربات الإسرائيلية العقابية في الصراع المستمر منذ أكثر من شهر واصلت حماس إطلاق الصواريخ التي وصلت إلى العاصمة التجارية تل أبيب.

ومنحه موقعه القيادي صوتا مسموعا بين قادة الحركة الإسلامية وفي توجيهها نحو الحرب أو الهدنة، لكن يتردد أنه يفضل دوره العسكري على السياسة الداخلية، ولا يعرف كثيرون شكل الضيف الذي يعتقد أنه في الخمسينات من عمره بعد أربع محاولات إسرائيلية على الأقل لقتله، كما أن الصور القديمة له نادرة، وأظهرت لقطات فيديو نادرة تعود لعام 2002 الضيف وهو مضرجا بالدماء وقد جلس منتصبا بينما كان رجل يحاول سحبه بعيدا عن حطام سيارة أصابها صاروخ أطلقته طائرة هليكوبتر إسرائيلية، ولا تعلق حماس على صحة الضيف وتقول انه يسيطر بشكل كامل على جناحها العسكري منذ التسعينيات.

وذكرت بعض التقارير الإسرائيلية إنه فقد إحدى عينيه وبعض أطرافه ويجلس على مقعد متحرك. كما لا يزال مكان اختبائه لغزا وقال وزير إسرائيلي الشهر الماضي إن الضيف يختبئ في أنفاقه الخاصة منذ سنوات، لكن مسؤولا في المخابرات الإسرائيلية قال لرويترز إن إسرائيل تعتقد أن الضيف يلعب دورا مهما في حرب غزة، وقابلت حماس القوات الإسرائيلية بعدة أساليب شملت استخدام الأنفاق لشن هجمات مفاجئة، وخسر الجيش الإسرائيلي 64 من جنوده في القتال أي أكثر بستة أمثال من عدد الجنود الذين قتلوا في الغزو السابق لغزة أوائل عام 2009، وتقول إسرائيل إنها قتلت مئات من مقاتلي حماس ودمرت أكثر من 30 نفقا.

وقال حمزة أبو شنب وهو خبير في شؤون الحركات الإسلامية مقيم في غزة "لقد طور الضيف من فكرة الأنفاق"، وقال مصدر في حماس يعرف الضيف منذ التسعينيات إنه في قلب التطورات داخل الجناح المسلح منذ عام 1994، واتفق إيهود ياري وهو باحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مقيم في إسرائيل مع هذه النظرية، وقال "ظل محمد الضيف في موقع قوة طوال الوقت، ربما لم يلحظ البعض ذلك لأنه كان مختبئا في الظل".

وفقا لمصدر حماس فقد ولد الضيف في مخيم خان يونس للاجئين، كانت أسرته فقيرة لكن والده الذي كان يعمل منجدا أصر على أن يتم أبناؤه تعليمهم، وحصل الضيف على درجة في العلوم من الجامعة الإسلامية في غزة حيث كان يدرس الفيزياء والكيمياء والأحياء، كما أبدى الضيف ميلا للفنون، وقال المصدر "كان رئيس اللجنة الترفيهية بالجامعة وكان يمثل على المسرح ويؤلف عروضا كوميدية"، ثم انضم الضيف إلى حركة حماس التي كانت وليدة آنذاك خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 وسجنته إسرائيل في عام 1989، وتقول بعض الروايات إنه أمضى أكثر من عام في السجن. بحسب رويترز.

ومع صعوده داخل حماس تصدر الضيف قوائم المطلوبين في إسرائيل على مدى عقود وألقيت عليه شخصيا مسؤولية مقتل عشرات الإسرائيليين في تفجيرات انتحارية، ووصف يورامشفايترز من معهد دراسات الامن القومي الإسرائيلي الدور الحالي الذي يلعبه الضيف بأنه بين رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع، وقال شفايتزر "نظرته الشخصية وخبرته جعلت منه خصما لا يستهان به"، وفي رسالة صوتية نادرة بثت يوم 29 يوليو تموز قال الضيف إن حماس ستواصل مواجهة إسرائيل حتى رفع الحصار عن غزة، وقال الضيف "لن ينعم الكيان المحتل بالأمن حتى ينعم شعبنا بالحرية والكرامة".

ويقول أبو شنب إنه رغم رسالته المسجلة فان الضيف ليست له طموحات سياسية داخل حماس ويفضل التركيز على القضايا العسكرية، وحماس هي حركة متعددة القيادات وتتخذ معظم القرارات بالتشاور مع الجناح المسلح والقيادة السياسية المشتتة بين السجون الإسرائيلية وغزة ومصر وقطر حيث يقيم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل منذ خلافه مع مضيفيه السوريين في عام 2012، وقال أبو شنب "الحركة هي من يحكم ولا وجود للمفاجآت داخل حماس لا يوجد شخص يقرر بمفرده"، لكن المحلل المقيم في إسرائيل ياري يقول إن الجناح المسلح لحماس هو "القوة الرئيسية" في عملية اتخاذ القرار الجماعية.

وقال ياري "محمد الضيف يتمتع بحق النقض. لكنه لا يستخدمه كثيرا" مضيفا أن الضيف اعترض على قرار مشعل بقبول هدنة سابقة أدت إلى محادثات غير مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مصر، وتقول حماس إن قائد الضيف ومعلمه كان عماد عقل الذي كان سلفه في قيادة الجناح المسلح لحماس في قطاع غزة، وقتلت القوات الاسرائيلية عقل بالرصاص عام 1993، وتعلم الضيف صناعة القنابل على يد يحيى عياش المعروف باسم "المهندس" وأحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، ورغم الجهود المضنية لتفادي الاغتيال نجحت إسرائيل في قتل عياش عام 1996 في غزة عن طريق زرع متفجرات في هاتف محمول، ويبدو أن التصميم والحذر هما السمات الرئيسية للضيف، وتوعدت إسرائيل بالعثور عليه وقتله، وقال مصدر حماس الذي خدم تحت الضيف "يتمتع بأعصاب من فولاذ عندما يقرر ان يستخدم مكانا ما يمتنع عن الحركة تماما ليس لديه فضول لرؤية ما يجري في الشارع انه يستخدم أعين وآذان من يثق بهم لهذا الغرض".

ضغوط على اسرائيل

من ناحيتها قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة أوباما التي حثت إسرائيل على عمل المزيد لمنع سقوط قتلى مدنيين في صراعها مع حركة حماس تخضع شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل لمزيد من التدقيق خلال أزمة غزة،وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية فوجئوا خلال صراع غزة بأن الجيش الإسرائيلي حصل بكل سهولة على امدادات للذخيرة من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، وقالت الصحيفة أيضا إن إدارة أوباما شددت منذ ذلك الحين رقابتها على عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل وهي حليف مقرب للولايات المتحدة وتحظى بدعم قوي داخل الكونجرس الأمريكي.

وعندما سئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف عن التقرير قالت إن نقل الأسلحة الأمريكية يخضع لمزيد من التدقيق لكنها حاولت التهوين من فكرة أن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية تفاجئا بشحنات الاسلحة من البنتاجون أو ان هناك اي تراجع من الدعم الأمريكي لإسرائيل، وقالت هارف للصحفيين "بالنظر إلى الأزمة في غزة فمن الطبيعي أن تتخذ الوكالات المزيد من الحيطة لمراجعة الشحنات في اطار عملية بين الوكالات، ولا ينطوي هذا الاجراء على اي شيء غير عادي بأي حال من الأحوال ولا يشير إلى اي تغير في السياسة"، وأضافت "لن اعطي سببا محددا لهذا اذا اننا عندما نكون في أزمة نجري فحصا ثانيا".

وطالبت الولايات المتحدة مرارا إسرائيل بعمل المزيد لمنع سقوط قتلى في صفوف المدنيين خلال القتال في غزة، وفي الثالث من أغسطس آب أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا شديد اللهجة على نحو غير معتاد بعد القصف الذي تعرضت له مدرسة تابعة للأمم المتحدة في غزة، ولم توجه واشنطن اللوم للجيش الاسرائيلي بشكل واضح في القصف لكنها دعت إلى مزيد من توخي الحذر لحماية المدنيين. بحسب رويترز.

فيما تظاهر نحو عشرة آلاف إسرائيلي في ميدان بتل أبيب احتجاجا على ما يصفونه بفشل الحرب المستمرة منذ خمسة أسابيع في ايقاف اطلاق الصواريخ وقذائف المورتر على البلدات الجنوبية الواقعة على الحدود مع قطاع غزة، ووصل الكثير من المتظاهرين في حافلات من مناطق من إسرائيل التي تضررت بشدة من القصف الصاروخي في القتال الاخير لينضموا إلى اخرين في المنطقة التجارية الإسرائيلية التي تعرضت أيضا لهجمات صاروخية بشكل يومي في القتال الذي بدأ في الثامن من يوليو تموز، لكن المتظاهرين ضجروا من اندلاع المزيد من العمليات القتالية فور انتهاء وقف اطلاق النار ويشعر كثيرون بأنه يجب على الجيش الإسرائيلي أن يدمر ترسانة صواريخ حركة حماس التي تهيمن على قطاع غزة، وشكا البعض من انهم يشعرون بأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خدعتهم، وكانت الحكومة وعدت بأن الحرب ستعيد الهدوء إلى جنوب إسرائيل بالإضافة إلى تدمير الانفاق السرية التي ينظر اليها على انها منصات اطلاق لهجمات في المستقبل.

وقال الون دافيدي رئيس بلدية سديروت وهي واحدة من اكثر البلدات الحدودية مع غزة تعرضا لهجمات صاروخية "سئمنا من الوعود، نخشى من ان تؤدي الاتفاقات إلى تسوية على حسابنا وأرواحنا ليست رخيصة ولسنا على استعداد للقبول بوابل متواصل من النيران المميتة من غزة"، وأضاف "هذا الوضع يجب أن ينتهي في نهاية الأمر بحل ولا نستطيع فحسب السماح لبعض الجماعات الارهابية بأن تجعلنا نرقص على موسيقاهم، في أي دولة محترمة يحمي الجيش مواطنيه وهذا ما يتعين على إسرائيل ان تجعلهم يقومون به"، واشاد متظاهر يدعى حاييم داهان (39 عاما) وهو أب لأربعة من مزرعة تعاونية قرب سديروت بدافيدي مع الاف اخرين وقال لمراسل انه يعتقد ان على إسرائيل أن تدمر حماس التي ترفض حق إسرائيل في الوجود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/آب/2014 - 20/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م