المجازر التي يتعرض لها اتراك العراق

التعتيم اﻻعلامي جزء من الخطة المنهجية لإبادتهم

ياووز عزت

 

ﻻيزال اﻻعلام الدولي المسيس خرساً ازاء ما يتعرض له اتراك العراق من مجازر مستمرة بدأت سطوتها من بعد تقسيم البدن الاسلامي الى اشلاء. وازدادت وتيرتها منذ شهر حزيران الماضي (والتي صادفت ايام رمضان وعيد الفطر المباركين) بعد ان انتهكت عصابات داعش اﻻجرامية معظم المدن والقرى التركمانية وكادت تقتصر عليها. وفعلت بأهلها من اﻻهوال والمآسي مايندى لها جبين البشرية. ولاتزال جبروت تلك الجرائم مستمراً يسحق تحت مسنتها الالاف.

 واٌرغم مئات اﻻلاف من المدنيين، غالبيتهم من اﻻطفال والنساء والمسنين العزل على الهروب من مناطقهم تاركين ورائهم كل ما يملكون. وتشير التقارير الواردة في اﻻيام القليلة الماضية عن اكثر من 300 حالة وفات بين اطفال التركمان النازحين من مدينة تلعفر وحدها جراء الظروف المعاشية الصعبة التي رافقت تلك الهجرة القسرية وخاصة بعد ان تلكؤ اقليم الشمال العراقي في السماح للنازحين بالعبور عبر حدودها الى المناطق الشبه آمنة في انحاء اخرى من العراق. ناهيك عن المجازر التي تعرض لها النازحون قبل فرارهم من اوطانهم. بينما ﻻيزال المجهول يهدد الكثير منهم من القاطنين في العراء او في المخيمات التي تفتقد لأبسط متطلبات الحياة.

وفضحت الهجمات المركزة اﻻخيرة عن وجود تعاون خفي بين مرتزقة داعش (التي تحتضن خلايا من بقايا النظام السابق ومن ضمنهم برلمانيين ووزراء في حكومة العراق وبعضا من مؤيديهم من ابناء العشائر العربية السنية) من جهة، وبين حكومة اقليم الشمال العراقي المقسم بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (اﻻتحاد الكردستاني/ والديمقراطي الكردستاني) من جهة اخرى. فقد أظهر طرفي النقيض احترامه التام لحدود الاخر فلم يسجل بينهما من الاحداث سوى بعض المناوشات الطفيفة التي كانت لاجل التمويه عن وجود تفاهم مسبق بينهما. وكذلك كشفت تلك الهجمات عن الغموض الذي احاط لمسلسل استهداف اتراك العراق المبرمج والتي تميزت بميزتين اساسيتين:- ففي الاولى؛ ركز المجرمون في استهدافاتهم على عمليات اﻻغتياﻻت الفردية واختطاف اطفال ذوي الاختصاصات من المتميزين والسياسيين المخلصين لقضيتهم من التركمان (وخاصة من المنتمين منهم الى الطائفة السنية، رغم عدم اقتصارها عليهم). وقد تجاوزت حاﻻت اختطاف الاطفال اﻻلف وتم قتل من لم يتمكن ذويهم من دفع الفدية الباهظة لإنقاذهم. وكشفت الايام عن هوية المٌستهدِف بعد ان تم العثور على عدد من المخطوفين في ابيار القرى الكردية القريبة من كركوك وتحت حراسة قوات البيشمركة الكردية التي تستلم رواتبها من الدولة..

اما النوع الثاني من الجرائم: فقد تمثلت في التفجيرات الاجرامية الوحشية التي كانت تعمل من اجل ابادة جماعية للتركمان في مناطق تمركزهم (داخل مساكنهم واسواقهم). وتركزت تلك الهجمات للنيل من التركمان المنتمين الى الطائفة الشيعية، محاولة في قتل اكبر عدد منهم من دون تميز بين صغير او كبير. وقد تجاوزت اعداد القتلى والجرحى عشرات الالاف في مدن وقرى تركمن ايلي اغلبها في مدن طوز وتلعفر. والاحداث الاخيرة كشفت تضلع عصابات داعش ومن تحت مظلتها من ازلام النظام السابق وابناء بعض العشائر العربية في هذه الجرائم العنصرية اللاانسانية.

ولاشك بان الهدف الرئيسي من تلك الجرائم هي المحاولة في اخلاء تلك المناطق من ساكنيها الاتراك وارغامهم الى ترك اراضيهم للمستوطنين الجدد القادمين من شمال وجنوب العراق. لتغيير ديمغرافية المنطقة بإضافة صبغة غير لائقة اليها. ورغم ان كل تلك الجرائم كانت تتم على مرأى من الحكومتين المحلية والعراقية لكنهما لم يتحركا ساكنا! ولاشكّ بأنهم على علم مسبق بها...وهم لايزالون في سعيهم ماضين لشراء ذمم وضمائر بعض التركمان المتلهفين للمناصب، ليستخدموهم لزرع الفرقة بين اطيافها.

وربما تكون ظواهر الاحداث كما اعلاه ولكن من السذاجة الاكتفاء في تحليل ما طفح منها لفهم الحقيقة من دون النظر الى لبها. فلهذه الاحداث عمق اخر ولابد من التغلغل اليها لفهمها. وذلك بالاشارة الى دور المعسكرين المتجبرين المتنافسين، كل لبسط سيطرته المطلقة على المنطقة. فالغربي بقيادة الولايات المتحدة التي تحاول استغلال الفراغ الحادث بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لتتوغل بشتى الطرق في عمقها. لاستغلال مواردها وربما لتحقيق الحلم الصليبي القديم ايضا في الامتداد من بابل الى نينوى واهداف اخرى غيرها. فهي بدأت تذرف دموع التماسيح لمسيحي المنطقة رغم تفادي قوات داعش والعصابات الكردية من ايذائها. ثم روسيا التي تحاول ترتيب معسكرها الشرقي واستعادة هيبتها التي خسرتها عقب هزيمتها الشنيعة في افغانستان في نهايات القرن الماضي والتي ادت الى تفتيتها. ثم لرد الصاع لأمريكا التي عاونت الثوار الافغان ضدها.

ولو اخترنا نافذة مستقلة للنظر من خلالها لتحليل الاحداث المؤلمة المبهمة لنا رغم كوننا من ابناء المنطقة والمنبوذة الينا، لفهمنا من هم اللاعبين الاساسين في هذه اللعبة القذرة وماذا يستهدفون من جرائمهم ومن هم المستخدمون الاقزام وماذا يرتجون من كونهم آلة. ولماذا التركيز على استهداف التركمان دون غيرهم واسباب السكوت الاعلامي عن الجرائم التي يتعرضون لها. هل لكونهم منفردون دون غيرهم للحفاظ على وحدة العراق ام لتاريخهم العريق في الحفاظ على المنطقة ضد تلك الاحلام الخبيثة ولعصور خلت.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 6/آب/2014 - 9/شوال/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م