حرب إسرائيل... شراك الإنفاق وصراع المحاور

 

شبكة النبأ: بعد ان تعثرت مساعي وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية لأكثر من مرة، بسبب خلاف حماس مع إسرائيل حول التفاوض قبل وقف إطلاق النار، فيما أصرت إسرائيل ان يكون التفاوض بعد سريان وقف إطلاق النار، الامر الذي عده حماس استسلام، خصوصا وان الحرب الأخيرة قد كلفت حماس الكثير ولن تخرج منها خالية الوفاض، على المستوى السياسي والاقتصادي والمعنوي، فيما ترى إسرائيل ان الاتفاق على هدنة طويلة الأمد يجب ان يشمل احقية إسرائيل في استهداف الانفاق التي بنتها حماس تحت الأرض، كما يرى محللون.

وقد تم التوصل الى حل وسط بين الطرفين، يقضي بهدنة إنسانية امدها 12 ساعة، فيما قال لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي "إن وزراء خارجية سبع دول دعوا إلى تمديد وقف إطلاق النار المعلن لمدة 12 ساعة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة"، وأضاف للصحفيين بعد اجتماع لوزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر وتركيا والولايات المتحدة "كلنا ندعو الطرفين إلى تمديد وقف إطلاق النار الساري حاليا".

في غزة التي تواصل فيها القصف الإسرائيلي، مستهدفا المدنيين الفلسطينيين، (قبل اعلان الهدنة الإنسانية)، لمدة 19 يوما مخلفة 950 قتيل (منهم 18 فردا في عائلة واحدة قتلوا في قصف بالدبابات قبيل بدء سريان الهدنة في بيت حانن) والالاف الجرحى، فيما تمكنت فصائل المقاومة الفلسطينية من قتل 37 جندي إسرائيلي (بينهم ضباط) خلال الاشتباكات التي وقعت بعد التوغل البري الإسرائيلي تجاه غزة.

الحكومة الإسرائيلية تفاجأت كثيرا بحجم الاعداد والتدريب والعمليات النوعية التي قامت بها الكتائب والفصائل والنشطاء الفلسطينيين، خصوصا على مستوى الانفاق التي اكدت انها كمدينة ثانية تحت غزة، مما صعب الامر كثير على إسرائيل في إدارة عملياتها العسكرية (خصوصا البرية)، إضافة الى جدوى القصف الجوي، بعد ان اكتشفت إسرائيل ان هذه الانفاق قد وصل بعضها الى داخل إسرائيل، عابرا بذلك الخط الفاصل بين غزة وإسرائيل، مما ولد رعب كبير من تسلل مقاتلين نحو المستوطنات الإسرائيلية

كما استخدمت حماس أنواع جديدة من الأسلحة والصواريخ التي أربكت حسابات الجيش الإسرائيلي، فقد مسؤول رفيع بالمخابرات الاسرائيلية إن دول "المحور المتطرف"، إيران أو سوريا أو جماعة حزب الله في لبنان، أمدت حماس بجيل جديد من الأسلحة البرية، واشار الى صواريخ كورنيت الموجهة المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية ار.بي.جي-29 التي تطلق من الكتف وهي "صاروخ أكثر من كونها قذيفة، يمكنك استخدامها في منطقة حضرية حين تضطر لقتال قوات قريبة جدا، هذا شيء لا تصنعه بنفسك".

وبعد انقضاء مدة الهدنة التي أطلقت لأغراض إنسانية قد يستعر القتال بين الطرفين فيما لم يتم التوصل الى تسوية ترضيهما، بعد الحصول على مكاسب تعادل حجم الخسائر.   

رصاصة الرحمة

في سياق متصل وفي هجومها على حركة حماس، تسابق اسرائيل الوقت، فيما تتكثف الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق نار، واذ يرى المعلقون ان الهجوم ادى الى الحد من القوة النارية لحركة حماس، ما زال تجريد غزة من السلاح امرا بعيد المنال، واعتبر غيورا ايلاند المستشار السابق للامن القومي، ان تدمير الانفاق التي تستخدم للتسلل الى اسرائيل "ليس سوى مسألة ايام"، وهدم الانفاق هو الهدف الرئيسي المعلن للعملية البرية الاسرائيلية في قطاع غزة، واسفر الهجوم حتى الان عن تدمير حوالى ثلاثين من هذه الشبكات القائمة تحت الارض، كما اعلن الجيش، لكنه لم يحدد عدد الانفاق المتبقية.

وهذه هي "النقطة الغامضة" لدى وكالات الاستخبارات الاسرائيلية، كما كشفت صحيفة هارتس، وتساءلت على غرار عدد كبير من الاسرائيليين هل كان يجب ان تقع الحرب حتى يكف الجيش عن تجاهل وجود هذه الانفاق، وتقضي المهمة الثانية للجيش بتدمير مخزونات الصواريخ لدى حماس والجهاد الاسلامي، لكن ذلك يتطلب "تمشيط غزة للعثور على كل المخابئ"، كما قال ايلاند، ويقول جهاز الاستخبارات العسكرية ان الغارات الاسرائيلية دمرت اكثر من ثلث مخزون الصواريخ البالغ تسعة الاف قبل العملية، وان ثلثا آخر اطلق على إسرائيل، وتؤكد صحيفة يديعوت احرونوت انه ما زال في حوزة المقاتلين في غزة حوالى 150 صاروخا متوسط وطويل المدى ما زال يتيح لهم اطلاق الصواريخ "بضعة اسابيع" على تل ابيب.

والهدف الثالث لإسرائيل هو تصفية قيادة الفصائل المسلحة في غزة، ويبدو من الصعوبة بمكان تنفيذ ذلك، وقد أصدر الجيش لائحة بأربع "شخصيات تستهدفها الغارات" وهم بالتحديد مسؤولون في الجهاد الاسلامي، لكنه لم يؤكد هل قتلوا ام لا، واعتقل ايضا حوالى 150 ناشطا فلسطينيا في غزة، وكتب بن كاسبيت المعلق في صحيفة معاريف ان "حماس لن تتوقف ما لم تسمع ضجيج محركات المدرعات الاسرائيلية تتوغل في الانفاق حيث يختبئ قادتها في مكان ما تحت مدينة غزة"، وفيما تتزايد الآمال بالتوصل الى هدنة تطالب بها المجموعة الدولية، يجمع الاسرائيليون على ضرورة توسيع اهداف الهجوم الجاري. بحسب فرانس برس.

فقد دعا الكاتب في يديعوت احرونوت اليكس فيشمان الجيش الى "الضغط على دواسة السرعة" عبر البدء "بزيادة عديد القوات المنتشرة" والتي صدمها مقتل 32 جنديا خلال المعارك، وهذه افدح خسارة يمنى بها الجيش الاسرائيلي منذ ثماني سنوات، وما يتخوف منه المعلقون الاسرائيليون هو امكانية حصول مواجهة دامية "من اجل لا شيء"، وقد اسفرت عن اكثر من 750 قتيلا فلسطينيا و34 اسرائيليا وعامل اجنبي، وينصح يوفال ديسكين الرئيس السابق للأمن الداخلي حكومة بنيامين نتانياهو بإصدار امر للسيطرة على "بعض جيوب المقاومة" في غزة، اذ ان ذلك هو الطريقة الوحيدة في رأيه "حتى لا نصل الى وضع بين حماس واسرائيل يسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا من دون احراز تقدم كبير".

واذا كان بعض الخبراء يتوجسون النتائج التي يتعين الكشف عنها "في اليوم التالي" للهدنة، يتخوف آخرون من حتمية العودة المعلنة لدورة العنف مع حماس، وبلهجة لا تخلو من السخرية، قال افراييم اينبار في صحيفة هايوم القريبة من نتانياهو، "في مقابل الاستراتيجية الجيدة الاعداد لعدو ليس دولة مثل حماس، يتعين على اسرائيل فقط ان تجز العشب من وقت الى آخر لتقليص قوة الخصم"، واذ لم تشأ اسرائيل في المقابل ان تكتفي بكسب المعركة بل تحرص على الانتصار في الحرب، يتعين عليها انتكون هذه حربها الأخيرة، لكن على اسرائيل من اجل ذلك كما يقول ايلاند ان تتوصل لدى توقيع هدنة "الى تجريد حماس من سلاحها، وهو الوسيلة الوحيدة لضمان نتائج تستمر فترة طويلة لهذه المعركة".

تكتيكات حماس

الى ذلك أوقع مقاتلو حماس الذين يستخدمون الانفاق والألغام والشراك الخداعية والقناصة خسائر قياسية بالقوات الاسرائيلية التي تشن هجوما في قطاع غزة بعدما امضى المقاتلون سنوات في التدريب على حرب المدن مع مهارة تكتيكية جديدة وعزيمة حديدية، ويقول الاسرائيليون إن الأسلحة والدراية التي وفرتها ايران وحليفها اللبناني حزب الله جعلت حماس خصما أقوى بكثير، وبدأت اسرائيل هجوما بريا مدمرا على النشطاء الاسلاميين الفلسطينيين في معقلهم في حي الشجاعية بعد ضربات جوية مكثفة لكن الجيش ما زال غير قادر على فرض السيطرة الكاملة على المنطقة.

وتمتلئ السماء بسحب الدخان من البيوت التي اصابها القصف وبأزيز الطائرات الاسرائيلية بدون طيار فوق الحي المدمر على الحافة الشرقية لمدينة غزة، وعقب الدوي المكتوم لشحنة متفجرات مدفونة استهدفت ناقلة جنود اسرائيليين فتحت المدفعية الاسرائيلية حمم نيرانها على مدى ساعة لتهز اركان القطاع الساحلي وتتردد اصداء القصف في الأرجاء حتى منطقة الساحل، واستغلت حماس شبكة واسعة من الانفاق السرية لتقنص قوات العدو وتفجر مركباتهم حتى داخل اسرائيل لتنجح في قتل 32 جنديا اسرائيليا وهو تقريبا ثلاثة أمثال قتلى الجيش الاسرائيلي في آخر اشتباكات برية كبيرة في حرب 2008-2009.

وقالت الحركة إن جناحها العسكري كتائب القسام يواصل احداث المفاجآت وان "المجاهدين" سينهضون كل يوم من حيث لا يحتسب الاحتلال، واضافت انهم يواجهون العدو ثأرا لدماء "الشهداء" التي يريقها العدو يوميا، وصدقت الافعال الكلمات المتقدة، وفاقت حماس نشطاء الجماعات الاخرى مثل الجهاد الاسلامي وغيرها في ارسال طائرات بدون طيار وغواصين من أفراد الكوماندوس ومهاجمين عبر الانفاق لنقل المعركة الى داخل إسرائيل، وفي عملية تسلل من تلك العمليات برز مقاتلو حماس يرتدون زيا عسكريا اسرائيليا كاملا لكن كشفتهم نقطة صغيرة مهمة إذ كانوا يحملون بنادق كلاشنيكوف وليس النسخة القياسية من بنادق إم16 أو بنادق تافور الهجومية. بحسب رويترز.

وفي أكثر الحوادث دموية بالنسبة لإسرائيل حتى الآن والذي وقع في اليوم الأول من توغلها لبدء تدمير الانفاق، تقول حماس إن مقاتليها تابعوا ناقلة جند مدرعة للعدو تترنح وسط شبكة من الشراك الخداعية التي نصبوها، وقالت الحركة إن "مجاهدينا" فجروا حقل الألغام بقوة دمرت تلك الناقلة، واضافت أنهم تقدموا وفتحوا ابوابها وأجهزوا على من تبقى بداخلها، وقدمت اسرائيل رواية مختلفة قائلة إن المركبة كانت جزءا من قافلة اصابتها عدة قذائف مضادة للدبابات، وقالت اسرائيل إن ستة من جنودها قتلوا في حين فقد جندي آخر يعتقد أنه كان في العربة ومن المعتقد أنه مات، وقالت حماس إنها اسرته لكنها لم تنشر صورته، ويعترف الجيش الاسرائيلي بزيادة مهارات حماس.

وقال المتحدث العسكري الاسرائيلي الليفتنانت كولونيل بيتر ليرنر "مروا بتدريب مكثف، حصلوا على امدادات جيدة، ولديهم دافع جيد وانضباط، واجهنا عدوا أقوى بكثير في ميدان المعركة"، وتقول اسرائيل إنها قتلت حتى الآن أكثر من 200 مقاتل فلسطيني، وأضاف ليرنر "لست مندهشا من ذلك لأننا نعرف أنهم كانوا يعدون لهذه المعركة، لم يستثمروا فقط في الانفاق على مدى العامين او الاعوام الثلاثة الماضية"، وقال مسؤول عسكري آخر طالبا عدم نشر اسمه "استخدموا كل شيء ضدنا، الصواريخ والكمائن وحتى الحمير والكلاب (المحملة بالقنابل)، انه يثبت مدى جدية التحدي، يجب ان نكسر حافزهم وان نظهر لهم أن الامر غير مجد"، وأضاف "نأمل إذا تمكنا من كسر الشجاعية أن نظهر لهم عندها مدى تصميمنا، هذا مركز قيادة حقيقي لهم، الملحوظ أنهم في السنوات الثماني الماضية بنوا فعليا غزة تحت الأرض، انه أمر مذهل".

ويعيش 1.8 مليون فلسطيني محاصرين في الجيب الساحلي الرملي المزدحم حيث تدور نسبة الفقر والبطالة حول 40 في المئة، ويقول ابناء غزة القلقون انهم يأملون أن تنهي المعركة الحصار الذي تفرضه اسرائيل بالإضافة للقيود التي تفرضها مصر على معبر رفح، وليس لديهم ما يخسرونه، ويأمل زعماء حماس أن يمكنهم تحقيق ذلك الهدف من خلال شجاعة رجالهم على الجبهة والذين دربوا على ايقاع خسائر بشرية وخطف جنود لكسب ثقل سياسي، وكانت المعنويات عالية ومقاتلو حماس يعدون لمعركة أثناء زيارة في ابريل نيسان إلى معسكر تدريبي لجناحها العسكري على مساحة رملية واسعة في شمال غزة.

وكان المتدربون الشبان يجلسون في فصول الدرس بملابس عسكرية قتالية اسرائيلية كاملة يدونون ملاحظات اثناء دروس في تكتيكات القتال، واستعرضوا مناورات تضمنت محاكاة لأمطار قذائف مورتر على نماذج دبابات انقضت عليها مجموعتان من المقاتلين من انفاق قريبة وحمل أحد المقاتلين على كتفه متطوعا مترنحا مثل دور جندي إسرائيلي، وزادت حماس مدى وحمولة أكثر من ألف صاروخ محلي الصنع في الأغلب اطلقتها على اسرائيل خلال اسبوعين وعلاوة على ذلك كثفت مشتريات الأسلحة، وقال عدنان ابو عامر وهو محلل مقره غزة إن زعماء حماس حاولوا أن يقولوا عبر تصريحاتهم إن كل ما ضربت به اسرائيل حتى الآن صنع بالكامل في غزة لكن حماس لم تنكر استفادتها من واردات اجنبية.

ومن المستبعد أن ترتدع الحركة الاسلامية بسبب الخسائر التي لحقت بها على أيدي عدو أقوى، وقال أبو عامر إنه توجد تقارير متضاربة عن خسائر حماس فيما يتعلق بالمقاتلين، وأضاف ان اسرائيل تزعم أن الجناح العسكري لحماس يضم 20 ألف رجل ولذلك فان "استشهاد" 60 او 70 لا يمكن وصفه بأنه خسارة فادحة، وتظهر شرائط فيديو يوزعها الجهاز الاعلامي لكتائب القسام قوة ترسانة الحركة، وقال تشارلز ليستر وهو زميل زائر في مركز بروكينجز في الدوحة "الاستخدام المؤكد لصواريخ موجهة مضادة للدبابات ضد وحدات صغيرة راجلة من جيش الدفاع الاسرائيلي بدلا من استخدامها ضد عربات مدرعة يظهر عزما واضحا على ايقاع خسائر وادراكا لتفوق الدفاع المدرع للجيش الاسرائيلي.

وعلى مدى 22 يوما من القتال في حرب 2008-2009 اختفت حماس وجماعات النشطاء الآخرين الى حد كبير مما سمح للدبابات الاسرائيلية بالاقتراب من مشارف مدينة غزة، وقتل النشطاء حينئذ ستة جنود فقط ثم اثنين آخرين في جولة قتال استمرت ثمانية أيام في 2012 لم تتصاعد الى توغل بري إسرائيلي، واشار المتحدث العسكري الاسرائيلي ليرنر الى مساعدة خارجية كسبب للقوة الجديدة للنشطاء، وقال إنهم حصلوا على تدريب "من ايران، في الاغلب ايران، انها مدرسة ايران، إنه تفكير ايران، انها ايران مع حزب الله، انه نفس النوع من التكتيكات التي رأيناها".

وقال ضابط المخابرات الاسرائيلي إن سوريا وايران وحزب الله يمكن ان تعلم حماس تكتيكات جديدة عبر الانترنت، وقال محلل الشؤون العسكرية الاسرائيلي ايهود ياعري إنه لم يتوقع أحد من الجانب الاسرائيلي توغلا سهلا في غزة لكن الهدف المعلن لإسرائيل المتمثل في تدمير الانفاق يبقى صعبا، وأضاف "انه مؤلم جدا لكن لا أعتقد أن أي أحد افترض انها ستكون عملية (بدون خسائر بشرية)، يبدو انهم قادرون على كشف المزيد والمزيد من الانفاق بصورة منتظمة مع التنبه إلى أنني لست متأكدا من أن الاسرائيليين مستعدون لتحمل المزيد من الضرر في سبيل كشف انفاق كثيرة أخرى".

الجنود الإسرائيليين

بدورها أفادت صحيفة واشنطن بوست أن أكثر من 50 جنديا إسرائيليا سابقا رفضوا الخدمة في قوات الاحتياط الإسرائيلية بسبب خجلهم من دورهم في الجيش الذي قالوا إنه يلعب دورا رئيسيا في قمع الفلسطينيين، وكتب جنود في عريضة وضعت على الإنترنت ونشرتها الصحيفة "وجدنا أن القوات التي تعمل في المناطق المحتلة ليست الوحيدة التي تفرض آليات التحكم في حياة الفلسطينيين، في الواقع، الجيش بأكمله ضالع في هذا، ولهذا السبب نرفض الآن المشاركة في واجب الاحتياط ونؤيد كل الذين يقاومون الاستدعاء لأداء الخدمة".

وبينما رفض بعض الإسرائيليين الخدمة في الضفة الغربية قال الجنود إن بنية الجيش تقضي بأن الخدمة في أي قوات هي لعب لدور في الصراع، ومعظم الممتنعين من النساء اللاتي جرى استثناؤهن من المهام القتالية، وأضافوا "كثير منا خدموا في أدوار لوجستية وبيروقراطية، هناك وجدنا أن الجيش بأكمله يساعد في تنفيذ قمع الفلسطينيين"، وتأتي هذه التصريحات مع استمرار التصعيد في الصراع في غزة وفرار آلاف الفلسطينيين في القطاع على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة على الجانبين من أجل وقف فوري لإطلاق النار وإبرام خطة سلام طويلة الأمد.

وفي وقت سابق قالت إسرائيل إنها استدعت المزيد من جنود الاحتياط تحسبا لتصاعد القتال، وأشار الجنود في عريضتهم إلى أن بنية الجيش ودوره الأساسي في المجتمع الإسرائيلي هي السبب وراء عدم القدرة على فصل أي نوع من الخدمة عن القتال، وكتبوا في عريضتهم "يلعب الجيش دورا مركزيا في كل خطة تحرك واقتراح يبحث في الحوار الوطني، وهو ما يفسر غياب أي نقاش حقيقي بشأن الحلول غير العسكرية للصراعات التي تخوضها إسرائيل مع جيرانها، وقالوا إنهم يعارضون قانون الجيش الإسرائيلي والتجنيد بسبب قصر رتب النساء على الرتب الصغيرة ومواقع السكرتارية وبسبب نظام التدقيق الذي يميز ضد اليهود الذين تنتمي أسرهم أساسا إلى دول عربية. بحسب رويترز.

ويتعين على معظم من بلغوا 18 عاما أن يخدموا في الجيش الإسرائيلي لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام، واستثنيت بعض الجماعات مثل طلاب المدارس الدينية اليهودية المتشددة من الخدمة في الجيش، ولكن أعضاء في الكنيست اتخذوا إجراءات هذا العام لإلغاء هذا الاستثناء اعتبارا من عام 2017، والعرب في إسرائيل مستثنون أيضا من الخدمة الاجبارية في الجيش.

كما قال الجيش الاسرائيلي إنه اعتقل عدة جنود ومدنيا للاشتباه في انهم سربوا أعداد القتلى والمصابين في غزة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ابلاغ اسر القتلى أو الجرحى رسميا، وبعد القتال البري مع حماس الذي قتل فيه 32 جنديا على الاقل يشكو بعض الاسرائيليين من انهم علموا أولا بمقتل أقاربهم عن طريق موقع واتس اب أو انهم ضللوا برسائل خاطئة قادتهم الى الاعتقاد بأنهم ضمن القتلى، وأدت هذه الظاهرة الى نداءات في الصفحات الاولى من معلقين اسرائيليين بالتوقف عن ارسال تحديث غير رسمي للمعلومات المتعلقة بالإصابات، وعلى امل السيطرة على المعلومات صادر الجيش الهواتف الخلوية من الجنود الذي يرسلون الى القتال.

وقال الجيش في بيان وهو يعلن عن اعتقالات بعد تحقيق وصفه بأنه شمل "مصادر علنية ووسائل سرية" ان "ابلاغ اسرة جندي أو ضابط قتل في العمليات هو من أكثر الاجراءات حساسية وتخطيطا في الجيش لتتناسب مع مثل هذه اللحظة الخطيرة"، وجاء في البيان في اشارة الى تطبيق واتس اب على الهواتف المحمولة ان "الرسائل غير الرسمية التي ترد عبر واتس اب غير مسؤولة وانتشرت بسرعة في أنحاء الشبكة الاجتماعية"، وقام الجيش بتعديل معلوماته الرسمية فيما يتعلق بجندي قال في البداية انه قتل في غزة لكنه اشار في وقت لاحق الى انه فقد في العمليات، وقالت حماس انها أسرت الجندي لكنها لم تصدر صورا له في الاسر.

السياحة في اسرائيل

فيما يرى خبراء ان النزاع الجديد بين اسرائيل وقطاع غزة يصيب السياحة الاسرائيلية في الصميم كما يتضح من الغاء عشرات الرحلات الى تل ابيب، لكن بقية مرافق الاقتصاد تبدو صامدة بفعل اعتيادها على الصدمات، وقدر رئيس اتحاد وكالات السياحة الاسرائيلية عامي ادغار تراجع العائدات في فصل الصيف بما بين 30 و40 في المئة، واوضح "سبق وواجهنا وقعا سلبيا في تموز/يوليو وآب/أغسطس، واذا توقفت الرحلات الى اسرائيل فالوضع سيتدهور اكثر بكل تأكيد"، ولفت ادغار الى "ان السياحة الاسرائيلية كانت في اوج الازدهار، وجاءت العملية (العسكرية في غزة) لتضع حدا لذلك، لا نعلم حتى الان الى اي مستوى سيصل حجم (هذا التدهور)".

وتقدر نسبة الحجوزات في الفنادق ب30% مقابل 70 الى 80% خلال فصل الصيف عادة عندما لا يكون هناك نزاع، وفضلا عن غياب الزوار الاجانب وبخاصة الحجاج المسيحيين الى الاماكن المقدسة، فان ما عزز هذا الاتجاه هو استدعاء عشرات الاف عناصر الاحتياط في الجيش ما انعكس سلبا على السياحة الداخلية، واعتبر شامويل تسوريل من اتحاد الفنادق الاسرائيلي "ان الخسائر في عائدات الصناعة السياحية بمجملها ستبلغ بين تموز/يوليو وايلول/سبتمبر 2,2 مليار شيكل (644 مليون دولار، 478 مليون يورو)، 500 مليون شيكل تعود للفنادق"، وسارعت السلطات الاسرائيلية من جهتها بالرد فورا على اعلان شركات الطيران وسلطات الطيران الغربية وقف الرحلات الجوية الى تل ابيب بعد سقوط صاروخ على بعد بضعة كيلومترات من المدرجات.

فأعلنت اسرائيل زيادة رحلات شركة العال الاسرائيلية وفتح مطار اوفدا على بعد 60 كلم من ايلات في الجنوب، كما سعت حكومة بنيامين نتانياهو الى اقناع القادة الاجانب بان مطار بن غوريون الدولي آمن ومحاط بالحماية بمنظومة "القبة الحديدية" الدفاعية الجوية الفعالة التي يقدر الجيش نسبة نجاحها ب90%، الى ذلك اعتبر الخبراء انه اذا كانت هذه السنة صعبة بالنسبة لقطاع السياحة، فانه من غير المتوقع ان تتأثر باقي القطاعات الاقتصادية كثيرا، وقال رافي ملنيك من اللجنة المالية في البنك المركزي الاسرائيلي "ان نقطة ضعف الاقتصاد الاسرائيلي هي السياحة دائما، ففي كل مرة تقع فيها مثل هذه الاحداث يتراجع (عدد) السياح الاجانب"، واضاف بتفاؤل ان القطاعات الاكثر مردودية في الاقتصاد الاسرائيلي ستصمد امام الصدمة، متوقعا ان لا تتأثر المؤشرات الرئيسية اي "الاستثمارات، والتكنولوجيا المتطورة والصادرات". بحسب فرانس برس.

ولفت ملنيك وهو ايضا استاذ الاقتصاد في معهد التعليم العالي في هرتسليا الى "ان الاقتصاد الاسرائيلي اكتسب بعض القدرة على امتصاص هذا النوع من الصدمات"، وتابع "ان كانت (النزاعات) صعبة من وجهة النظر الانسانية، فانه ليس لها تأثير على الاقتصاد الكلي"، مضيفا "لا نرى ذلك في الاسواق المالية التي ما زالت في خانة الاخضر"، واخيرا وعدت وزارة المالية واتحاد نقابات العمال الاسرائيليين بالتعويض على المتاجر والشركات في جنوب اسرائيل الاكثر تأثرا بصورة سلبية بالنزاع وإطلاق صواريخ حماس من قطاع غزة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/تموز/2014 - 28/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م