في تركيا... الحرب على العنف الأسري قد توقفت

 

شبكة النبأ: لاقت حياة من صنوف العذاب الكثير على يدي زوجها من ضرب وحرق وتهديد ولجأت أكثر من مرة إلى السلطات التركية طلبا للعون. لكنها ما زالت تعيش تحت سقف واحد مع الرجل الذي يقول لها إنها لا وجود لها في هذه الدنيا إلا معه أو في القبر.

وتقول حياة إن لديها من الأسباب ما يدعوها للخوف. فالأرقام الرسمية تظهر أن 13 إمرأة قتلن في العام الماضي في تركيا على أيدي شركاء حياتهن أثناء وجودهن في حماية الدولة من الناحية الاسمية، وكلما أبلغت حياة عن إساءة معاملتها كانت الشرطة تطلق سراح زوجها بعد بضع ساعات أو تعرض عليها مأوى كان قبوله يعني أنها ستفترق عن أطفالها.

وقالت حياة لرويترز دون أن تذكر بقية اسمها حفاظا على سرية هويتها "إذهبي وتحدثي مع 100 إمرأة ستسمعين قصة مماثلة. هذا أشبه ببؤس مكتوب علينا أن نولد لنعيشه"، صاغت تركيا التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي قانونا جديدا لمحاولة تطبيق المعايير الاوروبية على حقوق المرأة. كذلك فإن قانونا أرسل إلى البرلمان الشهر الماضي سيشدد العقوبات في حالات الاعتداء الجنسي. بحسب رويترز.

ويقول مسؤولون إن عدد الملاجئ المخصصة لإيواء ضحايا العنف المنزلي تضاعف في السنوات الثلاث الأخيرة وأقيمت مراكز لدعم الضحايا بما يتيح للنساء من أمثال حياة أن يحصلن على الحماية ويبقين في الوقت نفسه مع أطفالهن.

لكن نشطاء ومحامين يقولون إن العدد ليس كافيا وإن تنامي الاتجاه المحافظ وثقافة الاستبداد السياسي في ظل حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تعني أن التقدم في هذا الأمر توقف في أفضل الأحوال.

وجاءت تركيا في المركز 120 بين 136 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2013 بالمنتدى الاقتصادي العالمي متراجعة 15 مركزا منذ عام 2006 بينما أشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن معدلات العنف الأسري في تركيا تبلغ مثلي المعدلات الموجودة في الولايات المتحدة تقريبا وعشرة أمثالها في بعض الدول الاوروبية.

وقالت زلال أيمن الناشطة بجماعة تنادي بحقوق النساء تتخذ من اسطنبول مقرا لها "هناك خطر حقيقي ملموس وصريح على حقوقنا. فهم يريدون استعادتها منا. ونحن لا نريد إعادتها"، وتشير إلى اراء اردوغان في كل شيء من الإجهاض إلى عدد الاطفال الذي يجب أن تنجبه كل إمرأة وهو نفس التدخل في الحياة الخاصة الذي قد يدعم مكانته بين أنصاره المتدينين لكنه يستعدي من يميلون إلى العلمانية وأسلوب الحياة الغربي في المجتمع التركي.

وفي خطاب عام 2010 قال اردوغان إنه لا يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة. وبعد عامين شبه الإجهاض بقتل المدنيين في غارة عسكرية. ويقول نشطاء إن الإجهاض كاد أن يتوقف لأن كثيرين من العاملين في المجال الطبي يخشون عواقبه.

وقال التقرير إن الحكومة لم تنفذ هذه القوانين بفعالية أو بالكامل ولم توفر الحماية للضحايا وإن الضحايا ينتظرن في كثير من الأحيان أياما أو أسابيع قبل الابلاغ بسبب الحرج أو الخوف من الانتقام ما يعوق مقاضاة المعتدين.

ويتعذر توفر الاحصاءات الدقيقة لكن جماعات حقوق المرأة تحذر من زيادة حوادث القتل. ورصد موقع أنيت ساياك المكرس لضحايا العنف المنزلي 229 حالة في العام الماضي أي مثلي المستوى الذي تم رصده عام 2011.

وأشار الموقع إلى أن العام الحالي قد يشهد عددا قياسيا جديدا إذ تم الابلاغ حتى 11 يوليو تموز الجاري عن 123 حالة قتل، واحتل نشطاء مباني حكومية لفترة وجيزة هذا الشهر احتجاجا على موجة من جرائم القتل نشرت في وسائل الاعلام التركية.

وتقول إليف شفق أشهر روائية تركيا إن أعمال العنف الاسري عرض من أعراض مجتمع يرى أن النساء من الممتلكات ويمثل الاعتداء فيه من الاخرين - من خلافات الحياة السياسية إلى شجار الشوارع - جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية.

وتشير الكاتبة إلى شجار بالأيدي بين أعضاء البرلمان واشتباكات دامية الصيف الماضي بين الشرطة ومحتجين مناهضين للحكومة بل وإلى ركلة وجهها أحد مساعدي اردوغان لمحتج هذا العام في أعقاب كارثة في منجم باعتبارها كلها علامات على مدى تغلغل العنف في المجتمع التركي، وقالت في مقابلة إن "الاستقطاب السياسي المستمر يكثف العدوانية والعكس صحيح"، وسلمت شفق بأن الاتجاهات الأبوية في المجتمع ليست جديدة عليه حتى في الجمهورية العلمانية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك على أنقاض الامبراطورية العثمانية في العشرينات من القرن العشرين وروج أيضا للملابس الغربية ولحقوق المرأة.

ويرى البعض أن هذا الإرث أصبح عرضة للخطر.فقد أصبح الحجاب مألوفا في الكليات والمعاهد الدراسية بل وفي القصر الرئاسي، وقالت صحيفة حرييت اليومية إن اردوغان قال لأنصاره في مؤتمر سياسي يوم السبت "بالنسبة لنا الأمومة هي أعلى مكانة للمرأة"، وتقول يلدز توكمان من جمعية مراقبة المساواة بين الجنسين إن كلمات اردوغان جعلت الاجهاض مخالفا للقانون والنساء في تركيا أقل إحساسا بالأمان.

وأضافت "المسؤولون الحكوميون يتصرفون مثل رؤساء وزراء صغار ويقولون إن مكان المرأة مع زوجها"، وتنفي الحكومة نفيا شديدا الإشارات إلى أنها تنال من حقوق المرأة. وقال مسؤول إن بعض جماعات حقوق المرأة ترفض العمل مع السلطات لمعالجة العنف المنزلي لمجرد أنها ترفض الاشراف الحكومي أو تختلف مع الايديولوجية السياسية العامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/تموز/2014 - 25/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م