الصين.. الإستراتجية الجديدة تحفز الاقتصاد

لكن هل تضمن استمرار نموه؟

 

شبكة النبأ: الخطط والسياسات الاقتصادية الجديدة التي اعتمدتها الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عالمي، اسهمت وبحسب بعض الخبراء بتحقيق بعض النتائج الايجابية بخصوص تحفيز الاقتصاد الصيني، الذي عانى العديد من المشكلات والازمات التي اسهمت بتراجع معدلات النمو، ويرى بعض المراقبين ان التحسن يفسر بتعزيز الطلب الداخلي والاجراءات التي اتخذتها بكين منذ نيسان/ابريل لتحفيز الاقتصاد. كما شجعت السلطات وسهلت الاستثمارات في البنى التحتية وكشفت عن تخفيضات محددة في الضرائب وخفضت مستويات الاحتياطات الاجبارية للمصارف التي تقدم قروضا للشركات الصغيرة والقطاع الزراعي.

ويعتقد اقتصاديون كثيرون أن هناك حاجة لمزيد من الإجراءات والتدابير للمحافظة على التعافي النشاط الاقتصادي، التي قد يكون بعضها صعب خصوصا مع وجود بعض التحديات والمشاكل الداخلية والخارجية التي قد تسهم بعرقلة تلك الخطط والاهداف لاسيَّما في السوق العقارية المتباطئة بالفعل.

وفي هذا الشأن فقد قالت وسائل إعلام حكومية نقلا عن نائب محافظ البنك المركزي الصيني إن منتجات إدارة الثروات في الصين بلغت 12.8 تريليون يوان (2.06 تريليون دولار) في نهاية مايو أيار. وقال بان كونغشينغ في تصريحات نشرتها وكالة أنباء شينخوا إن منتجات إدارة الثروات في الصين نمت بنسبة بين 60 و80 في المئة لأعوام قليلة قبل أن يتباطأ نموها إلى 30-40 في المئة في 2013.

وشهد قطاع إدارة الثروات في الصين طفرة في النمو في الأعوام الماضية بفعل تعطش المدخرين والشركات لعائدات مرتفعة لكن الافتقار إلى الشفافية في القطاع أذكى مخاوف بشأن سلامة هذا القطاع. وقال بان إن السلطات ستفعل المزيد لضمان الحفاظ على قيمة الأصول المالية للمواطنين وزيادتها بحسب شينخوا. وأضاف بان أن القواعد التنظيمية لسوق إدارة الثروات "يجب دعمها للسيطرة على المخاطر والمضي قدما في التطور الصحي للقطاع." بحسب رويترز.

ومع توقعات بتباطؤ النمو في الصين إلى 7.3 في المئة هذا العام وهو أدنى مستوياته في 24 عاما فإن هناك مخاوف متنامية حول مستوى المخاطر المرتبطة بالقطاع المالي. وفي وقت سابق قال نائب محافظ البنك المركزي الصيني ليو شيو إن الصين ينبغي أن تعيد تنظيم صناعة إدارة الثروات لأنها ترفع تكلفة التمويل بدون مبرر وتشجع المدخرين على التصرف مثل المقامرين من خلال السعي وراء عائدات مغرية قصيرة الأجل.

تسارع طفيف في نمو

الى جانب ذلك شهدت الصين تسارعا طفيفا لنمو الاقتصاد الذي بلغ في الفصل الثاني من العام الجاري 7,5 بالمئة على مدى عام، بحسب ارقام رسمية، مما يشكل تحسنا غير متوقع بفضل "اجراءات تحفيز محدودة" قامت بها الحكومة. وفي الاشهر الثلاثة الماضية (من نيسان/ابريل الى حزيران/يونيو) تجاوز نمو اجمالي الناتج الداخلي لثاني اقتصاد في العالم النسبة التي سجلها في فصلها الاول (7,4 بالمئة) وكانت الدنيا خلال عام ونصف العام.

وقالت ويندي شين المحللة في مجموعة نومورا انترناشيونال ان "سلسلة الاجراءات هذه دخلت حيز التنفيذ ونرى النتيجة هنا: الاقتصاد بلغ عتبة محددة قبل ان يبدأ في التحسن". واستبعدت بكين اطلاق خطة واسعة للانعاش، لكن شين توقعت "اجراءات جديدة للدعم عن طريق السياسة النقدية والنفقات الميزانية واطلاق مشاريع جديدة للبنى التحتية".

ما شياوبينغ الخبير الاقتصادي لدى مصرف اتش اس بي سي قال ان "الخطر الاكبر هو القطاع العقاري مع تراجع الاستثمارات بقوة". واعترف الناطق باسم المكتب الوطني للإحصاء شينغ لايون بان بيع المساكن تراجع بنسبة 9,2 بالمئة على مدى عام في الفصل الاول، موضحا ان هذا التصحيح "يعزز الضغط على الاقتصاد على الامد القصير".

وقال للصحافيين ان "اقتصادنا ما زال يواجه تحديات عديدة"، معبرا عن ثقته في "تعزز ديناميكية الاستقرار وانتعاش" الوضع الاقتصادي. ومع تزايد عدد الشقق التي لا تباع، بدأت البلديات تحفف القيود المفروضة على شرائها. وتفيد تقديرات ان قطاعي العقارات والبناء يشكلان اكثر من ثلاثين بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي للبلاد.

لكن جوليان ايفانز بريتشارد المحلل في مجموعة "كابيتال ايكونوميكس" قال ان "الصحة الجيدة للنمو في الفصل الثاني يثبت صحة رأي القادة الصينيين المتحفظين على تبني اجراءات انعاش اكثر حيوية". واضاف ان "الحكومة ستقبل بالنمو المعتدل (الحالي) مقابل جهودها لاعادة التوازن الى الاقتصاد". وبعد تسجيل +7,7% في الفصل الاخير من العام 2013، فان النمو الصيني تعثر متراجعا الى 7,4% في الفصل الاول من 2014، ليسجل ادنى مستوياته منذ سنة ونصف. وهذا ما حمل بكين على اقرار تدابير منذ نيسان/ابريل تهدف الى تحفيز النشاط. بحسب فرانس برس.

ويؤكد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ والرئيس شي جينبينغ باستمرار انهما يسعيان "لاعادة التوازن" الى نموذج النمو الصيني، ولو ادى ذلك الى تراجع معدل النمو بشكل طفيف. وذلك يمر بنظرهما عبر تعزيز الطلب الداخلي والتشجيع على توظيف افضل للاستثمارات على حساب قطاعات انشطة مكلفة ومتدنية المردود.

مبادرات صينية

من جانب اخر أخفقت حتى الآن مبادرات صينية لتحرير أسواق الصرف والأسهم والسندات داخل البلاد وخارجها في تهدئة بواعث القلق لدى المستثمرين إزاء الأداء وسهولة الشراء والسيولة. وتعمل الصين بسرعة متزايدة على تحرير أسواق المال بهدف جعل عملتها قابلة للتحويل بشكل كامل في نهاية المطاف بما يمنحها دورا أكبر في الاقتصاد العالمي.

ويمكن لتحرير الأسواق الصينية أن يتيح للمستثمرين مزايا على غرار ما تمنحه أسواق ناشئة عديدة مثل عملة آخذة بالارتفاع في المدى الطويل وعائدات مرتفعة للسابقين إلى دخول السوق. وعلى سبيل المثال بلغت سوق سندات اليوان الخارجية التي دشنت قبل أربع سنوات فحسب 120 مليار دولار. لكن السوق متركزة في هونج كونج حتى مع قيام بلدان مثل بريطانيا بجهود مكثفة لأخذ حصة من السوق التي قد تكون مجزية.

وشملت التطورات الأخيرة تعيين بنك الإنشاءات الصيني كبنك مقاصة لليوان في لندن وذلك لتعزيز السيولة في السوق وبدء تداول اليوان مقابل الجنيه الاسترليني إلى جانب خطط لتداول اليوان مقابل الوون في آسيا.

وتوسعت الصين أيضا في نظام الحصص لتمكين المستثمرين الأجانب من الشراء في أسواقها المحلية لليوان والأسهم والسندات. وفي وقت لاحق هذا العام يبدأ العمل ببرنامج للاستثمار في الأسهم عبر هونج كونج وشنغهاي ويهدف للسماح بتداول الأسهم بين المدينتين مما سيفتح الصين أمام المستثمرين الأجانب الذين لهم حضور في هونج كونج.

ويفترض أن تكون الصين هي الأقدر على الاستفادة من مسعى عالمي لتصيد العوائد وقد شهدت سوق سندات اليوان الخارجية أداء مزدهرا في النصف الأول من العام. وبحسب بيانات بلغ إجمالي الإصدارات الجديدة ومعظمها من مقترضين صينيين 358.6 مليار يوان (57.7 مليار دولار) هذا العام وهو ما يقترب بالفعل من إجمالي 2013 بأكمله. ولا يحتاج المستثمرون الأجانب إلى حصة للاستثمار في هذه السوق على عكس سوق السندات المحلية.

وقال جريجوري سوين مدير الاستثمار لدى اتش.اس.بي.سي لإدارة الأصول في هونج كونج "إنها خطوة أولى سهلة وجيدة للمستثمرين الأجانب." وأشار قرار الصين هذا العام بتوسيع نطاق تداول اليوان إلى مزيد من الالتزام إزاء قوى السوق. لكنه أثار قلق المستثمرين الساعين للاستفادة من ارتفاع اليوان عن طريق تمويل استثمارات باقتراض عملات منخفضة العائد. ولم تعكس العملة اتجاهها النزولي هذا العام إلا في الفترة الأخيرة.

من ناحية أخرى يؤدي تيسير السياسة النقدية إلى الحد من جاذبية السوق لبعض المستثمرين إذ يقل عائد سندات اليوان الخارجية البالغ 4.4 بالمئة عن متوسط سوق سندات العملات المحلية للاقتصادات الناشئة. وقال بريان كارتر مدير المحفظة لسندات الأسواق الناشئة لدى أكاديان لإدارة الأصول في نيويورك "نظرا للقمع المالي في الصين والعوائد الحقيقية المتدنية إلى السلبية ... فإن نظرتنا للسندات الصينية غير إيجابية في الوقت الحالي." ويشار بالقمع المالي إلى الإجراءات التي تتخذها الحكومات لاستقطاب الأموال التي كانت لتذهب إلى وجهة أخرى.

وتقترب القيمة السوقية لسوق أسهم البر الرئيسي للصين من أربعة تريليونات دولار بينما لا يزيد حجم سوق الأسهم الصينية المدرجة في هونج كونج على حوالي 600 مليار دولار. وكان صندوق أشمور للأسواق الناشئة أول شركة لإدارة الأصول خارج هونج كونج تحصل على رخصة للاستثمار في البر الرئيسي. وقالت جولي ديكسون مديرة المحفظة في أشمور "السوق المحلية كبيرة وعميقة وواسعة النطاق وهي نقطة بدء أكثر تنوعا بكثير من سوق هونج كونج. عدد متزايد من المستثمرين يتفقدها للمرة الأولى."

ويقول المستثمرون إن تقييمات أسهم البر الرئيسي أرخص بقليل من أسهم هونج كونج وتتيح انكشافا أوسع نطاقا بكثير على الشركات الصغيرة وشركات الانترنت والقطاعات الأخرى المرتبطة بالاستهلاك الصيني. لكن للأسواق الصينية سمعتها السيئة بسبب أدائها الأقل من منحنى النمو الاقتصادي الذي يحقق سبعة بالمئة سنويا رغم تباطؤه.

ورغم ارتفاع معظم الأسواق الناشئة تراجعت الأسهم الصينية مجددا هذا العام متأثرة بعمليات طرح عام أولي بعضها مازال متوقعا. وفي مؤشر على أن معظم المستثمرين غير مستعدين بعد لأسواق البر الرئيسي شهدت ام.اس.سي.آي لمؤشرات الأسواق التي تبلغ قيمة الأسهم على مؤشرها للأسواق الناشئة 1.3 تريليون دولار انتكاسة في خططها لضم أسهم صينية إلى المؤشر. بحسب رويترز.

ومازالت الأسهم قيد المراجعة بسبب تحفظات المستثمرين الذين لم يحصلوا على حصص للاستثمار في السوق. وقال إيلام هاكانسون رئيس مجلس إدارة إيست كابيتال التي لها حصة استثمار في الأسواق الصينية إن معظم المستثمرين غير مستعدين بعد للاستثمار على أساس مؤشر يحوي أسهم البر الرئيسي بسبب نظام الحصص. وقال "ربما كان الأمر سابقا لأوانه بعض الشيء."

تنويع الاستثمارات

في السياق ذاته يرى محللون ان الصين التي تنامى حضورها في اميركا اللاتينية بسبب نهمها للمواد الاولية والمشاركة في قمة مجموعة ال77 في سانتا كروز، تسعى الى تنويع استثماراتها من خلال تمويل قطاعات اساسية للتنمية مثل البنى التحتية التي تفتقر اليها كثيرا هذه المنطقة من العالم. وتهدف قمة مجموعة ال77 للدول النامية التي افتتحت اعمالها في سانتا كروز بمشاركة الصين الى جانب وفود من 133 دولة عضو في عدادهم نحو ثلاثين من رؤساء الدول والحكومات، الى تشجيع التنمية الاقتصادية خصوصا من خلال التعاون بين دول الجنوب.

وتشارك الصين غير العضو في المجموعة لعدة غايات بينها توسيع علاقاتها التجارية مع اميركا اللاتينية. ويصادف عقد هذه القمة في الذكرى الخمسين لقيام هذه المجموعة التي تأسست في 1964 في جنيف من 77 دولة وباتت تضم اليوم 134 دولة اي حوالى ثلثي اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة.

ولفت غابرييل دبدوب رئيس اتحاد ارباب العمل النافذ في سانتا كروز والذي يعد المحرك الاقتصادي لبوليفيا، الى ان "الصين تعمل الان بصورة مختلفة مع بلدان اميركا الجنوبية. فهي لم تعد تهدف فقط الى شراء المواد الاولية بل تريد الدخول في استثمارات من اجل التصنيع". وفي السنوات الاخيرة سجلت بوليفيا التي تعد افقر بلدان اميركا الجنوبية نموا زاد معدله عن 6% وتنوي القيام باشغال كبيرة في البنية التحتية.

واوضح دبدوب "ان الصين تنجذب بشكل خاص الى مشاريع تصنيع تحتاج اليها البلاد في السنوات العشر المقبلة وتقدر تكلفتها ب42 مليار دولار". واشار خاصة الى شركات صينية ابدت اهتمامها لبناء خط سكك حديد ينطلق من بوليفيا الى البرازيل ليربط المحيط الاطلسي بالمحيط الهادىء، وكذلك بمد طرقات ومشاريع مواصلات نهرية.

وعبر وزير الخارجية الصيني وانغ يي مؤخرا في برازيليا عن اهتمام الصين الشريك التجاري الاول للبرازيل في زيادة استثماراتها وتوطيد علاقاتها مع اميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وسيشارك الرئيس الصيني شي جينبينغ الغائب الاكبر عن قمة سانتا كروز، في منتصف تموز/يوليو في البرازيل في قمة مجموعة البريكس التي تضم الدول الناشئة الكبرى (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا).

وفي البرازيل التي تعد القوة الاقتصادية الاولى في المنطقة، يتمحور اهتمام الصين حول استدراجات العروض الكبرى المتعلقة بسكك الحديد والطرقات وانتاج الكهرباء. ومع شراء المواد الاولية بشكل كثيف من اميركا اللاتينية وبيع منتجاتها المصنعة اصبحت الصين في السنوات الاخيرة الشريك التجاري الثاني لدول عديدة في المنطقة والشريك الاول للبرازيل في 2009، متقدمة على الولايات المتحدة.

واشار دبدوب الى "ان بوليفيا لم تكن تعتبر حتى وقت قريب الصين كشريك وكانت تشعر بارتياب كبير" حيالها. مضيفا "لكن الان هناك المزيد من المبادلات وقد اشترينا في الواقع للتو قمرا صناعيا". وبحسب تقرير اخير لجامعيين اميركيين، فقد منحت الصين قروضا بقيمة 102,2 مليار دولار الى دول اميركية لاتينية بين 2005 و2013، بشكل اولوي الى فنزويلا والارجنتين.

واوضحت مبادرة حوكمة الاقتصاد الشامل في جامعة بوسطن "بين 2005 و2013 بلغ التمويل العام للمصارف الصينية الكبرى، البنك الصيني للتنمية ومصرف اكسيم بنك للاستيراد والتصدير، 102,2 مليار دولار". والعام الماضي بلغت قيمة القروض الصينية التي منحت للحكومات والمؤسسات العامة والشركات الخاصة في اميركا اللاتينية 20,1 مليار دولار. وفي العام 2012 لم يكن هذا الرقم يتجاوز 3,5 مليارات دولار، وكان الادنى منذ ان بدأت بكين بالاهتمام بالمنطقة في العام 2005.

وقال غاري رودريغيز رئيس المعهد البوليفي للتجارة الخارجية، مقره في سانتا كروز، "اليوم في ما يتعلق بالتجارة والاستثمارات تخطت الصين الشركاء التقليديين للمنطقة مثل اوروبا والولايات المتحدة". ولفت ارماندو لويازا المحلل ووزير الخارجية السابق في بوليفيا (2005) من جهته الى "ان الصين تلعب بالتأكيد دورا اكبر في هذه الالفية الجديدة وسترسخ توسعها التجاري بالتقارب مع اميركا اللاتينية". بحسب فرانس برس.

وفي البيرو المجاورة التي تعد من الاقتصادات الاكثر دينامية في المنطقة، حققت الصين اكبر استثمار لصناعتها المنجمية في الخارج مع مناجم النحاس في لاس بامباس اذ بلغت قيمته 4,22 مليارات يورو. وتعد الصين السوق الثانية وراء الولايات المتحدة بالنسبة لفنزويلا البلد الذي يملك اكبر احتياطات مؤكدة للنفط في العالم، وقد بحث البلدان في استثمارات ترمي الى زيادة الانتاج في حزام اورينوكو (وسط) النفطي الضخم وهو استثمار تقدر قيمته ب28 مليار دولار.

صفقات مع بريطانيا

من جانب اخر أعربت الصين عن رغبتها في دعم مشروعات كبرى في مجال البنية التحتية في بريطانيا ووقعت صفقات تجارية بقيمة 14 مليار جنيه استرليني أثناء زيارة رئيس الوزراء الصينى لى كه تشيانغ للعاصمة البريطانية لندن. والمشروعات التي يعتزم بنك التنمية الصيني المملوك للدولة الاستثمار فيها تشمل مشروع "هاي سبيد تو" للقطارات فائقة السرعة والجيل القادم من محطات الطاقة النووية.

ومن المتوقع إبرام صفقة أخرى بين شركة بريتش بيتروليوم (بي بي) البريطانية العملاقة وشركة الصين الوطنية للنفط البحرى بقيمة تقدر بنحو 20 مليار دولار (11.8 مليار جنيه استرليني) بموجب عقد يمتد إلى 20 عاما. ووقع بنك التنمية الصيني مذكرة تفاهم مع مؤسسة "ذا سيتي يو كيه".

وسيشجع الاتفاق بنك التنمية الصيني على الإقراض في المملكة المتحدة، فضلا عن التداول في العملة الصينية، الرنمينبي، وهو ما سيفتح فرصا تجارية في الصين للشركات البريطانية. وتم الإعلان عن مذكرة التفاهم خلال التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونظيره الصيني بشأن العلاقات التجارية الوثيقة بين الصين والمملكة المتحدة. وقال كاميرون: "المملكة المتحدة هي الوجهة المفضلة للاستثمارات الصينية في أوروبا، إذ تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة المتحدة خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة حجم إجمالي الاستثمارات خلال السنوات الثلاثين الماضية مجتمعة".

ووقعت مذكرة التفاهم برعاية السير غيري غريمستون، رئيس مؤسسة "ذا سيتي يو كيه". وقال بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم، في مؤتمر صحفي في العاصمة الروسية موسكو إن عملاق النفط البريطاني سوف يمد الشركة الصينية بالغاز الطبيعي المسال. وأشار دادلي إلى أن الاتفاق سيوقع في لندن، مضيفا: "هي اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال لمدة 20 عاما بسعر عادل لنا ولهم. إنه جسر جيد بين المملكة المتحدة والصين في مجال التجارة".

وتمد بريتش بيتروليوم شركة الصين الوطنية للنقل البحري بالغاز الطبيعي المسال بالفعل من إندونيسيا. وفي الوقت نفسه، دخلت مؤسسة "ماب انفيرونمينتال" البريطانية في مشروع مشترك مع شركة "زد إن شاين سولار" الصينية لشراء وتطوير وإدارة أصول ألواح شمسية بريطانية بقيمة 400 مليون جنيه استرليني. ويشمل المشروع برنامج بناء لمدة ثلاث سنوات بالتعاون مع بعض شركات المقاولات والهندسة الكبرى في المملكة المتحدة.

وقال السير غيري إن مناقشاته مع بنك التنمية الصيني كشفت أنهم يركزون على ثلاثة قطاعات محددة. وأضاف: "إنهم مهتمون بالمشروعات النووية والسكك الحديدية فائقة السرعة والاتصالات السلكية واللاسلكية. مشروع هاي سبيد تو كان أحد الأشياء التي ذكروها معرفة أن التمويل متاح هو جزء مهم من أي مشروع، وهذا تطور مهم".

وعلى الرغم من الجدل السياسي المحيط بمشروع "هاي سبيد تو" الذي تصل تكلفته إلى 42.6 مليار جنيه استرليني، فإن موقف بنك التنمية الصيني سيكون حافزا مشجعا لمؤيدي المشروع. وكانت الحكومة البريطانية تصر في السابق على أن يتم تمويل المشروع بالكامل من قبل دافعي الضرائب، لكن يمكن الاستعانة بمستثمر كبير لتشغيل الخدمة أو لبناء محطات وخدمات الربط الإضافية. ومن المقرر افتتاح المرحلة الأولى من الخط الذي تصل سرعته إلى 250 ميلا في الساعة إلى برمنجهام بحلول عام 2026.

القوة الناعمة

وكان رئيس الوزراء الصيني قد عرض المساعدة المباشرة في بناء المشروع خلال زيارة كاميرون للصين في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأعقب هذا العرض، الذي جاء بمثابة مفاجأة لكاميرون، عرضا أخر من مجموعة سكك حديد الصين، وهي شركة تابعة لشركة هندسة السكك الحديدية الصينية المملوكة للدولة، التي قالت إنها يمكن أن تساعد في مشروعات بناء ذات صلة بمشروع "هاي سبيد تو". وقال السير غيري، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة صندوق "ستاندرد لايف" للمعاشات: "مشروع هاي سبيد تو يمكن أن يكون فرصة استثمارية جذابة، وليس بادرة دبلوماسية ضعيفة". بحسب بي بي سي.

ويعد بنك التنمية الصيني أحد أكبر في مجال القروض المقدمة لتطوير البنية التحتية في جميع أنحاء العالم، وينظر إليه على أنه أحد أذرع سياسة التنمية الاقتصادية في بكين، وامتدادا لـ "القوة الناعمة" للصين في جميع أنحاء العالم. وينفق البنك، الذي وصفه السير غيري بأنه "بنك التريليون دولار"، مليارات الجنيهات سنويا لدعم المشروعات، وخاصة في آسيا وأفريقيا. والآن، يبحث البنك توسيع نفوذه، وبالتالي نفوذ الصين في أوروبا.

14 تريليون دولار

على صعيد متصل قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الإئتماني إن سوق سندات الشركات الصينية تجاوزت مثيلتها في الولايات المتحدة لتصبح الأكبر في العالم ومن المنتظر أن تهيمن على ثلث ديون الشركات العالمية خلال السنوات الخمس القادمة فيما يشير إلى المخاطر المتنامية التي يفرضها سوق الدين في الصين على النظام المالي العالمي. وقالت الوكالة إن ديون الشركات الصينية بلغت 14.2 تريليون دولار في نهاية 2013 مقابل 13.1 تريليون دولار للشركات الأمريكية. وحدث التحول في الترتيب قبل عام من الموعد الذي توقعته المؤسسة.

ومن المتوقع أن تشكل منطقة آسيا والمحيط الهادي - بقيادة الصين - نصف الاحتياجات العالمية لتمويل الشركات البالغة 60 تريليون دولار على مدى خمس سنوات حتى 2018 عندما ستشكل المنطقة ما يزيد عن نصف إجمالي الديون القائمة المتوقعة عند 72 تريليون دولار. وقالت ستاندرد آند بورز إن الصين - ثاني أكبر اقتصاد في العالم - تمول حاليا ربع إلى ثلث ديون شركاتها من خلال النظام المصرفي الموازي وإن لهذا عواقب عالمية. بحسب رويترز.

وأضافت "هذا يعني أن نحو عشرة في المئة من الديون العالمية للشركات معرض لمخاطر الانكماش في القطاع المصرفي غير الرسمي في الصين" مقدرة ذلك عند أربعة أو خمسة تريليونات دولار. وتابعت تقول "في الوقت الذي يرجح فيه نمو اقتصاد الصين بمعدل إسمي عشرة في المئة سنويا على مدى السنوات الخمس القادمة فإن تلك الكمية ستزيد حتما."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/تموز/2014 - 24/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م