تنصيب رئيس برلمان في العراق...

خطوة أولى لكسر الجمود السياسي وتحقيق التقدم الأمني

 

شبكة النبأ: استغرقت الجلسة البرلمانية الثالثة، ما يقارب العشر ساعات، حتى تمكن البرلمانيون من اختيار رئيس للبرلمان العراقي في دورته الثالثة ونائبيه، في خطوة عدها كثيرون، مهمة وحيوية لكسر الجمود السياسي، وإعطاء بارقة امل قوية لاستمرار وديمومة العملية السياسية وفق التوقيتات الدستورية، إضافة الى حجم الزخم السياسي الذي سوف تمنحه هذه الخطوة للعمليات الأمنية التي تجري في شمال وشرق وغرب العراق بين الجيش العراقي والمتطوعين من جهة والمنظمات الإرهابية المتحالفة مع تنظيم (الدولة الإسلامية/ داعش)، والتي استطاعت على خلفية عملية خاطفة من احتلال عدة مدن استراتيجية في العراق وقريبة من الحدود السورية، في مخطط يهدف التنظيم من وراءه لإذابة الحدود السياسية بين البلدين، بعد ان استغل الأوضاع الأمنية والسياسية الضعيفة في العراق، إضافة الى الازمة السورية التي تفاقمت مع احداث عام 2011.

وكان ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف دعا البرلمان في وقت سابق الى انتخاب رئيس له، معتبرا ان الاخفاق في ذلك يعرض العراق لمخاطر الانزلاق "في حالة من الفوضى"، وقال ملادينوف "ادعو جميع البرلمانيين لحضور الجلسة القادمة لمجلس النواب"، مضيفا انه "بينما تسعى الكتل السياسية نحو الاتفاق على الشخصيات الرئيسية، فان الخطوة الاولى هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلال جلسته"، واعتبر في البيان ان "الاخفاق في المضي قدما في انتخاب رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للدولة وحكومة جديدة يعرض البلد لمخاطر الانزلاق في حالة من الفوضى"، مشددا على ان الوقت الحالي "ليس وقت تبادل الاتهامات".

ولم يكن هذا التحذير الاممي الوحيد، فقد سبقتها وتبعتها العديد من الدول الكبرى ومنظمات عالمية وشخصيات سياسية ومرجعيات دينية المرموقة، بالتحذير من عواقب وخيمة قد تهدد مستقبل العراق ووحدة أراضيه، في حال لم يتفق الفرقاء السياسيين على أرضية سياسية مشتركة، إضافة الى نبذ الخلافات جانبا، من اجل السيطرة على الأوضاع الأمنية المتردية.

ومع نجاح البرلمان العراقي في تحقيق الخطوة السياسية الأولى، وتأجيل انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الى الأسبوع المقبل، والذي قد يعطي المزيد من الوقت للحوار والتفاوض وتقريب وجهات النظر، يرى خبراء ومحللون، ان الأمور من الممكن ان تسير نحو الأفضل مع التطورات الأمنية التي تشير الى وقف زحف المسلحين نحو احتلال المزيد من المدن، كما ان التقارير العسكرية تشير الى مبادرة القوات العسكرية العراقية المدعومة بالمتطوعين بالهجوم من اجل استعادة المدن التي وقعت بيد المسلحين، وان كانت بصعوبة بالغة.

جمود السياسي

في سياق متصل انتخب السياسيون العراقيون سنيا معتدلا لرئاسة مجلس النواب في خطوة أولى تأخرت كثيرا نحو تشكيل حكومة لتقاسم السلطة هناك حاجة ماسة إليها لإنقاذ البلاد من التقسيم، لكن بعد اختيار سليم الجبوري مباشرة لرئاسة البرلمان دخل النواب في جدل مرير لساعات بشأن نائبه الشيعي فيما يشير إلى أنهم ما زالوا بعيدين عن التوصل إلى اتفاق بشأن الحكومة الجديدة أو اتخاذ قرار بشأن مصير رئيس الوزراء نوري المالكي.

وشن الجيش العراقي هجوما لاستعادة مدينة تكريت من المسلحين الإسلاميين الذين انشقوا على تنظيم القاعدة وأطلقوا على أنفسهم اسم الدولة الإسلامية والمتشددين المتحالفين معهم الذين استولوا عليها في منتصف يونيو حزيران في هجوم خاطف من الشمال، وأدى التقدم المذهل الذي حققه المتشددون خلال الشهر المنصرم إلى تهديد بقاء العراق مع بلوغ النواب طريقا مسدودا بشأن تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات التي جرت في أبريل نيسان، ويتولى المالكي (الذي فاز ائتلافه بمعظم المقاعد لكنه يحتاج إلى حلفاء لتشكيل حكومة منذ الانتخابات) منصب القائم بعمل رئيس الوزراء متحديا مطالب السنة والأكراد بأن يتنحى لشخصية أقل استقطابا. بحسب رويترز.

وأوضحت واشنطن أن تشكيل حكومة ذات قاعدة أشمل في بغداد شرط للحصول على دعم عسكري ضد المسلحين، ووفقا لنظام الحكم في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين ينص الدستور الذي تم تبنيه في عام 2005 على أن يكون رئيس الوزراء من أعضاء الغالبية الشيعية وأن يكون رئيس البرلمان سنيا على أن يشغل كردي منصب الرئيس الشرفي إلى حد كبير، ويكون لكل من هؤلاء الثلاثة نائبان من المجموعتين الأخريين، واختيار رئيس سني للبرلمان مهمة أولى لكن الزعماء السنة رفضوا في السابق تعيين واحد إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق على رئيس الوزراء، وأمام البرلمان الآن 30 يوما لانتخاب رئيس يكون أمامه 15 يوما لاختيار رئيس للوزراء.

وأشار ابراهيم الجعفري الذي تولى منصب رئيس الوزراء العراقي قبل المالكي ويرأس الآن التحالف الوطني العراقي وهو مظلة تضم دولة القانون التي يتزعمها المالكي إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق أشمل وهو أن الائتلاف سيصوت لصالح اختيار الجبوري وتوقع الحصول على تأييد السياسيين السنة في المقابل، وقال الجعفري إن طبيعة أي اتفاق هو أن يكون أي التزام متبادل وأنه لا معنى أن يقدم الشيعة التأييد لهم ولا يقدمون هم التأييد للشيعة، غير أنه لم يحدد إن كان الشيعة ينوون الآن ترشيح المالكي لتولي فترة ولاية ثالثة كرئيس للوزراء أو سيختارون مرشحا آخر.

واختار البرلمان حيدر العبادي عضو ائتلاف دولة القانون ليكون النائب الشيعي لرئيس مجلس النواب وإن كان ذلك جاء بعد ثلاث جولات من التصويت وساعات من المناقشات المثيرة للجدل نافسه خلالها على غير توقع أحمد الجلبي وهو حليف سابق للولايات المتحدة، غير أن قرار منح منصب نائب رئيس البرلمان لحليف للمالكي يمكن أن يزيد الاحتمال لأن يتنحى رئيس الوزراء وأشار مساعد لسياسي كردي رفيع طلب عدم الإفصاح عن اسمه إلى أنه في الماضي اختارت الأحزاب الشيعية نوابا للرئيس من خارج كتلة رئيس الوزراء للمحافظة على وحدة الفصائل الشيعية.

الأوضاع الامنية

من ناحية أخرى تمكن جيش العراق من وقف تقدم المقاتلين السنة شمالي بغداد لكنهما سعيا لاستعادة الأراضي وقاموا بعدة محاولات حتى الآن لاستعادة تكريت.

وقالت وزارة الدفاع إن القوات شنت أحدث هجوم على المدينة المطلة على نهر دجلة من الجنوب وقاتلت المسلحين في المناطق الجنوبية، وقال ضابط يشارك في الهجوم إن مقاتلين متطوعين وقوات ميليشيات منها ميليشيا عصائب أهل الحق يقاتلون جنبا إلى جنب مع الجيش، وبدأ الهجوم من قرية العوجة على بعد نحو ثمانية كيلومترات إلى الجنوب من المدينة، واستعاد الجيش السيطرة على العوجة مسقط رأس صدام مساء الثالث من يوليو تموز ويحاول منذ ذلك الوقت التقدم شمالا.

وقال الضابط وجندي آخر إن القتال تركز في جميع أنحاء منطقة شيشين جنوبي تكريت وأضافا أن الجيش يتجه أيضا صوب مجمعات قصور صدام الرئاسية السابقة حيث يحتجز مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية الأسرى ويجرون محاكماتهم الإسلامية الخاصة، ويقاتل الجنود أيضا لاستعادة السيطرة على مستشفى تكريت الذي يقع على بقعة استراتيجية مرتفعة، وعبر نهر دجلة إلى الشرق هبط مظليون من الجيش في البو عجيل حيث قال تلفزيون العراقية الرسمي إن بعض المسلحين فروا، وقال أحد ضباط الجيش المشاركين في القتال إنهم فوجئوا بأن المقاومة التي واجهوها كانت أقل شراسة مما كان متوقعا.

وقالت وزارة الدفاع إن قوات برية مدعومة بغطاء جوي بدأت هجومها في الفجر على مسلحين يقودهم تنظيم الدولة الإسلامية ويسيطرون على تكريت منذ منتصف يونيو حزيران، وإذا استعاد الجيش السيطرة على تكريت موطن صدام حسين فستكون أول مدينة في قبضة المسلحين تعود لسيطرة الحكومة منذ اندلاع الأزمة في العراق الشهر الماضي.

فيما دعت رسالة صوتية زعم أنها من مساعد قريب للرئيس العراقي الراحل صدام حسين كل العراقيين إلى توحيد الجهود لتحرير البلاد وأشاد بالمسلحين السنة الذي قادوا الهجوم الذي حدث الشهر الماضي عبر شمال العراق، وقيل إن هذا التسجيل الصوتي الذي بث على موقع على الإنترنت مؤيد لحزب البعث الذي كان يتزعمه صدام لعزت إبراهيم الدوري أكبر مسؤول من مساعدي صدام مازال هاربا بعد الاطاحة بصدام في غزو قادته الولايات المتحدة، وعلى الرغم من كبر سنه وما ذكرته تقارير عن اعتلال صحته يعتقد أن الدوري يقود الجماعة البعثية المتشددة جيش النقشبندي وهي واحدة من جماعات عديدة أيدت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في هجومه المباغت عبر المحافظات السنية في شمال وغرب العراق.

وقال الصوت الوارد في التسجيل والذي يشبه الصوت الذي ورد في التسجيلات السابقة التي بثت بإسم الدوري "يا ابناء شعبنا الابي ان بلدنا قد تعرض لاجتياح فارسي صفوي تدميري وخاصة بعد هروب الجيش الامريكي من ميادين الصراع وقدمت الادارة الامريكية هذا البلد لقمة سائغة لإيران الصفوية لو تعرض بلدنا لاستعمار ايراني صفوي استيطاني سرطاني ادعو جميع المشتركين والمتلونين بهذه العملية القذرة ان ينفضوا ايديهم منها ويتبرؤوا ممن صاغها ويتوبوا الى الله ويلتحقوا بصفوف الثوار وقد تحرر نصف بلدهم وتحرير بغداد بات قاب قوسين او ادنى ساهموا كل على قدر طاقته وامكاناته لاستكمال تحرير بلدنا". بحسب رويترز.

وأشاد الصوت الوارد في التسجيل الذي بلغت مدته 15 دقيقة بمقاتلي القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بالإضافة إلى الجماعات الأخرى التي تقاتل "الاستعمار الفارسي الصفوي" للعراق في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي يقودها الشيعة، ولكنه لمح أيضا إلى الانقسامات الواضحة على نحو متزايد بين الجماعات المختلفة التي تقاتل قوات المالكي قائلا إن من المهم تنحية خلافاتها جانبا والتوحد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/تموز/2014 - 18/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م