نووي إيران... اتفاق صعب الانفراج

 

شبكة النبأ: اجتمع وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، مع نظيرة الإيراني "جواد ظريف" في فينا يوم 13/7 لمدة ساعتين، ثم اجتمعا في اليوم التالي لمرتين في لقاءات مطولة جرى الحديث فيها عن ضرورة اتخاذ إيران "خيارات صعبة" لدفع عجلة الاتفاق النووي التاريخي المزمع توقيعه بينها وبين مجموعة الدول الكبرى الست (5+1)، في حال تم الاتفاق على تسوية شاملة للملف النوي الإيراني قبل انتهاء مهلة العشرين من تموز الجاري والتي لم يعد يفصلها عن المفاوضين سوى أيام قليلة، زادت خلالها الضغوط الدولية تجاه ايران لإبداء مرونة اكبر حول عقد الصفقة من خلال تقديم المزيد من التنازلات الحقيقية.

وقبل أيام من انتهاء المهلة المؤقتة، والتي سمحت لرفع الحضر الاقتصادي جزئيا عن ايران، بات الجميع يتحدث عن تباعد في المواقف وخلافات كبيرة في القضايا الرئيسية، فيما تزايدت الأصوات المشيرة الى احتمال التمديد لستة اشهر قادمة، والتي من المفترض ان تكون مدة نهائية يتم بعدها التوصل الى اتفاق نهائي، او الإعلان عن فشل المفاوضات، والتي اشارت ايران انه في حال فشلها، فإنها ستعاود نشاطها النووي الى سابق عهده. 

وتتعرض إيران لضغوط دولية متزايدة لتقديم المزيد من التنازلات لرفع الحصار الاقتصادي والسياسي عنها، سيما وان الاتفاق يعني الاعتراف بإيران من قبل الدول الكبرة، كقوة إقليمية مهمة تمتلك القدرة النووية السلمية في المنطقة.

فيما تحاول الولايات المتحدة الامريكية ممارسة المزيد من الدبلوماسيا الضاغطة لإنجاح الصفقة التي عولت عليها كثيرا في ابراز دور المفاوضات والحلول الدبلوماسية في عهد الرئيس أوباما بدلا من الخيار العسكري الذي دفع الكثيرين داخل الولايات المتحدة إضافة الى حلفائها التقليديين، للعمل بموجبه، كما ان توقيع الاتفاق امر ضروري في منطقة تشهد احداث كبيرة وصراع مرير على تقاسم النفوذ بين الدول الإقليمية، وقد أدى فشل دبلوماسية الولايات المتحدة في احداث تقدم في عملية السلام الفاشلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الى زيادة جهدها السياسي في ملف ايران النووي.

كسر الجمود

فقد قالت إيران إنها عرضت سبلا لمعالجة المخاوف الخارجية بشأن منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم التي بنتها تحت الأرض ملمحه إلى مرونة بشأن عقبة خطيرة أمام التوصل لاتفاق نووي مع القوى الكبرى مع اقتراب الموعد، ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الاقتراحات الإيرانية ذهبت إلى مدى بعيد بما يكفي لتقريب الخلافات بشأن منشأة فوردو وهي واحدة من العقبات القليلة التي تحول دون إحراز تقدم نحو إبرام اتفاق طويل الأجل سيحسن الاستقرار في الشرق الأوسط الذي يعج بالصراعات، وقالت فرنسا وهي إحدى القوى الست الكبرى إنه لم يتم الاتفاق على أي من القضايا المعلقة الرئيسية في المحادثات وإن الولايات المتحدة تريد انضمام وزراء الخارجية إلى المفاوضات في فيينا للمساعدة في التغلب على العقبات.

وتريد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا تقييد قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لضمان ألا تتمكن طهران من مراكمة الوقود الذي يمكن استخدامه لصنع قنبلة ذرية، وفي المقابل تريد إيران التخلص من العقوبات التي تصيب اقتصادها بالشلل، وتنفي إيران أن لديها أي نوايا للحصول على مواد لإنتاج قنبلة نووية من اليورانيوم المخصب أو أنها تسعى لامتلاك الخبرة والوسائل لتصنيع قنبلة نووية، وتقول إنها تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية فقط، وطالبت القوى الغربية إيران في السابق بإغلاق منشأة فوردو التي ترى أنها في وضع مثالي يسمح بتخصيب اليورانيوم إلى مستوى يصلح لإنتاج الأسلحة، وإيران لديها أيضا منشأة أخرى لتخصيب اليورانيوم في نطنز معروفة لمفتشي الأمم المتحدة بينما تريد القوى الغربية تقييد عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم في نطنز أيضا، وتشير تقديرات الي أن إيران لديها تسعة آلاف جهاز للطرد المركزي تعمل في الوقت الحالي.

وقال علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية "أحد الاقتراحات هي تحويل منشأة فوردو إلى منشأة للبحث والتطوير تكون احتياطية لمنشأة نطنز"، ولمح بعض الخبراء الغربيين إلى أن تحويل فوردو إلى منشأة أبحاث قد يكون حلا وسطا محتملا لكنه قد لا يكون كافيا للمتشددين في الولايات المتحدة وإسرائيل، وتستخدم إيران منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء انشطارية نسبتها 20 بالمئة كوقود لمفاعل أبحاث طبي في طهران لكنها أوقفت النشاط في يناير كانون الثاني بموجب اتفاق نووي مؤقت أبرمته مع القوى الكبرى في جنيف في نوفمبر تشرين الثاني الماضي. بحسب رويترز.

وتنتج طهران حاليا يوارنيوم منخفض التخصيب (أو مخصب بنسبة خمسة بالمئة) وهو مادة تستخدم في محطة للطاقة النووية في منشأة فوردو حيث تقوم بتشغيل ما بين 700 و2700 جهاز طرد مركزي أقامته هناك، واستبعدت إيران في السابق إغلاق أي من مواقعها النووية من بينها مفاعل مقترح يعمل بالماء الثقيل في آراك قادر على انتاج البلوتونيوم وهو مكون انشطاري رئيسي آخر في تصنيع القنبلة النووية إلى جانب اليورانيوم العالي التخصيب، ونقلت وكالة الأنباء الايرانية عن صالحي فكرة أخرى تقضي بتحويل فوردو إلى معمل للفيزياء والإشعاع الفضائي يقدم خدمات لدول أخرى، وقال علي فايز وهو خبير في الشؤون الإيرانية بمركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية "الموافقة على تحويلها إلى منشأة للأبحاث والتطوير تنازل"، وأشار إلى ان الجانبين أبديا مرونة في قضايا مثل آراك وفورودو في السابق، لكنه حذر من أن "المشكلة في الوقت الحالي تتمثل في أنهما لا يستطيعان تقريب الخلاف حول القضايا (الرئيسة) المثيرة للخلاف مثل (مستويات) التخصيب وتخفيف العقوبات".

بدوره قال وزير الخارجية الفرنسي إن "اختلافات في النهج" بين روسيا وبعض القوى العالمية الخمس الاخرى ظهرت في الأيام القليلة الماضية خلال المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، وقال الوزير لوران فابيوس أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان إنه لم يتم الاتفاق على أي من القضايا المعلقة الرئيسية في المحادثات وإن الولايات المتحدة تريد انضمام وزراء الخارجية إلى المفاوضات في فيينا، وأضاف فابيوس "حتى الان كانت مجموعة 5+1 (القوى الست) متجانسة لكن ممثلينا في المفاوضات لاحظوا في الأيام القليلة الماضية وجود عدد معين من الاختلافات في النهج بين بعض (اعضاء) المجموعة وشركائنا الروس، وأتمنى ألا تبقى (الاختلافات)"، ولم يحدد فابيوس نوع الخلافات أو الدول التي على خلاف مع روسيا.

وقال فابيوس "نريد الحفاظ على الوحدة بين مجموعة 5+1 لان هذا هو السبيل الذي جعلنا نتوصل لاتفاق من قبل"، وتضم المجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين إلى جانب ألمانيا، ويقول دبلوماسيون إن فرنسا والقوى الغربية الاخرى تطالب بصورة عامة بشروط أكثر صرامة مع إيران بالمقارنة بروسيا والصين اللتين تربطهما علاقات تجارية مع طهران وتعتقدان ان فرض عقوبات صارمة قد يأتي بنتائج عكسية، وتهدف المفاوضات إلى التوصل لاتفاق يحد من برنامج الطاقة النووية لإيران لتقليل خطر التحول إلى صنع قنابل وذلك في مقابل انهاء العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها، وأمام القوى العالمية وإيران أقل من اسبوعين لتجاوز خلافات كبيرة بشأن نطاق برنامج التخصيب الإيراني في المستقبل وقضايا اخرى اذا ارادوا الالتزام بالموعد النهائي الذي حددوه بيوم 20 يوليو تموز للتوصل لاتفاق، وقال فابيوس إنه لم يتم الاتفاق على اي شيء حتى الان.

وأضاف "لم تحل اي من النقاط الأساسية سواء كان ذلك قضية تخصيب (اليورانيوم) وعدد اجهزة الطرد المركزي ومفاعل اراك وكيفية التعامل مع (محطة تخصيب) فوردو وكيفية تنفيذ الرقابة الدولية وكيفية رفع العقوبات، لم يتم حتى الان حسم اي من هذه القضايا حاليا"، وقال دبلوماسيون إن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ووزراء الخارجية الاخرين الذين يتفاوضون مع إيران حول برنامجها النووي قد يسافرون إلى فيينا قريبا للانضمام إلى المحادثات، وقال فابيوس "ثمة رغبة لا سيما من شركائنا الأمريكيين في عقد اجتماع على مستوى الوزراء قبل 20 يوليو، ليس لدي رؤية واضحة بشأن هذا ولكن سنعرف ما هو الموقف في وقت ما بين الان و20 يوليو".

إيران والاتفاق النووي

الى ذلك قالت مصادر دبلوماسية إن إيران اتخذت خطوات تمهيدية لبدء تشغيل محطة لتحويل اليورانيوم تحتاجها لتنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق نووي مؤقت أبرمته مع القوى العالمية الست العام الماضي قبل انتهاء العمل بالاتفاق هذا الشهر، وسيظهر بدء تشغيل المحطة التزام إيران بالاتفاق التاريخي الذي أبرم في 24 نوفمبر تشرين الثاني الماضي بينما تجري محادثات مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بشأن تسوية طويلة الأجل للخلاف على طموحاتها النووية، لكن في ظل الفجوات الكبيرة في المواقف التفاوضية يعتقد بعض الدبلوماسيين والخبراء أنه ربما ستكون هناك حاجة لمد المفاوضات والاتفاق المبدئي.

وقال متحدث باسم مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون التي تقود المفاوضات نيابة عن القوى الست إن القوى مازالت مصرة على محاولة التوصل لاتفاق شامل بحلول الموعد النهائي في 20 يوليو تموز، وأضاف مايكل مان للصحفيين "نرى جدية أيضا من الطرف الآخر، الوضع صعب ولاتزال هناك فجوات كبيرة لكن هذه ليست مفاجأة، نتحدث عن مسائل فنية شديدة التعقيد وقضايا سياسية شديدة التعقيد أيضا، لذا فإننا نعمل جاهدين لمحاولة تضييق هوة الخلافات"، وبموجب الاتفاق الذي تبلغ مدته ستة أشهر وينتهي العمل به في 20 يوليو تموز الجاري فإن من المفترض أن تحول إيران كمية كبيرة من غاز اليورانيوم المخصب لمستوى منخفض إلى أكسيد بما يقلل من إمكانية استخدامه في صنع قنابل، وكان هذا أحد شروط الاتفاق الذي حصلت إيران بموجبه على تخفيف محدود للعقوبات.

ولتحقيق ذلك أقامت إيران منشأة قرب مدينة اصفهان بوسط البلاد لتحويل الغاز إلى مسحوق، وبعد التأجيل المتكرر على مدى أشهر قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في مايو أيار إن المحطة أصبحت جاهزة للعمل لكن لم يبدأ تشغيلها بعد، لكن منذ ذلك الحين قالت مصادر إنه جرى اتخاذ خطوات عملية بما يشير إلى أن العمل يمكن أن يبدأ قريبا إن لم يكن قد بدأ بالفعل، ويشمل ذلك ازالة أختام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن أسطوانة لغاز اليورانيوم وهي عملية ضرورية قبل توصيلها بخط التحويل، ومع ضيق الوقت فإن دبلوماسيين يتابعون عن كثب التزام إيران باتفاق نوفمبر تشرين الثاني. بحسب رويترز.

وأبرم هذا الاتفاق لإتاحة مزيد من الوقت للتوصل لاتفاق دائم بهدف تجنب خطر اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط بسبب طموحات إيران النووية التي تقول إنها سلمية لكن يشتبه الغرب في أنها تهدف لتطوير قدرات لإنتاج أسلحة نووية، وبدأت هذه المفاوضات في فبراير شباط واستؤنفت في فيينا بهدف صياغة اتفاق نهائي بحلول مهلة حددتها الأطراف في 20 يوليو تموز يحل محل الاتفاق المؤقت، وفي الوقت الذي علقت فيه إيران أكثر الجوانب حساسية من أنشطتها النووية وهو تخصيب اليورانيوم إلى مستوى تركيز 20 في المئة بموجب اتفاق العام الماضي فإنه يسمح لها بمواصلة تخصيب غاز اليورانيوم حتى مستوى خمسة بالمئة، لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إنه في ظل المخاوف الغربية من هذا المخزون فقد تعهدت إيران بعدم زيادته بحيث لا تزيد كميته مع نهاية الاتفاق المبدئي عن الكمية التي كان عليها عندما بدأ سريان الاتفاق يوم 20 يناير كانون الثاني.

وتفيد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران تفي بجميع التزاماتها الأخرى بموجب الاتفاق المؤقت، وتقول إيران إنها تنتج اليورانيوم منخفض التخصيب لإنتاج وقود من أجل شبكة من محطات الكهرباء تعتزم تشغيلها بالطاقة النووية وليس لإنتاج قنابل، ويتعين تخصيب اليورانيوم لمستوى نحو 90 في المئة لإنتاج سلاح نووي، ويقول خبراء إن إيران ربما لديها ما يكفي من هذا النوع من غاز اليورانيوم لإنتاج بضعة أسلحة نووية إذا تم تخصيبه لمستوى أعلى، والحد من أنشطة التخصيب الإيرانية بوجه عام هو أحد أكثر المسائل تعقيدا في المفاوضات الرامية للتوصل لاتفاق نهائي، ووفقا لتقارير الوكالة الدولية فإنه بسبب تأجيل تشغيل محطة التحويل فقد زاد مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى 8.5 طن في مايو أيار من 7.6 طن في فبراير شباط، ويقول خبراء إن إيران سيكون بوسعها تحويل كمية كبيرة في وقت قصير نسبيا بمجرد بدء تشغيل المنشأة المخصصة لذلك.

خامنئي وزيادة تخصيب اليورانيوم

الى ذلك قال الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي إن بلاده بحاجة إلى عدد أكبر بكثير من أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم وهو ما يبرز الفجوة في المواقف بين طهران والقوى العالمية في المحادثات التي تهدف إلى التوصل لاتفاق نووي، واستأنف الجانبان محادثاتهما في العاصمة النمساوية فيينا وواصل المفاوضون اجتماعاتهم ولكن لم يظهر مؤشر يدل على تحقيق تقدم جوهري، وتمثل قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم حجر عثرة في المحادثات النووية وينظر إليها على أنها قضية يصعب حلها، وتصر إيران على أنها تحتاج إلى زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم من أجل توفير الوقود اللازم لتشغيل شبكة مزمعة لمحطات الطاقة الذرية، وتقول القوى العالمية إنه ينبغي الحد بشدة من قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم لمنعها من اكتساب القدرة على إنتاج قنبلة نووية سريعا باستخدام اليورانيوم المخصب لدرجة أعلى.

وقال خامنئي في بيان نشر على موقعه الإلكتروني "هدفهم أن نقبل 10 آلاف من وحدات عمليات الفصل التي تعادل 10 آلاف جهاز طرد مركزي من النوع الأقدم الذي لدينا بالفعل، ويقول مسؤولونا إننا بحاجة إلى 190 ألف وحدة فصل، قد لا نكون بحاجة لذلك هذا العام أو خلال عامين أو خمسة أعوام لكن هذه حاجة أساسية بالنسبة للبلاد"، وأضاف "بدأت مجموعة الخمسة زائد واحد المساومة على 500 وحدة فصل ثم 1000 وحدة فصل لتخصيب اليورانيوم، والآن تريد اقناعنا بقبول 10 آلاف وحدة فصل"، وتقول طهران إن برنامجها النووي يهدف لتلبية أغراض مدنية فقط مثل توليد الكهرباء وتنفي أن لديها أي خطط لتصنيع قنبلة نووية، ويعتبر انهاء الصراع المستمر منذ عقد مع إيران أساسيا لتقليل التوتر وتجنب نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط. بحسب رويترز.

وأشار دبلوماسي غربي إلى المهمة الشاقة التي تواجه المفاوضات سعيا للتوصل إلى اتفاق، وقال "نحن لا نزال بعيدين عن التوصل إلى اتفاق، ولكن المهلة النهائية تنتهي في 20 يوليو تموز وهذا ما نسعى للالتزام به"، وقال دبلوماسيون غربيون آخرون إن إيران خفضت سقف مطالبها بشأن حجم برنامجها النووي المستقبلي في المفاوضات لكن الحكومات الغربية تحثها على تقديم المزيد من التنازلات، ولم يفصحوا عن مزيد من التفاصيل، وقال مارك فيتزباتريك مدير برنامج الحد من الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن بيان خامنئي "يؤكد ما كنت أشك به: على الرغم من أن المفاوضين الإيرانيين لديهم حرية التصرف في عدد من المواضيع مثل الشفافية والإطار الزمني لرفع العقوبات، فإنه ليس مخولا لهم الموافقة على تقليص برنامج التخصيب".

ولدى إيران الآن ما يربو على 19 ألف جهاز طرد مركزي معظمها من الجيل القديم ويعمل حوالي عشرة آلاف منها لزيادة تركيز النظائر الانشطارية لليورانيوم (يورانيوم-235)، وقال المحلل السياسي محمد علي شباني المقيم بطهران إن بيان خامنئي يتطابق مع ما كان المفاوضون الإيرانيون يقولونه على مدى شهور في فيينا، لكنه أضاف "المهلة الزمنية المفتوحة تمنح الجانبين قدرا من المرونة يتيح للجانبين الوصول إلى توافق في الرأي"، وفي تحد للضغوط الغربية زادت إيران عدد أجهزة الطرد المركزي بشكل كبير في العقد الأخير إلى ن توقفت عن ذلك بموجب اتفاق مؤقت أبرم في 24 نوفمبر تشرين الثاني مع الدول الكبرى في مقابل تخفيف محدود للعقوبات، وتريد إيران وضع حد للعقوبات التي خنقت اقتصادها وأعاقت صادراتها النفطية ولكن خامنئي الذي له القول الفصل في جميع القضايا الرئيسية في إيران قال إن على البلاد "أن تخطط للمستقبل على افتراض أن العدو لن يخفف العقوبات"، ونقل الموقع الإلكتروني عن خامنئي قوله إن فكرة إغلاق مفاعل فوردو النووي المبني تحت الأرض "تبعث على الضحك".

بالمقابل ذكر دبلوماسيون غربيون قريبون من المفاوضات النووية بين إيران والقوى العالمية الست في فيينا إن إيران قلصت مطالبها بشأن حجم برنامجها للتخصيب النووي في المستقبل في المحادثات رغم أن الحكومات الغربية تحث إيران على تقديم المزيد، وقال دبلوماسيون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن شخصيتهم في بداية جولة المفاوضات إنه سيظل من الصعب التوصل لاتفاق قبل الموعد، ويرتبط التحول في موقف طهران بالنقطة الرئيسية التي لا تزال عالقة في المحادثات، عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم التي يمكن لطهران الإبقاء عليها في أي اتفاق مقابل إنهاء تدريجي للعقوبات.

وقال دبلوماسي غربي كبير شرط عدم الكشف عن شخصيته "إيران قلصت عدد أجهزة الطرد المركزي التي تريدها لكن العدد لا يزال مرتفعا على نحو غير مقبول"، ولم يدل الدبلوماسي بمزيد من التفاصيل، وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية للصحفيين إن قدرة إيران على التخصيب في المستقبل في ظل أي اتفاق ستكون "جزءا صغيرا من القدرة التي تمتلكها في الوقت الحالي"، وقال مسؤول إيراني كبير إن طهران ترفض التراجع عن مطلبها الخاص بالإبقاء على 50 ألف جهاز طرد مركزي يعمل وهو عدد يقول مسؤولون غربيون إنه مرتفع للغاية بالنسبة لبرنامج مقتصر تماما على استخدام الطاقة النووية في أغراض سلمية.

ووجه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اللوم لإيران في مقال قائلا إن "تفاؤلها العلني بشأن النتيجة المحتملة لهذه المفاوضات لا يتسق حتى الآن مع المواقف التي تتبناها خلف الأبواب المغلقة"، وكرر وزير الخارجية البريطاني وليام هيج انتقاد كيري قائلا "لن نقبل اتفاقا بأي ثمن"، وأضاف "الاتفاق الذي لا يوفر ضمانات كافية بأن إيران لن تطور سلاحا نوويا لن يكون في صالح المملكة المتحدة ولا المنطقة ولا المجتمع الدولي"، وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في رد مباشر على ما يبدو على تصريحات كيري إن طهران مستعدة لاتخاذ خطوات لضمان أن يظل برنامجها النووي سلميا لكنها لن "تركع خضوعا" من أجل إبرام اتفاق نووي مع القوى الكبرى، وليس الخلاف على أجهزة الطرد المركزي العقبة الوحيدة في المحادثات.

ومن بين الأمور الحساسة الأخرى برنامج إيران للصواريخ البالستية المحظور بموجب العقوبات التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على طهران بين عامي 2006 و2010 بسبب وقفها أنشطة التخصيب وأنشطة أخرى لها صلة بإنتاج قنابل نووية، وكانت الولايات المتحدة قد أصرت على أن يشمل الاتفاق النووي قدرات إيران من الصواريخ البالستية لكن طهران ترفض أن تكون تلك القدرات مطروحة للتفاوض، ونقلت وكالة الطلبة للأنباء عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله "أنظمة إيران الدفاعية ليست موضوعا للتفاوض"، ويقود عراقجي وظريف الوفد الإيراني في مفاوضات جنيف، ومن بين الخلافات الأخرى مدة سريان أي اتفاق نووي والجدول الزمني لإنهاء العقوبات ومصير مفاعل نووي للأبحاث قد ينتج كميات كبيرة من البلوتونيوم وهو وقود بديل يستخدم لإنتاج الأسلحة النووية، وستستمر جولة المفاوضات الراهنة في العاصمة النمساوية فيينا حتى 15 يوليو تموز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/تموز/2014 - 16/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م