التنظيمات الإرهابية...  ثالوث الدموية والمال والسلطة

 

شبكة النبأ: يرى خبراء ان التنظيمات الإرهابية التي سعت الى السيطرة على مناطق عديد في الشرق الأوسط بعد اضطرابات  ما يسمى بـ "الربيع العربي"، استغلت العديد من التناقضات التي مرت بها هذه الدول في فرض عقيدتها المتطرفة وترسيخ وجودها داخل المجتمعات المختلفة، خصوصا وان مظاهر انعدام الامن وضعف الاقتصاد وظهور الحركات الإسلامية المتطرفة عوامل اشتركت فيها اغلب دول الربيع العربي (سوريا، البحرين، تونس، مصر، ليبيا) وساهمت في توفير بيئة مناسبة لها.

وقد سعى تنظيم القاعدة (بعد عام 2011) كونه التنظيم الجهادي الأول في العالم (في حينه) الى تعزيز وجودة واستغلال الأوضاع المرتبكة من اجل الانتشار وبناء المعسكرات وتجنيد المقاتلين وتعزيز الخلايا النائمة، ونشر فكر التنظيم الجهادي المتطرف بين المناطق الريفية والنائية، وكسب القبائل المناهضة للحكومة، إضافة الى توفير الأموال اللازمة لتمويل عملياتهم الجهادية، من خلال فرض الاتاوات وعمليات الخطف وسرقة المصارف وغيرها، في ضل غياب دور واضح للحكومة وانتشار للميليشيات، كما حدث على سبيل المثال في ليبيا واليمن.

الا ان مقتل زعيم التنظيم "أسامة بن لادن" في خضم احداث الربيع العربي على يد قوات أمريكية خاصة في باكستان، والضربات القوية لأبرز قيادات التنظيم التي تمت عبر طائرات من دون طيار، وعدم ظهور قيادات من الجيل الجديد، سمح لظهور جماعات إسلامية متطرفة منافسة لتنظيم القاعدة وان كان خروجها من عباءة التنظيم نفسه.

فقبل سنتين لم يكن صيت ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام او داعش" ذائعا كما هو الحال اليوم، وقد استغل زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" احداث الازمة السورية ليمارس عمل التنظيم الام في كسب المقاتلين بحجة الجهاد، إضافة الى الأموال والسلطة والأراضي من خلال مقاتلة النظام السوري أولا، ثم التنظيمات المعارضة والمتطرفة وكل من يخالفها في الراي لاحقا، ولم تمضي مده كبيرة حتى توسع التنظيم ليحتل العديد من المناطق في الرقة ودير الزور في سوريا بما يعادل اضعاف دولة لبنان، كما توسع في العراق ليسيطر على مدينة الموصل وأجزاء من صلاح الدين ديالى، بعد ان اعلن عن إقامة دولة الخلافة الإسلامية، كما نشر خريطة على المواقع الجهادية توضح حدود الدولة الإسلامية على اغلب قارات العالم.

ويتضح ان إقامة الخلافة او الدولة الإسلامية (بين تنظيم القاعدة وداعش) من مفهوم التنظيمات المتطرفة، يعني الغاء المدنية والحضارة وقتل المعارضين وتهجير المخالفين واذبة الحدود السياسية بين الدول، وتدمير دور العبادة للمذاهب والأديان السماوية التي لا يؤمن بها الجهادين، كما ان الصلب والجلد وقطع الرؤوس والايدي من الأمور الروتينية لدى التنظيم كونها من الحدود الشرعية التي سعت تلك التنظيمات لتطبيقها في المناطق الخاضعة لسطوتها.

اما التنكر لمن ساعد في قيامها وتحقيق انتصاراتها العسكرية من غير التابعين لها، فهو امر طبيعي، وكما حدث في سوريا والعراق بين تنظيم داعش وجبهة النصرة اللتان كانتا تقاتلان جنبا الى جنب ضد النظام في سوريا، إضافة الى النقشبندية والبعثيين اللذين سأعدو التنظيم على احتلال الموصل، حيث باتت عمليات الاستئصال والقتل تجري بصورة كبيرة بحقهم.

ملاحظات من تنظيم القاعدة

في سياق متصل وللوهلة الأولى يبدو من حسن الخط المدون به الكلام بالحبر الأزرق أنه قد يكون مأخوذا من كراسة مدرسية، وإذا فتحت الصفحات التي التصق بعضها ببعض بالرمل والماء سيتضح لك أن الدفتر يخص أحد المتشددين من تنظيم القاعدة، ويغطي الدفتر المتروك وسط أحراش في جبال جنوب اليمن كل شيء من مبادئ الإغارة "المفاجأة وقوة النيران والروح الفدائية والسرعة في الاداء" إلى الهدف النهائي المتمثل في إقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية، الدفتر الذي يحمل اسم أبو الدحداح التعزي بخط أحمر في صدر الصفحة الأولى من بقايا ما وصفه محافظ يمني بأنه معسكر لقيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

في مايو أيار زار صحفيان المعسكر الذي أصبح مهجورا الآن، ووصف بعض السكان المحليين في مدينة المحفد القريبة من المعسكر كيف تحملوا وجود مئات من المتشددين ثلاث سنوات، وفي ابريل نيسان وبعد أن نشر المتشددون على الإنترنت فيديو يتباهون فيه بوجودهم جاء هجوم الطائرات الأمريكية بدون طيار والجيش اليمني، وقال الأهالي إنهم طلبوا عندئذ من المقاتلين الرحيل، وتبين قصة المعسكر مدى عمق وجود مقاتلي القاعدة في جنوب البلاد النائي الفقير، وقال الشيخ ناصر الشامي الزعيم القبلي في المحفد إنهم لم يدركوا أنهم بهذه الكثرة حتى الليلة التي رحلوا فيها جميعا، وأضاف أنهم رحلوا مع اسرهم في أكثر من 60 أو 70 سيارة.

ويقول مسؤولون يمنيون إن أمير خلية المحفد في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمني من المنطقة يدعى علي بن الاقرع وقد توفي فيما بعد متأثرا بجروح أصيب بها خلال الهجمات وفق ما قاله مسؤول وصف الخلية بأنها أنشط خلايا التنظيم وذكر أنها مسؤولة عن عمليات عديدة استهدفت الجيش ومنشآت النفط والغاز، وقال الجيش اليمني إن 500 متشدد و40 جنديا قتلوا منذ شن الهجوم على هذه المجموعة في ابريل نيسان، وقالت السفيرة البريطانية لدى اليمن جين ماريوت إنه يجب الإشادة بالحكومة اليمنية لاستهدافها التنظيم لكنها نبهت إلى ضرورة تنفيذ الحملة "بالأسلوب الصحيح حتى يمكن أن تتواصل"، وحتى الآن نجحت الهجمات المماثلة للهجوم الذي شنته قوات الجيش قرب المحفد في تشتيت المعسكرات، لكن يبدو أن المقاتلين انتقلوا ببساطة إلى مناطق أخرى في البلاد.

وفي الأيام التي أعقبت رحيل المقاتلين عن المحفد أغار مسلحون من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على بنوك محلية في محافظة حضرموت على مسافة 480 كيلومترا تقريبا فيما يشير إلى إمكانية تحركهم دون أي عوائق، وقتل 27 شخصا على الأقل في ذلك الهجوم الذي كان واحدا من عدة هجمات في مختلف أنحاء البلاد من بينها هجوم على القصر الجمهوري في الشهرين الماضيين، وقال عبد الغني الإرياني أستاذ العلوم السياسية "إن استخدام الجيش ضد القاعدة له فائدة محدودة للغاية وبوسع القاعدة أن تتكيف معه، الأمر أشبه بمطاردة ذبابة بمطرقة، ليست فعالة"، وقال إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تراجع للمكانة الثانية وراء تنظيم الدولة الإسلامية الذي خرج من عباءة تنظيم القاعدة لكنه سيظل يمثل تهديدا دوليا خطيرا، وأضاف "أهميته تتمثل في أنه حصل على الوقت الكافي لاختراق المجتمعات المحلية وترسيخ وجوده".

في أوائل عام 2009 اندمج فرعا السعودية واليمن من تنظيم القاعدة ليشكلا معا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومول التنظيم نفسه من خلال أساليب من بينها الخطف إذ قالت بريطانيا في العام الماضي إنه حصل على نحو 20 مليون دولار فدى لمخطوفين فيما بين عامي 2011 و2013، كما دبر التنظيم مؤامرتين فاشلتين لمهاجمة أهداف أمريكية، وقالت مصادر بالأمن القومي الأمريكي إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ضالع في مؤامرة لتطوير متفجرات يمكن تمريرها في المطارات دون أن تكتشف، وتظهر قصة المحفد قدرة الجماعة على العيش إلى جانب المجتمعات المحلية، فعدد سكان المدينة يبلغ نحو عشرة آلاف نسمة وهي تبعد أكثر من 400 ميل عن العاصمة صنعاء ويستغرق السفر إليها من مدينة عدن في الجنوب رحلة مرهقة تمتد خمس ساعات عبر جبال موحشة وأشجار السنط وصخور بركانية.

وفي عام 2011 وعقب احتجاجات أدت للإطاحة بالرئيس علي عبد الله صالح استولى مقاتلو القاعدة على مساحات من جنوب اليمن وأسسوا إمارات إسلامية، وشن الجيش اليمني حملة لإبعادهم لكنه لم يقترب من المحفد، وتخرج مساحات كبيرة من البلاد عن نطاق السيطرة الحكومي، ويواجه نصف سكان اليمن تقريبا البالغ عددهم 25 مليون نسمة الجوع، كما يعاني البلد من نقص المياه والوقود وانقطاع التيار الكهربائي يوميا بالإضافة إلى الفساد المتوطن، وعادة ما كان المقاتلون الذين تميزهم لحاهم وشعرهم الطويل يأتون للمدينة للتزود بالمؤن من السلع الضرورية وكذلك من أجل تجنيد الصبية، وقال أهل المدينة إن أغلب المقاتلين من السعودية واليمن لكن لم يغامر بدخول المدينة سوى اليمنيين ممن لهم أسر في المحفد، وقال الزعيم القبلي الشامي إن المقاتلين لم يسببوا أي مشاكل ولم يختلطوا بأحد في معظم الأحيان.

وقالت السفيرة البريطانية ماريوت "القاعدة كانت في غاية المهارة في جعل نفسها جزءا من نسيج المجتمع في مناطق من البلاد"، ويقع المعسكر على مسافة بضعة كيلومترات على جبل في وادي الخيالة، وأبدى أهل المنطقة عدم رضاهم عن وجود الغرباء وأوضح العقل أن وجود مقاتلين محليين أمر يمكن تفهمه، وقال إن صوماليين ظهروا على الساحل يسألون عن الطريق إلى المحفد، ويبعد الصومال مسافة قصيرة بالمراكب عبر خليج عدن، وقال "تقريبا تم تدمير ما يقارب من عشرة أطنان من المتفجرات وأكثر من 180 لغما ويمكن 150 عبوة ناسفة"، وقال العقل إن المعسكرات كان بها نظام متطور للري وغرف مكيفة الهواء.

وقال السيد "كانت نواياهم أن يقاتلوا الجيش باسم القاعدة لا كتمرد شعبي"، وأضاف أنه وضع نظارة شمسية داكنة لإخفاء إصابة في العين مني بها في هجوم لاغتياله شنه تنظيم القاعدة، وأضاف "لم نتوقع قط أن نذبح جنديا أو نشاهد رجلا يشنق، فقبل أن نكون مسلمين نحو عرب ولدينا عاداتنا وتقاليدنا، أما هم فقتلوا الأسرى وقتلوا النساء، ليس لديهم أي رحمة"، ويتضمن الدفتر الذي تركه صاحبه ملاحظات عن صيانة الأسلحة والتضاريس ورسوم معقدة لنصب الكمائن المختلفة، كما أنه يشرح المراحل الثلاث لحرب الفدائيين الضرورية لإقامة دولة إسلامية وتشبه المخطط الذي يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية اتبعه في العراق وسوريا.

وأول هذه المراحل مرحلة الاستنزاف وتتميز بهجمات الكر والفر على أن تستهدف بصفة خاصة خطوط التموين، ويقول الدليل "الهدف في هذه المرحلة تشتيت العدو لا قتل رجاله"، ويضيف أن من المحتمل أن يقدم العدو "عروضا سلمية للتفاوض مع المجاهدين" لكن الدليل يشدد على أنه "لا هدنة عسكرية، لا حوار"، وفي مرحلة "التوازن" يدعو الدليل للتركيز على "تشكيل قوات شبه نظامية قادرة على بسط الأمن، والتصعيد من الحملات السياسية لتوضيح معالم الصراع"، وعلى المجاهدين أيضا "ارسال رسائل دبلوماسية من خلال لغة السياسة أو لغة الدم للحكومات المساندة للعدو واقناع الشعوب أن حكوماتهم قد تورطت في ضربنا وأنهم سيكونون هدفا مشروعا لنا في المستقبل". بحسب رويترز.

ويقول الدليل إنه "إن كان (لا بد) من المفاوضات فلا بأس بشرط أن نبحث عن شروط استسلام العدو لأن هذا سيحطم معنوياتهم"، ويتابع "يلاحظ أن العدو سيعرض على المجاهدين المشاركة في السلطة وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا"، والمرحلة الأخيرة هي مرحلة الحسم وفيها "تتوقف المفاوضات ويهدد أفراد العدو بضرورة تسليم أنفسهم"، ثم تقام "محاكم شرعية عادلة لمحاكمة كل المارقين عن الدين"، وفي الصفحة الأخيرة من الدفتر كتبت بضعة أبيات شعرية تتحدث عن الجنة والحور العين، وقال أحد السطور "يا أخي ليه الزعل والثمن جنة وحور، يا أخي هيا تعال والثمن جنة وحور".

وأهل المحفد سعداء لأنهم تفادوا المعركة، وقال عقل إنه يعمل على إعادة خطوط الهاتف للمدينة، وأقام الجنود اليمنيون قاعدة للجيش عند سفح الجبل حيث كان معسكر القاعدة، لكن الاحتياطات الأمنية غير محكمة، ففي عصر أحد الأيام في الآونة الأخيرة وفي درجة حرارة بلغت 35 مئوية كان الجنود يجلسون في استرخاء تحت خيام مؤقتة وعلى حجر كل منهم كيس بلاستيكي يتناولون منه القات، وسمح لصحفيين في سيارة خاصة الاقتراب من نقطة التفتيش الأولى، وأشار جندي للسيارة بالتوقف وطلب من راكبيها أوراقهم الثبوتية، ربما كان يخشى أن تكون السيارة في مهمة انتحارية، واستعار الجندي قلما من أحد الصحفيين وكتب به الأسماء على يده ثم سمح للصحفيين بالمرور، وبعد بضعة أسابيع اقتحم مهاجم انتحاري بسيارته نقطة التفتيش وأسفر الهجوم عن مقتل ستة جنود.

الدولة الإسلامية في الموصل

الى ذلك وفي ليلة من ليالي الماضية وبسيارة دفع رباعي نوافذها معتمة توقفت عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية عند منزل ضابط سابق بالجيش العراقي، كان أحد الرجال الذين يراهم التنظيم عقبة أمام هدف إقامة خلافة تمتد من العراق إلى البحر المتوسط، وبينما كانت عناصر التنظيم تقتاد اللواء المتقاعد إلى السيارة التي تكسوها راية التنظيم السوداء التي ترفع الشهادتين كان ابنه وزوجته يتوقعان ما هو أسوأ، وقال الابن في اتصال تليفوني وهو يجهش بالبكاء "أتصل بأسر ضباط آخرين ولا أحد يعرف لماذا أخذوهم".

واعتقل المسلحون السنة الذين سيطروا على مدينة الموصل الشهر الماضي ما بين 25 و60 من الضباط الكبار السابقين بالجيش وأعضاء حزب البعث المحظور الذي كان يتزعمه صدام حسين وذلك حسب روايات سكان وأقارب لمن تم اقتيادهم، وربما تحمل مثل هذه المداهمات دلالة على شقاق في التحالف السني الذي ساعد مقاتلي الدولة الإسلامية في تحقيق نصر سريع عندما جاءوا من الصحراء واستولوا على الموصل الشهر الماضي.

والمدينة التي يعيش بها ما يقرب من مليوني نسمة هي أكبر مدينة على الإطلاق تسقط في أيدي الجماعة التي خرجت من عباءة تنظيم القاعدة وتعرف الآن باسم الدولة الإسلامية، كما أن الموصل جزء محوري في خطط التنظيم لإقامة خلافة إسلامية، وحين سيطرت الجماعة التي كانت تعرف حينذاك باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام على أجزاء شاسعة من العراق بسرعة خاطفة الشهر الماضي كانت تحظى بتأييد جماعات مسلحة سنية أخرى، وكان أبناء العشائر والمتحالفون السابقون مع حزب البعث يتوقون لضرب زعماء الشيعة رغم أنهم لا يشاركون الدولة الإسلامية رؤيتها لدولة الخلافة، لكن زعماء تلك المجموعات بات مطلوبا منهم الآن أن يبايعوا الخليفة الجديد.

وقال أثيل النجيفي محافظ نينوى الذي مازال يجري اتصالات هاتفية بسكان في الموصل بعد أن فر إثر سقوطها إلى مدينة أربيل التي يسيطر عليها الأكراد إنه يعتقد أن الدولة الإسلامية تريد توجيه رسالة مفادها أنها الجماعة الوحيدة على الأرض وأن على الناس أن يتبعوها أو يسلموا أسلحتهم، أما النائب الشيعي حيدر عبادي فقال إن الدولة الإسلامية تتخذ خطوة استباقية للقضاء على التحديات المحتملة، وأضاف أن التنظيم يعلم جيدا أنه لن يبقى إذا انقلبت هذه المجموعات عليه لذا فإنه لا يعطيها الفرصة، ومضى قائلا إن الدولة الإسلامية دعت أصدقاءها من البعثيين السابقين للتعاون وإنهم فعلوا هذا فإذا هي تلفظهم الآن، وأضاف أن البعض سيتعهد بالولاء وأنها ستعدم من لا تعتقد أنه سيبايعها. بحسب رويترز.

وأكد ضابط بالمخابرات العراقية اعتقال المتشددين لضباط كانوا يعملون في عهد صدام وقال إن الهدف من هذا هو ترويع الناس أو الانتقام أو الحيلولة دون تعاونهم مع الحكومة العراقية، وقال النجيفي إن حوالي 2000 من سكان الموصل تعهدوا بالقتال إلى جانب الدولة الإسلامية منذ سيطرت على المدينة، لكنه قال إن من غير المرجح أن تكسب الدولة الإسلامية تأييد الضباط الذين أفنوا عمرهم في الجيش والبعثيين شديدي الارتباط بالحزب المنحل.

من بين أولئك الذين قال النجيفي إن الإسلاميين اعتقلوهم اللواء وعد حنوش الذي كان من قادة القوات الخاصة في عهد صدام وكذلك سيف الدين المشهداني القيادي البعثي الذي ظهر على إحدى بطاقات اللعب التي نشرها الجيش الأمريكي لأهم المطلوبين بالعراق خلال الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وقال المحافظ وبعض السكان إنهم يعتقدون أن إعلان الدولة الإسلامية عن قيام دولة خلافة أثار استياء أهل المنطقة وإن هذا ربما دفع الجماعة لاتخاذ خطوة استباقية لبتر أي بوادر للمقاومة.

ويعكس هذا التحرك نفس أسلوب الدولة الإسلامية في سوريا حيث حصنت نفسها في الشرق الذي يهيمن عليه مقاتلو المعارضة واستأصلت المعارضين الآخرين للرئيس بشار الأسد، ورغم صورة التحالف التي جمعت الدولة الإسلامية والعشائر السنية ومخضرمي حزب البعث الشهر الماضي فإن هناك تاريخا من العداء بينهم، وكان كثير ممن يحنون لأيام صدام قد تحالفوا مع عشائر سنية للتصدي لتنظيم دولة العراق الإسلامية (الذي أصبح لاحقا تنظيم الدولة الإسلامية) لدى زيادة أعداد القوات الأمريكية عامي 2006 و2007.

من بين الأسباب التي تدفع تنظيم الدولة الإسلامية للعمل سريعا لاستئصال خصومه المحتملين تلك القوة التي اكتسبها نتيجة تقدمه الخاطف الشهر الماضي، وقال رمزي مارديني الزميل غير المقيم بالمجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن "لأن الرياح تأتي بما تشتهي سفنهم فإن هناك ما يحفزهم للسعي لبسط سيطرة أكبر على الموصل عاجلا وليس آجلا"، وأضاف "لن يسمحوا لجماعات مسلحة أخرى بالعمل في الموصل، ربما كانوا يستهدفون تعزيز وضعهم وتحويل المدينة إلى عاصمة فعلية لدولة الخلافة"، ورغم أن مارديني يرى أن الدولة الإسلامية قوية الآن بما يمكنها من "الضرب وتعزيز الوضع وطرد الجماعات الأخرى" فإنه يرى أن مصير الجماعة في الموصل على المدى الطويل أقل وضوحا، وقال "لا يخفى سرا أن الجماعات المتمردة الأخرى التي تمثل الحركة السنية ستنقلب في النهاية على الدولة الإسلامية".

وتؤوي الموصل منذ فترة طويلة أعضاء بجماعة الطريقة النقشبندية التي تضم رموزا بعثية ويعتقد أن زعيمها هو عزة إبراهيم الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة في عهد صدام وأحد الوجوه على أوراق المطلوبين الأمريكية وأرفع مسؤول بعثي تفادى القبض عليه، ويمكن أيضا أن يشكل أبناء العشائر السنية الأقل ارتباطا بكثير بالنظام السابق خطرا على الدولة الإسلامية لكن الجماعة تركز الآن فيما يبدو على البعثيين وضباط الجيش السابقين، وتأكيدا على ضرورة الالتزام بفكره أصدر التنظيم "ميثاق المدينة" الذي يحظر التدخين والمخدرات والكحوليات ويأمر النساء بالاحتشام والتزام المنازل.

كما فجر المتشددون أضرحة ومساجد شيعية في الموصل وبلدات قريبة بها بعض من أغنى التراث الثقافي العراقي، ونشرت منتديات جهادية وحساب على تويتر مرتبط بالجماعة صورا لتفجيرات قوية وأعمدة دخان ترتفع من تحت مآذن بيضاء وقباب ذهبية، وفر من المدينة معظم سكانها من الأقليات بمن فيهم المسيحيون والشيعة الشبك، وترفض الجماعة أي مشاركة في السلطة أو بدائل لدولتها السنية الخالصة وهو ما يخدم رؤيتها للحكم المطلق، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة صورا لرجال قيل إنهم في الموصل وهم يقفون صفا في غرف رفعت عليها راية الدولة الإسلامية ويصفهم من هم في عهدتهم بأنهم مارقون جاءوا ليعلنوا التوبة وقبول حكم الدولة الإسلامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/تموز/2014 - 15/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م