ظاهرة اللامبالاة عند البرلمانيين

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: النائب البرلماني، كما هو متفق عليه، يمثل الشعب، ويمثل الاصوات التي أوصلته الى هذه المكانة المهمة، وعلى هذا الاساس هناك أمانة كبيرة تقع على عاتق النائب ازاء الشعب، يؤكدها اليمين الذي يقسم به، على أن يكون خير ممثل للشعب وأكثر الناس حرصا على مصالحه، تُرى هل يقوم النواب العراقيون بمسؤوليتهم هذه، وهل الساسة العراقيون حريصون على مصالح ووحدة الشعب وآماله وتطلعاته نحو بناء دولة مدنية، تحمي حقوقه وتساعده على اداء واجباته؟.

ما جرى ويجري حتى هذه اللحظة يجب بالنفي عن هذا السؤال، فجميع الدلائل تؤكد أن بعض ممثلي الشعب مصابون بحالة غريبة من اللامبالاة، لاسيما عندما يتعلق الامر والقرار بالشعب والوطن، فتراهم يتصرفون بعيدا عن المسؤولية، وبعيدا عن إدراك المخاطر المصيرية التي تحيط بالشعب والدولة، إنهم يبتعدون عن اللامبالاة فقط في حالة واحدة، إنهم يتسلحون بالجدية والاصرار فقط عندما يتعلق التشريع او القرار بمصالحهم الشخصية او الحزبية او الفئوية.

في هذه الحالة فقط، ينفض البرلماني العراقي غبار اللامبالاة عن عقله وذهنه وإرادته، ويقفز ويتحرك ويعمل بقوة واصرار، على اداء امانته النيابية التي تتمحور بكونه ممثلا للاصوات التي منحته ثقتها، ورفعته الى منصبه في قبة البرلمان، والدليل على ذلك سرعة إقرارهم لجميع التشريعات التي تتعلق بامتيازاتهم ومكاسبهم، أما اذا تعلق الامر بالمواطن وهو الذي اوصلهم الى مناصبهم، فعند ذاك تخيّم على عقولهم اللامبالاة بقوة، وتمنعهم عن اداء امانتهم حتى عندما يتعرض الوطن ومصيره الى خطر فادح، كما يحدث في الاوضاع الراهنة التي تحيط بالعراق ارضا وشعبا وكيانا، وتهدد وجوده بالكامل.

وعندما لا يصحو ضمير النائب والسياسي العراقي، حتى في وضع مصيري كالذي يمر به العراق الآن، فلابد أن تكون هناك أسباب خطيرة تقف وراء سيطرة وهيمنة ظاهرة اللامبالاة بالخطر، الذي يتحلى بها بعض النواب والساسة العراقيين الآن، فهم أما أنهم يتحلون بالشجاعة والصبر على النوائب والاخطار الجسيمة!، وهو أمر لا تثبته الوقائع كما نراها ونتلمسها، وأما لا يدركون هذه المخاطر وفداحتها، وهو أمر وارد، بسبب قصور الادراك العميق لدى الكثير منهم، وأما – وربما هذا هو الارجح- لا يعنيهم مصير البلد ولا الشعب لذلك هم يتعاملون بلامبالاة تامة مع أكثر المخاطر تهديدا للبلد، وهذا الاستنتاج لم أصرّح به رغبة في ذلك، وإنما جميع الدلائل تؤكده، خاصة اذا عرفنا ان البرلمان العراقي منذ أن تعرض البلد الى الهجمة الداعشية والى الآن لم يحرك ساكنا، ولم يتخذ تشريعا واحدا يسهم في الحد من الانزلاق الخطير نحو هاوية الحرب الأهلية وتقسيم البلد وما الى ذلك من مخاطر جسيمة، لا تزال تتربص بنا جميعا في قادم الايام.

في التجارب المماثلة للدول الاخرى، كما تسجل لنا صفحات التاريخ السياسي العالمي، وعندما كانت دواة ما تتعرض للتهديد المصيري المباشر –كما يحدث الآن في العراق-، فإن النواب وجميع الساسة لتلك الدولة، تذهب الى اتخاذ القرارات والتشريعات والافعال الكبيرة والمناسبة، لكي تعيد الامور الى نصابها، وفقا للتشريعات التي تصدر من ممثلي الشعب، وهنا يبرز السؤال التالي، ماذا فعل البرلمانيون العراقيون حتى الآن، لكي يثبتوا أنهم يدركون المخاطر الهائلة التي تهدد مصير العراق، وما هي الخطوات التي اتخذوها كي يعبئوا الشعب والقوات الامنية على الحفاظ على أمن الشعب وسيادة البلد، طبعا ليس هناك أي اجراء يؤكد للشعب أن مجلس النواب يضطلع بمهماته بما يتناسب وحجم المخاطر التي تهدد كيان العراق وشعبه، بل على العكس من ذلك، لا يزال هذا المجلس واعضائه، يتعاملون باسلوبهم المعروف باللامبالاة حيال أخطر الاوضاع، لسبب بسيط جدا، أنهم غير معنيين إلا بأنفسهم وعوائلهم واحزابهم وتحالفاتهم الهشة لا غير.

أما النتائج المتوقعة التي تترتب على هذا الاسلوب اللامبالي لمجلس النواب، فهو يتمثل أولا بتنصلهم عن اداء امانتهم حيال الشعب والوطن، وثانيا تسهيلهم لتمزيق البلد ونجاح مخططات ومآرب الاعداء، وهم كثر، إقليميون ودوليون يتربصون الشر بالعراق وشعبه، وثالثا أننا نقف الان على حافة الهاوية، ما لم يعي هذا المجلس واعضائه خطورة الاوضاع، ويهبّ بقوة لاتخاذ ما يلزم من تشريعات قوية، تؤكد وحد الساسة العراقيين والاحزاب والكتل من ناحية، وحرص النواب على مصير البلد ومصالح المواطنين العراقيين دون استثناء من ناحية ثانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تموز/2014 - 14/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م