الدولة الإسلامية بين الظهور والارتداد

رفعت الزبيدي

 

بعد العام 2003 ظهرت على الساحة ظاهرة خطيرة هي الارتداد عن الإسلام نتيجة العنف المنظم والذي كان العراق ساحته الأولى تحت عناوين الجهاد ضد الرافضة الأشد كفرا ونفاقا من اليهود كما هي الدعاية التكفيرية المبرمجة. أود ان أركز في حديثي هذا عن الأهداف المهمة في هكذا عنف دموي والتي من أهمها الارتداد او النقمة او الانحراف عن المنهج الإسلامي التربوي في شخصية المسلم حتى تحول الى منهج عنفي يتسم بالتفخيخ والنحر بطريقة لاتتناسب وطبيعة النفس البشرية بفطرتها.

 اول تلك الملامح تمثلت بتصوير الجريمة وتسويقها الى أكبر عدد من المشاهدين لهدفين مهمين هما تحطيم حرمة الانسان وجعل الجريمة مقبولة تتفاعل معها الشخصية الإسلامية فتكون ردة الفعل متناسبة مع مشهد العنف بنحر الضحية، الهدف الثاني هو ردة الفعل الثانية في الارتداد والنقمة على الإسلام من قبل السذج من المسلمين على اعتبار ان هكذا دين لايستحق الاحترام فكله عنف بآياته القرآنية وتاريخه العنفي منذ وفاة النبي المصطفى والى يومنا هذا.

بالإضافة الى تمزيق الأمة الى درجة النفور بين المسلمين من كلا الطائفتين السنية والشيعية. هذا الموضوع عملت عليه مؤسسات تبشيرية وإسلامية منافقة وأنظمة حاكمة تحمل في داخلها عقد نفسية وتاريخية مريضة، للأسف حتى من جاءوا الى الحكم في العراق بعد العام 2003 لم ينتبهوا الى خطورة الأمر الا من خلال الترويج الى هوامشه بمايتناسب ومصالحهم الحزبية او الفئوية. استدرج الجميع الى خطاب العنف ومن ثم الانتقام المتبادل وهذا مايشترك في جريمته المؤسسات الإعلامية الدينية أيضا بخطابها التحريضي والاستفزازي قدمت للمتلقي خطابا تحريضيا على الكراهية المتبادلة، وبرامج تسفه العقل بروايات دينية تثير السخرية كذلك أن هكذا إسلام متخلف لايمكن التعايش معه.

لو اخذنا احصائيات رقمية مثلا فقط في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق تقول المعلومات ان عدد المرتدين عن الإسلام بعد العام 2006 كان 500 مسلم في غضون عام واحد فقط فكم هي نسبته الآن وعلى مستوى العراق او العالم العربي؟ وفي هذا السياق ظهرت مؤسسات تنادي بحقوق المرتدين عن الإسلام في أوربا. الآن ماذا بعد الاعلان عن خلافة الدولة الإسلامية الأضحوكة من خلال ماتعرف بداعش في مدينة الموصل؟ للأسف نرى هبوطا واضحا في مستوى الخطاب الإسلامي وممن ارتكبوا فظائع في العنف المبرمج والاغتصاب تحت فتاوى باسم الإسلام وآيات القرآن الحكيم. كم ستكون كلفة ذلك على الهوية الإسلامية؟ جيل من الشباب تربى على منطق وثقافة الكراهية والعقد التاريخية الموروثة وتقبل صورة التفخيخ والنحر؟ هذا هو الارتداد الآخر في شخصية المسلمين.

لذلك أقول ان من حصن نفسه بثقافة الإسلام المبني على أسس العدالة في المجتمع والدعوة الى الخير(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) (يسالونك ماذا ينفقون قل العفو) (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) (ان أكرمكم عند الله أتقاكم) لابد ان يحتكموا في نهاية المطاف الى تلك اللغة الرصينة في الإسلام والثابتة حتى يتحول الى داعية لدولة إسلامية أساسها العدالة بين الناس وهذه هي دعوة الانبياء والمرسلين في الأمم التي سبقت ولن تكون مصداقيتها الا بدولة الامام العادل الحجة بن المنتظر الذي أثبتت الأحداث بطلان من ينتسبون اليه في أدعيتهم من خلال أعمالهم في العراق بعد العام 2003، فقد فضحتهم جرائم الفسادين المالي والاداري في مدن جنوب العراق وأعني هنا أن الشيعة أيضا يشتركون في الجريمة ولكن بطريقة أخرى ولعل الجريمة الأخرى والمستمرة اليوم هي الصراع على سلطة وهمية لم تجلب للعراق الا التمزق وهتك الحرمات وفقدان الأمن.

عنوان المقال الدولة الإسلامية بين الظهور والارتداد هو المرحلة الآنية ذات الامتداد في عمق التاريخ المنحرف لحركة الإسلام في المجتمع. الارتداد ليس جديدا على الواقع الإسلامي والدعوة الى الدولة الإسلامية أيضا ليست جديدة حيث انحراف القائمين عليه بدأ بيوم السقيفة وتجسد اليوم بما تعرف بالخلافة الإسلامية، لقد كان هذا الاعلان برهانا صادقا لأصحاب العقول ان إسلامكم هذا منحرف عن المسار الذي أراده الله تبارك وتعالى فأمامكم طريقين اما الارتداد او البحث عن مشروعية من يقوم بالدولة الإسلامية الحقيقية وهذه هي قوة الحجة على الناس لمن بحثوا في نظرية الامام المهدي المنتظر(عج).

فالارتداد هو منطق الجهلة او النفوس الضعيفة الخاوية او ممن يكابرون بعدم الاعتراف بخطيئة تاريخ من سبق اما البحث فهو منطق أصحاب الهمم والنفوس الأبية في مواقفها وهذا ماتحتاج اليه الدولة الإسلامية الموعودة. هم لهم مشروعهم التخريبي في الأمة سواء بجهلهم او بدعم مخابراتي دولي او تبشيري منظم، ونحن لنا مشروعنا في بناء الانسان واعادة الثقة في شخصيته وعقيدته.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تموز/2014 - 14/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م