إرهابيون في المملكة... ثوار في العراق!

مهند حبيب السماوي

 

ترتبط وسائل الاعلام في العالم العربي، وخصوصا في ممالك وامارات النفط، بإرادات هذه الدول واجهزة مخابراتها واستخباراتها، اكثر من ارتباطها بالمهنية والبحث عن الحقيقة باسلوب موضوعي نزيه وتصوير الواقع وتقديمه للناس على شكل معلومة محضة بحيث تصل فيه للمتلقي على نحو يخلو من التزييف والتضليل والخداع.

لنأخذ نموذج اعلامي حاضر بين يدينا هذه الايام، وهي قناة العربية التي تنتمي للمنظومة الاعلامية السعودية الضخمة التي تتحكم باكثر من 80 بالمئة من اعلام العالم العربي، اذ تقوم المملكة بتمويل هذه القنوات ورسم سلوكياتها ووضع برامجها وتشكيل سياساتها وتتدخل حتى في تعيينات الاعلاميين والاعلاميات فيها.

قناة العربية لديها، وكما هو معروف، موقف واضح وجلي من حكومة العراق والعملية السياسية الجارية فيها منذ سقوط النظام السابق عام 2003، وهو الموقف الذي جاء منسجما مع موقف المملكة العربية السعودية تجاه العراق وشكل انعكاسا لمجمل السياسة السعودية تجاه عراق مابعد صدام الذي امست معادية للعراق ومناوئة لرجال الحكم فيه من الشيعة الاسلاميين الذين يحصلون، على اختلاف احزابهم وتوجهاتهم وميولهم السياسية، على اعلى الاصوات في جميع الانتخابات التي حدثت في العراق.

وفي تغطية قناة العربية وملحقاتها الاعلامية للازمة العراقية بعد احتلال الموصل من قبل عصابات داعش في اليوم العاشر من الشهر الماضي، تجد نموذج صارخ لتعامل وسيلة اعلامية عربية مرتهنة بالدولة التي تموّلها مع القضية العراقية بشكل بعيدا عن المهنية وفي منأى واضح عن الموضوعية الى حد باتت القناة تتصرف على نحو يثير الكثير من الاسئلة حول حجم الحقد والكراهية الموجود في صدور من يمولها ضد العراق، ويفضح تصرفهم الايدي التي تحرك هذه القناة من خلف الستار، ويعري بالتالي سياسات المملكة العربية التي تموّل هذه القناة وتعطيها الاوامر السياسية والاعلامية فيما يتعلق بعملها ضد العراق الجديد.

فمن عدة اشهر وبالضبط منذ اليوم الثالث من شباط الماضي، وبعد ان اصدرت المملكة قرارا ملكيا اعتبرت فيها ان داعش مع تنظيمان متطرفة أخرى ذكرها البيان آنذاك، هي تنظيمات ارهابية، بدأت قناة العربية تضع بعد كلمة داعش، في نشرات اخبارها لفظة " الارهابية" فتصبح...داعش الارهابية!.

وعندما حدثت ازمة احتلال الموصل وجدنا قناة العربية تقوم بعملية " تحريرية" تتعلق بصنع وكتابة وصياغة اخبارها المتعلقة بداعش تقوم على مرحلتين :

الاولى: نزع سمة الارهاب عن تنظيم داعش، الذي لايختلف اثنان على وجه الارض في انها مجموعة ارهابية، فلم تعد تطلق عليه في سياق حديثها عن اجرامه بداعش الارهابية.

الثانية: رفعت اسم داعش اصلا من المعركة والحرب وطرفاها واطلقت مصطلح الثوار حينا وثوار العشائر حينا اخر على المعركة الدائرة بين الحكومة العراقية وبين تنظيم داعش الارهابي الذي يتحرك بدعم اقليمي كبير.

وحينما حدث في بداية هذا الاسبوع هجوم بعض عناصر داعش الإرهابي على منفذ الوديعة، وقيامهم بتفجيرين انتحاريين داخل مبنى في شرورة جنوب السعودية، حينما حدث ذلك لم تبخل وسائل الاعلام السعودية ومنها العربية بالطبع في اعطاء وصف ارهابي على الهجوم ومنفذي الهجوم في حين ان هذه الوسائل نفسها تطلق وصف الثوار على نفس الارهابيين في العراق.

قناة العربية وغيرها من القنوات الاعلامية الاخرى السائرة في درب التضليل والتزييف الاعلامي المنحط باتجاه القضية العراقية، تُؤكد لنا ما نؤمن به على الدوام من ان الاعلام العربي مازال لحد الان في طور الطفولة ومرحلة الحبو باتجاه بناء منظومة اعلامية موضوعية، ولن نقل مستقلة، قادرة على خدمة المواطن العربي وتقديم ونقل صورة الواقع العربي للمواطن كما هي في حقيقتها وليس كما تحاول ان ترسم خرائطها دوائر استخبارات تلك الدول من اجل مصالحها واجنداتها.

[email protected]

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/تموز/2014 - 13/رمضان/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م