العراق وإشكالية شعار التغيير

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: التغيير في جوهره مبدأ سليم، تسعى إليه المجتمعات كي تدخل في قائمة الدول الأكثر تطورا في العالم، ولكن قد تحيط بهذا الشعار إشكالية تتمثل بعدم جدية الطبقة السياسية في التعامل مع جوهر هذا الشعار، فيتحول الى حالة شكلية، ويصبح الكلام خاليا من التطبيق، فيتحول الى نوع من التخدير، أو التزييف، أو الضحك على الذقون، وربما الخداع، حيث يلجأ بعض السياسيين الى طرح شعارات رنانة من اجل كسب الاصوات، بعد ذلك يتخلون عن الشعارات التي وعدوا بها، فتصبح كلمات لا اكثر، و وعود غير قابلة للتطبيق.

ترى هل يعاني العراق من إشكالية الشعارات التي تطرحها الطبقة السياسية؟، وهل هناك سعي جاد نحو تحقيق التغيير المطلوب؟، ثم هل يقوم السياسيون بالخطوات الفعلية الصحيحة، لتطبيق ما وعدوا به، وما رفعوه من شعارات تدعو الى التغيير نحو الديمقراطية الحقيقية وبناء اسس الدولة المدنية ودعم مؤسسات الدولة القوية وانتهاج مبدأ الفصل بين السلطات، واعتماد منهج التداول السلمي السلطة، في الحقيقة هذه كلها شعارات مطروحة على المواطن، من لدن السياسيين، ولكن السؤال الجوهري هو، هل هل هناك خطوات إجرائية حقيقية فاعلة لتحقيق التغيير المعلن عنه، حتى يدخل العراق مرحلة الدول القوية المتطورة والمستقرة.

في واقع الامر لم يحدث شيئا من هذا القبيل، فالنشاط السياسي بين الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية، لا يزال يتسم بالعشوائية، والتناقض والتضاد، وتضييع الجهود، والانشغال بالصراعات والمماحكات والتناقضات، لم نلحظ حتى الآن قواعد ثابتة للعبة الديمقراطية، ولم نجد إلتزاما بها، علما أن الجميع يطرحون شعارات التغيير والتقدم وتدشين عصر الديمقراطية الذهبي، ولكن عندما نأتي الى واقع الحال السياسي، لا نجد شيئا من هذا القبيل، بل تغلب الصراعات المجانية بين الكتل والاحزاب، لدرجة انها تنشغل بمصالحها بصورة شبة تامة، فتنسى مصالح الشعب وخطوات بناء الدولة، والسعي الجقيقي نحو تطبيق شعار التغيير؟.

ما هو المطلوب في ظل هذا الواقع السياسي المتأزم؟.

إن حاجة العراق تبدو أساسية لنظام ديمقراطي حقيقي، ينطوي على عمل سياسي منظم، بعيد عن العشوائية، والانشغال بالصراعات الذاتية واللهاث وراء المنافع المادية والمناصب، والمصالح الآنية، ونسيان الهدف الاستراتيجي المتروك الذي يصب في صالح بناء الدولة القوية المدنية الراسخة، لذلك في مثل هذه المرحلة يحتاج العراق الى شعارات ذات مضامين تدعو الى التغيير الفعلي، القائم على التطبيق، وليس الشعارات المرحلية ذات الطابع المصلحي، وقد لمس العراقيون من بعض العاملين في ميدان الساسة مثل هذا السلوك المؤسف.

فالسياسي صاحب المسؤولية والمنصب لاسيما ممثل الشعب في البرلمان، يغيب عن المواطن طوال اربع سنوات، وهي مدة دورته في الحكومة او المسؤولية، وحينما تقترب ساعة الانتخابات، وتحين ساعة الاختيار، نلاحظ تقرّب الساسة من المواطن، فيقوم بعضهم باعتماد اساليب واضحة كل الوضوح، للحصول على تأييد الناخبين، وعندها يتساءل الجميع أين كان هؤلاء طول اربع سنوات؟ ولماذا يقدمون لنا بعض الخدمات الشكلية في هذا الوقت بالذات؟ إنها في الواقع سلوكيات تنم عن خلل في تفكير السياسي، ونقص في عمق ايمانه بمسؤوليته ازاء الدولة والمجتمع!.

لهذا نحتاج الى عمل سياسي جماعي منظّم لتحقيق شعار التغيير بصورة فعلية، ولكن ينبغي اعتماد المسارات التالية من لدن السياسيين:

- فهم قواعد اللعبة الديمقراطية بصورة جيدة، وفهم قواعدها وشروطها.

- أهمية التزام كل من يعمل في السياسة بقواعد اللعبة الديمقراطية.

- اطلاق شعار التغيير بصورة حقيقية، مع برنامج اجرائي فعلي، قابل للتطبيق السهل الواضح والدقيق.

- اعتماد مبدأ احتواء الصراعات وحل النزاعات، والكف عن حالات التصادم التي تشغل السياسيين عن اداء مهامهم، فينعكس هذا سلبا على المواطنين.

- العمل المتوازن للسياسيين بين مصلحة الذات والمجتمع والدولة.

- القيام بتجسير العلاقات بين الاحزاب والكتل والشخصيات السياسية كافة.

- القبول المتبادل باختلاف الاراء وتشجيع المعارضة البنّاءة وفق المنهج الديمقراطي وقواعده.

- ان تتقدم مصلحة الدولة والشعب على جميع المصالح الفردية او الحزبية او الكتلوية، وأن يؤمن العاملون في السياسة بهذا المبدأ.

- أن يحترم جميع الساسة شعارات التغيير، وان يكون اطلاقها عبر برامج استراتيجية لبناء الدولة، وليس لتحقيق مآرب آنية، أو مصالح فردية أو حزبية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/آيار/2014 - 9/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م