ثورة الموارد

ستيفان هيك، مات روجرز

 

ان العالم على عتبة اكبر فرصة تجارية خلال قرن من الزمان وهي فرصة تنافس الثورة الصناعية الأولى والتي كانت بمثابة نقطة تحول لإنتاجية العمال والثورة الصناعية الثانية والتي عملت على حشد مبالغ غير مسبوقة من رؤوس الاموال من اجل بناء المدن. ان الثورة الجديدة تركز على العنصر الرئيس الاساسي الثالث لعملية الانتاج وهو الموارد الطبيعية.

لقد جاءت هذه الثورة في وقتها فبعد قرون من الاسراف في الانتاج والممارسات الاستهلاكية- ولقد ساعد على ذلك اسعار البضائع الرخيصة والتي انخفضت بمعدل 0،7% سنويا خلال وقت السلم على مر القرن الماضي- فإن العالم بحاجه ماسه لتقنيات تمكن المنتجين والمستهلكين على حد سواء من عمل المزيد باستخدام القليل.

ان الموضوع قد اصبح ملحا بشكل اكبر فاستخلاص الموارد قد اصبح مكلفا بشكل اكبر حيث يتحول الانتاج الى مواقع تنطوي على تحديات لوجستية واحيانا سياسية صعبة وفي الوقت نفسه فإن مستويات تلوث الهواء والمياه والتربة ترتفع بشكل سريع في الصين والهند واندونيسيا والبرازيل وغيرها من الاقتصادات الناشئة.

يتوجب على الشركات من اجل تحقيق اهداف التنمية الخاصة بها ان تعيد التفكير بشكل اساسي بالطريقة التي تقوم بموجبها بدمج التقنيات واستخدام الموارد الطبيعية في عمليات الانتاج لديها وخلال العقدين الماضيين توجب على الشركات تحسين اداءها بنسبة 1-2% سنويا فقط من اجل تحقيق زيادة في الارباح والعديد من تلك الشركات ركزت بشكل حصري تقريبا على انتاجية رأس المال والعمالة وكنتيجة لذلك فإنه حتى اكثر المدراء نجاحا يفتقدون للمهارات من اجل التعامل مع اسواق اليوم محدودة الموارد.

لا تستطيع الشركات في مثل هذه البيئة التنافس على اساس تقنيات وممارسات القرن العشرين (ان لم يكن القرن التاسع عشر). ان هناك قيمة اكبر بكثر في ريادة نماذج اعمال ذات انتاجية اعلى مبينة على اساس خمسة تغييرات رئيسه :

* استبدال المواد المكلفة او السامة او القليلة ببدائل ارخص واكثر فعالية واعلى اداءا واكثر توفرا.

* تضمين برمجيات في الصناعات التي تعتمد بشكل مكثف على الموارد من اجل الاستفادة القصوى من عمليات الانتاج الخاصة بها او منتجاتها.

* جعل العمليات افتراضية اي نقلها من العالم المادي.

* تبني التدوير اي ايجاد قيمة في المنتجات بعد استخدامها الاولي

* التخلص من الاسراف والتبديد

ان الاخبار الطيبة هو انه قد تم تحقيق تقدم فعلا فعلى سبيل المثال يعتبر ازدهار النفط الصخري وصناعة الغاز في امريكا بمثابة نقطة تحول لكامل قطاع الطاقة فيها وذلك عن طريق احدث ثورة في استخلاص الموارد واليوم فإن الحفر ليس فقط عملية قذرة تتميز باستخدام المعدات الثقيلة والطن السام والأبخرة الكبريتية ومع ادخال تقنية المعلومات وتقنية التكسير "الفراكنج" فإن اللاعبين الرئيسين اصبحوا خبراء يستخدمون عصا التحكم والشاشة عالية الدقة من اجل الحفر الدقيق من خلال التشكيلات الجيولوجية .

لقد قامت الشركات بعمل تغييرات رائدة في  قطاعات اخرى . لقد قامت شركة كري آند فيليبس بتطوير تقنيات اضاءة ل ي دي والتي يزيد عمرها الافتراضي بمقدار 23 مره وتتمتع بألوان افضل وتحكم اسهل بالاضافة الى ان تكلفة التشغيل فيها اقل بنسبة 85% مقارنة بالمصابيح المتوهجة.

لقد استخدمت شركة او باور كذلك العلم السلوكي وبرامج الحاسوب التي تعتمد على الشبكات من اجل تحفيز المستهلكين على خفض استهلاكهم من الطاقة بنسبة 2-4% سنويا وهو تغيير بدأ في اعادة تشكيل اسواق الطاقة كما تقوم شركة ديرت (الاسم يشكل الاحرف الاولى من عبارة اعمل الشيء الصحيح هذه المرة) ببناء مكاتب بنصف القيمة التقليدية وذلك من خلال الافتراضية المبنية على اساس برامج الحواسيب وازالة الاسراف والتبديد والاستخدام الامثل لعملية البناء.

ان هذه الابتكارات تعتبر مثالا على امكانية استفادة الشركات من تحسين انتاجية الموارد فاستخدام ادوات توفرها تقنية المعلومات وعلم الاحياء وتكنولوجيا النانو سوف يمكن العالم من زيادة النمو في مجال انتاجية الموارد بمقدار ثلاثة اضعاف اي رفعها من 3 الى 5% سنويا خلال العقدين القادمين.

لكن هذا لا يمكن ان يحصل بدون قيادة قوية ذات فكر تقدمي وهو الامر الذي نفتقده بشده في بيئة الاعمال اليوم فالمدراء اليوم يبدو انهم متفاجئين من رتم التغيير مما يعني انهم يجدون انفسهم متأخرين عن الركب.

على سبيل المثال فقد تجاهل العديد من مصنعي المركبات التحول تجاه المركبات الكهربائية والهجينة -بالرغم من زيادة المبيعات بمعدل اكثر من 50% سنويا- حتى انخفضت مبيعاتهم من السيارات التقليدية بشكل كبير في الاسواق الرئيسة كما ان العديد يشعرون بالصدمة من ان تكلفة الطاقة الشمسية قد اصبحت منخفضه على نحو متزايد مقارنة بتكلفة التقنيات النووية وتقنيات الفحم والغاز بالرغم من ان هذا التحول يتوافق مع التوجه الذي بدأ سنة 1970.

يجب على الشركات ان تولي اهتماما اكبر بالتطورات في الصناعات ذات العلاقة كما يجب على صناع السيارات مراقبة صناعة الالكترونيات الاستهلاكية من اجل تعقب اي تقدم يتم احرازه في مجال تقنية البطاريات كما تحتاج شركات الطاقة لتحليل التطور في اشباه الموصلات من اجل توقع الانخفاض المحتمل في الطلب على الكهرباء بعد اكثر من قرن من النمو.

يجب على الشركات حتى تفوز خلال ثورة الموراد ان توازن بين المدخلات التقنية والمادية والبشرية والرأسمالية مع تبني مقاربة اكثر ذكاءا فيما يتعلق بالتصميم التنظيمي وادارة المواهب وسواء كانت الأولوية هي لتسليط الضوء على البيانات والتحليلات او تشكيل شراكات جديده في قطاعات اخرى من اجل الوصول الى الخبرة المتخصصة فإن الابتكار المكثف وتحقيق اهداف طموحة في الكفاءة هي امور حاسمه.

ان اصحاب المبادرات الذين ينظرون للامام قد بدأوا بالفعل يحصدون ثمار هذه الثورة التي تتحرك بسرعة واولئك الذين يفشلون في التأقلم سوف يفشلون في البقاء وهذا سوف يحصل قريبا.

* ستيفان هيك أستاذ في معهد الاستشارات Precourt للطاقة في جامعة ستانفورد. وهو مؤلف مشارك في كتاب ثورة الموارد: كيفية التقاط الفرص التجارية الأكبر في القرن. مات روجرز، شريك بارز في شركة ماكينزي آند كومباني، وهو مؤلف مشارك في نفس الكتاب

http://www.project-syndicate.org

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/آيار/2014 - 2/رجب/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م