الذئاب العائدة... تفتك بداعمي الإرهاب

 

شبكة النبأ: بعد ان تحولت سوريا الى قبلة الجهاديين التكفيريين الأولى، اخذت اعداد المقاتلين الأجانب، وبالأخص من دول اوربية وغربية، بالتدفق بإعداد كبيرة يصعب السيطرة عليها او تحديدها، مما شكل ازمة كبيرة تهدد بصورة مباشرة امن واستقرار تلك الدول في المستقبل القريب، في حال قرر هؤلاء المقاتلين العودة مجدداً الى بلادهم.

وقد أجرى مركز امريكي مختص دراسة تقريبية لأعداد المقاتلين الأجانب في سوريا من اللذين قاتلوا في سوريا ضد النظام السوري منذ نيسان 2011 وحتى 31 كانون الأول 2013، وظهرت النتائج على النحو التالي:

-  بلغ العدد 248 ألف مقاتل أجنبي، قتل منهم: 58 ألف وغادر مهن 82 ألف وهناك 12 ألف مفقود بينما لازال 96 ألف مقاتل أجنبي يقاتلون مع النصرة وداعش وغيرها من الفصائل المسلحة في سوريا.

- أكبر تجمع للمقاتلين الاجانب حصل في التاريخ حصل بسوريا بواقع 87 جنسية عالمية.

- عدد المقاتلين الذين يحملون جنسيات أجنبية (أوربية وأمريكية) بلغ 12760 عاد منهم 2083 وتم سحب الجنسية من 574.

- السعودية تحتل المركز الاول بعدد المقاتلين الاجانب بعدد 19700 مقاتل قتل منهم حوالي 4000.

ويبدو ان هذا الذهاب الجماعي الى سوريا، يقلق الدول، والخوف من النزوح الجماعي، ايضاً، في حال فشلت المهمة الجهادية هناك، او لم يعد هناك قناعة من قبل المقاتلين بالبقاء في سوريا.

كما يرى معظم المحللين ان العودة الى تلك البلدان قد تكون بتوجيه من قبل امراء وقادة التنظيمات الجهادية، لإحداث خرق في منظومتها الأمنية، من خلال هجمات "الذئاب المنفردة" التي تنفذ العمليات الانتحارية داخل تلك الدول.

إذ يرى بعض المحللين ان الارهاب في سوريا ينتشر مثل النار في الهشيم مما سيشكل خطرا امنيا يتعدى اعتاب البلاد السورية ليصبح إرهاب متنقل ربما يهدد أغلب بلدان العالم، حيث تعمد تلك المنظمات الإرهابية وأبرزها القاعدة على نشر ايدولوجية الجهاد الإرهابي التي تستقطب بها الجهاديين وخاصة من مختلف دول العالم، وتقوم بغسل أدمغتهم وتجنيدهم من أجل مآرب مشبوهة جعلت من سوريا محور الصراع ومرتع الأزمات في الشرق الأوسط.

لذا يحذر الخبراء في مكافحة الارهاب من ان هؤلاء المقاتلين الجهاديين العائدين من مناطق القتال في سوريا يمثلون التهديد الرئيس على صعيد امكان شنهم اعمال عنف على اراضي بلدانهم الاصلية.

العودة الى الاردن

في سياق متصل وعلى مدى ستة أسابيع حارب الجهادي الاردني أحمد محمود في صفوف المقاتلين الساعين لأسقاط الحكومة السورية في وقت سابق من العام الجاري قبل أن يتسلل عبر الحدود عائدا إلى الأردن للعلاج من إصابة لحقت به في الحرب وذلك رغم أن السلطات حذرته من العودة.

وخلال أسبوع وجد المقاتل الملتحي البالغ من العمر 23 عاما نفسه في قفص الاتهام في محكمة عسكرية بتهمة الارهاب التي وجهتها إليه السلطات التي تتزايد صرامتها مع المتشددين ممن يسافرون إلى سوريا للمشاركة في حربها الأهلية.

وهز تزايد أعداد هؤلاء المقاتلين المملكة التي تعتبر الجهاديين العائدين خطرا أمنيا لابد من وأده في مهده كما أنها تريد في ضوء احتمال تغلب الرئيس السوري بشار الاسد على الانتفاضة على حكمه إبقاء القنوات مفتوحة مع حكومة تربطها بها صلات دبلوماسية وتجارية.

ومع استمرار الحرب السورية منذ ثلاثة أعوام بدأ عدد متزايد من الجهاديين الاردنيين العودة للبلاد بعضهم جعله الاقتتال بين المقاتلين الاسلاميين أنفسهم يفيقون من أوهامهم والبعض الآخر عاد طلبا لاستراحة من حرب مرهقة ليس فيها حسم لأي من الجانبين.

وحتى أشهر قليلة مضت كانت السلطات الاردنية أكثر تمييزا في المعاملة بين المقاتلين العائدين فكانت أحيانا تطلق سراح "المخالفين للمرة الأولى" الذين كانت السلطات ترى أنهم تعرضوا للتضليل وذلك بعد أبداء الندم على أفعالهم.

أما الآن فإن مآل كل عائد يقع في قبضة السلطات هو المحاكمة رغم أن أيا منهم لم توجه له تهمة التآمر لشن هجمات داخل الأردن، وتسلط قوائم الاتهام الضوء على استمرار اعتراف عمان بحكم الأسد. وكثير من العائدين متهمون بارتكاب أفعال لا تقرها الدولة تسيء للعلاقات مع السلطات الشرعية في سوريا ويواجهون احتمال الحكم عليهم بالسجن لفترة تتراوح بين عامين ونصف العام وخمسة أعوام بعد محاكمات عسكرية سريعة يقول محامو الدفاع إنها تفتقر إلى الضمانات القانونية الكافية.

ورغم أن والد محمود تطوع بإبلاغ المسؤولين بعودة ابنه إلى الاردن فإن ذلك لم يحل دون استدعائه من المستشفى حيث كان ينتظر دوره لإجراء جراحة على ركبته المصابة وما تلا ذلك من احتجاز أجهزة الأمن له، وقالت آية الله فريحات محامية محمود "سلم الوالد ابنه بموافقته قبل العملية في المستشفى بعد أن اتصل هاتفيا بمسؤولي المخابرات الذين طلبوا تسليمه على الفور".

ويتباين العائدون فمن شباب من أمثال محمود الذي انتفض للقتال بسبب لقطات فيديو للقصف العشوائي من جانب قوات الأسد لمراكز سكنية خاضعة لمقاتلي المعارضة إلى شباب اتجهوا إلى التشدد الاسلامي على أيدي دعاة متشددين ينادون بالجهاد وإقامة الدولة الاسلامية.

وقال مصدر قضائي أردني ملخصا الموقف الرسمي من العائدين من ساحات القتال في سوريا "أنا سمحت لك بالذهاب لكن لا تعود"، وقال المصدر المطلع على سياسة أجهزة الاستخبارات الاردنية وتحدث بشرط عدم الكشف عن اسمه "أغمضنا عيوننا عن ذهابكم، لكن إذا عدتم فسنمسك بكم ونحبسكم".

وانزعجت دول أخرى من بريطانيا وفرنسا إلى السعودية والمغرب من المخاطر الأمنية المتمثلة في عودة مواطنيها من سوريا بعد المشاركة في الحرب، وحظرت السعودية على مواطنيها القتال في الخارج أو التبرع بالمال لأي طرف في سوريا أو ابداء التعاطف مع المتشددين.

وفيما يمثل تذكرة بهواجس عمان من آثار الحرب السورية الأهداف كانت فيما يبدو مجموعة من المقاتلين المسلحين المعارضين للنظام في سوريا تسعى للهرب من القتال مع القوات الحكومية في جنوب سوريا.

يقول اسلاميون اردنيون إن مئات المتطوعين شاركوا في الحرب السورية منذ عام 2011، وقد شجع محمد شلبي أحد القيادات السلفية في الأردن الذي أمضى عشر سنوات في السجن لمخالفات أمنية متشددين على السفر إلى سوريا للمشاركة في القتال لكنه قال إن الموقف الرسمي السابق بالتساهل الضمني قد انتهى.

وقال شلبي المعروف باسم أبو سياف "في الشهر الأخير تقريبا كانوا يرفضون السماح لأي أحد (بالعودة) إلا في الظروف الاستثنائية" التي قد تشمل أسبابا إنسانية، ويقدم المقاتلون العائدون لمحاكمات عسكرية تقول جماعات لحقوق الانسان إن أقوال المتهمين تؤخذ فيها تحت القهر والتعذيب.

وفي إحدى جلسات محاكمته الشهر الماضي جلس محمود على مقعده المتحرك في قفص الاتهام بينما كانت محاميته آية الله فريحات تحاصر ضابط المخابرات الذي حصل على الاعتراف منه بالأسئلة، وقال الضابط للقاضي أحمد قطارنة "لا أذكر ما إذا كان يتألم أم لا عندما سألته عما حدث".

ولا يفصح المسؤولون عن أي أرقام للأردنيين الذين يحاكمون الآن بسبب القتال في سوريا لكن محامين يقولون إن هناك 120 حالة على الاقل وإن المحاكم ازدحمت بسبب زيادة أعداد القضايا، وقال محام إن القضاة اضطروا لعقد جلسات محاكمات في مكاتبهم في مبني تابع لأمن الدولة من طابق واحد في حي ماركا بشرق عمان بسبب نقص قاعات المحاكم.

وميز الموقف الرسمي من المتشددين العائدين من القتال في الخارج الأردن عن بقية جيران سوريا، وتسمح تركيا التي لا تخفي تأييدها لمعارضي الأسد للمقاتلين بالتحرك بحرية عبر الحدود بين شمال سوريا في المناطق الخاضعة لهم والأراضي التركية.

أما العراق ولبنان اللذان لهما حدود غير مرسومة بدقة مع سوريا فلم يمنعا المقاتلين سواء من السنة أو الشيعة من السفر إلى سوريا للمشاركة في الحرب، لكن الاردن ممزق بسبب مصالح متضاربة بشأن سوريا، فقد حاول النظام الحاكم أخذ مسار وسط بين حلفاء من دول الخليج العربية يريدون عزل الأسد بأي ثمن تقريبا ومخاوفه الخاصة التي رددتها واشنطن من أن يؤدي انتصار الاسلاميين المتشددين في سوريا إلى خطر أسوأ.

وهذا الالتباس جعل الأردن يستضيف عمليات تدريب أمريكية على مستوى محدود للمقاتلين السوريين وسمح بتسريب كميات متواضعة من الأسلحة التي قدمتها دول خليجية إلى الاراضي السورية وفي الوقت نفسه يضمن ألا تتحول الحدود إلى ممر سهل لتهريب السلاح والمقاتلين.

وتقول مصادر سلفية إن أكثر من 250 أردنيا لقوا حتفهم في سوريا وهو عدد بسيط نسبيا مقارنة بالقتلى الذين سقطوا في الصراع السوري وتجاوز عددهم 150 ألفا منذ تفجر الانتفاضة في مارس اذار عام 2011. بحسب رويترز.

لكن عمان تحرص على درء أي خطر من عودة متشددين صقلتهم المعارك، وقد طبقت قوانين مكافحة الارهاب التي استخدمت ضد متشددين قاتلوا في العراق خلال الاجتياح الأمريكي عام 2003 أو حاولوا مهاجمة اسرائيل التي تربطها بعمان معاهدة سلام عمرها نحو 20 عاما.

ويؤيد الجناح الاردني لجماعة الاخوان المسلمين الانتفاضة على حكم الأسد لكنه لم يصل إلى حد حث الاردنيين على المشاركة في القتال حرصا على عدم تعريض وضعه في البلاد كقوة المعارضة الرئيسية في البلاد وأحد القوى الداعية للإصلاح الديمقراطي.

وتقول جماعات لحقوق الانسان إنه في حين أن التعذيب الممنهج في سجون الاردن قد تراجع فإن الجهاديين يسجنون في أجنحة منفصلة في جماعات صغيرة معزولة في ظروف أكثر صعوبة حيث يقيد الاتصال بالمحامين والأسر بشدة.

وقال أدم كوجل الباحث بمنظمة هيومن رايتس ووتش "الاردن قطع شوطا كبيرا في اصلاح السجون والقضاء على حالات متكررة من سوء المعاملة الممنهج والتعذيب استمرت سنوات، لكننا مازلنا نسمع عن مخاوف من سوء المعاملة للمحتجزين الجهاديين من السلفيين."

ظاهرة الجهاديين الفرنسيين

فيما بدأت فرنسا تعد العدة لمحاربة ظاهرة "الجهاديين الفرنسيين" الذين يتوجهون لسوريا للقتال في صفوف الجماعات الإسلامية، خاصة أن هؤلاء لا يتورعون في نشر صور مآثرهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وجزء منهم يفصح عن استعداده للعودة إلى فرنسا للقيام بأعمال إرهابية.

بلاد الشام ساحة الجهاد المفضلة لدى "المقاتلين الفرنسيين"، مستقطبة أعدادا فاقت بكثير الأعداد التي توجهت فيما مضى إلى أفغانستان والعراق، ومن بين الجهاديين الفرنسيين الذين توجهوا إلى سوريا الشاب بلال، وهو من مدينة غرونوبل في جنوب شرق البلاد، كان بلال متطوعا في فرق أجهزة الإطفاء بغرونوبل وطالبا جامعيا، وهو يعتبر كأول شهيد لما يعرف بالكتيبة الفرنسية في "جبهة النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة".

وقد قتل بلال في مواجهات مع الجيش السوري النظامي في منطقة ريف حمص، ويظهر بلال في شريط فيديو وهو يدعو مواطنيه للجهاد باللغة الفرنسية: "الله عز وجل لن يسامحكم أبدا إذا بقيتم في منازلكم بينما أخواتنا يغتصبهن، استفيقوا، هلموا إلى الجهاد، سبحان الله وإلى مكافآته التي هي أكثر من فضل صومكم وصلواتكم في بلاد الكفر".

ويقول جهادي آخر من تولوز (جنوب غرب)، مخاطبا مواطنيه بالفرنسية: "الغاية من هذا الفيديو أن يرى الناس حقيقة الأمور وأن أحثكم على مغادرة فرنسا والالتحاق بنا هنا في سوريا"، بلال ليس وحيدا، بل توجه للجهاد في سوريا شباب فرنسيون وعائلات بأكملها، ومن طبقات اجتماعية وأصول مختلفة، ولهذا الواقع تفسيرات عدة، أهمها سهولة التواصل مع الفصائل المقاتلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا سهولة الدخول إلى سوريا، فقد ولت أيام الشبكات السرية، وسوريا ليست صحراء كبرى بل حدودها الشمالية مباحة وهي على مرمى حجر من أوروبا.

ويقاتل فرنسيون وبلجيكيون في صفوف "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) منذ عدة أشهر وأصبحوا مدربون على الحرب والقتال وباتوا يشكلون خطرا على بلدانهم، شارك العديد منهم في معارك أعزاز (شمال سوريا، على الحدود التركية) في مطلع العام 2014 ونراهم في هذا التقرير وهم يواجهون مقاتلين من الجيش السوري الحر والفصائل الكردية.

ويقول أحد المقاتلين: "نحن هنا لتطبيق شريعة الله والحمد لله يهاجمونا بالدبابات وبالمدفعية والكثير من المقاتلين، الحمد لله نحن نقف بوجههم وعددنا لا يتعدى 50 رجلا"، ويقول الصحافي دافيد تومسون مؤلف كتاب "الجهاديون الفرنسيون": "لا يرغب كل الفرنسيين الذين يقاتلون اليوم في سوريا بالعودة إلى فرنسا للقيام بأعمال إرهابية، إلا أن الذين يقاتلون في صفوف الدولة الإسلامية في العراق والشام أبدوا جميعا هذه الرغبة، فكل الذين سألتهم عن ذلك أكدوا لي رغبتهم بضرب أهداف حكومية ومدنية في فرنسا، وهدفهم نقل الحرب إلى فرنسا انتقاما من التدخلات الفرنسية في إفريقيا الوسطى ومالي".

من جهتها تفرض اجهزة الاستخبارات الفرنسية مراقبة دقيقة على العائدين من "الجهاد" في سوريا خشية ان تغفل عن اقلية صغيرة منهم يمكن ان تنتقل الى تنفيذ اعمال ارهابية داخل البلاد، ويتم رصد معظم المغادرين الى سوريا وبعض العائدين منها، لكن عددا من هؤلاء وخصوصا الذين يتوجهون الى الحدود السورية التركية بالسيارة ويعبرون الحدود سرا قد لا تكشفهم اجهزة مكافحة الارهاب التي تخشى ان تواجه مفاجآت سيئة.

وقال خبير في مكافحة الارهاب طالبا عدم كشف هويته ان "القاعدة تقضي بالا يمروا بدون مساءلة عندما يعودون اذ يتم استدعاؤهم واستجوابهم وابلاغهم بانهم مراقبون"، واضاف "لكننا بالتأكيد لا نستطيع ان نكون واثقين من اننا نرصد الجميع والبعض قد يسافرون ويعودون بدون ان نلاحظهم".

وتسمح المراقبة الالكترونية خصوصا لبعض الاوساط او المجموعات وكذلك المساعدة التي تحصل عليها الشرطة من عدد متزايد من العائلات القلقة على ابنائها، في معظم الاحيان بالتدخل لدى الشبان خلال استعدادهم للسفر، لكن طالما لم يقوموا باي عمل غير قانوني، من الصعب ان لم يكن من المستحيل منعهم من التوجه الى تركيا.

ونظرا لقرب "ارض الجهاد" السورية، لا ضرورة لشبكات مثل تلك التي انشئت خلال الحروب في افغانستان والعراق والشيشان اذ يكفي معرفة عنوان الذين تسميهم الشرطة "بالمسهلين" او فنادق متواضعة في المنطقة الحدودية.

وتؤكد مصادر قريبة من اجهزة الاستخبارات الفرنسية ان الاستخبارات التركية تبلغ نظيراتها الاوروبية بشكل دقيق نسبيا بالعائدين، ومن الصعب ان يمر الجهاديون الغربيون بدون ان يكشفوا في المنطقة الحدودية التي تخضع لمراقبة شديدة. بحسب فرانس برس.

وذكر احد هذه المصادر ان الاستخبارات التركية تميل الى ادخال الراغبين في الجهاد المتوجهين الى سوريا بدون مشاورة باريس او بروكسل او لندن، لمحاربة نظام الرئيس السوري بشار الاسد والتسبب بمشاكل للأكراد وتبرير الوجود العسكري، بحسب ما افاد احد المصادر.

وامام لائحة اشخاص يشكلون تهديدا محتملا وهناك عشرة منهم مسجونون، لا تملك اجهزة مكافحة الارهاب وسائل اخضاعهم جميعا لمراقبة دائمة، وهي تضع لوائح تتضمن اسماء هؤلاء بالتسلسل وفق درجة خطورتهم، وقال احد المطلعين على الملف ان "فرض مراقبة ل24 ساعة يوميا على مشبوه واحد يستخدم في بعض الاحيان ثلاثة او ربعة ارقام هواتف مختلفة يتطلب حوالى ثلاثين شرطيا، كيف يمكننا ان نفعل ذلك؟ يجب وضع لائحة اولويات".

وما ان يصلوا الى سوريا، الى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة والمجاورة للحدود التركية، يلتحق معظم الجهاديين الفرنسيين والاوروبيين بجماعات مرتبطة بالقاعدة او تعتنق فكرها، وخصوصا جبهة النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش).

مقاتلون مغاربة

بدورها حالة من الاستنفار تعيشها الأجهزة الأمنية بالمغرب منذ أشهر لترصد المغادرين للتراب الوطني صوب سوريا للقتال إلى جانب فصائل "جهادية"، كما العائدين منها، بعد أن قضوا أياماً أو أشهرا يتجولون في الأرياف المشتعلة بنيران المعارك بحثا عن "الجنة والشهادة"، أو محاصرين في تركيا، بعد أن تبين لهم أن "الجهاد" لم يعد فريضة في أرض دمرتها أسلحة النظام ومزّق أوصالها تناحر الفصائل الإسلامية فيما بينها.

في غياب إحصائيات دقيقة حول عدد المغاربة المتواجدين في سوريا، إلا أن تقديرات الناشطين المقاتلين منهم تتحدث عن أزيد من 800 مغربي، جاءوا من مختلف المدن المغربية، قتل منهم حوالي 120 شخصا، في معارك متفرقة، آخرها ما سمي بـ"معركة الأنفال" ضد الجيش السوري، والتي تجري أطوارها بريف اللاذقية، حيث قتل حوالي 60 مغربيا، زيادة على عشرات الإصابات.

قبل أيام، جرى اعتقال رشيد المليحي العروسي، ابن تطوان وأب لأربعة أطفال والمعتقل السابق لأربع سنوات على خلفية قانون مكافحة الإرهاب، بعد أن قضى حوالي 5 أشهر في سوريا للقتال؛ أبو الرميساء المغربي شارك في بداية مرحلته "الجهادية" مقاتلا في صفوف إحدى فصائل "داعش" (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)، التابعة لتنظيم القاعدة، إلى أن اعتزل "الجهاد" ليتحول إلى العمل الإغاثي على الحدود السورية.

واعتقال رشيد ليس الأول ولا الأخير، فسجن سلا2 المحلي يضم معتقلين سبق اعتقالهم مباشرة بعد عودتهم من سوريا منذ صيف العام الماضي، فيما لا تزال المحاكمات تعقد لإدانة بعض منهم، بموجب أحكام يضمها قانون مكافحة الإرهاب.

في المقابل، سبق للأجهزة الأمنية أن ألقت القبض على مغاربة حاولوا هذه المرة الهجرة إلى سوريا، للالتحاق بزملائهم، الذي أسسوا حرة "شام الإسلامية" قبل سنتَين، فيما بات يعرف بملف " محاولة الهجرة إلى سوريا".

بيان أصدره مجموعة من هذه الفئة، أوضح أنهم فعلا كانوا متوجهين للقتال هناك، مُحيلِين في ذلك إلى اعتناقهم لفحوى فتوى أصدرها علماء مسلمون سُنّة خلال انعقاد مؤتمر لهم بالقاهرة في 13 يونيو المنصرم.

وثيقة جديد صادرة أخيرا عن معتقلين إسلاميين على خلفية "ملف العائدين من سوريا" بسجن الزاكي سلا 1، قالت في عنوانها "ذهبنا لمساعدة الشعب السوري بعدما رأينا ملك البلاد والحكومة المغربية وعلماء الأمة الإسلامية ومنهم مغاربة يدعمون القضية السورية".

الوثيقة، التي اطلعت عليها هسبريس، كشفت عن كون المعنيين غادروا المغرب وتوجهوا لسوريا بعدما "رأينا الشعب السوري يقتّل ويذبّح أبناءه وتغتصب نساؤه"، حيث "ذهبنا من بلدنا المغرب إلى سوريا بمباركة أمنية لمساعدة الشعب السوري، لكن عند عودتنا لأرض الوطن تم اعتقالنا"، تقول الوثيقة ذاتها، المعتقلون، الذي يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 17 مارس الماضي، استندوا في قرارهم السفر إلى سوريا على ما قالوا عنه "أن ملك البلاد ذهب إلى مخيم الزعتري لمساعدة الشعب السوري" و"تم تنظيم اجتماع لأصدقاء سوريا بمدينة مراكش، كذلك تم إصدار فتوى من طرف علماء المسلمين ومنهم مغاربة والذين أكّدوا على أنّه يجب على كل مسلم أن يساعد إخوانه وأخواته في سوريا".

وأضافت الرسالة أنهم قضوا مُدّة من الزمن داخل سوريا لم تتجاوز 6 أشهر، "عند عودتنا إلى أرض الوطن حسبنا أنه سيحتفل بنا لكننا تفاجئنا في المطار بالقبض علينا"، قبل أن يجرى اعتقالهم، ويخوضوا إضرابا مفتوحا عن الطعام طلبا للإفراج عنهم وتبرئتهم من التهم الموجهة إليهم تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/نيسان/2014 - 21/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م