مسلمو أمريكا.. ومحاولة الظفر بمستقبل اقل عدائية

 

شبكة النبأ: يعاني المسلمون في أمريكا من مضايقات وانتهاكات يقوم بها بعض الأفراد والجماعات اليمينية المتطرفة بسبب انتمائهم الديني والعقائدي كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان هذه المضايقات تصاعدت على نحو خطير بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول ومنها الهجمات المتكررة التي تستهدف مواقع دور العبادة وكذلك تحرش ملحدين أمريكيين بالجالية المسلمة في الولايات المتحدة. كل هذه الأمور تسعى للنيل من الإسلام والمسلمين وتشويه صورتهم إعلاميا،، حيث سعت الجماعات المتطرفة الى تعميق العداء وإثارة الكراهية العنصرية ضد الجاليات المسلمة، التي أصبحت اليوم وبحسب البعض تتحمل أخطاء وتصرفات الجماعات السلفية المتشددة التي تقوم باستخدام أساليب العنف والترهيب من اجل فرض أرائها ومعتقداتها البعيدة عن قيم الإسلام الحنيف.

ومنذ أحداث سبتمبر 2001 تغيرت حياة المسلمين في الولايات المتحدة التي عمدت الى استخدام تقنيات التقفي والمراقبة الحديثة للتجسس على المسلمين ومراقبة المساجد والمطاعم والمدارس وغيرها وهو ما أثار غضب وانتقاد الكثير من الجماعات الحقوقية والإنسانية.

فعلى الرغم من اندماج مسلمي الولايات المتحدة في المجتمع بشكل جيد، إلا أن غالبية الأمريكيين يقابلون الدين الإسلامي بالشك، حيث تشن بعض الأوساط الأمريكية بشكل مستمر حملات تحرض على الكراهية ضد المسلمين، بالتعصب والعنصرية، إلا أن كبرى المنظمات الإسلامية، والناشطين في الولايات المتحدة الأمريكية، دعوا للتهدئة، للوصول إلى صيغة، بشأن مكافحة التعصب ضد المسلمين ومواجهته في الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه يسعى المسلمون في ذلك البلد لمواجهة هذا التمييز بالانفتاح والعمل الاجتماعي لظفر بمستقبل اقل عدائية.

انتهاك الحريات الدينية

وفي هذا الشأن فقد أقام إتحاد الحريات المدنية في نيويورك دعوى قضائية على إدارة شرطة المدينة بسبب مراقبتها للجماعات المسلمة متهما الشرطة بانتهاك الحريات الدينية وضمانات المساواة التي يكفلها الدستور. وامتدت مراقبة شعبة الاستخبارات في شرطة نيويورك الى خمسة أقسام إدارية في ولاية نيوجيرزي المجاورة وولايات قريبة أخرى. وتقول ادارة الشرطة ان مراقبة المسلمين قانونية بموجب أمر سابق من محكمة اتحادية.

والدعوى القضائية هي أحدث حلقة في المعركة الدائرة بين ادارة شرطة نيويورك والمدافعين عن الحريات المدنية بسبب أساليب متشددة تتبعها الشرطة مثل ممارساتها في الاستيقاف والتفتيش وهي موضوع لدعوى قضائية اتحادية منفصلة. وتهدف الدعوى التي اقيمت أمام المحكمة الجزئية الأمريكية للحي الشرقي لنيويورك في بروكلين الي انهاء مراقبة الشرطة للمسلمين وتدمير كل التسجيلات الخاصة بالأفراد التي يجري الاحتفاظ بها في اطار برنامج المراقبة وتعيين مراقب مستقل للاشراف على ادارة شرطة نيويورك.

وقالت هنا شمسي مديرة مشروع الأمن القومي في اتحاد الحريات المدنية الأمريكي "حين تحول إدارة للشرطة اناسا يتقيدون بالقانون الى مشتبه بهم لأنهم يترددون على مسجد وليس على كنيسة أو معبد يهودي فانها تنتهك ضمانات المساواة والحرية الدينية التي يكفلها دستورنا".

واقيمت الدعوى القضائية بالنيابة عن مسلمي نيويورك بمن فيهم طالب جامعي من بروكلين ساهم في تأسيس جماعة خيرية اسلامية قال انها تعرضت للاختراق من لادارة شرطة نيويورك. وقال كبير المتحدثين باسم ادارة شرطة نيويورك بول بروني ان جميع خطط الادارة لمكافحة الارهاب قانونية وستستمر. واضاف قائلا "المنتقدون الذين يشيرون الي ان ما تقوم به الشرطة من بحث على الانترنت وزيارة للأماكن العامة أو رسم خرائط للأحياء مخالف للقانون إما انهم لم يقرؤوا المبادئ التوجيهية أو يتعمدون تشويش معناها. بحسب رويترز.

"تلك الانتقادات... لن تردع ادارة شرطة نيويورك عن حماية الناس من اولئك الذين ينوون قتل المزيد من سكان نيويورك." ودافع مسؤولو الشرطة ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج بقوة عن برنامج ادارة الشرطة للمراقبة. وأظهرت استطلاعات الرأي أن الغالبية الساحقة بين سكان نيويورك يرون ان جهود ادارة شرطة المدينة فعالة في مكافحة الارهاب.

مضايقات مستمرة

الى جانب ذلك اعتقل القس الاميركي تيري جونز في فلوريدا عندما كان يستعد لاحراق نحو ثلاثة الاف نسخة قرآن في مناسبة ذكرى الاعتداءات 11 ايلول/سبتمبر حسب ما ذكرت صحيفة اورلاندو سنتينل. واعتقل جونز (61 عاما) في مالبري قرب تامبا في فلوريدا (جنوب شرق) ووجهت اليه تهمة نقل الوقود بشكل غير مشروع وحيازة سلاح ناري بحسب الصحيفة المحلية. ولدى توقيفه كان القس يقود سيارة بيك آب تسحب قاطرة تحتوي على جهاز شواء يحتوي على مصاحف سكبت عليها مادة الكيروسين.

وعلى موقعه الالكتروني اعلن جونز انه ينوي حرق 2998 نسخة قرآن في خليج تامبا في ذكرى ضحايا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر. وتم توقيفه مع القس مارفن ساب قبل دقائق من اقدامه على حرق المصاحف حسب ما قالت الصحيفة. وفي تموز/يوليو 2010 لفت الانتباه لحرقه صفحات من مصحف بمناسبة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001.

على صعيد متصل صدر حكم على رجلين من المنادين بتفوق الجنس الأبيض بالسجن لضربهما رجلين من أصل مصري وسبهما بعبارات مناهضة للعرب في ولاية نيوجيرزي الأمريكية. وقال ممثل الادعاء الأمريكي بول فيشمان في بيان إن الرجلين من أعضاء فرقة الرعب الآرية وخططا للهجوم خلال حفل عطلة "لقاء وتحية" حيث شربا الخمر واستمعا إلى موسيقى تفوق البيض. وحكم قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جويل بيسانو على ميشال جانر بالسجن 33 شهرا وكايل باول 15 شهرا.

وأقر جانر (29 عاما) وهو من ايست وندسور بولاية نيوجيرزي بأنه مذنب بارتكابه جريمة كراهية والتآمر للقيام بذلك. وأقر أيضا باول (24 عاما) وهو من وست كولينجسوود بنيوجيرزي بأنه مذنب بالتآمر لارتكاب جريمة كراهية. وكان يواجه الرجلان السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات بتهم الاعتداء وخمس سنوات بتهمة التآمر.

وقال ممثل الادعاء ان الرجلين انطلقا مع شخص ثالث يدعى كريستوفر إيسينج (31 عاما) من ورتاون بنيوجيرزي في طريقهم إلى مجمع سكني في سايرفيل وكانا يعتزمان الهجوم العشوائي على أفراد من غير البيض. وقال فيشمان إن جانر هاجم رجلين مصريين وهو يلوح بسكين وسحب احدهما من السيارة ولكمه في وجهه ورأسه فأحدث به إصابات. وقال ممثلو الادعاء إن إيسينج هاجم أحد الضحايا بقبضات حديدية. بحسب رويترز.

وقال ممثلو الادعاء انه بعد يومين من الهجوم وضع باول وشما على ذراعه الأيسر يرمز إلى قبوله في مجموعة الكراهية الدولية التي تضم مئات الأعضاء وأكبر تجمع لها في ولاية نيوجيرزي. وقالت ريبيكا كارمايكل المتحدثة باسم ممثل الادعاء الأمريكي في بيان عبر البريد الإلكتروني "هذا المكتب يأخذ على محمل الجد مزاعم العنف والتهديد والتخريب ضد الأمريكيين العرب والمسلمين وغيرهم ممن يتعرضون للتهديد بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو جنسهم أو توجههم."

إحراق مسجد

من جانب اخر حكم على اميركي في اوهايو بالسجن 20 عاما لمحاولته احراق مسجد في الولاية الواقعة في شمال الولايات المتحدة، كما اعلنت السلطات وقال المدعي العام في مقاطعة شمال اوهايو ستيفن ديتيلباك في بيان ان راندولف لين (52 عاما) تمت ملاحقته قضائيا بتهمة ارتكاب جريمة كراهية وقد اعترف بذنبه، مضيفا ان "مرتكبي جرائم الكراهية من امثاله يريدون ان يدمروا ما هو ابعد من المباني، انهم يستهدفون نمط حياتنا".

واوضح البيان ان "هذه العقوبة، السجن لمدة 20 عاما، والدعم الذي قدمته هذه المجموعة لجيراننا المسلمين يظهران ان حرياتنا اقوى من حقد هذا الرجل". واقر المتهم بانه غادر منزله في ولاية انديانا المجاورة وقاد سيارته الى توليدو بهدف تدمير مسجد محلي. واضاف بيان المدعي العام ان المدان ولتنفيذ مخططه وضع في سيارته "العديد من الاسلحة النارية وثلاث صفائح بنزين حمراء" وحاول مرارا الدخول الى المسجد، الى ان نجح في ذلك. وفور دخوله المسجد عمد الى اطلاق النار من مسدسه ثم سكب البنزين على سجادة المسجد واضرم فيها النيران. وبموجب الاتفاق الذي ابرمه مع النيابة العامة فان المدان وافق على دفع قيمة الاضرار التي تسبب بها والتي قد تبلغ مليون يورو.

الشروع في قتل

على صعيد متصل أقر طالب أمريكي يدرس السينما بالشروع في القتل لطعنه سائق أجرة مسلما كراهية في مدينة نيويورك فيما وصفه الادعاء بأنه هجوم مناهض للمسلمين. ويواجه مايكل انرايت (24 عاما) عقوبة السجن تسع سنوات ونصف السنة حين يصدر عليه حكم في وقت لاحق. وقال الادعاء إنه بعد أن استوقف انرايت سيارة أجرة في مانهاتن سأل السائق ويدعى احمد شريف عما اذا كان مسلما.

وأضاف أنه حين رد شريف قائلا إنه مسلم حاول انرايت ذبحه بسكين وطعنه في الوجه والذراعين واليدين وتفوه بعبارات مناهضة للمسلمين. ونجا شريف من الهجوم وظهر فيما بعد مع رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج في مؤتمر صحفي قال خلاله إنه يعتقد أن الدافع وراء طعنه هو ديانته وحسب. وقال الادعاء إن الهجوم ترك ندوبا دائمة على وجه الضحية ورقبته وذراعه. بحسب رويترز.

وقال المحامي العام لمانهاتن سايروس فانس في بيان بعد جلسة لنظر قضية انرايت في المحكمة العليا للولاية بمانهاتن "الضحية وهو من بنجلادش واب لأربعة ابناء يعمل ويعيش في مدينتنا التي تتسم بالتنوع منذ قرابة ثلاثة عقود." واضاف "لا مكان للتعصب الأعمى في مدينة نيويورك."

وأقر انرايت وهو من نيويورك بتهمة الشروع في القتل كجريمة كراهية وتهمة الاعتداء كجريمة كراهية. ولم يرد محام عن انرايت على الفور على طلب بالتعليق. وكان دفاع انرايت قد ذكر أن موكله يعاني من اعتلال ما بعض الصدمة عقب رحلة الى أفغانستان.

جدل في جامعة كاليفورنيا

في السياق ذاته اختارت جامعة كاليفورنيا طالبة أمريكية مسلمة لمقعد الطلبة في مجلس أمنائها في خطوة قوبلت بالرفض من جماعات يهودية اعترضت على نشاطها المؤيد للفلسطينيين. وستصبح الطالبة سعدية سيف الدين (21 عاما) التي تدرس الرعاية الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا العريقة في بيركلي أول طالبة مسلمة تدخل مجلس الأمناء الذي يضم 26 عضوا وتستمر عضويتها عاما اعتبارا من 2014.

واعترضت جماعات يهودية من بينها مركز سيمون فيزنتال الشهير بشدة على تعيين سعدية وعزت اعتراضها إلى مشاركة الطالبة في حملة لوقف تحويل أموال الجامعة إلى شركات لها علاقات عمل مع الجيش الإسرائيلي. وقال الحاخام ارون هير من مركز فيزنتال الذي طلب من أعضاء مجلس الأمناء رفض شغل سعدية للمقعد "في عام كانت فيه قضايا الحرم الجامعي هي المسيطرة على نظام جامعة كاليفورنيا يصبح التصويت لصالح تعيين من عملت لاستقطاب الآلاف والآلاف من الناس في مجتمع الحرم وما وراءه أمر صادم." وأضاف "كان من الممكن أن يخدم مرشح مسلم مناسب في هذا الموقع. لا نعتقد أن سعدية هي هذا المرشح المناسب." بحسب رويترز.

ورغم الاعتراضات صوت 25 من أعضاء مجلس أمناء الجامعة لصالح تعيين سعدية بينما امتنع عضو واحد عن التصويت مشيرا الى أنشطة الطالبة التي أحدثت انقسامات. وقالت سعدية المحجبة بعد التصويت "أشعر بسعادة غامرة وأتشوق للغاية لهذا المنصب." وفي خطاب قبول العضوية قالت سعدية إنها تأمل في أن تجعل نظام الجامعة متاحا للمزيد من الطلاب.

تعريف مصطلح الجهاد

على صعيد متصل أطلقت مجموعة من الناشطين المسلمين الأمريكيين حملة إعلانية لإعادة تعريف كلمة "جهاد،" التي تم تشويهها على يد المتشددين الإسلاميين، والجماعات المعادية للإسلام. وتستخدم الحملة الإعلانات المطبوعة ووسائل الإعلام الاجتماعي لتثقيف العالم بالمعنى الحقيقي للكلمة، التي يتم تعريفها في قاموس "ميريام ويبستر" على أنها: "حرب مقدسة باسم الإسلام كجزء من الواجب الديني،" أو "مقاومة ذاتية دفاعا عن الإسلام تتضمن جانبا روحانيا،" أو "حملة تعتمد على الاعتقاد الديني."

ولعل الجدل الحقيقي يأتي من التركيز على مبدأ "الحرب المقدسة،" والتي غالبا ما يتم فهمها بطريقة خاطئة من قبل المتشددين الإسلاميين، الذين يستخدمونها كحجة للأعمال التخريبية، ومن قبل الجماعات المعادية للإسلام، التي تستخدمها لبث الرعب في قلوب غير المسلمين. وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، إن كلمة "جهاد" تعني "المقاومة من أجل هدف نبيل." وأضاف أن الحملة ستنطلق في 25 حافلة بمدينة شيكاغو، وسيتم توسيعها لاحقا لتشمل سان فرانسيسكو. بحسب CNN.

وتصور الحملة مجموعة من المسلمين وغير المسلمين وهم يعرّفون أشكال المقاومة الشخصية التي يمرون بها، فتظهر إحدى الفتيات وهي ترتدي الحجاب وتحمل الكاميرا، وقد كتب إلى جانبها: "جهادي هو التقاط الحقيقة، حتى وإن لم ترق للآخرين." وقد تم إطلاق الحملة عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، عبر توجيه المستخدمين إلى كتابة تجاربهم الشخصية فيما يتعلق بالمقاومة والجهاد، وأكد القائمون على الحملة استلامهم حتى اليوم عشرات الآلاف من التغريدات، ورسائل فيسبوك المشجعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 21/نيسان/2014 - 19/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م