الإخوان المسلمين محليا ودوليا.. خلف القضبان

 

شبكة النبأ: تواجه جماعة الإخوان المسلمين وبسبب سياساتها المتخبطة على استغلال الدين كغطاء رسمي من اجل توسيع نفوذها واقصاء الاخرين، مشاكل وتحديات عديدة كما يقول بعض المراقبين، الذين اكدوا على ان هذه الجماعة التي تأسست على يد حسن البنا عام 1928 وبسبب افكارها وتحركاتها التوسعية، أصبحت تشكل مصدر قلق للعديد من الدول الحكومات التي سارعت الى وضع قوانين وقرارات خاصة، تحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وابعادها عن المشهد السياسي واعتبارها تنظيم ارهابي كما حصل في مصر، وهو ما قد يكون مقدمة لنهايتها في العديد من الدول التي اصبحت تستشعر خطر الاخوان.

في حين رأى آخرون أن تلك القرارات تبعات اخرى خصوصا وان هذا التنظيم هو تنظيم دولي متفرع في الكثير من الدول وهو ما قد يدفع الى توسيع دائرة العنف المسلح واعتماد  خطط جديدة في سبيل استعادة السلطة وزعزعة الامن او لأهداف اخرى. وفي هذا الشأن فقد امرت محكمة مصرية السلطات المختصة بمنع اعضاء جماعة الاخوان المسلمين من الترشح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، ذلك حسبما افاد محامي والاعلام الرسمي.

ويأمر حكم محكمة الأمور المستعجلة بمحكمة الإسكندرية الابتدائية الحكومة المصرية واللجنة العليا للانتخابات، بمنع ترشح أي عضو منتمي لجماعة الإخوان المسلمين او انشق عنها للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية المقبلة وعدم قبول اوراق ترشحهم. وجاء الحكم في الجلسة الثالثة للقضية التي اقامتها الجبهة الشعبية لمناهضة اخونة مصر المعارضة للإخوان المسلمين. وقال المحامي طارق محمود المستشار القانوني للجبهة "قدمنا مستندات وفيديوهات وصورا تثبت تورط الاخوان في اعمال عنف وارهاب". واضاف "لذا من غير المعقول أن يتم قبول اوراق ترشح قيادات الاخوان بعد ان تم ادراج الجماعة بقرار حكومي ضمن الجماعات الإرهابية او ان يقود الاخوان البلاد او يمثلون الشعب في البرلمان بعد كل ذلك".

واعتبرت الحكومة المصرية الاخوان المسلمين "تنظيما ارهابيا" بعد تفجير بسيارة ملغومة استهدف مديرية امن الدقهلية في دلتا النيل وقتل 15 شخصا معظمهم من رجال الامن في كانون الاول/ديسمبر الفائت. وفي ايلول/ سبتمبر الفائت، قرر القضاء المصري حظر نشاط جماعة الاخوان المسلمين وكل المؤسسات المنبثقة عنها والتحفظ على كل اموالها ومقراتها.

واطاح الجيش بقيادة السيسي بالرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي المنتمي للإخوان بعد مظاهرات شعبية حاشدة عبر البلاد احتجاجا على السنة التي قضاها في الحكم والتي اتسمت بالاضطرابات السياسية وسوء الاوضاع الاقتصادية. ومنذ ذلك الحين، تشن السلطات المصرية حملة واسعة على انصار مرسي خلفت نحو 1400 قتيل معظمهم من الاسلاميين، بحسب منظمة العفو الدولية. بحسب فرانس برس.

واعتقل اكثر من 15 الف اغلبيتهم الساحقة من اعضاء الاخوان على راسهم قيادات الصف الاول في جماعة الاخوان المسلمين الذين يواجهون محاكمات باتهامات مختلفة. وحكم على العشرات منهم بالإعدام في محاكمات وصفت من منظمات حقوقية دولية بانها "سريعة وغير عادلة".

في المقابل، قتل نحو 500 من افراد الجيش والشرطة في اعتداءات استهدفت الامن المصري منذ عزل مرسي بحسب بيان للحكومة. وتزايدت اخيرا الهجمات المسلحة على حواجز الشرطة والجيش في مختلف مدن البلاد وخصوصا في القاهرة ومحافظات الدلتا.

نفوذ الإخوان

في السياق ذاته كثفت الحكومة المصرية حملة للحد من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين بالمساجد وقالت إنها صرحت لأكثر من 17 ألفا من خريجي الأزهر ومعاهد تابعة لوزارة الأوقاف بإلقاء خطبة الجمعة "حتى لا تقع (المساجد) في أيدي المتشددين." وتحاول الحكومة المدعومة من الجيش فرض المزيد من السيطرة على المساجد منذ أعلن الجيش عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو تموز بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

وجاء في بيان أصدرته الحكومة أن خطوتها استهدفت "إحكام إشراف الوزارة (الأوقاف) على جميع مساجد مصر حتى لا تقع في أيدي المتشددين وغير المؤهلين الذين يخرجون بها عن مسارها." وأضاف البيان "الدعوة إلى توظيف حزبي أو مذهبي (للمساجد) يضر بمصلحة الوطن ويؤدي إلى انقسامه والإضرار بأمنه الفكري ونسيجه الاجتماعي."

وكان وزير الأوقاف قال في وقت سابق إن الوزارة ستمنع غير المصرح لهم بالخطابة من اعتلاء المنابر. ولوقت طويل كانت مساجد كثيرة في مصر ساحات لنشاط التيار الإسلامي. وقال البيان الذي أصدرته الحكومة إن التصريح للخطباء الجدد بإلقاء خطبة الجمعة "خطوة كبيرة تجاه سد العجز في الخطباء المؤهلين" مشيرا إلى أن عدد من حصلوا على تصريح بإلقاء خطبة الجمعة يزيد بخمسة آلاف على نحو 12 ألف خطيب استبعدتهم السلطات من إلقاء الخطبة في الفترة الماضية وتقول الحكومة إنهم لم يكونوا من الأزهريين. بحسب رويترز.

وكان وزير الأوقاف قال إن هدفه هو منع 55 ألف خطيب غير مرخص لهم من اعتلاء المنابر. وقال الوكيل الأول لوزارة الأوقاف محمد عبد الرازق عمر إن الحكومة ستتخذ خطوات تنفيذ خطة التصريح للخطباء الجدد مضيفا "روعي في اختيارهم أن يكونوا ممن يتبنون الفكر الوسطي لا يميلون يمينا أو يسارا وألا يكون لأي منهم انتماء سياسي." وأضاف أن الوزارة تبحث التصريح لخمسة آلاف آخرين بإلقاء خطبة الجمعة في مساجد بناها أشخاص تعرف بالمساجد الأهلية.

الحظر في بريطانيا

الى جانب ذلك حذرت جماعة الإخوان المسلمين من أن حظرها في بريطانيا بسبب مخاوف من احتمال وجود صلات بينها وبين أعمال عنف في أعقاب قرار مصر والسعودية اعتبارها منظمة ارهابية. وقالت الجماعة في بيان أصدرته إنها ستتعاون مع السلطات بكل شفافية في المراجعة التي أمر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بإجرائها لكنها ستطعن في "أي محاولة غير ملائمة لتقييد نشاطها" أمام القضاء البريطاني.

وقال البيان إن الجماعة تشعر بالقلق لان المراجعة سيقودها السفير البريطاني في السعودية جون جينكنز. وكانت السعودية أدرجت الجماعة على لائحة المنظمات الارهابية بعد خطوة مماثلة اتخذتها مصر. وقال البيان الذي أصدره مكتب الجماعة الصحفي في لندن "من المهم ألا تنحني الحكومة البريطانية للضغوط من الحكومات الأجنبية التي يقلقها سعي شعوبها للديمقراطية."

وقدمت السعودية لمصر مليارات الدولارات لدعم اقتصادها في أعقاب الاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي عقب احتجاجات شعبية ضخمة على حكمه في العام الماضي. وردا على سؤال عن سبب اختيار جينكنز قالت متحدثة باسم كاميرون إن السبب هو أن المراجعة ستتركز على نشاط الجماعة في المنطقة وليس مصر وحدها وأن جينكنز له دراية عميقة بالشرق الاوسط.

وقالت بريطانيا التي تعمل في أراضيها منظمات عديدة لها صلة بالإخوان إن المراجعة ستشمل بحث كل اتهامات الزعماء العرب أن الجماعة لها صلة بالعنف. من جانب اخر نفى إبراهيم منير، عضو مجلس الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين والمقيم في بريطانيا، أن يكون قد وجه تحذيرا للحكومة البريطانية من زيادة خطر الهجمات الإرهابية في حالة حظر الجماعة في بريطانيا.

وكانت صحيفة التايمز البريطانية قد نقلت عن منير قوله "لو فرض الحظر، سيجعل ذلك كثيرا من الناس في المجتمعات الإسلامية يعتقدون أن قيم الإخوان المسلمين السلمية لم تفد، وأن الإخوان صنفوا الآن جماعة إرهابية، وهو ما يفتح الباب لكل الاحتمالات". وردا على سؤال الصحيفة عما إذا كانت الاحتمالات تشمل العنف، أجاب منير بأن "أي احتمال" وارد.

واعتبرت الصحيفة في عنوان مقابلتها مع منير أن تصريحاته تعني أن حظر الإخوان "سوف يزيد خطر الإرهاب". وكان عدد من قادة ونشطاء الإخوان المسلمين المصريين قد لجأوا إلى بريطانيا بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي. واعتبر القيادي الإخواني أنه من الخطأ الحكم على الشخص أو حظره حتى لو كان يحمل فكرا يراه البعض متطرفا ولم يرتكب أي عمل عنيف. وقال" الحكم على الإنسان بالفكر حتى لو كان يوصف بالعنف دون ارتكاب فعل عنيف أمر يخالف حقوق الإنسان في أي مكان في الدنيا".

وكان قرار كاميرون بإجراء مراجعة بشأن الإخوان قد أثار جدلا في بريطانيا وخارجها. ولم تستبعد تقارير إعلامية إمكانية فرض حظر على الجماعة في لندن. إلا أن منير قال "ليس لدينا معلومات أو إشارات على الإطلاق بأن بريطانيا ستحظر الجماعة". وأضاف الإخوان موجودون في بريطانيا كأفراد وليس كجماعة.

وحسب قرار كاميرون فإن المراجعة البريطانية هي حكومية داخلية، وأحد أهدافها هو "النظر في فلسفة وقيم وسياسات وسجل المنظمة في الحكم وخارج الحكم، وفي صلاتها المزعومة بالتطرف."

ومن المقرر أن تبحث المراجعة أيضا في أنشطة الإخوان في المملكة المتحدة، وكيفية تأثيرها على أمن بريطانيا القومي وسياستها الخارجية بما في ذلك علاقاتها مع الدول في الشرق الاوسط. بحسب بي بي سي.

وعبر القائد الإخواني، المقيم في لندن من سنوات طويلة، عن ثقته في العدالة في بريطانيا. وقال "اعتقد أن مؤسسة العدالة والديمقراطية في بريطانيا لا يمكن أحد أن يطعن فيها". وتؤكد الحكومة البريطانية أنه ليس للمراجعة، التي سوف يجريها فريق يشمل ممثلين عن اجهزة الأمن والدبلوماسية بقيادة السفير البريطاني الحالي في السعودية، أي طابع قانوني أو قضائي. وقال منير إنه إذا كان لدى أجهزة الأمن معلومات ضد أي شخص فعليها أن تتخذ الإجراءات القانونية ضده.

حفيدة البنا وانقاذ الإخوان

من جهة اخرى فهناك دائما بمنزلها سرير إضافي لاستقبال من قد تدفعه الظروف من الأصدقاء للفرار من السلطات .. إنها وفاء حفني أستاذة الأدب الإنجليزي التي تحث شباب جماعة الإخوان المسلمين على التمسك بالنهج السلمي ورفض العنف. ووفاء حفني (47 عاما) هي حفيدة حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. وهي من الشخصيات المؤثرة القليلة التي ما زالت مطلقة السراح من جماعة الإخوان المسلمين.

وتسعى لإثناء الجيل الأصغر سنا من أنصار الجماعة عن رفع السلاح في وجه واحدة من أعنف الحملات على الجماعة في تاريخها الممتد 86 عاما. وقالت "كلما زادت ضغوط الدولة علينا كان لزاما علينا أن نلتزم بالنشاط السلمي. هذا هو ما يمنحنا القوة. العنف سيكون خطرا جدا علينا." وتابعت "هناك بعض الإسلاميين الشبان وغيرهم يحاولون دفع شبابنا لانتهاج العنف. وعلينا أن نحول دون ذلك."

وترى أن اللجوء للعنف سيكون كارثيا لأنه سيفقد الجماعة موقفها الأخلاقي وسيعطي الحكومة ذريعة لشن حملة أعنف. ولإعطاء الشباب متنفسا تنظم وفاء حفني اجتماعات سرية يمكنهم من خلالها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وكتابة نصوص أفلام وتصميم شعارات مناهضة للحكومة.

ويرسم صغار ربما لا يتجاوز عمر بعضهم العشر سنوات عبارات على الجدران تسخر من المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع السابق الذي أعلن عزل مرسي بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. واستقال السيسي من منصبه ليترشح في انتخابات الرئاسة. وعن نشاطها تقول وفاء حفني التي تقيم في أحد أحياء الطبقة المتوسطة "بدأ هذا في تحريك الأمور وإعطاء أفكار.. دفع الناس لمواصلة العمل بحيث يمكنهم اكتشاف أفكار جديدة."

وأخرجت وفاء حفني أيضا مسرحية لعب أدوارها شبان من الإخوان وتدور حول فكرة بسيطة وطموحة.. الحركة ستعود إلى السلطة يوما ما وسيواجه السيسي محاكمة عسكرية. ربما لا تكون مثل هذه المبادرات كافية لكبح شبان جماعة الإخوان التي اكتسبت قدرا من الشعبية بسبب تقديم خدمات اجتماعية للفقراء. وبخلاف الحملة الأمنية يواجه شباب الإخوان تحديات كثيرة أخرى. فالإعلام الرسمي يصورهم في صورة الارهابيين كما ألقت السلطات بالالاف من زملائهم في السجون بالاضافة إلى أن الوظائف أصبحت في غاية الندرة في المناخ الاقتصادي القاتم.

وقالت وفاء حفني إن نفوذ الأعضاء المسجونين يتضاءل في حين بدأت قيادات جديدة تظهر وتمنح الشباب قدرا أكبر من النفوذ في كيفية إدارة الحركة. وفي بادرة على أن الحرس القديم في الجماعة يتفهم مخاطر التشدد أصدر محمود حسين الامين العام للاخوان المسلمين من المنفى بيانا طويلا أكد فيه على التاريخ السلمي لنشاط الاخوان ورفض استخدام العنف. وهذا البيان أعلى رسالة من شخصية رفيعة من الاخوان لا تقبع وراء قضبان السجون.

وفي مقهى بوسط القاهرة قال عضو بالجماعة لم يذكر سوى اسمه الاول محمد إن بعض قيادات ما وصفها بالخلايا الشبابية أبلغوه أنهم يبحثون استخدام القوة المميتة ضد رجال الشرطة ممن تلطخت أيديهم بالدماء. وقال محمد إنه تعرض للتعذيب في السجن مضيفا "نحن نعلم أين يعيش هؤلاء الناس." وقال عضو ثان طلب عدم نشر اسمه "طبعا بعض الشباب سيرغب في الانتقام وحوادث القتل تتم على أساس فردي."

ورغم معارضة وفاء حفني الشديدة للجوء للعنف فقد قالت إنها تعتقد أن من الواجب فضح رجال الأمن الذين أساءوا معاملة المعتقلات من أعضاء جماعة الاخوان. وقالت "نحن نطارد رجال الأمن الذين يغتصبون (نساء). فنرسل لهم رسائل ونكتب على بيوتهم. ونقول والدك أو ابنك فعل كذا. وهذا سيدفعهم للتوقف."

ونفى اللواء أحمد حلمي من إدارة الاعلام بوزارة الداخلية كل ادعاءات الاخوان عن التعذيب والاغتصاب. وقال "نحن نطلب من أي سجين لديه شكوى أن يقدم شكوى رسمية وسنحقق فيها بنزاهة وحتى يثبت ذلك فهذا كله كلام بلا أدلة." بحسب رويترز.

وقالت وفاء حفني الاستاذة بجامعة الازهر إنها تذكر نفسها دائما بالمخاطر التي تواجهها بسبب عملها مع الاخوان. وأضافت أن رجال شرطة سريين يطلبون معلومات عنها من جيرانها في بعض الاحيان. وهي تستخدم طرازا قديما من الهواتف المحمولة تعتقد أنه لا يمكن التنصت عليه. وسئلت لماذا هي مطلقة السراح حتى الان فابتسمت وتذكرت جدها الذي اغتيل عام 1949. وقالت "هذا حب من روح حسن البنا. كما أن أمي تدعو لي كل يوم."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/نيسان/2014 - 17/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م