العنف الأسري.. جريمة مستفحلة مع غياب الردع

 

شبكة النبأ: أصبح العنف الأسري ظاهرة تتقاسمها دول العالم مجتمعة، فقد تزايدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب الضغط النفسي والإحباط وتغير نمط الحياة والذي كان سببا رئيسا في حدوث الكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية، هذا بالإضافة الى باقي العوامل الأخرى التي أسهمت بتغير طباع الفرد كانتشار الحروب والخلافات وتدهور الأوضاع الاقتصادية وضعف القوانين المطبقة، التي كانت دافع مهم لارتكاب العديد من الجرائم الأسرية.

ويعرف بعض المتخصصين في هذا الشأن العنف الأسري بانه الإساءة الأسرية، أو الإساءة الزوجية شكل من أشكال التصرفات المسيئة الصادرة من قبل أحد أو كلا الشريكين في العلاقة الزوجية أو الأسرية. بعدد من الأشكال منها الاعتداء الجسدي "كالضرب، والركل، والعض، والصفع. والرمي بالأشياء وغيرها". أو التهديد النفسي بالشتم ناهيك عن الاعتداء الجنسي في بعض الاحيان، أو السيطرة أو الاستبداد أو التخويف، أو الملاحقة والمطاردة. أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال، أو الحرمان الاقتصادي، وقد يصاحب العنف الأسري حالات مرضية كإدمان الكحول والأمراض العقلية، التوعية تعتبر من الأمور المساعدة في علاج العنف الأسري والحد منه.

وتختلف معايير تعريف العنف الأسري اختلافاَ واسعاَ من بلد لبلد ومن عصر لآخر. لا يقتصر العنف الأسري على الإساءات الجسدية الظاهرة بل يتعداها ليشمل أموراَ أخرى كالتعريض للخطر أ والإكراه على الإجرام أو الاختطاف أو الحبس غير القانوني أو التسلل أو الملاحقة والمضايقة.

وعلى الرغم من كل الجهود التي تقوم بها الجهات المسئولة فأنها تتصدى بنسب ضئيلة جدا مقارنة بانتشار هذه الظاهرة العالمية.

فيما ينصح الخبراء بهذا الشأن يجب على الجهات المسئولة تطبيق معادلة من مصدرين: ثقافي تربوي، وقانوني تشريعي، وأن مقاومة العنف يحتاج إلى سن تشريعات وتفعيلها، وكذلك الحاجة الماسة الى التربية والتوعية والإصلاح.

جرائم وحشية

وفيما يخص بعض تلك الجرائم فقد قالت الشرطة ان رجلا في فلوريدا قتل زوجته وابنه مستخدما القوس والسهم في منزلهم بمنطقة ميامي قبل ان يقطع مئات الأميال بالسيارة الى تالاهاسي ويطلق سهما على ابنه الأكبر فيصيبه ثم ينتحر بعد ذلك في غرفة بأحد الفنادق.

وقال مكتب قائد شرطة بروورد في بيان إن المسؤولين في الولاية الواقعة جنوب شرق الولايات المتحدة يحاولون حل لغز الجريمة التي استمرت أحداثها ثلاثة أيام وبدأت عندما قتل بيدرو مالدونادو زوجته مونيكا (47 عاما) وابنه بيدرو (17 عاما) مستخدما القوس والسهم في ضاحية ويستون.

وقاد الرجل (53 عاما) سيارته بعد ذلك لمسافة 724 كيلومترا الى تالاهاسي في أطراف الولاية وأطلق سهما على ابنه الأكبر خوسيه (21 عاما). وقال مكتب قائد شرطة بروورد "حاول اصابته بالسهم لكن خوسيه أدار وجهه فأصاب السهم أذنه. ثم حاول ابيه خنقه لكن خوسيه قاوم ونجح في الافلات من الاب الذي هرب." بحسب رويترز.

وقال البيان إن الابن الطالب في جامعة فلوريدا الحكومية لم يبلغ عن الهجوم. وقام صديق اتصل به مالدونادو في وقت لاحق بابلاغ المسؤولين الذين تتبعوا سيارته حتى الفندق الذي نزل به في ليك سيتي على بعد نحو 160 كيلومترا شرقي تالاهاسي. وعثر فريق البحث على الرجل منتحرا في دورة المياه بغرفته في الفندق.

قتل الأطفال

في السياق ذاته اقدم رجل باكستاني مقيم في دبي على قتل ابنتيه البالغتين من العمر سنتين وسبع سنوات خنقا، قبل ان يرسل لزوجته رسالة الكترونية تمنى لها فيها "حياة افضل" وينتحر في بركة السباحة، على ما ذكرت الصحف المحلية. وذكرت صحيفة "ذي ناشنل" ان الرجل البالغ من العمر 40 عاما، خنق ابنتيه في الحمام ثم ارسل رسالة الكترونية الى زوجته كتب فيها انها "تستحق حياة افضل من التي يمنحها اياها" وانه قرر قتل الطفلتين وقتل نفسه لانه "لا يوجد احد للاعتناء بهما من بعده". وتمنى الرجل لزوجته "حظا موفقا وحياة افضل". وبعدما بعث بالرسالة الالكترونية الى زوجته، اغرق نفسه في بركة السباحة.

على صعيد متصل لقيت طفلة اردنية في الحادية عشرة من عمرها حتفها بعد تعرضها للضرب المبرح على يد والدها اثر اتهام مدرستها لها بالسرقة، بحسب ما افاد مصدر امني. وقال المصدر ان "الطفلة (11 عاما) وهي طالبة مدرسة لقيت حتفها على يد والدها الاربعيني الذي ضربها ضربا مبرحا بعد ان اتهمتها مدرستها بالسرقة".

واوضح ان "المدرسة ابلغت الاب ان ابنته قامت بالسرقة فضربها ضربا مبرحا ترك اثاره على جسدها"، مضيفا ان "الاب عاد لابنته ليصالحها بعد ان هدأ، لكنه وجدها في غيبوبة فنقلها الى مستشفى الزرقاء الحكومي (23 كلم شمال شرق عمان) حيث وصلت متوفية". بحسب فرانس برس.

واشار المصدر الى ان "العائلة ادعت في البداية ان الطفلة سقطت عن الدرج، الا ان التحقيق كشف حقيقة ما حصل". ووجه مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى، بحسب المصدر، تهمة "الضرب المفضي الى الموت للاب الذي تقرر توقيفه 15 يوما على ذمة القضية".

وتترواح عقوبة المتهم في حال ادانته بهذه التهمة بين السجن لثلاثة اعوام والسجن لخمسة عشر عاما. واشارت ارقام رسمية عام 2013 الى ان ثلث اطفال وفتيان وشباب الاردن تحت سن 19 عاما، وعددهم يزيد عن ثلاثة ملايين، تعرضوا الى اساءة جنسية بمختلف اشكالها، كما تعرض 80 % منهم لاشكال من العنف الجسدي.

أب مراهق

من جهة أخرى قالت الشرطة أن أبا مراهقا من شمال كاليفورنيا اعتقل للاشتباه في أنه قضم طرف أنف ابنه الرضيع في نوبة غضب جراء بكاء الطفل. واحتجزت الشرطة الأب المراهق جوشوا كوبر البالغ من العمر 18 عاما للاشتباه في تعامله بوحشية وإلحاق أذى شديد بالطفل في مدينة فيرفيلد الواقعة شمال شرق سان فرانسيسكو.

وقال المتحدث باسم شرطة فيرفيلد تروي أوفيات في بيان صحفي إن الشرطة علمت بالحادث في أعقاب اتصال "هستيري" من أم الرضيع حديث الولادة والتي تبلغ من العمر 17 عاما وأن الفحوصات الأولية تشير إلى أن الرضيع كان ينزف من أنفه. وأضاف أوفيات "قطع الثلث الأمامي من أنف الطفل" وأضاف إنه تم نقل الطفل بسرعة إلى مستشفى محلي ثم نقل فيما بعد إلى مركز أحباث ومستشفى الأطفال بأوكلاند بسبب خطورة جراحه. بحسب رويترز.

وقال السارجنت صامويل رولاند من شرطة فيرفيلد إن جمجمة الطفل تعرضت للكسر هي الأخرى وإن مخه كان ينزف. لكن رولاند قال إن المحققين لم يعرفوا بعد السبب وراء هذه الإصابات. وأحجم رولاند عن التعليق على حالة الطفل غير أنه قال إن الطفل مازال على قيد الحياة وإن حالته مستقرة.

أحكام قضائية

الى جانب ذلك قضت محكمة اسكتلندية، بسجن رجل في الرابعة والثلاثين من العمر، لمدة 6 سنوات و6 أشهر، لتقييده والدة زوجته السابقة بسلك وشريط لاصق، في محاولة لابتزازها للحصول على المال. وقام غوردون غيلفيلن مع رجلين آخرين بمهاجمة حماته السابقة، نانسي مارشال، بعد عودتها إلى منزلها في بلدة ألوا الواقعة وسط اسكتلندا من المتجر الذي تديره مع زوجها. وقالت إن نانسي أبلغت صهرها السابق بأنها لا تملك أية أموال في منزلها، فقام مع زميليه بلف شريط لاصق حول عينيها، وتقييد معصميها بسلك معدني.

وأصدرت المحكمة العليا في العاصمة الاسكتلندية، أدنبره، حكماً بالسجن لمدة 7 سنوات بحق، ستيفن بيرد، شريك غوردون في الجريمة، فيما لا تزال الشرطة تبحث عن الرجل الثالث المشارك في عملية السطو. واستمعت المحكمة إلى أن الرجال الثلاثة، ومن بينهم الصهر السابق، هددوا نانسي بإعدام كلابها ما لم تعطهم المال.

في السياق ذاته قضت محكمة بريطانية، بسجن شاب (26 عاماً) مدى الحياة، لطعنه جدته عشرات المرات حتى الموت، ومحاولة قتل صبي. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن ناثانيل فلين، طعن جدته البالغة من العمر 84 عاماً، لويزا دنبي، 50 مرة في منزلها في هجوم وحشي. وقالت إن فلين، هاجم فيما بعد طفلاً في التاسعة من العمر في حديقة تزلج قريبة من منزل جدته في بلدة شيبلي، وطعنه في الذراع. وأمرت محكمة التاج في مدينة برادفورد، أن يخدم فلين 24 عاماً على الأقل من حكم السجن المؤبد الذي أصدرته بحقه.

على صعيد متصل قال مصدر أمني إن أجهزة الأمن ألقت القبض على عامل مصري بتهمة الشروع بقتل حماته وزوجته بإلقاء قنبلة بدائية الصنع أمام مسكن حماته بمنطقة البساتين‎ جنوب القاهرة. وكثيرا ما تتناول الأفلام والمسلسلات والمسرحيات المصرية قصص الخلافات بين الأزواج والحموات، لكن واقعة حقيقية فاقت الخيال عندما قرر عامل مصري الانتقام من حماته بمحاولة قتلها بقنبلة بدائية الصنع. بحسب رويترز.

قال مصدر أمني إن أجهزة الأمن ألقت القبض على عامل مصري بتهمة الشروع في قتل حماته وزوجته بإلقاء قنبلة بدائية الصنع أمام مسكن حماته بمنطقة البساتين بجنوب القاهرة‎. وأضاف أن الحادث وقع ولم يسفر سوى عن إصابة أحد المارة بإصابات طفيفة. وقالت وسائل إعلام محلية إن المتهم اعترف برغبته في الانتقام من زوجته ووالدتها لكثرة الخلافات الزوجية مما دفعه لشراء القنبلة من مسجل خطر وتفجيرها في مسكن حماته. وقررت النيابة حبس الرجل 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة الشروع في القتل وحيازة قنابل.

العنف في بنجلاديش

من جهة أخرى يقول الباحثون أن النساء اللائي يعشن في الأحياء الفقيرة في العاصمة البنغالية دكا التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة يواجهن مخاطر عنف أسري أكثر من النساء اللائي يعشن في أجزاء أخرى من البلاد. ويرى فريق الخبراء الذي كان يراقب تطور البلاد في مجال الحد من العنف ضد المرأة في 2011 أن جمع البيانات وحفظ الإحصاءات بشأن حجم وأشكال العنف ضد المرأة ما يزال قليلاً على مستوى البلاد في بنجلاديش.

ولكن رشيدة مانجو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة وجدت في زيارتها الأخيرة إلى بنجلاديش أدلة وافرة على أن "التمييز والعنف ضد المرأة مستمران من جهة القانون والممارسة الفعلية". وقال روتشيرا تاباسوم نافد، الباحث في مركز المساواة والنظم الصحية في المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في بنجلاديش أن "الوضع يزداد سوءاً في الأحياء الفقيرة المترامية الأطراف في العاصمة.

وفي دراسة أجراها المركز الدولي لأبحاث أمراض الإسهال في بنجلاديش ومجلس السكان المعني بالمنظمات غير الحكومية الدولية عام 2012 وشملت حوالي 4،500 إمرأة وحوالي 1،600 رجل يعيشون في 19 حياً فقيراً من أحياء العاصمة، أشارت الدراسة إلى أن 85 بالمائة من النساء ذكرن أن أزواجهن يضعون قيوداً على حصولهن على الرعاية الصحية، في حين ذكرت 21 بالمائة منهن أنهن تعرضن للإيذاء الجسدي على أيدي أزواجهن أثناء فترة الحمل. وذكرت واحدة من كل أربع نساء تقريباً أنها عانت من إصابات نتيجة لعنف الزوج في العام السابق لإجراء الدراسة.

وقال نافد الباحث المشارك في التقرير: "تشير دراساتنا إلى أن التعليم، وثروة الأسرة، والتوجهات المتعلقة بالنوع الاجتماعي والعنف ضد المرأة هي عوامل هامة ترتبط بهذا النوع من العنف. وللأسف، فإن سكان الأحياء الفقيرة لديهم قدر ضئيل من التعليم والثروة وقدر كبير من العنف، علاوة على التوجهات التقليدية بشأن النوع الاجتماعي (التي تتغاضى عن العنف)". ويقدر الباحثون أن 3.4 مليون نسمة يعيشون في 5،000 منطقة فقيرة في العاصمة دكا. ووفقاً لتقديرات مركز الدراسات الحضرية، وهو مجموعة بحثية محلية، يعيش 7 ملايين نسمة في مستوطنات عشوائية على مستوى البلاد.

واعتقدت شمس النهار البالغة من العمر 20 عاماً أن معاناتها سوف تنتهي عندما تزوجت من عبد السلام البالغ من العمر 25 عاماً والذي يكسب رزقة من خلال جر عربات اليد. ونظراً لأنها قادمة من أكثر مناطق البلاد فقراً، وهي منطقة بهولا في جنوب شرق بنجلاديش، فقد عانت طويلاً من الفقر. وقد توقفت شمس النهار عن الذهاب إلى المدرسة بعد الصف الثامن عندما لم تستطع أسرتها تحمل نفقاتها هي وأخواتها.

ولكن في منزل زوجها الواقع في ميربور، وهو حي فقير في دكا ويبعد حوالي 100 كيلومتر شمال موطن طفولتها، واجهت شمس النهار واقعاً أسوأ من الفقر، حيث تعرضت للضرب على يد زوجها كل يوم تقريباً بسبب الطريقة التي تؤدي بها أعمال المنزل. وفي عام 2012، وبمساعدة من منظمة غير حكومية، تمكنت من تركه وانتقلت إلى حي فقير مجاور. وتعمل شمس النهار الآن في مصنع ملابس حيث تكسب 55 دولاراً شهرياً في المتوسط.

وعلى الرغم من أنها تعرف عن السمعة السيئة لصناعة الملابس في بنجلاديش والتي تشمل العمل لساعات طويلة والمخاوف المتعلقة بسلامة المباني، إلا أنها قالت أنها تشعر بأمان أكثر من حياتها السابقة على الرغم من هذا الخطر في العمل. وأضافت قائلة: "كنت أعتقد أنني لن أتمكن أبداً من الهروب من العذاب. ولم استطع الذهاب إلى منزل أبي وأمي لأنهما غير قادرين على تحمل نفقاتي ... لكنني لم أعد استطع تحمل المزيد".

وقالت إشرات شاميم، رئيسة مركز دراسات المرأة والطفل وهو منظمة غير حكومية محلية للبحوث، أن الفقر يزيد من تعرض المرأة للعنف. وقالت إشرات: "أنا لا أقول أن العنف الأسري لا يحدث بين المجموعات عالية الدخل. ولكن المرأة التي تملك مصدراً للدخل يمكنها أن تحتج على المعاملة الظالمة التي تتلقاها من زوجها... لكن في العديد من الحالات لا تشتكي الزوجة لأنها تخشى من أن تفقد مأواها".

وعلى الرغم من اعتماد قانون المنع والحماية من العنف الأسري في عام 2010 إلا أن القانون لا يزال غير مطبق، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى نقص التوعية وخوف المرأة من الإبلاغ عن تعرضها للعنف الأسري. وأضافت إشرات أنه "يجب أن يكون هناك مرافق ملائمة لإيواء النساء حتى يتمكنّ من الحصول على مأوى بعد تقديمهن لشكاوى ضد أزواجهن". وقالت ميهير أفروز تشومكي، وزيرة الدولة لشؤون المرأة والطفل أن الحكومة تعمل على انهاء العنف ضد المرأة وتنفيذ القوانين المتعلقة بحماية المرأة.

وفي عام 1997، تبنت الدولة سياسة وطنية للنهوض بالمرأة بهدف القضاء على التفاوت بين الجنسين. ويهدف برنامج "رؤية 2021" في بنجلاديش إلى "إحياء" سياسة عام 1997. وفي عام 2009، قامت الحكومة بإنشاء المجلس القومي لتنمية المرأة والطفل برئاسة رئيسة الوزراء، علاوة على موازنة تراعي النوع الاجتماعي للفترة 2009-2011 في عشر وزارات من بين أربعين وزارة في البلاد.

وبالإضافة إلى قانون 2010 بشأن العنف الأسري، أشارت فقرات من القوانين التالية إلى حماية المرأة في بنجلاديش مثل قانون العمل لعام 2006 وتعديل قانون تمثيل الشعب لعام 2008 وتعديل قانون الجنسية لعام 2009 وقانون الحق في المعلومات لعام 2009 والقانون الوطني لحقوق الإنسان لعام 2009. بحسب شبكة إيرين.

ولكن مانجو المقررة الخاصة للأمم المتحدة أشارت إلى أن هذه الإصلاحات التشريعية مازالت غير مفيدة للنساء إلى حد كبير بالنظر إلى زيارتها الأخيرة حيث قالت أن "غياب التنفيذ الفعال للقوانين الموجودة كان هو القاعدة وليس الاستثناء في حالات العنف ضد المرأة". وقد ناشدت مانجو الحكومة في دكا إلى اتخاذ المزيد من الخطوات من أجل التوافق مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صدقت عليها بنجلاديش في عام 1984.

النساء في لبنان

في السياق ذاته اقر مجلس النواب اللبناني قانونا لحماية النساء من العنف الأسري، وهو مطلب أساسي للمجتمع المدني منذ سنوات، ويشكل خطوة متقدمة في مجتمع محافظ ومتجذر في الطائفية. ووصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان إقرار القانون ب"التاريخي" بالنسبة إلى لبنان، و"خطوة ايجابية إلى الأمام"، مع الإشارة إلى ضرورة تطويره في المستقبل.

إلا إن القانون لم ينل رضا جمعية "كفى" التي تقدمت بنص مشروع القانون الأساسي حول هذه المسالة من البرلمان، إذ اعتبرت أن القانون بصيغته الحالية استخدم تعابير دينية ولم يكن حاسما في تخصيص النساء بالحماية، علما إنهن يشكلن الفئة الأكثر تعرضا للعنف الأسري في لبنان. وقبل اليوم، لم يكن هناك قانون للعنف الأسري في لبنان، بل كان هذا النوع من العنف يخضع للقانون المتعلق بأعمال العنف بشكل عام التي ينص عليها قانون العقوبات.

وقال النائب غسان مخيبر الذي ساهم بشكل فاعل من خلال اللجان النيابية في صياغة القانون، إن القانون الذي تم إقراره يشكل "تقدما كبيرا على صعيد حماية المرأة، يجدر بنا أن نكون فخورين به". وأضاف "ليس النص المثالي، كان يمكن أن يكتب بشكل أفضل، لكن أصبح لدينا قانون يؤمن حماية فعالة للمرأة في حال تعرضها للعنف. كان لا بد من التصويت عليه خشية أن تتم إعادته إلى اللجان النيابية ويتأخر إقراره".

ويأتي هذا القانون بعد حملة قوية قام بها ناشطون ومنظمات توجت بتظاهرة ضخمة احتجاجا على عدم وجود قانون يحمي النساء خصوصا من العنف الممارس عليهن من أزواجهن والذي تسبب خلال الأشهر الماضية بوفاة نساء عديدات نتيجة تعرضهن للضرب أو القتل عمدا. وأقر القانون تحت عنوان "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري".

وشكل العنوان بحد ذاته أحد أسباب الاعتراض الرئيسية بالنسبة إلى "كفى". وانتقدت فاتن أبو شقرا، منسقة حملة "كفى" من اجل إقرار قانون حماية المرأة، "عدم تركيز القانون بشكل خاص على النساء"، معتبرة أن المرأة هي التي تتعرض للعنف والقتل في لبنان. واعتبرت أن جلسة مجلس النواب "هي مهزلة". وأخذت بشكل أساسي على النص انه خضع "لاملاءات رجال الدين الذين نجحوا في الإبقاء على مفهوم ما سمي الحق الزوجي".

وتشير أبو شقرا إلى المادة الثالثة في القانون التي تصف العلاقة الجنسية بين الزوجين ب"الحق الزوجي"، وهي عبارة استخدمت بضغط من رجال الدين. ونصت المادة على إنزال العقاب ب"من أقدم بقصد استيفائه للحقوق الزوجية في الجماع أو بسببه على ضرب زوجه أو إيذائه"، "أو تهديده". أما مطلب "كفى" فكان أن تكون العبارة "من اكره غيره على الجماع، عوقب...". إلا إن مخيبر يعتبر أن "القانون بالتأكيد يجرم الاغتصاب الزوجي".

ويوضح "ماذا يعني الاغتصاب؟ الضرب والإيذاء والتهديد في الجماع أليس اغتصابا؟"، مقرا في الوقت نفسه أن استخدام كلمة "الحق الزوجي" ساهم في تهدئة حملة رجال الدين على النص. ودعا إلى التوقف عند "تقدم كبير" تمثل في أن القانون "يستند بشكل كامل إلى قانون العقوبات المدني، ولا يخلط مع قانون الأحوال الشخصية أو أي قانون طائفي أو ديني".

ويخضع الزواج والطلاق في لبنان لقانون الأحوال الشخصية الخاص بكل طائفة. وغالبا ما يتدخل رجال الدين في حل النزاعات العائلية. وتؤكد العديد من النساء المعنفات في تقارير نشرتها جمعيات حقوقية أنهن لم يلقين أي تجاوب مع شكواهن عندما لجأن إلى القوى الأمنية. ويعرف القانون "العنف الأسري" بأنه "أي فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بهما يرتكب من احد أعضاء الأسرة ضد فرد أو أكثر من أفراد الأسرة (...) ويترتب عنه قتل أو إيذاء جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي".

وقالت روثنا بيغوم من "هيومان رايتس ووتش" إن "إقرار قانون العنف الأسري تاريخي بالنسبة إلى لبنان وخطوة ايجابية إلى الأمام في حماية المرأة". وأضافت أن من "الخطوات الايجابية" التي تضمنها القانون، منع من يتسبب بالأذى من الاقتراب من الضحية أو من دخول المنزل الأسري و"نقل الضحية وسائر الأفراد المهددين إلى مكان آمن" موقت، و"تخصيص مدعين عامين في محافظات لبنان الست لتلقي الشكاوى والتحقيق في قضايا العنف الأسري، وتخصيص وحدة خاصة في الشرطة لتلقي شكاوى العنف الأسري". بحسب فرانس برس.

إلا أنها أشارت إلى "وجود مشاكل عديدة في القانون على البرلمان أن يعمل على إصلاحها"، أبرزها ضرورة تجريم "الاغتصاب الزوجي" بوضوح. كما أشارت إلى أن بطء الإجراءات القضائية في لبنان وتكلفتها الباهظة، قد يعني أن المرأة المعنفة التي ستتقدم من القضاء قد لا تجد حلا سريعا لمشكلتها، ما يعني أنها تبقى مهددة.

وقالت "على البرلمان القيام بإصلاحات سريعة وملحة لتامين الحماية الكاملة للنساء من العنف الأسري"، مضيفة "لا بد أيضا من إستراتيجية وطنية لاحقا تؤمن وضع القانون موضع التنفيذ". وقال النائب نبيل دي فريج من جهته ردا على سؤال لوكالة فرانس برس أن التحفظات التي تم التعبير عنها "في محلها، لكننا في لبنان. وفي لبنان، كل الأمور تمر بالتروي. هذه خطوة جبارة حصلت اليوم".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 16/نيسان/2014 - 14/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م