منذ التاسع من نيسان

هادي جلو مرعي

 

تتعالى أصوات السياسيين بحثا عن صدى في خضم صراع إنتخابي محموم يجتاح العراق ويسحب إليه الكثير من الأفرقاء ليكونوا حطبا لوقوده دون أن يعرفوا بالضبط الى أين يتجهون ببلدهم، وكيف يمكن أن يتحقق لهم بعض مما يريدونه في ظروف تحمل من التعقيد مالم تحمله ظروف مشابهة في فترة سبقت عاشها العراق والمنطقة، بكل مافيها من ترد أمني، وسباق سياسي محموم، ونوع من التسقيط لم تشهده الساحة المحلية منذ التاسع من نيسان العام 2003 الذي شهد أخطر تحول في تاريخ هذا البلد بزوال حكم نظام صدام حسين الشمولي، مافتح الساحة العراقية لتكون متاحة لصراع دولي وإقليمي ومحلي يحمل طابعا عنيفا لايمكن التنبؤ بما سيؤول إليه وهو ماحدث بالفعل حيث توالت المشاكل الأمنية والسياسية، وأخذ العناد بين الأفرقاء يتحكم بمستقبل الدولة مع صعود نجم الطوائف والقوميات التي تطالب كل واحدة منها بحقوق تصطدم بمطالب وطموحات سواها، فحدث تعقيد مثير للقلق دفع العراق ثمنه باهظا حيث لا إتفاق، ولا مشاركة، ولا تفاهمات حقيقية. بل كان الصدام، والتنازع، والتسقيط، والرفض لكل مايقدمه الآخر هو الحاكم في الموقف، والموجه للسلوك والموقف.

وصلنا الى مرحلة حاسمة في تاريخ بلدنا، وها نحن مقبلون على إنتخابات برلمانية مختلفة تماما عن سابقاتها من إستحقاقات، فالكورد يتحكمون بمصادر الثروة في الشمال، وهاجس السيطرة على كركوك ومناطق محاذية للعاصمة بغداد يقودهم الى تصرفات غير متوقعة في صراعهم مع المركز، وهاهي الأسابيع تمر وجلسات البرلمان التي وصلت الى 17 جلسة لم يتحقق فيها النصاب لتمرير ميزانية الدولة التي يعتمدها ملايين المواطنين ليعيشوا، ولتستطيع مؤسسات الدولة تمشية معاملات الناس، ودفع الرواتب، وإقامة مشاريع البناء والإعمار، بينما ترفض كتلة متحدون السنية الدخول الى مجلس النواب إحتجاجا على سلوك المالكي معها. أطراف في التحالف الشيعي تكاد تضطرب علاقتهم الى حد العداء، ولا رغبة لديهم في تمضية الأمور سوى لجهة التسقيط والصراع المحموم، ولايبدو في الأفق من أمل يوفر للعراقيين شعورا بالأمل في مستقبل ما خال من الموت والفقر والخلافات، وشبح تقسيم بلادهم الى مقاطعات متنازع عليها بين القوميات والطوائف.

يقوم تنظيم داعش المتطرف بقطع مياه الفرات عن مدن شيعية عدة ما يهدد بنشوب صراع طائفي حيث يمر النهر قبل وصوله الى مدن الفرات الأوسط الشيعية، ومدن الجنوب بمحافظة الأنبار السنية التي تشهد سيطرة المجاميع المسلحة عليها، ومنها تنظيمات تمكنت من قطع مياه الفرات من خلال إحكام قبضتها على سد الفلوجة الذي لم يحجب المياه عن الجنوب وحسب، بل أدى بشكل، أو بآخر الى تهديدات حقيقية تتمثل بخطر فيضان كبير يدمر المدن الصحراوية في الأنبار الشاسعة.

الأحزاب العراقية المتنافسة غادرت دائرة الإحتشام، وأضحت ضحية لرغبة التفرد والسيطرة، وحرق الآخر من أجل تحقيق مكاسب ترى إنها تمثل طموحا أوليا في سبيل الحصول على مكاسب أكبر، لكن ذلك لايمثل نجاحا، فهو في النهاية خسارة جسيمة لشعب كامل تحكمه قوى لاتريد أن تذهب به الى مستقبل آمن، وهي مهتمة كثيرا بمصالحها فقط.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/نيسان/2014 - 10/جمادي الآخر/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م