الصحافة الرقمية تطيح بالورقية عن عرشها

 

شبكة النبأ: أصبحت الصحافة الرقمية في ظل التطور الهائل الذي أحدثه التوسع التكنولوجي في سرعة نقل الأخبار حول العالم وإمكانية الوسائط المتعددة ناهيك عن خاصية التفاعلية مع المتلقين، وسيلة الاتصال والجذب الأولى للكثيرة من القراء ومستخدمي الانترنيت، الذين ابتعدوا كثيرا عن الصحافة الورقية التي تعاني الكثير من المشاكل والتحديات، تفاقمت حدتها بشكل خطير بعد الأزمة عالمية التي أثرت على العديد من المؤسسات الصحفية وأجبرتها على التخلي عن إصداراتها الورقية وتتحول إلى الصحافة الإلكترونية كما يقول بعض الخبراء، الذين أكدوا ان المعطيات الحالية تشير الى الصحافة الورقية، ربما ستنقرض بشكل نهائي في السنوات القليلة القادمة، والتي ستشهد أيضا تنافس الالكتروني كبير بين المؤسسات الصحفية التي ستسعى الى خلق محتوى الكتروني متميز يتيح لها الحصول على مقابل مادي لإصدارتها الجديدة.

والفرق بين الصحف المطبوعة والرقمية كما يقول البعض يكمن في "التفاعل" الذي تقدمه الصحافة الإلكترونية للمتلقي بدرجة جعلته مشتركًا في التعليق على الأخبار وأحيانًا مصدرًا للمعلومات. وقبل سنوات نصح مؤسس عملاق البرمجيات مايكروسوفت "بيل جيتس " في مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية الصحف بالاهتمام بمواقعها الإلكترونية إذا أرادت الحفاظ على قرائها، معتبرًا أن نوعية الموقع الإلكتروني باتت أساسية للمؤسسات الصحفية، فهو يعتقد أن خلال خمس سنوات سيقرأ 40 إلى 50% من الناس الصحف على الإنترنت و أن يقوموا بالاستغناء عن الصحف الورقية تمامًا. واعترف جيتس في المقابلة بأن أكثر من نصف قراءاته تتم عبر الإنترنت، كما أنه يقرأ جميع الصحف المتعلقة بمجال المعلوماتية على الإنترنت.

صفقة شراء

وفي هذا الشأن فقد أتم جيف بيزوس مؤسس موقع "أمازون" صفقة شراء مجموعة "واشنطن بوست" في مقابل 250 مليون دولار، بحسب ما كشفت الصحيفة العريقة. وكان جيف بيزوس قد أحدث مفاجأة في آب/أغسطس عندما أعلن نيته شراء الصحيفة العريقة التي اشتهرت خصوصا بكشفها عن فضيحة "ووترغيت" في السبعينيات. وقد أسست هذه الصحيفة قبل 136 عاما وهي منذ 80 سنة بإدارة عائلة ميير-غراهام.

وجاء في بيان صادر عن الصحيفة أن "مجموعة واشنطن بوست تعلن اليوم أنها أتمت صفقة بيع نشاطاتها الصحافية لجيفري بيزوس". وستنقل الصحيفة الشهيرة وغيرها من المطبوعات الصادرة عن مجموعة "واشنطن بوست" إلى صندوق الاستثمار "ناش هولدينغز" الذي يملكه جيف بيزوس. وأكد جيف بيزوس في مقابلة أجرتها معه محطة "سي إن إن" منذ فترة وجيزة أنه "متفائل بشأن مستقبل واشنطن بوست". وهو قال "هذه مسألة شخصية وأنا على ثقة بأنه في وسعي مساعدة الصحيفة وتوفير منصة لها لتطلق سلسلة من التجارب، مع تطبيق الاستراتيجية التي اعتمدناها مع أمازون".

وخلال الربع الأخير، خسرت الصحيفة 49 مليون دولار. وهي باتت تطبع يوميا 447700 نسخة، في مقابل 800 ألف نسخة قبل عقدين. وقد فازت الصحيفة بصورة إجمالية ب 47 جائزة "بوليتزر"، من بينها ست جوائز في خلال العام 2008 وحده. وتولت كاثرين غراهام إدارة الصحيفة لمدة 30 عاما، خلفا لزوجها الذي انتحر. وكان يوجين ميير والد كاثرين قد اشترى الصحيفة في العام 1933 بعد طرحها في المزاد إثر إفلاسها.

ويرى بعض الخبراء ان جيف بيزوس قد يمتلك مقاربة جديدة للعمل في قطاع الصحافة المكتوبة التي تعاني من ازمة خانقة بسبب التراجع الكبير في الاعلانات التجارية، ونمو سوق الاعلام والاعلان الالكتروني، ما اجبر مؤسسات عدة على صرف اعداد من موظفيها. ويرى الصحافي السابق والمستشار الاعلامي الان موتر ان جيف "مستعد لاعتماد سياسة طويلة الاجل وطويلة النفس، وان يترك الامور تسير على مهل، دون ان يقلق حول تحقيق الارباح او عدمه".

ويقول "انه رجل اعمال يتمتع بمواهب، وهو احد رواد العصر الرقمي". ويضيف "لم يدرس جيف الصحافة، وهو لا يعمل في الاعلانات التجارية..معظم الناس الموجودين في الوسط الصحافي والدعائي لم يعد بمقدورهم التفكير بطرق مبتكرة". لكن صحافيا سابقا ومستشارا اعلاميا آخر، هو بيتر كوبلاند، يحذر من اجراء تغييرات جذرية على الصحيفة. ويقول "لا اعتقد انه من الذكي اجراء تحويل شامل على مسار الصحيفة، فهي ليست متداعية الى هذا الحد، بل ما زالت تحقق مبيعات جيدة، وتدر الكثير من العائدات، ولديها اسم كبير". وبحسب هذا الخبير الاعلامي، فان "الأهم هو الحفاظ على الاصدار المطبوع للصحيفة".

ويتخوف من ان يدير جيف بيزوس الصحيفة بعقلية الشركة "لان واشنطن بوست كانت بإدارة عائلة كبيرة، كانت تدير الصحيفة على انها عائلة حقيقية". وكانت صحيفة واشنطن بوست على مدى ثمانية عقود مملوكة لعائلة غراهام. ويعتبر بيتر كوبلاند ان المشكلات التي يعاني منها قطاع الصحافة المطبوعة لا توجد حلول سحرية له. ويقول "العاملون في الاعلام ليسوا اغبياء، لو كانت هناك حلول سحرية لكانوا عثروا عليها واعتمدوها".

ويرحب استاذ الاعلام في جامعة "نورث ايسترن" دان كينيدي بمشروع جيف بيزوس. ويقول "يبدو لي انه اختار هذا المشروع لأسباب وجيهة، انه يرى في ذلك واجبا مواطنيا". يبقى ان جيف سيواجه عنصرا جديدا لم يكن يتعامل معه في "امازون"، وهو النقابات التي ستضع توجهاته الجديدة تحت المجهر.

في السياق ذاته كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنها ستوفر للمشتركين في خدمتها نفاذا رقميا مجانيا إلى ست صحف محلية في الولايات المتحدة. وقال ستفين هيلز رئيس المجموعة إن "هذه الخطوة تسمح لنا بالتعاون مع صحف رقمية وورقية في البلاد برمتها بغية تعزيز قيمة الاشتراكات وتوسيع نطاق قراء صحيفتنا". وهي تفرض منذ سنة رسوم اشتراك على قراء نسختها الإلكترونية غير المشتركين في نسختها الورقية. بحسب فرانس برس.

وفي وسع هؤلاء القراء أن يطلعوا على 20 مقالا بالمجان في الشهر الواحد، لكن في حال أرادوا قراءة المزيد من المقالات، فعليهم أن يدفعوا رسوما شهرية بقيمة 10 دولارات على الأقل. والصحف المعنية بهذه الشراكة هي "دالاس مورنيغ نيوز" في تكساس و"هونولولو ستار أدفرتايزر" في هاواي و"توليدو بلايد" في أوهايو و"مينيابوليس ستار تريبيون" في مينيسوتا و"بيتسبرغ بوست غازيت" في بينسيلفانيا و "ميلووكي جورنل سنتينل" في ويسكونسن. ولم تعد مجموعة "واشنطن بوست" ملزمة بالكشف عن حساباتها منذ أن اشتراها جيف بيزوس، لكن نتائجها المالية السابقة أظهرت أنها تتكبد خسائر.

ذي غارديان و نيويورك تايمز

من جانب اخر أطلقت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية نسخة الكترونية مجانية في استراليا حيث تواجه الصحافة المطبوعة ايضا صعوبات كبيرة. ويمكن الاطلاع مجانا على النسخة الالكترونية الاسترالية للصحيفة البريطانية الكبيرة التي اطلقت مع مقابلة اجريت مع رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد على ما اعلنت رئيسة التحرير في استراليا كاثرين فينر.

وقد اختارت اكبر مجموعتين اعلاميتين في البلاد "فيرفاكس" و"نيوز لميتد" (الفرع الاسترالي من مجموعة روبيرت موردوك الذي يهيمن على 70 % تقريبا من الصحافة المكتوبة في البلاد) قبل اشهر اعتماد النسخ الالكترونية المدفوعة. وقالت فينر " سنوفر مقالات ومدونات وتعليقات ونقاشات ومبادلات تفاعلية من خلال الاعتماد على اخر التكنولوجيات لجذب القراء بطريقة جديدة".

ويعتبر موقع "ذي غارديان" الالكتروني الثالث من حيث عدد الزوار في العالم بين الصحف مع 38,9 مليون قارئ في كانون الاول/ديسمبر الماضي على ما تفيد شركة "كومسكور" الاميركية المتخصصة بالدراسات عبر الانترنت. اما في المرتبة الاولى فتأتي صحيفة "ديلي ميل" البريطانية (50 مليون قارئ) والاميركية "نيويورك تايمز" (48,6 مليونا). وتلقى موقع "غارديان استراليا" مساعدة مالية لم تحدد قيمتها من رجل الاعمال غرايم وود الذي استثمر ايضا في الموقع الاخباري الالكتروني "غلوبال ميل" المكرس للتحقيقات الصحافية والذي لا يبغى الربح.

الى جانب ذلك وبسبب ارتفاع عدد قراء نسختها الرقمية، حلت صحيفة "نيويورك تايمز" في المرتبة الثانية بين الصحف الاميركية في قطاع لايزال يعاني من تراجع النسخ الورقية. وفي 31 اذار/مارس 2013، كان توزيع الصحف الاميركية البالغ عددها 593 صحيفة يومية قد تراجع بنسبة 0,7 % مقارنة بالتاريخ نفسه من العام 2012 فيما تراجع توزيع 519 صحيفة تصدر ايام الاحاد بنسبة 1,4 % على ما اظهرت ارقام الرسمية لهذا القطاع.

وقد شمل القطاع هذه السنة في ارقامه قراء النشرة الرقمية للصحف الذين باتوا يشكلون 19,3 % من قراء الصحف الاميركية في مقابل 14,2 % في 2012. وحلت نيويورك تايمز في المرتبة الثانية مكان "يو اس ايه توداي" مع 1,8 مليون نسخة من بينهم مليون قارئ للنسخة الالكترونية الامر الذي يعوض كثيرا خسارة 50 الف نسخة مطبوعة في السنة. بحسب فرانس برس.

وقد ضاعفت "يو اس ايه توداي " التي تصدر 1,67 مليون نسخة يوميا، عدد قراء نسختها الرقمية الذين يقدر عددهم بنحو 250 الف شخص فيما تراجعت نسخها الرقمية 275 الف نسخ. وردا على سؤال حول طريقة الاحتساب المعتمدة اقر واضعو الدراسة احتمال حصول عد متكرر لان المشتركين في النسخة الاكلترونية قد يكونون ايضا مشتركين في النسخة الورقية. وباتت اكثر من 300 صحيفة يومية اميركية تفرض مقابلا ماديا لقراءة نسختها الالكترونية.

نسخة وحيدة

على صعيد متصل أعلنت صحيفة "فايننشال تايمز" نيتها عدم اصدار الا نسخة ورقية واحدة يوميا من اجل تكريس المزيد من الموارد لمنشوراتها الرقمية. وقال مدير التحرير في الصحيفة لايونيل باربر في مذكرة الى العاملين في الصحيفة الاقتصادية البريطانية "ننوي اصدار نسخة ورقية وحيدة في العالم في النصف الاول من العام 2014".

ويأتي ذلك في اطار استراتيجية تعطي الاولوية للمنشورات الرقمية في وقت باتت فيه الاشتراكات فيه هذا المجال تتجاوز بمئة الف اشتراك ، الاشتراكات بالنسخ الورقية. وستتوقف الصحيفة وهي ملك مجموعة "بيرسن" من اصدار الكثير من النسخ التي تعدل وفقا لتوقيت كل بلد. وتصدر الصحيفة راهنا خمس نسخ موجهة للولايات المتحدة وبريطانيا واوروبا والشرق الاوسط وآسيا.

واضح باربر ان "تحديثات ستدخل على الصحيفة لكي تعكس عادات القراءة والاذواق العصرية" مشددا على ان عددا متزايدا من الاشخاص يقرأون عبر الحاسوب او الجهاز اللوحي او الهاتف متعدد الوظائف. واضاف "ان هذه التعديلات سيكون لها تأثير على بنية فريق التحرير وعلى طريقة ممارستنا لمهنة الصحافة". بحسب فرانس برس.

وقالت ناطقة باسم الصحيفة ان تأثير ذلك المحتمل على العاملني في الصحيفة سيتضح "في الاشهر المقبلة". وتحتفل صحيفة "فايننشال تايمز" التي تفرض مقابلا ماديا لقراءة مقالاتها عبر الانترنت ، هذه السنة بالذكرى الخامسة والعشرين بعد المئة على تأسيسها.

روبوت صحفي وصندوق للابتكار

في السياق ذاته كان لصحيفة لوس انجلوس تايمز السبق في تغطية الزلزال الذي هز المدينة الأمريكية بفضل الانسان الآلي. فقد ابتكر كين شوينكي الصحفي والمبرمج برنامج يكتب بشكل آلي قصة خبرية عند وقوع الزلازل. وقال شوينكي لمجلة (Slate) إن القصة لا تتطلب سوى ثلاث دقائق حتى تنشر آليا على الموقع الالكتروني للصحف.

وتشهد غرف الأخبار حول العالم استخداما متزايدا لـ "الصحفي الآلي". وتعد صحيفة لوس انجلوس تايمز رائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات إذ تعتمد في معلوماتها عن الزلازل على مصادر موثوقة مثل الهيئة الامريكية للمسح الجيولوجي ومن ثم وضع تلك المعلومات في قوالب جاهزة لانتاج القصة الخبرية.

ويستخدم هذا الابتكار في انتاج قصص أخرى اضافة إلى الزلازل مثل الجرائم في المدينة التي تتطلب فقط قرار من رئيس التحرير إذا ما كانت القصة بحاجة لتدخل بشري أم لا. كما يستخدم في كتابة القصص الرياضية مثل نتائج المباريات. وشدد شوينكي على أن ابتكاره لا يحل محل الصحفي ولكن يساعد في جمع ونشر المعلومات التي لا تحتاج كثيرا من التدقيق في أسرع وقت. ووصف الابتكار بأن دوره "تكميلي". وأضاف "سيوفر ذلك الكثير من الوقت فيما يتعلق بقصص محددة حيث يمكنه تجميع المعلومات من مصادرها الموثوقة وينسقها بشكل جيد". وأكد شوينكي أن الابتكار لن يلغي وظيفة أي شخص بل سيجعل العمل أكثر متعة. بحسب بي بي سي.

الى جانب ذلك أنشئ صندوق فريد من نوعه في العالم هو صندوق "غوغل للإبتكار الرقمي في مجال الصحافة" الذي يتمتع برأسمال يوازي على ثلاث سنوات 60 مليون يورو لدعم وسائل الإعلام الرقمية، وهو استحدث بموجب اتفاق أبرم في شباط/فبراير بين فرنسا وعملاق الانترنت الأميركي. وفي الأول من شباط/فبراير، كان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أعلن عن إبرام "إتفاق تاريخي" مع المدير التنفيذي ل "غوغل" إيريك شميت لوضع حد للنزاعات القائمة بين محرك البحث ومجموعات تحرير الصحف الفرنسية.

وكانت هذه الأخيرة تطالب بأن يدفع لها "غوغل" حقوق التأليف التي يستفيد منها ويجني منها أرباحا كبيرة بمجرد الإحالة إلى عناوينها. وقد تدخلت الدولة الفرنسية في هذه المسألة، طالبة من "غوغل"التوصل إلى حل مع الصحافة الفرنسية، وإلا سيقر قانون في هذا الشأن. ولجهات التحرير في البرازيل وألمانيا وبلجيكا مطالبات مماثلة، لكن الاتفاق الفرنسي لا يزال فريدا من نوعه إذ أنه ينص على استحداث صندوق "بقيمة 60 مليون يورو لتسهيل انتقال الصحافة إلى المجال الرقمي" وهو ممول من "غوغل". وسيختار هذا الصندوق "مبادرات واعدة من شأنها أن تقدم محتويات رقمية جديدة"، بحسب "غوغل". ويمكن التقدم بالمبادرات ابتداء من اليوم على موقع صندوق الابتكار الرقمي في مجال الصحافة الذي يشرف عليه كل من "غوغل" وجمعية صحافة المعلومات السياسية والعامة.

فسحة أمل

من جهة أخرى وبعد سنوات من المصاعب المالية، تلوح في الافق فسحة امل للصحافة الاميركية المكتوبة لا سيما مع بروز مصادر جديدة للعائدات من خلال نشاطها عبر الانترنت، على ما اظهرت دراسة. وجاء في تقرير سنوي عن اوضاع وسائل الاعلام الاميركية اصدره مركز بيو للابحاث "للمرة الاولى منذ الانكماش الاقتصادي الحاد الذي بدأ في العام 2007، يلوح للصحف شيء من الامل".

واضاف الباحثون في التقرير ان وسائل الاعلام المكتوب "بدأت بتحقيق عائدات جديدة، وهي تشهد تغيرات كبيرة في بناها التنظيمية". ومع ان استخدام التقنيات الحديثة مثل استغلال مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية ما زال في مراحله الاولى بحيث لا يمكن قياس نتائجه بدقة، الا ان الباحثين يتحدثون عن استقرار مرتقب في العائدات. فاعتماد الصحف على نسخ الكترونية من اصدارتها يوفر مصادر جديدة للدخل ويقلص ارتباطها بعائدات الاعلانات.

ويشير التقرير الى ان 450 صحيفة اميركية من اصل 1380 تصدر في البلاد، عمدت الى الاشتراكات الالكترونية المدفوعة في خطوة "يبدو انها تحقق نجاحا ليس فقط على مستوى صحيفة كبرى مثل نيويورك تايمز فحسب، بل ايضا لدى صحف متوسطة وصغيرة الحجم". وتقترح نيويورك تايمز على قرائها اشتراكات مدفوعة منذ العام 2011، وفي العام الماضي تجاوزات عائدات هذه الاشتراكات مجموع ما تجنيه الصحيفة من خلال بيع نسخها الورقية وعائدات الاعلانات.

وساهم التقدم الاقتصادي الطفيف بانتعاش سوق الاعلانات التجارية. وسجلت اسهم المجموعات الاعلامية ارتفاعا في البورصة، كما ان الصحف المعروضة للبيع وجدت من يشتريها. ومن بين المستثمرين البارزين في قطاع الاعلام رجل الاعمال الاميركي وارن بافيت احد اغنى اثرياء العالم، والذي اشترت مجموعته بيركشير هاثاواي 28 صحيفة خلال خمسة عشر شهرا، في مقابل 344 مليون دولار.

غير ان التقرير يشير الى ان هذه المؤشرات الايجابية ما زالت حتى اللحظة في اطار "الآمال". وتشكل عائدات الاعلانات على النسخ الالكترونية 15 % من اجمالي عائدات الصحف، لكن نموها كان بطيئا خلال العامين المنصرمين، وهي لا تكفي للتعويض عن الانخفاض في عائدات الاعلانات على النسخ الورقية، والتي شهدت في العام 2012 تراجعا للعام السادس على التوالي. وتسجل مؤشرات الضعف خصوصا لدى الصحف الوطنية، ما يشير الى ان المجموعات الاعلامية الكبرى تلجأ الى وسائط اخرى لتأمين العائدات.

ويقول الباحثون في الدراسة "رغم ان معظم الصحف تحقق وفرا تشغيليا، الا ان كثيرا منها ما زالت تصارع الديون لا سيما المتعلقة منها بالتزاماتها تجاه المتقاعدين الذين عملوا فيها في الاوقات الاكثر ازدهارا". ومن المؤشرات على تراجع قطاع الصحافة المكتوبة، يشير الباحثون الى ان الصحف "نقلت مكاتبها من المباني الكبرى في وسط المدن، الى مكاتب اصغر اقل كلفة". ولتخفيض التكاليف ايضا، تعمد الصحف الى تقليص اعداد العاملين فيها مما يؤثر سلبا على مستواها المهني من حيث "الكشف عن الاخبار الجديدة، والتثبت من الاخبار المتداولة". بحسب فرانس برس.

ويحذر الباحثون من ان ذلك "قد يؤدي الى اضعاف مهنية قطاع الصحافة المكتوبة وتراجع مصداقيتها في نظر القراء". وبحسب استطلاع اجراه مركز بيو، فان 31 % من الاميركيين كفوا عن قراءة الصحف لانها لم تعد تقدم لهم المعلومات التي اعتادوا عليها. ومما يثير قلق الباحثين ايضا هو اعتماد الصحف اكثر فأكثر على محرك غوغل وعدد من مجموعات الانترنت الاخرى، لتحقيق انتشار واسع، ما يجعل هذه الصحف هشة امام اي تغير قد يطرأ على هذه المجموعات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/آذار/2014 - 28/جمادي الأولى/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م