الفيسبوك وكارثة انفلات المارد

 

شبكة النبأ: يشير المتابعون للتطورات التي يشهدها موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" انه ماضي في توسيع إمبراطورتيه الاجتماعية، على الرغم من العقبات التي واجهها في الوقت الراهن او مستقبلاً.

وقد بررت الدراسات والأبحاث التي تناولت التأثير الحاصل في اغلب المجتمعات من قبل فيسبوك، بمدى التفاعلية التي ربطت افراد المجتمع الواحد، إضافة الى تواصل المجتمعات الأخرى مع بعضها بسهولة ويسر.

كما لا يمكن نسيان القوة الاقتصادية الكبيرة التي عززت مكانته وطورت أسلوبه ايضاً، من خلال عمليات التطوير والاستحواذ المستمرة للتطبيقات المحببة لدى الافراد والتي كان اخرها الاستحواذ على تطبيق "واتس اب" بمبلغ (16) مليار دولار.

في سياق متصل يحتفي "فيسبوك" بالذكرى العاشرة لتأسيسه ويدخل موقع التواصل الاجتماعي الأقوى مرحلة النضوج بعد أن تخطى عملية إدراج أسهمه في البورصة التي باءت بالفشل وتمكن من جني عائدات طائلة من الإعلانات، وصرح مارك زاكربرغ المدير التنفيذي ل "فيسبوك" أن الأمر كان بمثابة "رحلة مذهلة".

فقد تحولت شبكة الصفحات الشخصية التي استحدثها في كانون الثاني/يناير 2004 في غرفته عندما كان طالبا في جامعة "هارفرد" إلى شبكة عالمية تضم أكثر من مليار مستخدم، وهو بات بفضلها من أصغر الاثرياء سنا في العالم.

وقال تريب تشوودراي المحلل لدى مجموعة "غلوبل إكويتي ريسرتش" إن "العالم بات أصغر وأكثر تفاعلا بفضل فيسبوك الذي يربط بين العائلات والاصدقاء والجيران، وهو ظاهرة مجتمعية بكل ما للكلمة من معنى"، ولفت لو كيرنر مؤسس صندوق الاستثمار "سوشل انترنت فاند" إلى أن "أكثر من 20% من الوقت المخصص للانترنت يكرس لفيسبوك".

لكن هذه القصة الشبيهة بقصص الخيال كادت أن تتحول إلى كابوس، ففي ربيع العام 2012، باءت عملية إدراج أسهم "فيسبوك" في البورصة التي استقطبت الأضواء الإعلامية بفشل ذريع إثر تزايد المشاكل التقنية وتراجع قيمة الأسهم، ما أدى إلى انخفاض قيمة المجموعة إلى النصف في خلال ثلاثة أشهر.

غير أن المجموعة حسنت وضعها في بورصة "وول ستريت" حيث بلغت أسهمها مستويات قياسية دفعت بعض المحللين، من أمثال هؤلاء العاملين في مجموعة "سيتي" المصرفية، إلى اعتبارها "أفضل تجربة نمو في قطاع الانترنت الأميركي".

فقد نجحت المجموعة في خلال بضعة أشهر في نشر الإعلانات على تطبيقاتها المخصصة للهواتف الذكية، علما أنها تجني النسبة الأكبر من عائداتها من الإعلانات، شأنها في ذلك شأن جميع مواقع الانترنت المجانية، وقد شهدت عائداتها الإعلانية ارتفاعا شديدا العام الماضي، فأطاحت بالعملاق "ياهو!" من المرتبة الثانية في السوق العالمية للإعلانات على الانترنت.

وقد حصل "فيسبوك"، بحسب مجموعة "إيماركتر" على 5,7% من الحصص في هذه السوق، في مقابل 32,4% للعملاق "غوغل" الذي لا يزال يحتل مرتبة الصدارة فيها، غير أن النمو الذي يشهده "فيسبوك" هو أسرع بثلاث مرات من ذلك الذي يسجله "غوغل".

وحذر تريب تشوودراي من أن "فيبسوك الذي أطلق ثورة مواقع التواصل الاجتماعي قد يعجز عن التحكم بها في نهاية المطاف"، مستعرضا الجدالات المتكررة بشأن حماية البيانات الشخصية وانتهاك الإعلانات للحياة الخاصة والمخاوف من تزايد هجرة المستخدمين، لا سيما منهم المراهقين، إلى المواقع المنافسة المتكاثرة. بحسب فرانس برس.

وبينت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "آيستراتيجيلابز" أن عدد المستخدمين الأميركيين ل "فيسبوك" الذين تتراوح اعمارهم بين 13 و17 عاما قد انخفض في خلال 3 سنوات بمعدل 3 ملايين مستخدم (انخفاض بنسبة 25%)، في حين أن عدد المستخدمين الذين تخطت أعمارهم الخامسة والخمسين قد ازداد بمعدل 12,5 مليون (زيادة بنسبة 80%).

وصرح لو كيرنر أن "ارتفاع عدد المستخدمين الكبار في السن يعوض انخفاض عدد المراهقين"، ولفتت مجموعة "تريفيس" للأبحاث إلى أن تقدم مستخدمي "فيسبوك" في السن قد يزيد من عائداته، إذا أن هذه الفئة من المستخدمين تتمتع بقدرة شرائية أكبر.

إحصاءات عن فيسبوك

الى ذلك أعلنت شركة فيس بوك أن لديها 1.23 مليار مستخدم شهريا وأن 945 مليون منهم يحصلون على الخدمة عبر الهواتف، وذكرت أن إيرادات إعلانات المحمول شكلت 53 بالمئة من إجمالي إيرادات الإعلانات في الأشهر الأخيرة، وحققت فيس بوك أقوى نمو للإيرادات في عامين متجاوزة توقعات وول ستريت مع استمرار نمو قوي لمبيعات شركة الإنترنت من إعلانات المحمول.

وذكرت أكبر شركة في العالم لشبكات التواصل الاجتماعي إن إيرادات إعلانات المحمول شكلت 53 بالمئة من إجمالي إيرادات الإعلانات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2013 أو 1.24 مليار دولار مقارنة مع حصة بلغت 49 بالمئة في الربع الثالث، وسجلت فيس بوك أرباحا بلغت 523 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2013 مقارنة مع 64 مليون دولار قبل عام.

من جهته أخرى وبعدما انتشر موقع فيسبوك كالنار في الهشيم بين مستخدمي الانترنت، توقعت دراسة اعدت في جامعة برينستون الاميركية المرموقة ان يفقد هذا الموقع 80 % من مستخدميه بحلول العام 2017، وجاء في هذه الدراسة التي اعدها طالبان في مرحلة الدكتوراه في مجال الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران ونشتر على الانترنت، ان موقع فيسبوك الاكثر انتشارا في العالم والذي يبلغ عدد مستخدميه 1,1 مليار شخص، يتجه الى انحدار حاد في السنوات المقبلة.

وقال الباحثان "يبدو ان الافكار تشبه الامراض، اذ تنتشر بسرعة كبيرة بين الناس ثم ما تلبث ان تندثر"، واستند الباحثان على نماذج توضح كيفية انتشار الامراض المعدية ومن ثم اختفائها، لتطبيقها على توجهات مستخدمي الانترنت، مرتكزين على بيانات يتيها محرك البحث غوغل، وتوصل الباحثان الى ان موقع فيسبوك بلغ ذروة انتشاره في العام 2012، وان مرحلة "التراجع السريع" سوف تلي ذلك، مشيرين الى ان عددا من مستخدمي الموقع بدأوا فعلا بالتخلي عنه في العام 2013.

وقال الباحثان "سيشهد فيسبوك تراجعا حادا في السنوات المقبلة، اذ سينخفض عدد مستخدميه بنسبة 20 % بحلول كانون الاول/ديسمبر 2014"، وتوقعا ان يفقد 80 % من مستخدميه بين العامين 2015 و2017.

فيما ونقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن الباحث، دانيال ميلر، من جامعة لندن، قوله إن "فيسبوك لا يتراجع فقط عند المراهقين إنما توفي ودفن"، وأشارت الدراسة التي شملت مراهقين أوروبيين، تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة، إلى أنه مع ازدياد عدد الأهل على "فيسبوك" بدأ عدد الشبّان يتراجع، وبدأ المراهقون في الإنتقال إلى خدمات أخرى مثل "تويتر" و"انستغرام" و"واتساب" وغيرها.

وقال ميلر "يبدو أن المراهقين يشعرون حتى بالإحراج حيال أية صلة لهم بـ فيسبوك"، واعتبر أن استخدام الأهل للموقع هو الدافع الأكبر للمراهقين للتخلي عنه، وفيما كان الأهل قلقين عند انطلاق "فيسبوك" من تأثيره على أولادهم، يبدون اليوم مصرّين على استمرار الأولاد في استخدامهم له من أجل تتبع تفاصيل حياتهم.

دعوى قضائية

على صعيد اخر تقول الدعوى إن فيسبوك يطلع على الرسائل لجمع بيانات المستخدمين ومنحها للمعلنين والمسوقين، وتواجه شركة فيسبوك التي تدير الموقع الاجتماعي الشهير دعوى قضائية تتهمها بمراقبة الرسائل الخاصة بالمستخدمين، وتقول الدعوى إنه عند إرسال أحد المستخدمين رابط إلكتروني في رسالة خاصة، يقوم موقع فيسبوك بالاطلاع عليها للتعرف على نشاط المرسل على الانترنت.

كما تقول الدعوى إن فيسبوك يطلع على الرسائل لجمع بيانات عن المستخدمين والتربح من خلال منحها للمعلنين والمسوقين، وقالت فيسبوك إن الدعوى "بلا دليل، وسندافع عن أنفسنا بشراسة"، وتطالب الدعوى بغرامة قدرها 100 دولار عن كل يوم يثبت فيه انتهاك فيسبوك لخصوصية المستخدمين، أو 10 آلاف دولار لكل مستخدم.

وتستشهد الدعوى، التي تم رفعها مؤخراً ببحث حر يقول إن فيسبوك يراجع محتوى الرسائل الخاصة "لأغراض لا علاقة لها بتسهيل نقل الرسائل"، كما قال البحث إن الرسائل الخاصة تعتبر فرصة لفيسبوك للتربح، "حيث يكشف المستخدمون الكثير من أسرارهم عند استخدام الخدمات غير المراقبة، أكثر مما يكشفونه في الخدمات التي يمكن قراءتها".

وأضاف البحث: "وقد وضع فيسبوك نفسه في موضع جمع بيانات عن المستخدمين مما لا يمكن لجامعي البيانات الآخرين الوصول إليها"، وقد وجهت انتقادات لفيسبوك من قبل بشأن سياسات الخصوصية، ففي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وجهت لفيسبوك انتقادات شديدة بشأن تغييرات في سياسة الخصوصية سمحت بنشر إعلانات باستخدام صور وأسماء مستخدميه.

في حين قالت الشركة إن التغييرات التي طرحتها كانت بخصوص صياغة نصوص سياسة الخصوصية دون عمل أي تغيير حقيقي، وكان فيسبوك قد اضطر لتغيير هذه الصياغة إثر دعوى قضائية بدأت في 2011، حيث تم تغريم الشرطة 20 مليون دولار لتعويض المستخدمين الذين ادعوا استخدام الشبكة لبياناتهم بدون إذنهم.

مكافأة بالخطأ

بدورها كافأت "فيس بوك" قرصانين أخلاقيين عربيين بالخطأ، على ثغرة اكتشفاها في شبكة التواصل الاجتماعية، والثغرة تتيح لمن أراد ذلك أن يضيف أصدقاء من دون موافقتهم عن طريق استغلال نظام الدعوات عبر البريد، علما أنه وجب مكافأة أحدهما وليس الاثنين.

كافأت “فيس بوك” قرصانين أخلاقيين عربيين بالخطأ على ثغرة واحدة تم اكتشفاها في شبكتها الاجتماعية، وهي ثغرة تتيح إضافة أصدقاء دون موافقتهم باستغلال نظام الدعوات عبر البريد الإلكتروني.

وقال القرصان الأخلاقي الجزائري، أيمن حوحامدي، في تصريح “للبوابة العربية للأخبار التقنية”، أن الفريق الأمني لشبكة “فيس بوك” أرسل له رسالة بريدية، أكد فيها على استحقاقه لمكافأة كانت قد أرسلت بالخطأ لقرصان أخلاقي أخر اكتشف نفس الثغرة.

وأوضح حوحامدي أن “فيس بوك” قررت مكافآته بمبلغ 1500 دولار أمريكي نظير الثغرة، حيث كان هو البادئ بإرسالها للفريق الأمني ضمن برنامج المكافأة الخاص بالشبكة الاجتماعية، وأضاف حوحامدي إلى أن القرصان الأخلاقي الأخر الذي تمت مكافآته نظير نفس الثغرة هو عربي أيضاً، حيث تلقى كذلك 1500 دولار أمريكي ضمن برنامج مكافأة “فيس بوك”.

وكان القرصان الأخلاقي المصري، محمد فايز البنا، قد تلقى في يناير الماضي مكافأة من “فيس بوك” نظير اكتشافه لنفس الثغرة، التي تكمن في نظام دعوات الصداقة عبر البريد الإلكتروني في الشبكة الاجتماعية، وذلك بعد قيامه بمراسلة الفريق الأمني للشبكة الاجتماعية بها.

وتتيح الثغرة لمتلقي أي دعوة صداقة من مستخدم للشبكة الاجتماعية إعادة إضافة مرسلها بقائمة أصدقائه في أي وقت يريده، حتى في حال قام المرسل بحذف المتلقي من قائمة أصدقائه، وهي الثغرة التي تتنافى مع سياسة الخصوصية التي تفرضها “فيس بوك”.

يذكر أن طريقة عرض القرصانين الأخلاقيين العربيين للثغرة في رسائلهما للفريق الأمني لشبكة “فيس بوك” كانت مختلفة، حيث استخدم حوحامدي مهارات اختراق حسابات الشبكة الاجتماعية لإجبار ضحية على إرسال دعوة عبر البريد الإلكتروني للمهاجم، فيما أبلغ البنا عن الثغرة بشكل مباشر مستغلاً حساب تجريبي قام بإنشائه خصيصاً لإرسال الدعوة.

وتجدر الإشارة إلى أن القرصان الأخلاقي الجزائري أيمن حوحامدي والقرصان الأخلاقي المصري محمد فايز البنا كانا ضمن الأسماء العربية التي وضعها “فيس بوك” بقائمة الشرف خاصته للقراصنة الأخلاقيين للعام 2013.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/شباط/2014 - 22/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م