تقاعدكم حلاوة بجدر مخسوف

علي فاهم

 

في الصيف الماضي عندما اشتعل الشارع العراقي ومواقع التواصل الاجتماعي بالمظاهرات والاحتجاجات والمطالبات بإلغاء الرواتب التقاعدية لممثلي الشعب أخوتنا في البرلمان العراقي تعالت أصوات بعض هؤلاء الممثلين (والممثلون أنواع وأشكال فهناك من يمثل الشعب وهناك من يمثل على الشعب) فاعتلوا المنابر وعقدت المؤتمرات الصحفية وتنافس البعض لإعلان أنهم مع صوت الشعب المسكين ومطالبه بإلغاء رواتبهم.

 وأخذ بعضهم كتلته (بربطة المعلم) و(عرج) من العروج طبعاً على الكاتب العدل وصادق على التخلي عن رواتبهم وصاح أخر من بعيد انه هو وكتلته أول من تنازل عن رواتبهم التقاعدية لصالح (المواطن) المسكين الفقير وتباكى على حاله وركب بعضهم موجة المظاهرات وأعلن نفسه المدافع عن مطالب الجماهير ضد هذا النوع من الفساد المقنن الذي أتفق الجميع على أنه فساد.

 كتبت في وقتها مقالة بعنوان (ألغوها بالبرلمان رحمة لوالديكم) طالبت فيها أخوتنا (الممثلون) للشعب أن يثبتوا صدق دعواهم وادعاءاتهم بأن يصادقوا على ألغاء الرواتب في البرلمان بسن قانون لذلك بدلاً من منصات المؤتمرات الصحفية، وجاء بطلان الرواتب التقاعدية ليس من هؤلاء الأدعياء وانما من القضاء الذي أثبت أنها باطلة ولا يستحقها النواب كما هو معمول به في كل بلدان العالم الديمقراطي الذي يعطي البرلماني ممن لا يملك وظيفة مكافئة نهاية الخدمة او تضاف السنوات الاربع لحساب تقاعده الوظيفي فالتقاعد هو للموظف وليس لخدام الشعب !!

وقد أحتفل المواطنون بما اعتبروه انتصاراً لإرادة شعبية على حساب أناس لم يقدموا للشعب إلا الأزمات والصراعات وإنشغالهم بإقرار ما يصب بمجرى مصالحهم ومنافعهم الآسن ولا شأن لهم بما ينفع الناس، واطمئن الناس للقضاء عندما قال كلمته، وفعلا توقفت وزارة المالية عن صرف الرواتب التقاعدية للبرلمانيين السابقين، ولكن اليوم عاد هؤلاء أنفسهم الذين خرجوا من باب الدعاية والتنافس والتزاحم للتخلي عن رواتبهم التقاعدية العملاقة، ليدخلوا من شباك مصلحة المتقاعدين المساكين والتباكي على رواتبهم الضئيلة فحشروا مادة في قانون التقاعد تعفيهم من شرط العمر والخدمة وتعطيهم رواتب وامتيازات فلكية ستستنزف ميزانية البلد عام بعد عام حتى يأتي يوماً نستدين من بنوك العالم لتسديد رواتب برلمانينا.

 فأفسدوا فرحتنا بإقرار قانون التقاعد وكأن مهمتهم (الإفساد) التي لا يجيدون غيرها أما جوقة كتل المؤتمرات الصحفية فكشفتهم وعرتهم لحظة التصويت الحرجة بين الشعارات الجوفاء من جهة وبين مصالحهم ومكاسبهم وامتيازاتهم من جهة أخرى فانتصرت أهوائهم ومصالحهم على الشعب والآمه وهمومه الا البعض القليل منهم، تاركين وراء ظهورهم صوت الشعب والقضاء ومرجعياتهم الرافض لها ولسان حالهم يقول مصلحتي فوق كل أعتبار، فهل سيخرج لنا ثانيةً من يعتلي المنابر ليقول لنا أنا معكم معكم؟؟ ودمتم سالمين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 12/شباط/2014 - 11/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م