التحليل الفردي لقضايا المجتمع

تخلو من الجدية

علي اسماعيل الجاف

 

تسعى البلدان المتطورة الى تشكيل مجالس وهيئات حكومية وغير حكومية داخل بلدانها بهدف بناء مؤسسات وإنسان لخدمة الأجيال التي يعتبرونها مصدر تقدم وازدهار ورق للبلدان؛ فنلاحظ الجهات الخدمية تبذل جهودا كبيرة لخلق قاعدة أساسية ثابتة يعتمد عليها الجميع كون المعايير التي تعتمدها قياسية وعلمية. ولا نجد هناك أجيال او قادة او معيار يضر بالبلد او الإنسان لأنهم يؤمنون بمبادئ الإنسانية ويتعلمون القضايا التطبيقية الجيدة منذ نعومة اظافرهم بجانب نموذجية تطبيق القانون على الجميع دون تنظير ومحاباة ومواربة. وتبذل تلك البلدان المتطورة أمولا كثيرة بصورة متواصلة لتقديم أفضل الخدمات وأرقى التقنيات لأنها تعلم جيدا ان ديمومة خدمة الإنسان تعني احترام وتقدير ذلك الإنسان لبلده ويكون الجميع مستعدا لتقديم الخدمة دون مقابل بصورة طوعية في القضايا التي تتعلق بالتجارب والتطبيق.

وعندما نتطلع على تجارب تلك البلدان في مجال الاستثمار، الصحة، التربية والتعليم، الخدمات، العلم والمعرفة، والزراعة وغيرها من المجالات نكتشف ان تلك البلدان لا تحاول بدرجة 1% تقديم خدمات مزيفة او غير حقيقية، بينما تتمكن بعض الجهات غير الحكومية هناك من ابراز نشاطاتها المثالية والمعيارية على صعيد المنافسة الصحية بهدف خدمة البلد والمواطن ومواكبة الحداثة. فلا يمكن ان نجد تسويف او مماطلة او غش في الأعمال المنجزة لان المنافسة قائمة والمشاركين يدركون جيدا ان الأفضل يسعى ويواصل ويحصل على ما يريد بفعل المنجز المقارن وليس بفعل العلاقة والوساطة والقرابة والصداقة.

وينعكس ما ذكر أعلاه على الثقافة العامة داخل البلد بحيث يكون المواطن مساهما ومشاركا في تطوير وتنمية بلده كلا حسب اختصاصه بدل من التحدث والنقد والتسويف. يساهم البلد في رسم الخطط والاستراتيجيات العامة وتكون ثابتة وصارمة لا يمكن تغيرها بمجرد مزاجات وأهواء وتدخل أطراف فتية محلية، وتراقب المنجز بلغة التقييم والتقويم وبعدها الحساب والعقاب الصارم والرادع. في حين، نحن، نرى مخرجات خجولة وترقيعية وهامشية ونسعى الى تغطية العيوب والمساوئ بطرق احترافية لأننا نخدع البلد والمواطن كوننا وصلنا بلغة غير منطقية او معيارية الى المنصب.

بالتالي، يكون رأي المواطن الذي أوصل أصحاب القرار الى دفة القيادة والحكم متناقضا عن واقعه الشخصي الذي كان عليه قبل سنة او مدة زمنية ما لأنه، اقصد ذلك المواطن، يساير الواقع بلغة التأمل والحلم والرجاء ولا يسعى الى اقناع المخرجات اليائسة التي تمثل منجزا لاولئك القادة والمسئولين.

تعلمت بلدان من تجارب الحروب بلدان مرت بمراحل صعبة لان تلك البلدان أدركت وأيقنت اللعبة المحلية والمركزية، فنحن، كشعب، مازلنا نحلم وننقد دون جدوى ويكون مواطننا باحثا فلسفيا ومحللا سياسيا واقتصاديا وعلميا في شؤونه وبلده؛ لكنه لا يسعى لبذل جهدا او اعطاء مما لديه لإيقاف الدمار والخراب والتشويش الفكري الذي يمارسه القادة والسياسيين والمدراء عليه.

 نعلم جيدا ان التحليل يحتاج الى لغة الأرقام الملموسة بلغة الواقع التي تتطلب الخبرة والمهارة بينما يبقى ويخلو من الواقعية والجدية كممارسة وأداء وتطبيق وهذا ناتج عن الفراغ الذي يعانيه ذلك المواطن، وعندما يكون مستلما لدفة القيادة والمسؤولية يصبح مواطننا المثالي والنموذجي مسوفا كأقرانه وزملائه الذين سبقوه في المشوار الروتيني والتسويفي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/شباط/2014 - 4/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م