القدرية

علي حسين كبايسي

 

إذا كلمتك بلغة السفسطة المستوحاة من عالم الخرافة والاساطير لاستوقفتني قائلا : ما بك تهلوس و تهذي؟!، ولكن لو أغلف تخاريفي بمسحة دينية لتغير حالك من حال إلى حال، فلو قلت لك أن قردة في الجاهلية رجمت قردة لإتيانها بفاحشة، لابتسمت ابتسامة عريضة وقلت لي هل شاهدت ذلك في رسوم ديزني؟!، لا تهزأ أن ذلك في صحيح البخاري، ستقلب رأسك في السماء ثم تقول : سبحان الله القردة تتوصل إلى أحكام الشريعة في الجاهلية، إنها معجزة سماوية!!، سأقول لك أن العلم الحديث أثبت أن القردة أكثر الحيوانات ديوثة، وهل الحيوانات دخلت عالم التكليف الشرعي؟!.

يرى كارل ماركس أن الدين أفيون الشعوب، وهذه المقولة تأخذ مصداقا قويا على أرضية الواقع الذي يحكمه الدين المتولد من السلطة الفاسدة، ففي صحيح مسلم من حق الحاكم أن يضرب أي مواطن ويسلب ماله وحتى يسبي نساءه، وما على المواطن إلا الاستسلام لقدره حتى لايخرج من دائرة التدين إلى التجديف.

 مصطلح القدرية دفع فولتير لكتابة رواية بعنوان القدر التي تبرز سطوة مفهوم القدر على الشعوب الشرقية واستسلامها لحكم المستبد الذي يستمد حاكميته من الله تعالى، فيذل الحاكم بأمر الله من يشاء و يعز من يشاء.

القدرية بمفهومها السلبي استحدثه معاوية لما قال أن حكم بني أمية قضاء وقدر، وزاد من تجذر القدرية لما أراد الاشاعرة أن يثبتوا أن كل فعل هو فعل الله حتى لا يقعوا في التعطيل فأسقطوا العدل ووقعوا في الجبرية، فالأمة مجبرة بقضاء محتوم في تخلفها و طاعة مطلقة لولي أمرها ولو كان فاسقا شاربا للخمر يأتي بكل المنكرات.

 عرف الغرب أحد مكامن الضعف الذي سهل عليهم تقاسم الجغرافيا العربية بعد اتفاقية سايكس بيكو، واليوم تزايدت الانحرافات وكثر الانتحاريون الذي لا ينتحرون تحت تأثير أفيون القنب الهندي بل أفيون الدين، فالانتحاري يصيح تكبير تكبير ثم يحصد كل الابرياء الذين حوله قضاءا وقدرا، وآملا ومستعجلا الطريق إلى حور العين.

الرعونة الأعرابية المغالية في الكفر والنفاق والعابدة للغنيمة وسبي النساء والقدرية خادمة السلطان، جعلت الامة فريسة سهلة للأعداء، وبأسهم بينهم شديد فقطع الرؤوس هواية وجعل البشر أضاحي وقرابين طقوس مستوحاة من إله إسمه الموروث والسلف الصالح ذاك الافيون الذي أدخل الأمة إلى هستيريا سلخانة يذبح بها البشر ويمارس عليها طقوس وحوش من البشر وذاك دين الوهابية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/شباط/2014 - 3/ربيع الثاني/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1435هـ  /  1999- 2014م