لعناء الكتاب والسنة والسلف..!!!

(2)

هلال فخرالدين

 

نحن في هذا البحث المختصر نؤشر فقط الى بعض نصوص مقدسة مفصلية وفتاوى علمائية بحق رأس الفئة الباغية معاوية وما اجترحه من فظيع جرائم وعظيم مكائد وخبيث دسائس حيث كان المؤسس لبدع كثيرة اخطرها محاربة الحق واهله ونزوه على الخلافة بالمكر والغلبة وجعل الخلافة وراثية وتنصيب يزيد الكفر والفجور على رقاب امة محمد يسومهم الذل والهوان وكما قال الصحابي سعد بن ابي وقاص في بدعة معاوية: ماهلك قيصر الا وقام محله قيصر..!! لان استقصاء جرائم معاوية مما يعجز عنها لانها ان تعدوها لاتحصوها.

الامام الحسن البصري ومهلكات معاوية

ذكر الامام السيوطي في تاريخ الخلفاء عن الامام الحسن البصري قوله: (إن الذى أفسد أمر هذه الأمة اثنان: عمرو بن العاص، يوم أشار على معاوية برفع المصاحف!، والمغيرة بن شعبة حين أشار على معاوية بالبيعة ليزيد. ولولا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة!) وفي رواية اخرى عن الحسن البصري قوله: (إن رجلين كانا قد أفسدا أمر هذه الأمة:

أحدهما: عمرو بن العاص، الذي أشار على معاوية في صفين برفع المصاحف، وبهذا العمل نشأت فرقة الخوارج والمحكمة، وسيبقى أثرها إلى يوم القيامة، وقد عاشت حكومة بني أمية بعد أن لم يكن لها أثر، ولم يكن من المتوقع أن تكون خلافة المسلمين بأيديهم. والثاني: هو المغيرة بن شعبة الذي كان واليا على الكوفة من قبل معاوية، فلما دعاه معاوية إلى الشام ليعزله، أبطأ عليه بعض الأيام، فلما حضر الشام، سأله معاوية: ما الذي أبطئك؟

قال: كنت مشغولا بمقدمات عمل.

قال معاوية: أي عمل هذا؟

قال: أخذ البيعة لولي عهدك يزيد.

فتعجب معاوية من هذا القول، وقال: عملت هذا؟

قال: نعم.

قال: عد إلى عملك.

قال الحسن البصري: ومن أثر هذا التأسيس المشؤوم، كان خلفاء بني أمية يأخذون البيعة لأولادهم، ولو لم يكن للمغيرة هذا العمل، لكانت الخلافة شورى بين الناس إلى يوم القيامة.

النبي يأمر بالتفريق بين من لايجتمعون على خير

 ذكرت روايات السلف ان النبي(ص) رأى معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين فنظر إليهما نظرا شديدا، ثم رآهما في اليوم الثاني، واليوم الثالث، كل ذلك يديم النظر إليهما، فقال في اليوم الثالث: (إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين، ففرقوا بينهما فإنهما لن يجتمعا على خير).

واخرج ابن عبد ربه في العقد الفريد 4 / 345 346 أن معاوية بعث إلى عبادة بن الصامت يستنصره في حرب علي، فلما جاء جلس بين عمرو ومعاوية وحدثهما بهذا الحديث.) وذكر ابن مزاحم في وقعة صفين ص245- 246 أن زيد بن أرقم دخل على معاوية فإذا عمرو بن العاص جالس معه على السرير فلما رآى ذلك جاء حتى رمى بنفسه بينهما وحدثهما بهذا الحديث

بعض ما اجترحه معاوية تكفي اهل الارض

ذكر سبط ابن الجوزي في التذكرة تحت عنوان (فصل في يزيد بن معاوية) قال: (ذكر علماء السير عن الحسن البصري انه قال – قد كانت في معاوية هنات لو لقي اهل الأرض ببعضها لكفاهم.

كلام معاوية وردود ائمة السلف

ونحن في عصر الانفتاح والتواصل ومنطق الدليل أن نكون واعين وصدورنا منفتحة فيه لنحاول استنطاق كلام معاوية استشفاف ما ورائه وتشخيص أهدافه وفهم مأربه كما اكدتها المصادر الموثوقة لائمة السلف وما تبعها من حملات فتاوى أئمة السلف وتوجيه سهام الضلال والانحراف.. إليه. وقد طعن كثير من أصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه إنه كان ملحداً لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات ألفاظه، ما يدل على ذلك.

قال محمّد بن عقيل الشّافعيّ: وأخرج الزّبير بن بكّار في الموفّقيّات –وهو احد ائمة السنة ومنحرف عن اهل البيت -عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليّ ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّا! فانتظرته ساعة وظننت أنّه لأمرٍ حدث فينا، فقلت مالي أراك مغتمّا منذ اللّيلة؟ فقال يا بنيّ جئت من عند أكفر النّاس وأخبثهم[!] قلت وما ذاك؟ قال: قلتُ له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات! هيهات! أيّ ذكر أرجو بقاءه ؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل أبو بكر. ثمّ ملك أخو عديّ فأجتهد وشمّر عشر سنين فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل عمر. وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرات أشهد أنّ محمّدا رسول الله، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا، دفنا) النصائح الكافية، محمّد بن عقيل الشّافعيّ، ص 123 وابن ابي الحديد في النهج ج 5 ص 129والمسعودي في مروج الذهب..

ما في الصدور يظهر على اللسان

إنّ هذه القضية تستحقّ أن يُتوقّف حيالها، لأنّها تضمّنت أمورا توقظ النّائم وتنبّه الغافل، ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حيي عن بيّنة. فأوّل ما فيها شهادة المغيرة بن شعبة على معاوية أنّه أخبث النّاس وأكفرهم؛ هذا مع أنّه شريكه في كثير من الجرائم، وعلى وجه الخصوص في سبّ وشتم ولعن عليّ(ع). ولا يختلف اثنان منصفان في أنّ المغيرة بن شعبة من أعدى أعداء أهل البيت(ع). فهذه شهادة لا سبيل إلى إنكارها. ومادام محمّد بن الحسن الشّيباني صاحب أبي حنيفة يعتبر المغيرة إماما من أئمة المسلمين، فلا مناص له من قبول شهادته.

ثمّ إنّ المغيرة يقول لمعاوية: لو بسطت عدلا، ومثل هذا الكلام لا يقال إلاّ لظالم، إذ لو كان هناك عدل لكان كلام المغيرة فاقدا لمعناه مستحقّا لذمّ صاحبه، وليس معاوية ممن يفوّت ذلك. فشهادة المغيرة على معاوية أنّه ظالم تنضمّ إلى شهادته عليه أنّه أكفر النّاس و أخبثهم. والكافرون هم الظّالمون.

قال المغيرة لمعاوية: "ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم" ومثل هذا الكلام لا يقال إلاّ لقاطع رحم، وإلاّ لكان في ذلك تهمة لمعاوية بقطيعة الرّحم وهي من الكبائر، وقد توعّد الله تعالى من يتعمّد قطيعة رحمه ويشهد لذلك قوله تعالى ﴿فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض تقطّعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم﴾. وكان من جواب معاوية للمغيرة بن شعبة أيضا أن قال له: "وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرّات أشهد أنّ محمّدا رسول الله!" وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾. فمعاوية لا يكتفي بمخالفة القرآن الكريم، وإنّما يذكر النّبيّ(ص) بما كانت تذكره به قريش أيام محاربتها له تروم بذلك انتقاصه والحطّ من شأنه. فمعاوية لا يخفي استخفافه بالنّبيّ(ص) أمام المغيرة لأنّه يعرفه تمام المعرفة، ولولا معرفته بسوابقه لما ولاّه الكوفة فبقي واليا عليها إلى أن مات. مثل هذا الكلام لا يقوله معاوية إلاّ أمام من يعلم أنّهم على شاكلته. ويفهم من سياق الرّواية أنّ المطرف بن المغيرة بن شعبة حدّث بهذا في زمن متأخّر عن أيّام معاوية والمغيرة، وبعيد جدّا أن يحدّث به في حياة معاوية فيعرّض نفسه للتّلف. وباختصار فإنّ هذه الرّواية قد تضّمنت شهادة على معاوية أنّه أكفر النّاس وأخبثهم وقاطع رحم ومستخفّ بمقام النّبيّ(ص)،والشّاهد أحد المقرّبين.

مزاعم معاوية وكفرياته

قال القاضي عبد الجبار في المغني في أبواب العدل والتوحيد: أظهر معاوية أنّ ما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه، ليجعله عذرا في ما يأتيه ويوهم أنّه مصيب فيه، وأنّ الله جعله إماما و ولاّه الأمر، وفشا ذلك في ملوك بني أميّة انظر رسائل العدل و التوحيد ج2ص46.

المؤسف حقا ان يتجاهل علماء مدرسة السقيفة كفريات وشطحات وموبقات معاوية خشية ان يقدح في حكم معاوية، والقدح فيه مستلزم إبطال نظريّة عدالة جميع الصّحابة. وعبارات معاوية في هذا المعنى مبثوثة في كتب التاريخ والأدب،

غاية معاوية تبرر خروجه وسفكه للدماء

كان جل جهود وغاية معاوية في حربه للامام علي وقتله للصحابة والصلحاء والنزوعلى منصب الخلافة بالمكر والغلبة هي الامارة والتسلط على رقاب الامة واستصفاء البيضاء والصفراء.

اخرج الامام ابن أبي شيبة في مصنفه: عن سعيد بن سويد قال: صلّى بنا معاوية الجمعة بالنخيلة في الضحى، ثم خطبنا فقال: ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، وقد أعرف أنّكم تفعلون ذلك، ولكن إنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون انظر المصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج 7 ص 251 الحديث رقم 23.

يقول معاوية: قد أعطاني الله ذلك! إذًا فالله تعالى هو الذي حارب الامام عليّ الذي قال فيه رسوله (ص) يوم الخندق (لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله و رسوله ويحبّه الله و رسوله) صحيح البخارى ج 4ص 20وصحيح مسلم ج5 ص195 وهو كذلك سبحانه وتعالى الذي قتل آلاف الأبرياء ودفن بعضهم أحياء!

تناقض معاوية

 والذي يستوقف الباحث عن الحقّ يلاحظ بشكل واضح التّناقض الصريح بين ما كان يهتف به معاوية أيّام رفع المصاحف، وما يصرّح به هنا، وهو أنّه قاتلهم ليتأمّر عليهم. فلماذا كان يتحدّث عن دم عثمان المظلوم؟ لم يكن التباكي على عثمان إذاً سوى وسيلة للوصول إلى الحكم، وهذا عند أفضل القرون!!

أئمة السلف يطعنون في دين معاوية وابن العاص

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي: ومعاوية مطعون في دينه عند شيوخنا رحمهم الله، يرمى بالزّندقة. وقد ذكرنا في نقض "السفيانية" على شيخنا أبي عثمان الجاحظ ما رواه أصحابنا في كتبهم الكلاميّة عنه من الإلحاد والتعرض للنّبيّ(ص)، وما تظاهر به من الجبر والإرجاء، ولو لم يكن شيء من ذلك، لكان في محاربته الإمام ما يكفي في فساد حاله، لا سيما على قواعد أصحابنا، وكونهم بالكبيرة الواحدة يقطعون على المصير إلى النّار والخلود فيها، إن لم تكفّرها التوبة.

ولم تثبت لمعاوية توبة، بل ثبت قوله "لا والله إلاّ دفنا دفنا " كما أخرجه الزّبير بن بكار في الموفّقيّات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة. قال محمّد بن عقيل الشافعي: ومما يدلّ على استخفاف معاوية بمقام النّبوّة، ما نقله الامام الطّبريّ بسنده قال: قرأت على عبد الله عن فليح قال أخبرت أنّ عمرو بن العاص وفد إلى معاوية ومعه أهل مصر، فقال لهم عمرو: انظروا إذا دخلتم على ابن هند فلا تسلّموا عليه بالخلافة، فإنّه أعظم لكم في عينه، وصغّروه ما استطعتم. فلمّا قدموا عليه قال معاوية لحجّابه: كأنّي أعرف ابن النّابغة وقد صغّر أمري عند القوم، فانظروا إذا أدخل الوفد فتعتعوهم أشدّ تعتعة تقدرون عليها، فلا يبلغني رجل منهم إلاّ وقد همّت نفسه بالتّلف. فكان أوّل من دخل عليه رجل من أهل مصر يقال له ابن الخيّاط وقد تعتع فقال: السّلام عليك يا رسول الله! وتتابع القوم على ذلك، فلمّا خرجوا قال لهم عمرو: لعنكم الله، نهيتكم أن تسلّموا عليه بالإمارة، فسلّمتم عليه بالنّبوة) النّصائح الكافية لمحمّد بن عقيل الشافعي، ص 124..

أقول: ليس في وسع أحد أن يدافع عن معاوية في مثل هذا المقام، فإنّ النبوّة منصب إلهيّ لا يمكن أن يدخل في نزاعات النّاس وقضاياهم الشخصية، لا جدّا ولا هزلا. ولو كان لدى معاوية احترام للمقام لاستغفر الله تعالى وقال للمصريين: ما أنا إلاّ رجل من قريش؛ لكنّه لم يفعل، بل تمادى وتعامل مع المسألة وكأنّ الكلام في محلّه. وهل يرضى مؤمن ومعاوية في القضية السابقة لم يقنع بأن يتمثّلوا له قياما، بل زاد على ذلك أن تعتعهم حتى خاطبوه بالرّسالة وقالوا بما لا يحتمل التأويل: "السّلام عليك يا رسول الله" ولم ينكر عليهم، ولم يُذكر أنّ أحدا في مجلسه أنكر ذلك.

قال ابن أبي الحديد المعتزلي في النهج ج 2 ص 65:

 قلت: قال شيخنا أبو القاسم البلخيّ رحمه الله تعالى: قول عمرو له:"دعني عنك" كناية عن الإلحاد، بل تصريح به، أي دع هذا الكلام لا أصل له، فإنّ اعتقاد الآخرة أنّها لا تباع بعرض الدّنيا من الخرافات! وقال رحمه الله تعالى: وما زال عمرو بن العاص ملحدا، ما تردّد قطّ في الإلحاد والزّندقة وكان معاوية مثله، ويكفي من تلاعبهما بالإسلام حديث السّرار المرويّ، وأنّ معاوية عضّ أذن عمرو، أين هذا من سيرة عمر؟ وأين هذا من أخلاق عليّ(ع)، وشدّته في ذات الله، وهما مع ذلك يعيبانه بالدّعابة!

اهواء معاوية تورده الحامية

جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر: كان [معاوية] يقول ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي. فلمّا نزل به الموت قال: ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، وأنّي لم أل من هذا الأمر شيئا)! تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر، ج 59 ص 61.

أين هذه الكلمة من قول الامام عليّ:(فزت وربّ الكعبة).

قال ابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء ج1 ص 158: (لمّا اجتمع الناس وقامت الخطباء لبيعة يزيد وأظهر قوم الكراهة قام رجل يقال له يزيد بن المقنع فاخترط من سيفه شبرا ثمّ قال: هذا أمير المؤمنين وأشار بيده إلى معاوية، فإن مات فهذا وأشار بيده إلى يزيد، فمن أبي فهذا وأشار بيده إلى سيفه. فقال معاوية: أنت سيّد الخطباء).

hilal.fakhreddin@gmail.com

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/helalAlfakardeen.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/كانون الأول/2013 - 28/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م