مواقع التواصل الاجتماعي.. بين ثورة الانتشار واختراق الخصوصية

 

شبكة النبأ: مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة على شبكة الانترنت والتي تجمع ملايين المستخدمين من مختلف الشرائح والاجناس، هي اليوم وبحسب بعض الخبراء مطلب اساسي مهم لا يمكن الاستغناء عنه في العديد من دول العالم مؤكدين في الوقت ذاته على ان شبكة التواصل الاجتماعي تشهد ثورة تنافسية ونمو هائل ومتزايد في اعداد المستخدمين خصوصا بعد ان سعت تلك الشبكات الى تطوير وتوسيع خدماتها التفاعلية لمستخدميها، وفي ما يخص بعض اخبار تلك المواقع والشبكات فقد اظهرت دراسة اعدها معهد ايماركتر الاميركي ان نحو خمس سكان الارض، اي نحو 1,6 مليار شخص، استخدموا احد مواقع التواصل الاجتماعي مرة واحدة شهريا على الاقل، خلال العام الحالي، اي ما يمثل ارتفاعا بنسبة 14 % عن العام الماضي. وفي حال استمرت هذه الوتيرة على حالها، فان مستخدمي مواقع التواصل مثل فيسبوك وتويتر وانستاغرام وريديت وتامبلر سيناهزون عتبة 2,33 مليار شخص بحلول العام 2017.

وتزداد نسب مستخدمي مواقع التواصل في دول شمال اوروبا خصوصا، وتقع على رأس القائمة هولندا التي يستخدم 63,5 % من سكانها مواقع التواصل، تليها النروج (63,3 %)، فالسويد (56,4 %)، ثم كوريا الجنوبية (53,3 %)، والولايات المتحدة (51,7 %)، وفنلندا (51,3 %). اما في كندا فتبلغ النسبة 51,2 %، و50,2 % في بريطانيا، بحسب هذه الدراسة التي ارتكزت غلى معطيات نشرتها مراكز ابحاث وجهات رسمية في كل دولة.

وتقع فرنسا في المرتبة الرابعة عشرة عالميا، اذ تبلغ نسبة مستخدمي مواقع التواصل فيها 38,5 % من سكانها. وسجل النمو الاكبر في نسبة مستخدمي مواقع التواصل في الهند (+37,4 %) مع ان عدد المستخدمين لا يتجاوز نسبة 7,7 % من السكان، وفي اندونيسيا قفز عدد مستخدمي مواقع التواصل بنسبة 28,7 % وفي المكسيك بنسبة 21,1 %. وهذه الدول تقع في المنطقة التي تسجل اكبر نمو في استخدام فيسبوك، الذي يربو عدد مستخدميه في العالم عن مليون، بحسب أرقامه. اما الدولة التي تضم اكبر عدد من مستخدمي فيسبوك في العالم فهي الولايات المتحدة مع 146,8 مليون مستخدم. بحسب فرانس برس.

على صعيد متصل بات "تويتر" موقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في أوساط المراهقين الأميركيين، مطيحا بالتالي بموقع "فيسبوك"، وفق ما جاء في دراسة صادرة عن مصرف تجاري أميركي. وأكد 26 % من المراهقين المشمولين بالدراسة والبالغ عددهم 8600 مراهق أميركي أنهم يفضلون استخدام "تويتر"، في مقابل 23 % كشفوا ميولهم إلى استخدام "فيسيبوك" وتطبيق "إنستغرام" التابع له، بحسب هذه الدراسة التي أجراها مصرف الاعمال بايبر جافراي.

وكانت دراسة سابقة أجراها المصرف عينه قد أظهرت أن 30 إلى 33 % من المراهقين يفضلون "فيسبوك" على "تويتر". وكشفت الدراسة عينها ان "تويتر" و"فيسبوك" و"إنستغرام" هي أكثر ثلاثة مواقع تواصل اجتماعي استخداما في أوساط الشباب الأميركي. و4 % منهم يفضلون مدونة "تامبلر"، في مقابل 3 % لموقع "غوغل". وشرح جين مانستر الخبير في المصرف أنه "بالرغم من ميول المراهقين إلى استخدام مواقع أخرى، نعتقد أن فيسبوك سيقدم في الأشهر المقبلة مصادر جديدة بفضل أشرطة الفيديو وتطبيق إنستغرام". أما "تويتر"، فهو يضم من جهته 218 مليون مستخدم من أنحاء العالم أجمع، ويعتزم عما قريب طرح أسهمه في البورصة. وتتوخى المجموعة الحذر في عمليتها هذه، سعيا منها إلى تفادي الأخطاء التي ارتكبها منافسها الأكبر "فيسبوك".

الى جانب ذلك أعلنت شركة موقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت "لينكدإن" نمو عدد أعضاء الموقع بنسبة 38% سنويا إلى 259 مليون عضو. وأشارت الشركة إلى وصول عدد مستخدمي الموقع الذي يقدم خدماته في مجال التواصل المهني والعملي بين الأعضاء إلى مستويات قياسية سواء من خلال أجهزة الكمبيوتر المكتبي أو الأجهزة المحمولة.

ويستهدف موقع لينكدإن الأشخاص الذين يريدون الحفاظ على اتصالاتهم المهنية أو يبحثون عن وظائف. ورغم أوجه الشبه مع موقع التواصل الاجتماعي الأشهر "فيسبوك" فإنه ينافس بشكل رئيسي موقع "زينغ" الذي يضم 13 مليون عضو في مختلف أنحاء العالم نصفهم تقريبا موجودون في الدول الناطقة باللغة الألمانية. ويذكر أن "لينكدإن" واحدة من أنجح شركات الإنترنت المطروحة في بورصة الأوراق المالية. ومنذ بداية العام الحالي تضاعف سهم الشركة. وذكرت الشركة أن إيراداتها خلال الربع الثالث من العام الحالي زادت بنسبة 56% إلى 393 مليون دولار. في الوقت نفسه زادت نفقات التسويق والإدارة بالشركة مع زيادة الضرائب وهو ما أدى إلى تسجيل الشركة خسائر قدرها 3.4 مليون دولار خلال الربع الثالث مقابل أرباح قدرها 2.3 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

لاين ووي تشات

في السياق ذاته وبعد النجاح الكبير الذي لقيته مواقع التواصل الاجتماعي الأميركية، تخوض نظيرتها الآسيوية هذا المجال، من قبيل الياباني "لاين" والصيني "وي تشات"، موجهة أنظارها نحو القارة الأوروبية. ومن الاتصالات الصوتية المجانية إلى خدمات الدردشة الفورية وتحديد المواقع وعرض المستجدات. يقدم موقعا "وي تشات" و"لاين" الخدمات عينها، جامعين الوظائف التي تعرض في "فيسبوك" و"سكايب" و"واتساب" في موقع واحد.

وقد أطلق القيمون على موقع "لاين" حملة ترويجية في أوروبا، وكان الموقع يضم حتى نهاية آب/أغسطس 230 مليون مستخدم من أنحاء العالم أجمع، من بينهم 47 مليونا في اليابان و15 مليونا في إسبانيا. وهذا الموقع تابع للمجموعة الكورية الجنوبية العملاقة "ان ايتش ان كوربوريشن" وهو يعتمد استراتيجية قائمة على شراكات مع جهات بارزة، من قبيل نادي كرة القدم "أف سي برشلونة" أو "ريال مدريد" وعلامة "كوكا كولا" ونجم كرة المضرب رافاييل نادال. وفي وسع هؤلاء الشركاء التوجه مباشرة إلى المستخدمين.

ومن نقاط القوة الاخرى التي تتمتع بها خدمة الدردشة الفورية التي أطلقت في بداية العام 2011، اللاصقات المعروفة ب "ستيكرز" المستخدمة للتعبير عن المشاعر وهي أفضل بكثير وأكثر تنوعا من الوجوه التعبيرية (إيموتيكونز) المستعملة عادة. وتكيف هذه اللاصقات بحسب البلدان، فهي تضم في إسبانيا مثلا رموزا من البرنامج التلفزيوني الشهير "إل هورميغويرو" أو من نجوم كرة القدم. وقالت ساني كيم المديرة العامة المساعدة في فرع "لاين" الاوروبي والأميركي نعول كثيرا على هذا النوع الجديد من التواصل، إذ إن هذه اللاصقات تشكل جزءا كبيرا من عائدات المجموعة (30%). وقد بيع 8 ملايين لاصقة في تموز/يوليو 2013، بحسب الموقع الذي بلغ رقم أعماله 75 مليون في الربع الثاني من العام 2013.

ويأتي 50% من العائدات الأخرى من مبيعات الألعاب الخاصة بالتطبيق المخصص للأجهزة المحمولة، فيما تدر الشراكات والمنتجات المشتقة تقريبا 30% من العائدات. وأوضحت ساني كيم أنه "من المزمع إطلاق النسخة الفرنسية من الموقع المكيفة بحسب المناطق في نهاية العام مع حملة ترويجية تلفزيونية وشراكات محلية". ورمز "لاين" الأخضر المؤلف من فقاعة تواصل هو شبيه جدا برمز موقع التواصل الاجتماعي الصيني "وي تشات" الذي أطلق في كانون الثاني/يناير 2011. وقد ترجم "وي تشات" إلى 19 لغة وهو يضم 500 مليون مستخدم، من بينهم 100 مليون على الصعيد الدولي. بحسب فرانس برس.

وقد عين الموقع نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي سفيرا له وصور معه إعلانا تلفزيونيا. ويعول "وي تشات" على الجالية الصينية في بلدان العالم أجمع لتوسيع نطاق نشاطاته. وقال رينو إدوار بارو المدير التنفيذي لمجموعة "آتولييه بي أن بي - باريبا" في آسيا التي هي من شركاء موقع التواصل الاجتماعي أن "الفرنسيين أو الكنديين من أصل صيني مثلا يشكلون بالفعل همزة وصل بين الصين وباقي العالم". ولا يكشف "وي تشات" عن حجم أعماله، لكنه يعول كثيرا في أرباحه على العلامات الشهيرة وخدمة تحديد المواقع لإرسال عروضات ترويجية مثلا أو استقطاب السياح الصينيين الذين يزداد عددهم في أوروبا.

فيسبوك وتويتر في ايران

من جانب اخر استبعد وزير الاتصالات الايراني اجازة استخدام موقعي تويتر وفيسبوك مناقضا موقف الرئيس حسن روحاني الذي تمنى ازالة القيود المفروضة على الانترنت. وصرح محمود واعظي "ليس مقررا اجازة هاتين الشبكتين" على ما نقلت وكالة الانباء الطالبية ايسنا. وتحجب ايران مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب ومواقع كثيرة غيرها وعلى الاخص مواقع اباحية او سياسية. ويجب ان يتمتع متصفحو الانترنت بشبكة افتراضية خاصة (في بي ان) او "حائط نار" (نظام حماية) لاستخدام الانترنت لكن اغلبية هذه الادوات تمنعها السلطات. وتوفر السلطات لبعض الشركات الخاصة او الرسمية شبكة "في بي ان وطنية" للاتصال بالانترنت حول العالم.

بالرغم من هذا المنع يملك عدد من السياسيين الايرانيين حسابات باسمهم على فيسبوك او تويتر. وردا على سؤال حول وجود هؤلاء المسؤولين على الشبكة اكتفى واعظي بالقول "اسألوهم". ويملك وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف حساب تويتر رسميا، كما ان المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي موجود على الشبكة. وهناك حساب على تويتر باسم روحاني منسوب الى مقربين للرئيس. واكد احد مستشاريه ان الحساب ليس شخصيا.

وفي مطلع تشرين الاول/اكتوبر استخدم رئيس تويتر جاك دورسي موقعه ليسال روحاني "ان كان المواطنون الايرانيون قادرين على قراءة تغريداته". ورد الحساب بانه يحاول "ضمان حصول شعبه على المعلومات من حول العالم كما يحق له". وفي مقابلة مع شبكة سي ان ان الاميركية اكد الرئيس الايراني انه يتمنى ضمن الاطار الاخلاقي (الساري في ايران) "ان نتمكن من دخول هذه الشبكات الاجتماعية". وفي 17 ايلول/سبتمبر تمكن الايرانيون لفترة وجيزة من دخول فيسبوك وتويتر بسبب "مشاكل تقنية" بحسب السلطات. وادى ذلك الى صدور رسائل ترحيب كثيرة من متصفحين ظنوا ان القيود ازيلت. وتشير الارقام الرسمية الى وجود اكثر من 30 مليون مستخدم للانترنت في ايران التي تضم 75 مليون نسمة.

برنامج جديد

على صعيد متصل يحلل البرنامج ردود المستخدم على الرسائل التي يتلقاها، ليقدم له فيما بعد اقتراحات تلقائية للرد على تلك الرسائل إذا ما أصبح وجودك بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي عبئا عليك، فربما تجد لدى شركة غوغل ما يقدم لك يد العون. لقد قام عملاق البحث الأمريكي بتسجيل براءة اختراع لخطط تتعلق ببرنامج يتعرف شيئا فشيئا على طريقة تفاعلك مع شبكات التواصل الاجتماعي. ويمكن للبرنامج محاكاة ردود المستخدمين على التدوينات والرسائل التي تصلهم من أصدقائهم وأقاربهم.

ويقوم البرنامج أيضا بتحليل التفاعل المستمر من قبل المستخدمين، كما يعمل على تحديد الرسائل التي تتطلب منهم قدرا أكبر من الاستجابة بشكل شخصي. وكتب آشيش بهاتيا، مهندس البرمجيات في شركة غوغل، في نص براءة الاختراع شهدت الأعوام الأخيرة رواجا لاستخدام الشبكات الاجتماعية وغيرها من أنواع التواصل الإلكتروني. ويصعب، في الغالب، على المستخدمين متابعة جميع الرسائل التي تَرِد إليهم والرد عليها.

ولمساعدة المستخدمين على مواكبة هذا التطور، يحمل بهاتيا تصورا لنظام يعمل على جمع المعلومات عن جميع الشبكات الاجتماعية المختلفة التي يشترك فيها المستخدم، ومن ثم يسجل ذلك البرنامج ما يقوم به المستخدم كما يتابع طريقة تفاعله مع مختلف الرسائل والتنبيهات ومقاطع الفيديو والصور والروابط الإلكترونية. ويعمل البرنامج أيضا على تحليل ردود المستخدم على الرسائل، ليصبح في النهاية قادرا على عرض اقتراحات تلقائية للردود على الرسائل تشبه ردود المستخدم نفسه.

ويتمتع البرنامج المقترح بمرونة كافية للتعامل مع أحداث مختلفة، ومن ثم اختيار ردود تتناسب مع مختلف شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من التطور الذي يبدو ظاهرا من ذلك البرنامج، فإن الأمثلة التي قدمتها براءة الاختراع تظهر أنه لا يزال في حاجة إلى بعض التعديل. وترى هادلي بيمان، الخبيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، أن الذكاء البشري في التفاعل مع الآخرين قد يحد من قدرة برنامج غوغل وإجاباته المقترحة على تحديد الأمور البديهية بطريقة ملائمة. فذكر موعد غداء، مثلا، قد يبدو أمرا غير مهم، إلا أنه يكون مهما في حياة شخص ما لأسباب لا يمكن للبرنامج أن يدركها.

ويتساءل شون لوسان، الأستاذ بجامعة لينكون الذي يعمل على دراسة البرمجة الاجتماعية، عن السبب الذي قد يدفع البعض للجوء إلى هذا النوع من الخدمات. ويقول هل تقلقنا عملية الرد على جميع الرسائل التي ترد إلينا من جميع الأصدقاء أو المتابعين، ما يجعلنا نشعر بحاجتنا الشديدة لهذا البرنامج؟" ويرى لوسان أن برنامج غوغل يؤكد في الغالب على مفهوم شائع خاطئ مفاده أن الإعلام الاجتماعي يقلل من تواصل الناس مع بعضهم. وتابع قائلا الرائع في فكرة الإعلام الاجتماعي أنه يقوم بالعكس، إذ يعمل على تسهيل التفاعل بين الناس بطرق كان يستحيل استخدامها منذ أعوام قليلة ماضية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/تشرين الثاني/2013 - 26/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م