وقفوهم إنهم مسؤولون

علياء الانصاري

 

نداء رباني سيشملنا جميعا في أهم موقف سنصادفه في حياتنا، مقطع حيوي من مشهد يوم القيامة.. حيث اللقاء مع الله تعالى.

ولكن وقوفي لأني مسؤولة يختلف عن وقوفك لانك مسؤول، كما يختلف عن وقوفهم لانهم مسؤولون.. باختلاف حجم المسؤولية ونوعها!

فوقوف ربة البيت باعتبار حجم مسؤوليتها تجاه اسرتها يختلف عن وقوف صاحب القلم والكلمة باعتبار مسؤولية الكلمة التي سيطلقها للناس، ويختلف عن وقوف المسؤول في موقع صنع القرار.. لان حجم مسؤوليته بحجم عدد أنفاس الخلق!!

الخلق الذين تطوف مسؤوليته حولهم.. فلنتصور ان الخلق او ما يسمى ب (المواطنين) كالكعبة باعتبار (حرمة الانسان عند الله اقدس من حرمة الكعبة)، والمسؤول عنهم (الحاكم او الراعي) يطوف حولهم لان مسؤوليته تقتضي ان يعرف اخبارهم واحوالهم ويستقصي شؤونهم وهمومهم ويعمل لأجل قضاء حوائجهم ويسهر لأجل تأمين احتياجاتهم، فهو طائف حولهم بحكم مسؤوليته.. وللطواف شروط وضوابط، أهمها استحضار الله تعالى في كل لحظة وحركة لان غاية الطواف هو الوصول الى رضا الله تعالى.

هكذا أفهم المسؤولية.

وهكذا يكون طواف المسؤول حول كعبته!!

لذلك وقوفه يختلف عن وقوفي ووقوف الآخرين.. فيا ترى ماذا حضر هؤلاء لذلك المشهد العظيم بين يديّ ربٍّ عظيم؟!!

لذلك انتابني شعورٌ بالهلع وانا اتصفح صور (حي الميثاق) التابع لقضاء المسيب شمال محافظة بابل، واستمع الى حكاياهم وقصصهم المأساوية وكأنهم من كوكب آخر او من زمن آخر لا ينتمي الى زمن الديمقراطية والتكنولوجيا الحديثة وموجة حقوق الانسان التي يصرخ بها الجميع.. أين نحن من هؤلاء الناس؟!

اين نحن من حقوق المرأة وحياتها الكريمة التي ما برحنا ننادي بها منذ 2005 والى الآن.. اين هي منظمة (بنت الرافدين) أمام تعاسة المرأة وتدهور وضعها الصحي وهلاك حياتها ودمار اسرتها وطفلها في ذلك الحيّ البائس؟! ماذا أنت صانعة يا (بنت الرافدين)؟!

عجبا..

عندما ستطالعون قصة حيَّ الميثاق في عددنا هذا، سينتابكم الفزع.. ثم سيلفكم الحزن بردائه الاسود، أحقا يمكن ان يحدث هذا؟!

نعم.. ممكن، ولكن الاهم من ذلك، هو هل من الممكن ان نعمل لهم شيئا؟! هل من الممكن ان نصرخ في الفضاء رعدا وبرقا لعل السماء تمطر عليهم رحمة وشفاء؟!

وهذا ما فعلناه في (بنت الرافدي)، لقد أوصلنا معاناتهم الى مجلس محافظة بابل، والتقينا بعدد من اعضائه.. وطرقنا ابواب مديرية صحة بابل، كما تواصلنا مع مجلس قضاء المسيب، وطرحنا معاناتهم على وسائل الاعلام.. وسنبقى معهم حتى ينالوا حقهم في الحياة الكريمة في زمن الديمقراطية والانتخابات وحقوق الانسان.

هذا العدد الذي بين يديكم – اعزائي -، هو جزء من صرخة (بنت الرافدين) لمناصرة ومساندة أهالي هذا الحي المنكوب.. صرخة ستبقى مدوية في السماء حتى يتم تأمين الحياة الكريمة لهؤلاء المواطنين الذين يشكلون نسبة كبيرة من سكان المنطقة، صرخة ستبقى طائفة حول كعبتهم.. واتمنى من مسؤولي محافظة بابل ان يطوفوا معنا، طواف العابدين الخاشعين.. الخائفين من هول ذلك المشهد.. من صرخة: (وقفوهم انهم مسؤولون)، لاني أعتقد بانهم غير قادرين على تجاوز ذلك الموقف بسهولة.. في ذلك العالم الذي تختلف موازينه ومعاييره عن عالم الدنيا.

إنه تحدي يواجه المسؤولين في محافظة بابل.. واتمنى ان ينجحوا في مواجهته.

* ناشطة في مجال حقوق المرأة / مدير تنفيذي لبنت الرافدين

[email protected]

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alyaaalansary.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تشرين الثاني/2013 - 3/محرم الحرام/1435

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م