تركيا والأكراد... مشروع سلام لا يحرك ساكنا

 

شبكة النبأ: بعد مرور عام على استئناف مبادرة السلام بين تركيا والاكراد تبدو مسارات هذه المبادرة السلمية في طريق مسدود مع رفض الأخير مسبقا الإصلاحات الديمقراطية التي قدمها الحكومة باعتبارها غير كافية، وهذا الامر يشير الا ان استمرار التقاطعات واختلاف الرؤى بين طرفي النزاع يضع عملية السلام بينهما تحت وطأة الانهيار.

فعلى الرغم من الاتفاق بين الجانبين ما زال قدر كبير من الريبة المتبادلة قائما، حيث تصاعد الاتهامات بينهما بعرقلة سير عملية السلام مع تزمت كل طرف بموقفه، مما يبين ان لا تكون مبادرة السلام كافية لتحل مشاكل تعود لقرون.

حيث يتهم الاكراد الحكومة التركية بعدم احترام وعودها الاصلاحية خصوصا بعد كشف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن سلسلة اصلاحات كانت مرتقبة كثيرا منها تعزيز حقوق الاقلية الكردية في اوج عملية سلام بين انقرة والمتمردين الاكراد من حزب العمال الكردستاني، لكنها وصفت بأنها اصلاحات غير كافية، فمن شأن هذه التعديلات التشريعية على ابقاء عملية السلام في مسارها الصحيح والتي ينظر اليها على انها أفضل فرصة لانهاء الصراع المستمر منذ عقود.

فقد تباينت ردود الفعل التركية إزاء حزمة الإصلاحات الأخيرة التي كشف عنها أردوغان بين ترحيب وتهكم وغضب ورفض، وبات كل طرف يحمل الاخر مسؤولية أي انهيار لعملية السلام المرجوة، فعلى الرغم من  الضمانات ونبرة الصلح التي تبيدها السلطات التركية، فمازالت الشكوك تساور العديد من الاكراد في النوايا الحقيقة لسلطات انقرة.

وفي هذا السياق  نقلت برفين بولدان، النائب البرلمانية التركية عن “حزب السلام والديمقراطية” الموالي للاكراد، عن زعيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) السجين عبدالله اوجلان القول إنه يناضل من أجل الحفاظ على عملية السلام، فيما لا تتخذ الحكومة الخطوات القانونية الضرورية من أجل حدوث تحول.

ودعا اوجلان الحكومة التركية الى وضع أساس قانوني لعملية السلام لكي تنتقل المحادثات الى “مرحلة المفاوضات العميقة”، ولكنه اتهم لحكومة بوقف العملية ، بحسب بولدان، واتهم اوجلان، ماوصف بأنه “دولة موازية” بمنع إطلاق سراحه وبمحاولة عرقلة عملية السلام كما اعرب عن امله في مواصلة المفاوضات في اقرب وقت ممكن لتجنب الشعور بخيبة الامل إزاء العملية.

على الصعيد نفسه فرقت الشرطة التركية بالقوة متظاهرين أكرادا خرجوا في بلدة سيزري جنوب شرقي البلاد احتجاجا على الإصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وتخللت الاحتجاجات أعمال عنف ومصادمات مع قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين.

وجاءت الاحتجاجات ضد حزمة إصلاحات اردوغان للأكراد التي تشمل خفض نسبة الأصوات التي يتعين لأي حزب سياسي الحصول عليها لدخول البرلمان والسماح بتعليم الأكراد بلغتهم في المدارس الخاصة.

من جهة اخرى أكد حمل مراد قريلان، قائد قوات مركز حماية الشعب التابعة لمنظومة قيادة حزب العمال الكردستاني بقوله "إذا انهارت العملية فلسنا مسؤولين عنها لأننا قدمنا المبادرات والخطوات المطلوبة منا، ولكن حكومة العدالة والتنمية بقيادة أردوغان لم تتقدم بأية خطوة إيجابية لدعم العملية وإنجاحها".

وقال قريلان في تصريحات تداولتها وسائل الإعلام التابعة لحزبه إن "الحكومة التركية لم تتقدم بخطوة واحدة ردا على سحب مقاتلينا من داخل الأراضي التركية تبني الثقة بيننا وبينها، بل على العكس زادوا من استعداداتهم للقتال والحرب، وهذا ما أثار شكوكنا.

من جانب آخر كشف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن سلسلة اصلاحات كانت مرتقبة كثيرا منها تعزيز حقوق الاقلية الكردية في اوج عملية سلام بين انقرة والمتمردين الاكراد من حزب العمال الكردستاني، وبين هذه الاصلاحات التي عرضها امام الصحافيين "تعليم اللغات واللهجات المحلية في المدارس الخاصة" غير اللغة التركية ومنها الكردية المحظورة حتى الان، واعلن اردوغان ايضا ان بعض البلدات الكردية التي تغيرت اسماؤها خلال الثمانينات بعد انقلاب 1980، ستستعيد اسماءها الكردية.

ويفترض ان تمنح الاصلاحات التي اطلق عليها اسم "الرزمة الديموقراطية" وكشف عنها رئيس الوزراء الاسلامي المحافظ، مزيدا من الحرية للاقليات التركية بشكل عام (الروم والعلويون والاشوريون).

غير انها ما زالت لا ترضي مطالب اكراد تركيا، الاقلية التي يقدر عدد افرادها بنحو 15 مليونا من اصل 75، وتطالب بتعليم لغتها في المدارس العامة والاشارة بوضوح الى هويتها في الدستور. 

في المقابل برر الحزب الانفصالي ذلك القرار باتهامه السلطات التركية بالتباطؤ في تنفيذ الاصلاحات الموعودة والمفترض ان تمنح مزيدا من الحقوق للاكراد المقدر عددهم بنحو 15 مليونا في تركيا، من جهته اخذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على حزب العمال الكردستاني عدم الايفاء بتعهداته. وقال "ان 20% فقط (من المتمردين) غادروا تركيا وهم خصوصا من النساء والاطفال".

وقالت غولتان كيساناك نائبة حزب السلام والديمقراطية الذي يعتبر الواجهة القانونية لحركة الكردية لوكالة فرانس برس، "هناك مشاكل وتوترات"، مضيفة "لكن لا يمكن القول ان العملية قد انتهت لان المفاوضات مع (زعيم حزب العمال الكردستاني) عبدالله اوجلان مستمرة"، وتعهد حزب العمال الكردستاني في الواقع الابقاء على وقف اطلاق النار طالما استمر السعي الى ايجاد حل، وهذه البادرة انعشت الامل في ايجاد حل في نهاية المطاف لنزاع اودى بحياة اكثر من 40 الف شخص منذ العام 1984.

لكن الحكومة تواجه "مهمة صعبة" كما يرى نهاد علي اوزكان الخبير في المسائل الامنية في مركز تيباف للدراسات في انقرة. وقال "ان تقديم تنازلات الى الاقلية الكردية تحد حقيقي مع اقتراب الانتخابات" المحلية في اذار/مارس والرئاسية في اب/اغسطس 2014.

وقال الحزب الكردي ان "هذه المعركة ستستمر حتى تقوم حكومة حزب العدالة والتنمية (الحاكم) بخطوات كبيرة نحو احلال الديموقراطية وحل المسالة الكردية"، واكد عبد الله اوجلان في حزيران/يونيو انه يجد ان حركة الاحتجاج ضد الحكومة "ذات معنى"، لكن حزب العمال الكردستاني وفي اطار مفاوضات السلام، لم يدع الاكراد الى دعمها، كما شكك اردوغان بانسحاب مقاتلي الحزب فعلا من تركيا معتبرا ان 20% بالكاد منهم "كبار في السن واطفال" هم من غادروا تركيا الى قواعدهم الخلفية في كردستان العراق، وعليه تضفي التكهنات والمعطيات آنفة الذكر ان السلام بين طرفي الصراع التركي الكردي لا يزال مستبعدا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/تشرين الاول/2013 - 25/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م