بين الصدر والجعفري... من يمثل الطائفة!

حيدر قاسم الحجامي

 

من تابع حديث الصدر الاخير في "الشرق الاوسط " السعودية وحديث رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري لـ"الاهرام " المصرية، سيجد فيهما اكثر من علامة تدعو للتأمل والتفكر طويلاً حول مستقبل البلاد، التي تتحكم فيها منذ عقد جماعات قومية ومذهبية تحاول جاهدة رسم خارطة العراق عبر مختلف الاساليب السياسية منها وغير السياسية، الصدر الذي يقول عن نفسه انه تحول الى صانع ملوك في المرحلة السابقة، يجد نفسه في ورطة !، نعم ورطة امتلك هو القدرة على الاعتراف بها صراحةً على عكس الكثير من السياسيين الشيعة الذين لا زالوا يكابرون ويحاولون التغطية على الفشل المريع عبر سلسلة من التبريرات التي قد يصدق بعضها، وقد يكون بعضها مجرد ثرثرة لجمع الحسنات الانتخابية. في المقابل يبدو حديث رئيس التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري مراوغاً ومخاتلاً كالعادة، يحاول ان يقدم لنا فشل العملية السياسية على طبق الكلام المعسول الذي يجيدهُ في سوق لا تشتري مثله ابداً.

في متابعة حديث الرجلين يمكن التقاط اشارات مشتركة رغم التباين، الصدر الذي بدا يائساً من استمرار الحال كما هو عليه، ويائساً ايضاً من تغييره، بل وعاجزاً وعاتباً على الشعب اكثر من عتبه على نخبة سياسية مصابة بداء " الكذب والفساد والانتهازية "، حديث الصدر كان واضحاً خط فيه من خلاله مبادئ جديدة لتياره او لنفسه على الاقل، بدا الزعيم الشاب اكثر تعاملاً مع الواقع ويعيشه بمحنه مدركاً لخطورة التطرف ومنهج التفكيك الذي تحاول بعض القوى الحليفة له في التحالف الاكبر الترويج له، فهو يرى ان اجتزاء شيعة العراق وعزلهم في اقليم مهما كبر خسارة استراتيجية فادحة، وخنقاً لأغلبية يمكنها ان تكون لاعباً اساسياً وبشكل مستمر لو توفر لها زعماء قادرون على صياغة تفاهمات رصينة داخلية وقبلها اقليمية متوازنة، الصدر يدرك ان الوصول الى صيغة مرضية للحكم والاستمرار به لا بد له من جناحين، تفاهمات داخلية صريحة وواضحة وايمان بشراكة سياسية واخر تطمينات اقليمية وخصوصاً للدول الكبرى المحيطة بالعراق، "تركيا – ايران – السعودية " من دون ذلك لا يمكن رؤية أي تدفق جديد في شرايين العملية السياسية، بل مزيداً من السيول الحمراء في الشارع العراقي.

حديث الجعفري لم يحمل تلك اللغة الصريحة ولم يرغب الرجل في المرور على اس المشكلة، بل حاول رسم الواقع بأطياف حلمه هو، انه يقول ان القتل في العراقي يتم بتخطيط خارجي ـ إقليمي وعالمي ـ يحاول أن يدفع العراقيين لهذا الاتجاه, فلا توجد قبيلة عراقية كبيرة إلا وهي خليط بين السنة والشيعة، فهذه هي الديمغرافية السكانية العراقية, الجميل في الأمر أيضا المصاهرة بين السنة والشيعة التي تصل إلي26.7%. ولكن هذا غير صحيح وهو يعرف ذلك فسبب الاقتتال هو غياب التفاهم السياسي وشعور الطرف السني بانه الخاسر في معادلة ما بعد 2003 ويتناسى الجعفري ان التهجير والقتل على الهوية ما كان له ان ينجح لو لا توفر الارضية المناسبة له والحاضنة.

الجعفري لم يمتلك جرأة الصدر واعترافه الصريح ان سبب ما يدور اليوم هو ان كل الاطراف التي تتحكم بالبلاد تتكسب من "بازار الطائفية " وتتاجر بالمظلوميات، وليته توقف عند هذا بل انه راح يردد نغمة سأمها الشيعة قبل غيرهم، فهو يقول للصحيفة ان الطائفة الشيعية هي من تحكم العراق، وهو افتراء ما بعده افتراء ضد هذه الطائفة المذبوحة من الوريد الى الوريد، الا ان يقصد بكلامه الطائفة غير تلك نعرفها فهو متروك له.

* صحافي وكاتب عراقي

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/haiderqasim.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/تشرين الاول/2013 - 22/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م