مافيات عدم العودة...

د. مؤيد الحسيني العابد

 

الى الان لم تثبت أي وزارة من هذه الوزارات التي تشكل الحكومة الحالية جهدا حقيقيا لإعادة أو تشجيع الكفاءات العلمية والمنتشرة في كلّ بقاع العالم حيث لا تخلو دولة من دول العالم الا وفيها من هذه الكفاءات التي تعمل في شتى مجالات الحياة لسدّ الرمق والاحتفاظ بالكرامة التي بقيت، وهي الوحيدة مخدّشة من هنا وهناك من ابناء الوطن السابقين واللاحقين! من الليبراليين والاسلاميين على حدّ سواء. فالإسلامي لديه الفتوى جاهزة لتفنيد السرقات والفساد الامني والاداري والمالي ولم تعد القضية مخفية الا من تبريرات واهية من لدن ارباب السياسة المنتفعين الذين باتوا يفهمون بأشياء كثيرة الا من عملهم لأغراض الشعب! لقد عانى الكثير من اصحاب الكفاءات الامرين وكانت تنتظر من وزراء كانوا ومازالوا يكذبون ويكذبون! من وزارات التعليم العالي الى وزارات الخارجية والزراعة والصناعة والكهرباء والتجارة والتربية والداخلية (التي امتلأت بالنماذج السيئة والوصولية والتي لا تمتلك من الكفاءة شيئاً). الكلّ منهم يكذب ويسخر من الناس ومن نفسه!

ومن الليبراليين الذين يدّعون بأنّهم البديل القادم وهم كاذبون ولا صدق لديهم وبشيء من الدليل أنّ بإمكانهم أن يعملوا الكثير لأجل الوطن والمواطن ولم يعملوا! فهل الوزير السابق (وزير التعليم العالي والبحث العلمي!) كان إسلامياً؟! ما الذي عمله الا الزيارات المضحكة التي قام بها الى بعض الدول والتمنطق بما نسمعه من الكثيرين عبر شاشات التلفزيون!

لقد إبتشرنا بمجيء وزير عتيد قد إمتلات نفوسنا من تنظيراته الكثيرة منذ سنوات وقد صدّقنا أنّه يعمل للبناء! والى الان لم يعمل لهذه الكفاءات الا التصريحات والتنظيرات! (لقد ظهر من على شاشة فضائية ليقول ان تعيينات قد ظهرت من قبله لـ 400 كفاءة!) وانا اسأل وقد كنت من ضمن هذه التعيينات التي كان فيها مما يضحك اكثر مما يكون شيئا آخر! وليس سرا ان نقول ونكتب ليس كل شيء لاننا سنبقي للكلمة التي نكتب شيئا من أمل!! اما لهذه الوزارة ممّن يأخذ بيدها وينتبه الى جامعاتها والى الكفاءات المشتتة حتى وصل أمر التدريس الجامعي الى الدرجة التي جعلت من الجامعات تغصّ بالجدد من الاساتذة والتدريسيين ولا مكان لمختبر جيد ولا لقاعات جيدة ولا لسكن جيد. بل ولا بذل الجهد وتكليف النفس الى الاتصال بهذه الكفاءات التي تعيش في الخارج والتي تعمل بشتى المجالات واغلبها بعيدة عن اختصاصاتها! والعجيب لو اراد احدها القدوم فهي طامّة كبيرة ان لم تكن الكبرى! حيث يذهب رجل الكفاءة القادمة تلبية الى دعوات خدمة البلد وحين العودة يرى العجب! من دوائر الداخلية البائسة الى التعليم العالي الى المهاجرين، ماهم الا مجموعة من الفاسدين والمفسدين ومجموعة من الفاشلين الذين لا يفقهون من العلم شيئاً ليقع العائد تحت رحمة هؤلاء!

لكي ينهبوا ما في جيبه، بحجج كثيرة لغرض الاستنزاف، ولا فائدة ترجى من هذه الطبقة المافيوية!

 كم من الكفاءات عادت وهربت من جحيم الرشى والواسطة واستنزاف المفسدين والجهلة المعششين في الوزارات!

لقد كتبنا العديد من المقالات حول استقدام الكفاءات والكيفية المناسبة (وهم يعلمون بها ويدركونها ولكن...!). لقد استشرت المافيا(العلمية!!) في وزارة التعليم العالي والتي لا ترغب بعودة الكفاءات خوفا من تضرر مصالحها كما تعتقد واهمة! لقد طالبنا في أكثر من مناسبة القيام بحملة جدية للانفتاح على هذه الكفاءات من خلال زيارات ميدانية تقوم بها لجان من سفارات العراق في الخارج وجرد هذه الاسماء وحسب الاختصاصات. ولكن للاسف لا شيء ظهر الا ما يمكن ان نسميه ذرّ الرماد في عيوننا وعيون الناس المخدوعين بهم!

أسألكم ايها الناس يا من بقي من ذمّتكم وغيرتكم على بلدكم من باقية!

هل يعلم الوزير من يقابل الكفاءات العائدة؟ هل يعلم الوزير ما يسأل من قبل اللجنة كي يقرر الاستاذ او الكفاءة العودة الى الوطن؟ هل يعلم ما تقدّم وزارة المهاجرين من مميزات للعائد استنادا لقرار مجلس الوزراء المضحك؟!((انظر ايها القارىء الامتيازات من موقع وزارة المهاجرين:

هذه رسالة صدرت من قسم الكفاءات/شعبة الاتصال والارتباط والتي جاءت ردا على رسالة مني عن الامتيازات التي تمنح للكفاءات العائدة والتي ضاقت ذرعا من النظام السابق والتي قالت لا، له ورحلت الى بلاد الله الواسعة. لتعطي خبرتها الى الآخر خارج الحدود والذي يقدّر لنا علمنا وخبرتنا براتب خمسة اضعاف ما تعطيه وزارة التعليم العالي!! وبلا سكن ولا اهتمام. هذه الوزارة التي يردد مسؤولوها كلاماً يقولون فيه نريد للكفاءات ان تعود!! فاليكم هذه الامتيازات التي ستمنح للكفاءة العائدة والرسالة بما احتوت اذكرها لعلّكم تنتبهون الى هذه الكفاءات التي تريد الحكومة ان ترجعها الى البلد (ان كانت هذه رغبة فعلية واخلاصاً حقا لعودتهم!!).

السيد.............المحترم

تحية طيبة

الامتيازات الممنوحة للكفاءات العائدة وبعد اتمام عملية التسجيل هي

منحة اربعة ملايين دينار

الاعفاء من شرط ترقيين رقم سيارة قديم

قطعة ارض لمن يثبت الاضطهاد السياسي

كتب تأييد الى الجهة التي يرغب بها بالتعيين او اعادة التعيين او الدوائر الاخرى.

مع التقدير

قسم الكفاءات/شعبة الاتصال والارتباط))

هذا جواب على رسالتي لهذه الشعبة التي قلت فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد المسؤول عن عودة الكفاءات من الخارج المحترم

لقد أرسلت لكم رسالتي التي أسأل فيها عن قرار مجلس الوزراء الخاص بالامتيازات للكفاءات العائدة، وقد قلت فيها:

اني الدكتور..........................ارغب في العودة الى العراق للالتحاق بعمل في الجامعة. وبالفعل عدت بشكل مؤقت الى العراق لمعرفة الاوضاع هناك. وقد قدمت الى وزارة التعليم العالي وقابلت اللجنة المسؤولة وقمت بكل ما مطلوب للعائد. وذهبت الى وزارة المهاجرين لإكمال المعاملة وبقيت ناقصة من معادلة الشهادة التي انتظر ان تتم خلال اسبوعين او اكثر لالحاقها بالملف في وزارة المهاجرين. وقد سألت حينها عن قرار مجلس الوزراء الخاص بالامتيازات للكفاءات العائدة فأخبروني بعدم وجود اي شيء من هذا القبيل الا من قرار تعيين في الجامعة! فلا سكن ولا منح ولا اي شيء! هل لكم ان توضحوا هذا الامر حيث صدر بالفعل قرار التعيين في الجامعة التي لم ادونها في الطلب بل في جامعة لا سكن فيها ولا اي شيء! ورغبت بالتعيين على الاقل في جامعة اخرى خارج بغداد وهي جامعة ميسان. هل لكم ان توضحوا ما الامر حول الامتيازات التي نسمعها ولا اثر لها؟!! وكيف نعود الى بلدنا وقد غبنا عنه اكثر من ربع قرن ولا يكن لنا ولا لعائلتي! كيف يكون ذلك؟!

أرجو أن يكون لكم متّسعاً من الوقت للإجابة كي نكون على بيّنة من الأمر. هل في الأمر شيء أم هناك خطأ في فهم القرار؟!

تقبلوا تقديري واحترامي

والسلام عليكم

د...........................

اختصاص.............................

12/09/2013

انتهت الرسالة!

من الامور التي سألت عنها وجها لوجه لرئيس اللجنة في وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ:

ماذا ستقدمون لنا من سكن امتيازات وانتم تعرفون نحن غادرنا الوطن منذ قرابة ربع قرن! فيكون الجواب:

لا سكن ولاهم يحزنون كلما هنالك اكمال الاوراق وانتظر التعيين!!

ان اردتم عودة كفاءة صار لها من الزمن قرابة ربع قرن خارج البلد وقد بلغت من العمر الذي تجاوز الخمسين عاما وله اولاد في الجامعات والمدارس، اين يسكن العائلة حين عودته؟!

 لو كان في الغيرة العراقية بقية عند هؤلاء، أينطقون بكلمة لا سكن عندنا؟!!

اكثر من ربع قرن ونحن بعيدون عن الوطن ويأتيك عضو لجنة علمية في المقابلة البائسة ان لا امكانية لإسكان الكفاءة!! الاستاذ هو الذي يدبّر سكنه بنفسه! ولا مساعدة من قبل الدولة (لانقول حقوقاً لتشجيع الكفاءات على العودة ولكن نقول مساعدة!) من سكن او مال لتدبير امره وعائلته بل والادهى عندما يخيرك رئيس اللجنة بين الجامعات التي ترغب في التعيين فيها يأتيك التعيين كإبعاد عن مدينتك اكثر من 400 كيلومترا. في بيئة لا نعرفها ولا نفهمها بعد هذا الغياب الطويل عن البلد. وتذهب هناك بلا سكن ولا شيء آخر!

ربما اراد السيد الوزير منّا أن نتعرف على هذه المدن البعيدة بالتسول بين الناس للبحث عن سكن وسط هذا المجتمع الذي يعدّ بكل المقاييس غريبا علينا. ونحن اهل العاصمة التي يراد لأهلها ان يبتعدوا عنها لتحل محلنا مجتمعات غريبة عنّا وعن طبيعتنا.

لجان تشكل لا سؤال عن ابحاث ولا عن نشاطات علمية ولا عن اي شيء وكأنّ العملية إسقاط واجب ليظهروا على الاعلام ويقولوا قد حققنا ما وعدنا! وان اردت ان تعتذر عن تعييناتهم يقولوا لك انك لم تلتحق بعملك، ماذا نعمل لك!!؟ هل رايت كاذبين ومناورين مثل أولئك؟!!

هل يعلم أولئك ماذا نكسب من مرتّبات في بلدان الغربة؟! لنترك هذا العمل الذي نكسب منه خمسة اضعاف راتب التعليم العالي العراقية، ونترك سكنا من إطمئنان وامان واستقرار لاهلنا وعوائلنا لنعود الى الوطن الذي نرغب في خدمته بلا سكن ولا امن ولا مال يحقق لنا اقل ما يمكن للعيش فيه!

 فهل هؤلاء حريصون على عودتنا الى البلد؟!!

والسؤال لماذا؟!!

واقولها للنواب الذين يريدون لهذا البلد من بناء، الى كلّ النواب والاخوة والاحبّة من يريد بهذا البلد الخير خالصا مخلصاً! وهم قلّة قليلة!!

 انّ مثل هذه الاعمال الصادرة من هكذا وزارات انّما تصدر من فاشلين خائبين سارقين، اقل ما يقال عنهم حاقدون على هذه التربة وهذا الوطن!

* اختصاص علوم تقنية(الفيزياء النووية)-السويد

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/moayedhosaini.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 13/تشرين الاول/2013 - 7/ذو الحجة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م