شبكة الانترنت... بين الممنوع والمسموح وعمليات تجسس

 

شبكة النبأ: الرقابة والقيود التي تفرضها الكثير من الحكومات على شبكة الانترنت و الاتصالات من خلال فرض قوانين وأطر خاصة تحد من حرية استخدام الانترنت يضاف إليها عمليات التجسس التي تقوم بها بعض الدول، أصبحت محط اهتمام العديد من الأوساط الإعلامية والشعبية والسياسية في مختلف دول العالم، وبحسب بعض الخبراء فان حرية الانترنت قد تراجعت بشكل خطير في الفترة الأخيرة بسبب مساعي بعض الحكومات للسيطرة على شبكة الانترنت، وفي هذا الشأن خرج الاف الالمان الى الشوارع في برلين احتجاجا على تنصت وكالة الامن القومي الاميركية وغيرها من اجهزة الاستخبارات على اتصالات الانترنت وتهاون السلطات الالمانية في رد فعلها على ذلك. وقال منظمو التظاهرة ومن بينهم حزب الخضر المعارض وحزب اليسار وحزب القراصنة، ان نحو 20 الف شخص شاركوا في الاحتجاجات. ولم تؤكد الشرطة العدد واكتفت بالقول ان العدد يختلف عما ذكرته المعارضة. وجرى تنظيم الاحتجاج تحت شعار الحرية وليس الخوف، وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها كفوا عن التجسس علينا وكتب على اخرى عبارة ساخرة شكرا بريزم (برنامج التجسس الاميركي) اخيرا اصبحت الحكومة تعرف ما يريد الناس. بحسب فرانس برس.

وقال كاياوي ستفينز احد المتحدثين في التظاهرة ان اجهزة الاستخبارات مثل وكالة الامن القومي الاميركي تتجسس بدون خجل على المكالمات الهاتفية واتصالات الانترنت في جميع انحاء العالم، وحكومتنا التي من واجباتها حمايتنا من الضرر، ترسل توضيحات مهدئة. واظهرت وثائق تم تسريبها مؤخرا ان اجهزة الاستخبارات الاميركية والبريطانية قامت بفك شيفرة تمكنها من التنصت على مجموعة كبيرة من اتصالات الانترنت بما فيها الرسائل الالكترونية والحوالات المصرفية والمحادثات الهاتفية. وتشير الوثائق التي قدمها ادوارد سنودن الى صحف نيويورك تايمز وبروبوبليكا والغارديان ان اجهزة الاستخبارات قادرة على فك شيفرة البيانات حتى تلك التي لها شيفرة معينة تجعل منها بيانات خاصة.

قاعدة سرية

في السياق ذاته ذكرت صحيفة بريطانية ان بريطانيا تدير محطة سرية لمراقبة الانترنت في الشرق الاوسط، مستندة في معلوماتها هذه على الوثائق التي سربها اخيرا المستشار السابق للاستخبارات الاميركية ادوارد سنودن. وقالت صحيفة الاندبندنت انه لم يكشف البلد الذي تتمركز فيه هذه القاعدة لكنها اوضحت انها تستطيع اعتراض الرسائل الالكترونية والاتصالات الهاتفية وحركة اشلبكة للولايات المتحدة ووكالات استخبارات اخرى. واضافت ان القاعدة البريطانية تتصل بكابلات الالياف البصرية تحت البحر في المنطقة.

وهي تعيد تمرير المعلومات الى وكالة التنصت الالكتروني البريطانية "غوفرنمنت كومينيكشن هيدكوارترز" (جي سي اتش كيو) في شلتنهام جنوب غرب انكلترا، التي تتقاسم المعلومات مع وكالة الامن القومي الاميركية. وقالت وزارة الخارجية البريطانية لا نعلق على قضايا استخباراتية. ولم تكشف الصحيفة كيف حصلت على التفاصيل الواردة في ملفات سنودن.

وكشف سنودن الذي كان مستشار متعاقدا مع وكالة الامن القومي الاميركية تفاصيل عن نشاطات تجسسية تقوم بها الولايات المتحدة وبريطانيا، وذلك عن طريق صحيفة الغارديان مطلع العام الجاري. وقد منحته روسيا لجوءا موقتا ليتجنب ملاحقات في الولايات المتحدة. وكانت الغارديان اعلنت ان الحكومة البريطانية اجبرتها على اتلاف الملفات السرية التي استندت اليها لتحقيق هذا السبق. بحسب فرانس برس.

واعلن مقال نشره مدير تحرير الصحيفة البريطانية الان راسبريدجر انه تلقى اتصالا من مسؤول حكومي رفيع جدا" ثم من شخصيات غامضة في وايتهال، الحي الذي يضم مكاتب الوزارات في لندن. وقال ان الطلب نفسه تكرر بتسليم المواد التي وفرها سنودن او اتلافها. ونشرت الغارديان تفاصيل عن الطريقة التي ضغط بها موظفان بريطانيان كبيران بدون ذكر اسمهما، على ادارة الصحيفة كي تتلف الوثائق. وأفادت الصحيفة قالا انهما يخافان من ان تتمكن حكومات اجنبية وخصوصا روسيا والصين من قرصنة شبكة الغارديان. ووصفت الصحيفة هذه العملية بانها خطوة رمزية عبثية جدا لان هناك نسخا اخرى بحيازة صحف اميركية وبرازيلية. واكدت الحكومة البريطانية ان جيريمي هيوود كبير مستشاري رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للشؤون السياسية اوفد الى الصحيفة ليبلغها بان عليها اتلاف المواد او تسليمها او مواجهة ملاحقات قضائية.

امن الانترنت

من جانب اخر يدعو خبراء امن الانترنت الى حملة لاعادة صياغة امن الانترنت في اعقاب كشف النقاب عن تطوير وكالة الامن القومي الامريكي القدرة على خرق التشفير الذي يحمي ملايين المواقع. ولكنهم اعترفوا بان هذه المهمة لن تكون سهلة وذلك الى حد ما لان امن الانترنت يعتمد بشكل كبير على علماء حكوميين نابهين يتشكك فيهم الان كثيرون على ما يبدو. وقال خبراء تكنولوجيا كبار انهم شعروا بالخذلان لمحاولة وكالة الامن القومي الامريكي التي ساهمت في بعض من المعايير الامنية المهمة ضمان ان تبقى ضعيفة بما يكفي لاختراق الوكالة لها. وقال البعض انهم صدموا لتثمين الحكومة قدرتها على المراقبة بشكل كبير الى حد استعدادها لتقليص امن الجميع.

وقال ماثيو جرين استاذ التشفير في جونز هوبكنز لدينا افتراض ان بامكانهم استخدام امكانياتهم لاضعاف المعايير ولكن هذا يجعل الجميع في الولايات المتحدة غير امن. كنا نعتقد انهم لن يكونوا مجانين بما يكفي لاسقاط الارض التي يقفون عليها والان لسنا متأكدين جدا. وقال رئيس مجموعة تطوعية مسؤولة عن قواعد التكنولوجيا الاساسية للانترنت ان اللجنة ستكثف عملها لاضافة التشفير للحركة الاساسية للانترنت وتعزيز طريقة حماية صفحات المصارف والبريد الالكتروني والصفحات الاخرى التي تكون بدايتها اتش تي تي بي اس.

من جهة أخرى دعا ائتلاف من أجل زيادة الشفافية على الانترنت يضم بشكل خاص غوغل وفيسبوك حكومات 21 بلدا إلى نشر طلبات مراقبة المواطنين التي تتلقاها من أجهزة الاستخبارات التابعة لها. ويدعو ائتلاف غلوبال نتوورك اينيشياتيف الذي يضم غوغل و"فيسبوك وياهو! ومايكروسوفت حكومات تلك البلدان، ومن بينها الولايات المتحدة وفرنسا، إلى نشر طلبات المراقبة الالكترونية والسماح للشركات التي توجه إليها تلك الطلبات بالكشف عن طلبات القوى الأمنية وأجهزة الاستخبارات.

وتتعرض المجموعات التكنولوجية الأميركية للضغوط بعد الكشف عن برنامج المراقبة الأميركي "بريزم" الذي حصلت وكالة الأمن القومي الأميركية من خلاله على آلاف البيانات الرقمية الخاصة بمستخدمي الانترنت.

وتؤكد شركات الانترنت أنها لا تكشف عن أي معلومات إلا بطلب رسمي من المحاكم. وتقدمت غوغل وياهو! وفيسبوك بعرائض قضائية طلبت فيها السماح لها بالكشف عن طلبات المراقبة التي تتلقاها من الادارة الاميركية. ومن بين البلدان الأحد والعشرين التي توجه إليها الائتلاف، فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا.

ايران والكويت

على صعيد متصل تمكن متصفحو شبكة الانترنت في ايران من تصفح موقعي فيسبوك وتويتر المحجوبين عن الشبكة في البلاد، وذلك بسبب مشاكل تقنية، وفق ما اعلن مسؤول مكلف قضايا الجرائم الالكترونية. وقال عبد الصمد خرم عبادي في تصريحات اوردتها وكالة مهر ان عدم حجب موقع فيسبوك كان ناجما على ما يبدو عن مشاكل تقنية. نحن في صدد درس هذه القضية. واضاف نحن في صدد تحديد هوية موزع الانترنت المسؤول عن هذا الامر. اذا ما لاحظنا حصول خطأ، سنتخذ تدابير. واعيد تفعيل نظام الحجب تدريجا ما ادى الى تعذر الدخول الى هذين الموقعين للتواصل الاجتماعي وحصل هذا النوع من الحوادث التقنية في السابق.

واثار استخدام موقعي فيسبوك وتويتر من دون خوادم وكيلة او شبكات خاصة افتراضية، وهي ايضا ممنوعة في ايران، موجة ترحيب لدى مستخدمي الانترنت في البلاد. وكتب مهدي على صفحته عبر فيسبوك اصدقائي في الولايات المتحدة، هل تؤمنون بالمعجزات؟ حسنا، لقد حصلت معجزة للتو في ايران وقامت الحكومة برفع الحجب عن فيسبوك. من جهته كتب علي تويتر وفيسبوك اصبحا مسموحا بهما، شكرا روحاني في اشارة الى الرئيس الايراني الجديد. وكتبت سيما يا لها من لحظة سعيدة تصفح تويتر من دون شبكة خاصة افتراضية. وتحجب السلطات الايرانية موقعي تويتر وفيسبوك، وايضا مواقع اخرى عدة منها يوتيوب ومواقع اباحية وسياسية.

وعلى المتصفحين الايرانيين استخدام شبكات خاصة افتراضية للدخول الى هذه المواقع، ولكن هذه الشبكات يتم منعها ايضا. وتمنح السلطات لبعض الشركات الخاصة والحكومية شبكة خاصة افتراضية وطنية. وبعد انتخاب الرئيس حسن روحاني، اصبح وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اول مسؤول في ايران له حساب موثق على موقع تويتر، رغم ان احدا في ايران لا يحق له متابعة تغريداته بشكل قانوني.

كما ان هذا الدبلوماسي الايراني ناشط على صفحة له عبر موقع فيسبوك. ورغم هذا المنع، يملك عدد من المسؤولين الايرانيين صفحات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل صفحة للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي على موقع فيسبوك وحساب له على تويتر. ومنذ تسلم روحاني مهامه في اب/اغسطس، بدأت السلطات تبدي مرونة اكبر حيال المسائل الثقافية والاعلامية والاجتماعية بالمقارنة مع عهد سلفه محمود احمدي نجاد.

من جانب أخر أيدت محكمة الاستئناف في الكوبت حكما يقضي بسجن فتاة عشرين شهرا متهمة باطلاق تصريحات مسيئة للشيخ صباح الاحمد الصباح، وفقا لحيثيات الحكم. وقد مثلت سارة الدريس امام المحكمة الابتدائية بسبب تغريدات على تويتر اعتبرت مسيئة للامير لكن الحكم بقي معلقا مقابل دفع كفالة قيمتها 700 دولار. ومن المتوقع ان يؤدي تاييد العقوبة الى سجنها لكن بامكانها الاعتراض على الحكم امام محكمة التمييز. والدريس هي ثاني كويتية تخضع للمحاكمة بسبب تعليقات تمس بالامير. بحسب فرانس برس.

وكانت المحكمة ادانت هدى العجمي بالسجن 11 عاما بسبب تغريدات على تويتر تهاجم الشيخ صباح وتتضمن الدعوة الى قلب نظام الحكم. ويعتبر القانون الكويتي انتقاد الامير جريمة سياسية عقوبتها السجن خمس سنوات حدا اقصى. وفي الفترة الاخيرة، ازدادت اعداد الناشطين والمعارضين الذين يخضعون للمحاكمة بسبب انتقاد الذات الاميرية او اطلاق تعابير مسيئة.

أخبار أخرى

في السياق ذاته تلقت شرطة أبو ظبي عدداً من الشكاوي من ضحايا لعصابة دولية تخصصت في استدراج الخليجيين عبر الانترنت وتصويرهم في مشاهد مخلة بالآداب دون علمهم، ليتم ابتزازهم لدفع مبالغ مالية، مقابل عدم نشر تلك اللقطات في المواقع الإلكترونية. وذكر العقيد راشد محمد مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بأبوظبي، أن العصابة تتصيد ضحاياها عن طريق مشاهد إباحية لنساء واستخدام دبلجة بصوت نسائي لاستدراج الضحايا الذكور للوقوف أمام كاميرات الحاسوب في أوضاع مخلة بالآداب العامة.

وأضاف أن العصابة تستغل المشاهد المصورة في ابتزاز وتهديد الضحية، بهدف الحصول مبالغ مالية عن طريق تحويلها إلى حسابات خارج الإمارات، مقابل تسليم الفيديوهات المسجلة، وأكد العصابة تستهدف دول الخليج، داعيا إلى عدم الثقة بالغرباء أو برسائل البريد الإلكتروني المجهولة المصدر، التي تهدف إلى جر الشباب لعلاقات مشبوهة، وأفاد بأن شرطة أبو ظبي خاطبت جهات أمنية في عدة دول لرصد تحركات أفراد تلك العصابات وضبطهم.

الى جانب ذلك طور مبرمج بريطاني موقع إلكتروني يسهل على مستخدمي الإنترنت حذف حساباتهم الشخصية من أشهر الخدمات والمواقع على شبكة الإنترنت. وأطلق الموقع تحت اسم justdelete.me وهو الموقع الذي يقدم للمستخدم طريقة سهلة للوصول إلى رابط إلغاء الحساب في العديد من الخدمات والمواقع الإلكترونية. وقال المبرمج البريطاني روب لويس، عبر مدونته، أنه قام بإنشاء موقع justdelete.me بعدما لاحظ كثرة التغريدات حول صعوبة إلغاء الحسابات الشخصية من بعض خدمات مثل "سكايب" و"Netflix".

ويضم الموقع ما يزيد عن مائة خدمة وموقع إلكتروني، مصنفة في أربع فئات هم "سهلة" و"متوسطة" و"صعبة" و"مستحيلة"، وتمثل كل فئة من الفئات الأربعة مدى سهولة أو صعوبة حذف الحساب الشخصي عبر الموقع. وصنفت أغلب الشبكات الاجتماعية بأنها مواقع يسهل إلغاء الحساب الشخصي للمستخدم فيها، مثل شبكتي "فيسبوك" و"تويتر"، إلا أن خدمات مثل "سكايب" للمحادثة عبر الإنترنت صنفت على أنها صعبة حيث يحتاج المستخدم لإبلاغ الدعم الفني سبب حذف الحساب.

وفي المقابل صنفت خدمات شهيرة على أنها مواقع مستحيل حذف الحساب الشخصي بها مثل موسوعة "ويكيبيديا" حيث يظل اسم المستخدم موجودً بالموقع عند الرغبة في حذف الحساب، بالإضافة إلى "ووردبرس" حيث لا يمكن حذف الحساب تماماً ولكن فقط المعلومات الشخصية للمستخدم. والجدير بالذكر أن الموقع يتيح للمستخدمين الإنتقال مباشرة إلى رابط إلغاء الحساب الشخصي واتمام عملية الإلغاء عند الضغط على اسم أي خدمة أو موقع إلكتروني من الموجودة على صفحته الرئيسية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/أيلول/2013 - 18/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م