شمال القوقاز... ارهاب دامي من روسيا الى سوريا

 

شبكة النبأ: تشهد منطقة شمال القوقاز بشكل عام، والتي تضم الجمهوريات المضطربة الشيشان، وداغستان، وأنغوشيا، الكثير من الهجمات التي يشنّها مسلّحون ضد الشرطة والقوات الإتحادية والمسؤولين المحليين، فضلا عن اعمال ارهابية داخلية وخارجية في روسيا، وبعد حرب الشيشان الاولى بين القوات الروسية والانفصاليين (1994-1996) اتخذ التمرد طابعا اسلاميا وتجاوز حدود الشيشان ليتحول بعد العام 2000 حركة اسلامية مسلحة تنشط في القوقاز الشمالي برمته.

ففي المدة الاخيرة تصاعدت التوترات الامنية والهجمات إلارهابية بصورة متكررة ضد روسيا وبعض البلدان العالمية لتصبح منطقة شمال القوقاز المضطربة مرتاع الإرهاب يهدد أغلب بلدان العالم، فقد برز المتشددون القادمون مرتبطون بتنظيم القاعدة الارهابي من شمال القوقاز كبعض من بين اكثر المقاتلين فاعلية في الحرب ضد سوريا، ويسلط وجودهم الضوء على المخاطر الأمنية التي قد يشكلونها إذا عادوا إلى القوقاز الروسي الواقع على حدود المنطقة التي تعتزم موسكو أن تستضيف فيها دورة سوتشي الأولمبية الشتوية 2014.

فبعد عامين ونصف العام على بدأ الصراع في سوريا، يرى الكثير من المحللين ان التظيمات الارهابية باتت تشكل بؤرة جديدة للإرهاب العالمي منطلق من سوريا، فكلما استطالة أمد هذا الصراع، زاد ضلوع كتائب مقاتلة تتألف كلية من غير السوريين، ومنها الى حركة اسلامية مسلحة تابعة للقوقاز الشمالي، ويرى بعض المراقبين أن عددًا من الدول والمنظمات التى ترعاها تنظر إلى هذه المنطقة كمرتع لتنظيمات الارهاب وكقاعدة لزعزعة الاستقرار بعض البلدان المعادية لها كروسيا.

فيما أظهرت التطورات الأخيرة الممتثلة بجبهة القتال والتشرذم المتصاعد في سوريا بين ما يسمى بـ إسلاميو القوقاز والدولة الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة في عدة مناطق بسوريا مما ينم عن تصاعد العداء بين خصوم النظام السوري، ليكشف هذا الانقسام الاجندات التي تهدف اليها هذه المجاميع الارهابية مما أدى الى حدوث خلافات أيديولوجية وسياسية أيضا فيما بين زعماء الفصائل كسبب محتمل للانشقاق.

من جهة أخرى يرى محللون آخرون أن روسيا غيرت اساليب مكافحة الإرهاب لتوجيه ضربة قاضية للارهابيين، حيث كانت الحكومة الروسية تتبع سياسة تؤكد على تنمية المنطقة الفقيرة فى شمال القوقاز, حيث ينشأ معظم المتمردين والارهابيين في البلاد, وشنت الحكومة الروسية حربين ضد الارهاب منذ انهيار الاتحاد السوفييتى عام 1991، ومن اجل مواجهة افضل للتهديدات الارهابية في شمال القوقاز, ما تزال الحكومة الروسية تستخدم التنمية الاقتصادية كاجراء وقائى فى الحرب ضد الارهاب، وعليه تضفي المعطيات آنفة الذكر ان الشمال القوقازي المضطرب قد يشكل خطرا امنيا يتعدى اعتاب روسيا ليصبح إرهاب متنقل ربما يهدد أغلب بلدان العالم.

إسلاميو القوقاز في سوريا

في سياق متصل أفاد شريط مصور وضع على الانترنت بأن جماعة من المتشددين الإسلاميين من منطقة شمال القوقاز المضطربة في روسيا والذين يقاتلون في سوريا انشقوا عن جماعة رئيسية في المعارضة مرتبطة بالقاعدة لتشكيل كتيبة مستقلة، وأعلنت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم (مجاهدي القوقاز في الشام) قرارها الانشقاق على جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام في شريط فيديو وضع على موقع يوتيوب، ولم يتسن على الفور التحقق من صحة شريط الفيديو، وأعلن مقاتل ملتح يرتدي زيا مموها انشقاقهم عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وأنها أصبحت فصيلا مستقلا، وكان يتحدث بالروسية في حين يترجم مقاتل اخر حديثه الى العربية. بحسب رويترز.

وظهر في الفيديو حوالي 40 مقاتلا آخرين ملثمين ومسلحين ببنادق هجومية، وقدرت روسيا أن نحو 200 من مواطنيها يحاربون مع المعارضة السورية، وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن الانشقاق له جذور على ما يبدو في رغبة الجماعة القادمة من شمال القوقاز في أن تنأى بنفسها عن الخلافات بين الدولة الإسلامية في العراق والشام والفصائل الأخرى.

كما أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو، إن مواطنين من جمهوريات القوقاز الروسي، ومن بينها الشيشان، يقاتلون إلى جانب قوات المعارضة السورية، وقال المعلم في لقاء مع رئيس الدوما سيرغي ناريشكين إن "مقاتلين من 83 دولة على الأقل، يتم تسليحهم وتدريبهم في تركيا، يشاركون في العدوان على بلدنا". وأضاف، بحسب وكالة "ايتار- تاس" إن "بعضهم آتٍ من القوقاز، والشيشان، إنهم إرهابيون".

كتيبة مسلحة جديدة تابعة للقاعدة

في سياق متصل أعلن التيار السلفي الجهادي في الأردن، تشكيل كتيبة مسلحة جديدة تابعة لتنظيم القاعدة في مدينة حلب شمال سوريا، تحت اسم (المهاجرون) وتضم مسلحين من الشيشان، وقال قيادي بارز في التيار رفض ذكر اسمه ليونايتد برس إنترناشونال، “أعلن في مدينة حلب شمال سوريا، تشكيل كتيبة مسلحة جديدة تابعة لتنظيم القاعدة تضم أكثر من 1000 مقاتل وهم من قدامى المقاتلين المجاهدين في الشيشان ودول القوقاز". بحسب يونايتد برس.

وأوضح أن “الكتيبة التي يقودها أبو عبد الرحمن الشيشاني تضم خبرات عسكرية شيشانية قديمة”، يشار إلى أن مقاتلي ما يسنى بـ  “دولة العراق والشام الإسلامية” الذين يقاتلون القوات السورية الحكومية يتواجدون في مدينة حلب شمال سوريا، بينما يتركز مقاتلي “جبهة النصرة” في مدينة درعا (جنوب).

اضطرابات امنية في الشيشان

على صعيد ذو صلة قتل ثلاثة شرطيين في هجوم انتحاري في الشيشان، الجمهورية المضطربة في القوقاز الروسي، وفق ما اعلن الفرع المحلي لوزارة الداخلية، وقالت الوزارة في بيان "قتل ثلاثة شرطيين اثر انفجار تسبب به انتحاري"، وكان المهاجم يقود سيارة محملة ستين كلغ من المتفجرات ويتجه الى مركز للشرطة في مدينة سيرنوفودسك غرب العاصمة غروزني. وقد حاول شرطي منعه من العبور وعندها قام المهاجم بتفجير نفسه، واوضح المصدر نفسه ان اربعة شرطيين اصيبوا ايضا في الهجوم. بحسب فرانس برس.

وفي جمهورية انغوشيا بالقوقاز الروسي ايضا، قتل شرطي واصيب اخر بانفجار سيارة، وفق ما نقلت وكالة انترفاكس عن وزارة الداخلية، والهجمات التي تستهدف قوات الامن في جمهوريات القوقاز شبه يومية.

لقى 4 ضباط شرطة مصرعهم وأصيب 6 آخرون في انفجارين منفصلين في جمهوريتي جمهوريتي انجوشيا والشيشان المتمتعتين بالحكم الذاتي بمنطقة شمال القوقاز في جنوب روسيا، وجاء في البيان أن الشرطة حاولت إغلاق الطريق المؤدي إلى منطقة وزارة الشئون الداخلية .. حيث أطلق المسلحون النار من السيارة على رجال الشرطة وتبادل رجال الشرطة إطلاق النار معهم مما أسفر عن إنفجار السيارة ومقتل شرطي وإصابة آخر، وعلى جانب آخر، لقى ثلاثة شرطيين مصرعهم وأصيب خمسة آخرون في هجوم انتحاري استهدف قسم للشرطة في مقاطعة صنتزين ، وفقا لبيان المركز الإعلامي لوزارة الداخلية بالشيشان، وذكر مصدر فى بسلطات تنفيذ القانون بأنجوشيا أن الجماعة التي كانت وراء العمل الإرهابي في أنجوشيا هى نفسها المسئولة عن العمل الإرهابي الذى وقع في الشيشان ونفذتها جماعة تسمى "صن تزها".

الإرهاب في إقليم قبردينو بلقاريا

في حين أسفرت عملية خاصة نفذها أفراد جهاز الأمن الروسي يوم 5 سبتمبر/أيلول في جمهورية قبردينو بلقاريا بشمال القوقاز الروسي عن تصفية مجموعة من الإرهابيين. صرح بذلك للصحفيين ناطق باسم لجنة مكافحة الإرهاب الروسية.

وقال الناطق:" عثر في منطقة كاهون اليوم على مجموعة من المسلحين، وقام أفراد أجهزة الأمن بمحاولة توقيفهم، لكن المسلحين بادروا بأطلاق النار من البنادق الأوتوماتيكية، مستخدمين القنابل اليدوية أيضا. وأسفر الاشتباك معهم عن تصفية أفراد العصابة". وبحسب المعلومات المتوفرة لدى اللجنة فقد تم الكشف عن هوية زعيم العصابة وهو روسلان ماكويف البالغ من العمر 28 عاما. ويقول الناطق إن لعصابة ماكويف ضلوع بارتكاب بعض الجرائم المدوية في جمهورية قبردينو بلقاريا.

حيث قتل العام الماضي مدير الجامعة الزراعية المحلية وتم تدبير محاولة اغتيال رئيس بلدية منطقة أورفان مما أدى إلى مقتل شرطي في العملية. وكانت العصابة تعمل على تنفيذ عمليات إرهابية أخرى في شمال القوقاز. ويقول المصدر إن العملية لم تسفر عن إصابة أحد من افراد أجهزة الأمن.

استغلال شمال القوقاز ضد روسيا

من جهته صرح الرئيس فلاديمير بوتين إن بعض الدول والمنظمات الأجنبية تعتبر منطقة شمال القوقاز الروسية نقطة انطلاق للقيام بأنشطة مناهضة لروسيا، وقال بوتين فى اجتماع لمجلس الأمن الروسى " إننا نواجه بأنشطة هدامة مضادة لروسيا من جانب بعض الدول الأجنبية والمنظمات العامة والدولية الخاضعة لسيطرتهم . مثلما كان الحال من قبل ،فإنهم يرون ان شمال القوقاز نقطة انطلاق لزعزعة الوضع فى روسيا "، ولم يحدد بوتين الدول أو المنظمات لكنه قال انها تحاول إلحاق أضرار بالاقتصاد الروسى وتشويه تأثير روسيا والحد من وجودها على الساحة العالمية.

ونقلت وكالة أنباء (انترفاكس) عن بوتين قوله " إن علينا الحد من هذه المحاولات بشكل اكثر صرامة والرد بطريقة مناسبة دائما "، وحذر الرئيس من أن الوضع فى شمال القوقاز ما يزال يمثل تحديا لأمن الدولة، وأضاف بوتين إنه" بالرغم من التطورات ذات الأدلة الإيجابية فإن الوضع فى شمال القوقاز يحقق تحسنا ببطء . ولم يتم التخلص من التهديدات الارهابية والتحديات الموجهة للأمن "، وأشار إلى أن كل هيئات تنفيذ القانون يجب حشدها للحفاظ على القانون والنظام والسلام العام فى المنطقة التى تضم العديد من الجمهوريات العرقية.

حملة روسية ضد الإسلاميين

الى ذلك اعتقلت الشرطة الروسية 300 شخص في مسجد في موسكو الجمعة بعد أن أمر الرئيس فلاديمير بوتين بحملة ضد الإسلاميين المتشددين قبل دورة الألعاب الشتوية العام القادم.

ووضع بوتين قوات الأمن في حالة تأهب قصوى لتأمين دورة الألعاب التي ستجرى في منتجع سوتشي على البحر الأسود القريب من الأقاليم الجنوبية التي تسكنها أغلبية مسلمة حيث تخوض روسيا حربا ضد تمرد إسلامي يستهدف موسكو، وقال بوتين “يجب أن نقاتل بشدة المتطرفين الذين يسعون إلى تقسيم مجتمعنا تحت رايات التشدد والقومية والنزعات الانفصالية”، وأضاف في اجتماع مع ضباط أمن روس “لا بد من تطبيق سياسية الحرب ضد الفساد والجريمة والتمرد بصرامة وباستمرار”، وقال “يجب إخضاع الوضع في القوقاز لرقابة خاصة”. بحسب رويترز.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن مسؤولين بجهاز الأمن الاتحادي قولهم إن حملة المداهمات اليوم وهي الثالثة التي تستهدف دور العبادة للمسلمين في موسكو وسان بطرسبرج أدت إلى اعتقال 300 شخص من بينهم 170 أجنبيا ومصادرة كتب إسلامية لمراجعتها بحثا عن أي محتوى متطرف، ولم يحدد الجهاز سبب الاحتجاز، وذكرت وكالة انترفاكس للأنباء الجمعة أن الشرطة في داغستان نجحت في إبطال مفعول حزامين ناسفين مع انتحاريتين واعتقلت المرأتين.

من مادة «تي أن تي»)، وهذا يفسر عدد الضحايا المحدود. ووفقاً لبيانات الداخلية، فإن 18 شخصاً بينهم رجال شرطة أصيبوا بجروح بعضها خطر. لكن الإعلان عن هوية منفّذ الهجوم وتفاصيله، أطلق مخاوف جدية من أن تكون روسيا دخلت في مواجهة جديدة مع ظاهرة روّعت البلاد طويلاً: «الشابات الانتحاريات»، أو وفق التسمية الأكثر انتشاراً وإثارة للقلق «الأرامل السود»، شابات يتشحن بالسواد مدججات بالسلاح، أو تحيط أجسادهن أحزمة الموت الفتاكة، يذهبن إلى الموت بهدوء، ومن دون شفقة بالضحايا حتى لو كانوا أطفالاً أو نساء.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 23/أيلول/2013 - 16/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م