عجز الحكومة... لغة المستشارين

علي إسماعيل الجاف

 

لا تحاول الحكومات المتقدمة الاعتماد على الإعمال المكتبية وإنما السعي لإيجاد بحوث تطبيقية جديدة تمكنها من مواكبة الحداثة والتقدم العلمي والإنساني خصوصا في القضايا المصيرية والحاسمة، لان امن البلاد واقتصاده وثرواته وخيراته وزراعته وصناعته وبيئته وصحته وقانونه وتعليمه وخدماته مرهون بنظام وليس بشخص يتلاعب به متى شاء او يغيره وفق رؤية او فكرة طارئة.

فلا يمكن ان نجد مسؤولا يحاول ان يقدم فكرة بدون دراسة وتحليل منبثقة من حاجة المواطن في البلدان المتطورة لان الجميع يعي ويفهم انه مواطن أولا قبل ان يكون مسؤولا في الحكومة وهدفه الأول والأخير هو خدمة بلده؛ لكن تتطلب الحالة الكثير من المراجعة والتدقيق والتحليل، تجب البدء بلغة الجديد وترك القديم يندثر مع أصحابه، في من يتولى دفة القيادة والحكم والقضايا وصاحب الامتيازات لا يحاول ان يتصل بالآخرين الذين هم مصدر قوته ووجوده في السلطة وإنما يعتمد على الأقرب في الرأي والحكم رغم إدراكه انه لا يجيد فن ومهارة وخبرة المكان الذي يشغله؛ ويكتفي بالقول انه من ضمن المجموعة المؤيدة فلهذا نحن نظر، في بلداننا، الى القائد او المسؤول او المدير بلغة الاسم ولا ندرك او نحاول ان نعي ان ورائه جيوشا وأجيالا من المستفيدين من سياسته وأسلوبه وطريقته التي يتبعها او الخطط التي يقوم بتنفيذها نابعة من مخرجات عقولهم النيرة لخدمة مصالحهم.

 ففي بعض الدول يضعون تقييم لمعرفة الانجازات التي يقدمها المستشار والوكيل والمدير والمعاون والدرجات الخاصة التنفيذية لمعرفة مدى فائدة المؤسسة تو الوزارة او الدائرة منه من خلال الضابط المؤسساتي الخارجي او جهات رقابية حيادية ويشترك الشعب فيها لأنه مصدر السلطات فقد نسمع عن امتيازات وكيل او مستشار او خبير او مدير في وزارة تختلف عن أخر في وزارة أخرى بسبب وجود عامل الفوضى المؤسساتي إداريا وفنيا وعدم وجود واجبات ومهام محددة ووصف للعمل واضحا للآخرين وغياب المحاسبة الجدية بفعل التقييم والتقويم، وإنما الجميع يمارس عمله دون اطلاع الشعب او الجمهور على مخرجاته. ولاشك ان القائد او المسؤول او المدير او الوزير الناجح هو من يسلم الجميع وصف عمل وتحديد واجبات ومهام وفق إستراتيجية ادارية وقانونية تمنع التجاوز لتجنب الإعمال المكتبية والتزامه نحو الأعمال الميدانية التي من شانها خدمة المواطن لخلق جوا من الارتياح الداخلي على حساب الخارج الذين يموتون جوعا ويعانون آلما ويصارعون الحياة يوميا كونهم أناس بسطاء وفقراء لله، فمتى يأتي النداء...!

يكمن الحل في ايجاد منظمات مجتمع مدني رصينة وفعالة وقوية تنبثق من الشعب والجمهور لتحاسب المسؤول عن تصرفاته وأفعاله وقراراته وأوامره دون مواربة وتنظير ومحاباة لان الوضع بات سيئا والحياة أصبحت تعيسة بفعل الزمن والمخرجات الملموسة والأخر ينعم ويمارس حياته اليومية بالسفر والترف والمرح على حساب قوت الشعب والأيتام والأرامل، وأولادهم يدرسون في أفضل الجامعات ويعيشون في أفضل المناطق وابن البلد يفترش الرصيف ويعانق الصفائح ويتحدث في صحراء جرداء ليس فيها من الماء والطعام شيئا.

نقول أنكم لا تعون غضب الشعب ولابد ان يكون المستشار من الشعب المظلومين والفقراء والمحرومين والغاء أسلوب التخاطب عبر لغة المكاتبات الورقية لأنها ستؤخر البلد وتعود به الى الوراء والمواطن يتألم ويحزن ويخسر ويتأمل وينتظر دون جدوى لان صاحب القرار يعمل بلغة المقربين ويهمل حاجة المحتاجين ولا يعمل من موقع أدنى ويكون ميدانيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/أيلول/2013 - 2/ذو القعدة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م