تهريب السجناء... آراء وتداعيات

علي الطالقاني

 

جاء الهجوم ضد سجني التاجي وأبو غريب في اطار تصاعد موجة العنف، في وقت تنأى الحكومة العراقية نفسها جراء ما يجري، ويتجاهل مسؤولون كبار الحادث ويقللون من أهميته.

ولم تصدر السلطات العراقية سوى بيان واحد نشرته وزارة الداخلية وأكدت فيه انها تلاحق الفارين.

في وقت يبقى منصبا وزيري الدفاع والداخلية شاغرين بسبب الخلافات التي تعصف بالحكومة. ويرى محللون ان ما يجري من انهيارات أمنية يتطلب من الحكومة ان تفسح المجال أمام القوى السياسية الأخرى للتصدي للملف الأمني.

وقتل أكثر من 2500 شخص خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ومنذ بداية تموز/يوليو قتل اكثر من 615 شخصاً.

وفي إطار التحليلات لحادثة الهروب من سجني التاجي وأبو غريب نحن أمام عدة تحليلات نفصلها كالتالي:

الرأي الأول، جعل الانهيارات الأمنية مستمرة وعدم تقديم المساعدة من قبل الأمريكيين الذين تعهدوا في وقت سابق من انهاء ملف القاعدة في العراق، بسبب وجود رؤية أمريكية للعراق بأن يخضع لسياستها عبر وجوه جديدة أكثر براغماتية في الحكم. وهذا الأمر يتم بالتنسيق مع بعض الجهات السياسية، والتوافق على شخصية معينة.

الرأي الثاني، هناك قوى دولية بمشاركة مخابراتية من مجموعات أميركية عراقية تركية قطرية مقابل أموال من أجل إطلاق سراح مجاميع إرهابية مدعومة من الخارج والداخل، وذكرت مصادر نيابية هناك مؤشرات أمنية حدثت قبل عملية تهريب السجناء منها عملية تغيير مسؤولين وضباط في المناطق المجاور للسجن فضلا عن تحريك ضباط ومراتب داخل السجون ونقاط التفتيش.

الرأي الثالث، إن اﻋﺘداء ﻔﺮع ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻦ أﺑﻮ ﻏﺮﯾﺐ والتاجي جاء تأكيدا لخطة "هدم الأسوار" التي أطلقها تنظيم القاعدة في العراق، وانه مكسب ودعم ﺟﺪﯾﺪ ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢﻓﻰ اﻟﻌﺮاق.

الرأي الرابع، يبدو ان الملف الامني قد تأثر بطريقة خطيرة للغاية بالأزمة السياسية وأصبح ضحية الصراع وان هذا الصراع يريد له ان ينتهي حتى ولو على حساب أرواح المدنيين، فأغلب المسؤولين الأمنيين ينتمون الى تيارات حزبية. فضلا عن وجود قيادات أمنية قد ترتبط بمخابرات دولية لها أجندتها الخاصة.

الرأي الخامس، إن هذه العملية جاءت بمثابة الدعم لما يجري في سوريا ومن أجل تسريع ازدياد قوة تنظيم القاعدة في سوريا. وانه قد يدفع بجبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية بتشكيل منطقة عابرة للحدود بين العراق وسورية.

تداعيات الهروب

ويمكن تلخيص أبرز التداعيات والمخاوف جراء هذه الحادثة بعد نقاط:

أولا، تشكيل منطقة عابرة للحدود بين سوريا والعراق والإستفادة مما يجري غرب العراق من مظاهرات. وخصوصا مدن نينوى والأنبار، فان التنظيم يستغل هذه المدن التي يعتبرها معقل له وطريقا لتدفق عناصره من والى المحافظات الشرقية السورية، وتحديدا دير الزور. وتقول معلومات أن "مدينة الموصل ستتأثر بشكل كبير في حال سقوط نظام بشار الأسد. وهو الأمر الذي أثار قلق العراق ودول أخرى إزاء تنامي هذه الحركات.

وترى "النصرة" في سوريا ان القتال ضد الحكومة العراقية الشيعية هو "جهاد" وواجب شرعي تحريرها.

ويرى بعض السنة في العراق ان الفصائل التابعة للقاعدة في سوريا والعراق هي بمثابة داعم إستراتيجي لهم.

ويعتبر سقوط نظام الأسد هدف استراتيجي حيث سيعود المقاتلون العراقيون التابعون لتنظيم القاعدة بفاعلية أكبر فهم يأملون بخوض قتال ضد الحكومة العراقية ومن أجل تحجيم النفوذ الإيراني في العراق، وهذا ما تقف خلفه دول الخليج وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ثانيا، ومن تداعيات ومخاطر عملية هروب السجناء، ان الأمر يضع العراق أمام تحد كبير ينذر بمرحلة خطيرة مقبلة، حيث يمكن ان يعيد الفارون خلاياهم الإرهابية بطريقة أكثر منظمة تستهدف أمن العراق ليمتد العنف الى جميع المحافظات.

إن هذه الحادثة ﺳﺘقوي التنظيم أكثر من قبل على حساب القوى المعتدلة في المناطق الساخنة وخصوصا بعد ان شكلت الحكومة العراقية مجاميع الصحوات التي تتخذ موقعا في التصدي للتنظيمات الإرهابية.

ثالثا، تؤكد هذه الحادثة على اصرار التنظيمات الارهابية الوصول الى اهدافها التي أعلنت عنها في وقت سابق، حيث اطلق تنظيم القاعدة في وقت سابق خطة "هدم الأسوار" وقد تبنى تنظيم "دولة العراق الإسلامية الذي يتبع قيادة "القاعدة" الهجوم ‏على السجنين.‏

وذكر بيان نشر على أحد مواقع التنظيم ان "الكتائب ‏انطلقت بعد التهيئة والتخطيط، مستهدفة اثنين من اكبر السجون وهما سجن بغداد ‏المركزي ابي غريب وسجن الحوت التاجي".‏

يذكر ان هذه الهجوم من اكبر العمليات المنظمة ضد السجون في العراق منذ 2003، وبعد عام تماما من ‏نشر رسالة صوتية لزعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو بكر البغدادي دعا فيها الى مهاجمة سجون ‏العراق.‏

وتابع البيان ان العملية جاءت "استجابة لنداء ابي بكر البغدادي في ان تختم ‏خطّة "هدم الاسوار".‏

ومن أبرزها عملية اقتحام مبنى مجلس محافظة صلاح الدين واحتلاله لساعات عدة من قبل انتحاريين، في 29 آذار 2011.

وكذلك اقتحام مبنى وزارة العدل في 14 آذار 2013، وقتل العشرات من منتسبي الوزارة. هذا إضافة إلى سلسلة التفجيرات التي تشهدها بغداد، العاصمة وكبرى مدن العراق، بين حين وآخر.

وبغية الحدّ من الهجمات، نفّذت الحكومة العراقية في 23 و24 أيار 2013، عملية عسكرية برية وجوية واسعة ضد مواقع التنظيم في المنطقة الصحراوية التي تفصل بين الموصل وقضاء راوة، شرق مدينة القائم الحدودية، وكذلك بين مدينتَي الرمادي والرطبة، وقد أعقبت هذه العملية عمليات مماثلة أخرى. وأعلنت الحكومة العراقية عن قتل عدد من عناصر تنظيم "دولة العراق الإسلامية" واعتقال آخرين، والاستيلاء على معسكر للتدريب.

* كاتب صحافي في شؤون الإرهاب

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/تموز/2013 - 19/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م