الإمام علي والربيع العربي

جعفر عبد الكريم صالح

 

 قد يستغرب القارئ المحاينة بين عصر الإمام علي والربيع العربي في القرن الواحد والعشرين، هل تتناسب هذه المحاينة الايكولوجية العربية في عصر الإمام وهذا العصر؟ كان عصر علي قبلي، بدوي، تخلف ثقافي لم يتأثر مجتمعه بالرسالة المحمدية، كان لغة التصفيات الجسدية هي السائدة، المكائد والمؤامرات والأحقاد سيدة الموقف.

انطلق حراك الربيع العربي على ما يبدو من تونس الخضراء عند ما أحرق طارق الطيب محمد البوعزيزي من مواليد 1984 شاب تونسي بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في المدينة لعربته كان يبيع عليها الخضراوات والفواكه لكسب رزقه من هذا الحادث كانت انطلاقة الربيع العربي.

في الواقع لم تأتِ هذه الحداثة وغيرها في الوطن العربي اعتباطاً، بل جاءت بعد مخاضات في أكثر من بلد وإرهاصات لثورات يحتاجها مجتمع الأمة العربية في اتجاهات متعددة ولأسباب متنوعة منها في الداخل المتعلق بالعدالة والمساواة والديمقراطية وتوفير العيش الكريم للمواطن. في هذه السياقات المعاصرة وضع الإمام علي قبل 1430 عاماً الحلول الناصعة لتلافي هذه المصائب والتوترات بين الشعوب والسلطات الحاكمة.

 في خضم هذا الحراك أو الاحتجاجات كتبت انتلجنسيات كثيرة إسلاموية وراديكالية وعلمانية أو ليبرالية وغربية، كيفية التعاطي مع هذا الحدث وأسبابه ومسبباته وكيفية تشخيصه، لم يغِب عن ذهن القارئ والباحث بأن الإمام علي أرهص لتلك الثورات ولو أنه لم يعش بيننا. نورد في هذه العجالة ما كتبه المفكرون حول شخصيته بقولهم:

 «إن علياً لمن عمالقة الفكر والروح والبيان في كل زمان ومكان» ميخائيل نعيمة،

 و«كان «علي» من العلوم في المحل الذي لا تحلق إليه البشر» الشيخ الرئيس ابن سينا.

نلاحظ أن الإمام علياً قد صاغ المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - قبل أن يكون هنالك منظمة عالمية تضم 122 دولة بأجيال عديدة - صاغها باسلوب إيجابي، يناجي به ضمير الإنسان، ويجعله في ثورة دائمة على الظلم والاستبداد والاضطهاد (الإمام علي أسد الإسلام وقديسه روكس بن زائد العزيزى – الأردن.

 ومن الذين أعجبوا بفكر وعدالته ومساواته بين البشر المفكر الطبيب اللبناني شبلي الشميل حيث قال «الإمام علي بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة لم يرَ مثلها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً».

يعتبر عليٌ الحرية لازمة الوجود الإنساني ابتداءً وانتماءً - يعتبرها حركة كونية - أن الله خلق الإنساني وأوجد معه لوازم الحياة والاستمرار فيها ومن هذه الضروريات «الحرية» حيث وجه كلامه إلى الإنسان قائلاً «لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حراً» .

الحرية ضد العبودية والحر ضد العبد والرق، لذلك توجه الإمام علي بقوله إلى من يريده أن يثق بنفسه ويستشعر روح الحرية ومعناها، فألقى في نفسه ما يوقظه على أصل من أصول وجوده. إذن فالحرية مكفولة أصلاً في نهج علي وحكومته، تضمنه دستوره المشهور لمالك الأشتر لمّا ولاه على مصر».

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/تموز/2013 - 19/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م