لاجئو سوريا... ارقاما قياسية في خضم مأساة إنسانية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تجسد حالة تدهور الوضع الإنساني للاجئي سوريا مشهدا لمأساة إنسانية تمهد لكارثة حقيقية، ويظهر هذا المشهد واقعاً قاسياً لوضع يزداد سوء بشكل يومي لمعاناة هؤلاء اللاجئون بعد تدفق مضطرد وهائل من النزوح الى لبنان وتركيا والعراق والأردن وبعض الدول الأوربية.

فقد ضرب السوريين رقما قياسيا بعدد النازحين في الداخل أو اللاجئين إلى الدول المجاورة وبعض دول أوربا، ولم يحدث مثل هذا التدفق العائل بعدد اللاجئين منذ الإبادة في رواندا، مما يسجل انتهاكا في حقوق الإنسان وإجحافا بحق آلاف المجبرين على الهروب من جحيم الظروف الأمنية غير المستقرة، فإن السوريين الفارين من جحيم الحرب أصبحوا ضحايا الجوع والفقر وانعدام فرص العمل الى جانب الكلفة المعيشية المرتفعة والظروف القاسية في المخيمات، مما وضع المجتمع الدولي وبعض المنظمات الحقوقية الدولية كمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أمام معضلة كبيرة لاستيعاب ورعاية الإعداد الهائلة من اللاجئين الفارّين إلى الدول المجاورة.

فيما يسعى الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدة لأربعة ملايين سوري اجبروا على ترك منازلهم بمبالغ حوالي 65 مليون يورو، كما اقترح البنك الدولي قرضا بقيمة 150 مليون دولار لمساعدة الاردن في ايواء اللاجئين، وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها بعض الدول والمنظمات الحقوقية الرسمية وغير الرسمية في توفير الدعم الإنساني اللازم للاجئين، يرى الكثير من المراقبين الحقوقيين ان هذه الجهود من خلال المساعدة الانسانية والمالية لا تتناسب مع حجم الكارثة وعدد اللاجئين المتصاعد، مما يفاقم من حالة التدهور الانساني ويضع حياة هؤلاء اللاجئين على شفا الهاوية، ويؤكد الخبراء بدروهم الاثر السلبي للازمة السورية بمجملها، مع مشكلة اللاجئين من ضمنها، على الدول المجاورة، فمثلا سعى الاردن إلى الحصول على مزيد من المساعدة من الخارج مع سعيه جاهدا لمواجهة التدفق الكبير للاجئين من سوريا، فقد سبب تدفق اللاجئين بمشكلات اخرى ايضا حيث بات النظام الصحي الاردني قريبا من بلوغ ذروة قدراته وانهارت السياحة وارتفعت الاسعار في القطاعات المدعومة من الدولة مثل الغاز الذي ازداد بنسبة 50% والكهرباء والخبر، نتيجة الازمة الاقتصادية. وهذا الارتفاع في الاسعار الذي يقترن بزيادة الاستهلاك نتيجة تدفق اللاجئين، ينعكس بشكل حاد على ميزانية الدولة، مما أدى الى نفي الأردن علانية إغلاق الحدود إذ أن الإقرار بإغلاقها يمثل انتهاكا للالتزامات الدولية بفتح الحدود أمام اللاجئين لكن مسؤولين يقولون في أحاديث خاصة إن هذه الخطوة تشير إلى عدم قدرة المملكة على استيعاب المزيد من اللاجئين.

كما يرى بعض المراقبين أن لبنان تعاني من تدفق اللاجئين الذي يؤثر سلبا على الاقتصاد على نحو خاص، ويعبر عدد كبير من اللبنانيين عن ضيقهم من وجود حوالى 500 الف لاجىء سوري فروا من العنف في بلادهم الى لبنان المجاور، معتبرين ان وجودهم يترك اثرا سلبيا على الوضع الاقتصادي والمعيشي، ومن جانب ايجابي عادة اكثر من سبعة آلاف لاجيء سوري من العراق بعد تحسن الوضع الامني، في حين تعهدت تركيا باحباط مخطط لتنفيذ اعتداءات ضد لاجئين سوريين وهي الأخرى اعانت بشكل كبير من ازمة اللجوء السوري، بينما دعا الاتحاد الاوروبي اليونان الى احترام حق اللجوء وخصوصا للسوريين، وكانت اليونان تعرضت لانتقادات مرارا من قبل الاتحاد الاوروبي وعدة منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الانسان، لانتهاك حقوق المهاجرين واللاجئين.

وعليه فان عدم توقف طرفي النزاع في سوريا عن القتال وفشل المجتمع الدولي بايجاد حل سياسي لهذا العنف سيضع المجتمع الاغاثي بموقف يصبح عاجزا فيه عن تلبية الاحتياجات غير المسبوقة واسعة النطاق، خصوصا وانه لا يوجد في الافق حل ملموس لمشكلة اللاجئين التي تتفاقم بشكل مضطرد وخطير جدا على الصعيد الحقوقي والإنساني.

معدل تدفق اللاجئين السوريين لم يحدث منذ الابادة في رواندا

في سياق متصل قال انطونيو جوتيريس رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان عدد الاشخاص الفارين من الصراع في سوريا تصاعد إلى 6000 شخص في المتوسط يوميا خلال العام الحالي وهو معدل لم يحدث منذ الابادة الجماعية التي شهدتها رواندا قبل حوالي 20 عاما، وأضاف جوتيريس ان ثلثي اللاجئين البالغ عددهم نحو 1.8 مليون والمسجلين لدى الامم المتحدة في لبنان وتركيا والأردن والعراق ومصر ودول اخرى غادروا سوريا منذ بداية العام، وقال جوتيريس في إفادة علنية نادرة لمجلس الامن الدولي عن سوريا "لم نشهد تدفقا بمثل هذا المعدل المخيف منذ الابادة الجماعية في رواندا قبل حوالي 20 عاما."

وكان الاف الأشخاص فروا من رواندا بعد الابادة الجماعية في 1994 والتي قتل فيها 800 ألف من التوتسي العرقيين والهوتو المعتدلين، وأبلغ ايفان سيمونوفيتش مساعد الامين العام للامم المتحدة لحقوق الانسان مجلس الأمن انه في الفترة من مارس اذار 2011 إلي نهاية ابريل نيسان 2013 قتل ما لا يقل عن 92901 شخص في سوريا من منهم أكثر من 6500 طفل، ويشهد مجلس الامن حالة من الجمود بشأن سوريا حيث منعت روسيا حليفة الرئيس السوري بشار الأسد والصين المجلس ثلاث مرات من اتخاذ اجراءات ضد الأسد كانت تدعمها القوى الاخرى التي تملك حق النقض (الفيتو) وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وقال السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري ان الحكومة السورية "تفعل كل شيء ممكن لتحمل مسؤولياتها وواجبها تجاه شعبها وتوفير الاحتياجات الانسانية والاحتياجات الأساسية لمواطنيها"، وقالت منسقة الشؤون الانسانية بالامم المتحدة فاليري اموس إن العالم "لا يشاهد دمار بلد فحسب بل دمار شعبها ايضا".

وأبلغت اموس مجلس الامن "العواقب الامنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنموية والانسانية لهذه الازمة خطيرة للغاية وتأثيرها الانساني لا يحصى من حيث التأثير النفسي والوجداني الطويل الاجل على الجيل الحالي والاجيال القادمة في سوريا"، وقالت ان 6.8 مليون سوري في حاجة الي مساعدات انسانية عاجلة بما في ذلك اكثر من 4.2 مليون نازح داخل البلاد وان الاطفال يمثلون تقريبا نصف الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة، وأشار أحدث تقييم لبرنامج الأغذية العالمي الي ان اربعة ملايين شخص لا يستطيعون تدبير حاجاتهم الأساسية من الطعام. بحسب رويترز.

وقالت اموس ان الامر يتطلب توفير 3.1 مليار دولار لمساعدة الناس في سوريا والدول المجاورة للفترة الباقية من العام الحالي، وأضافت اموس ان هناك اكثر من 600 الف لاجيء مسجل في لبنان و160 ألفا في العراق و90 ألفا في مصر ومليون لاجيء في تركيا والاردن. ووصفت اموس التأثير الناجم عن الازمة السورية بانه "ساحق"، وقال سفير لبنان لدى الامم المتحدة نواف سلام ان حدود بلاده ستظل مفتوحة امام اللاجئين السوريين رغم ان الصراع يهدد امن واستقرار لبنان، وأضاف ان إدارة الأمن العام اللبنانية تقدر عدد السوريين في لبنان بحوالي 1.2 مليون شخص، وأبلغ سلام السفيرة الأمريكية روزماري دي كارلو رئيسة مجلس الامن لشهر يوليو "هذا كما لو ان بلدكم الولايات المتحدة الأمريكية سيتدفق عليها أكثر من 75 مليون لاجيء او ما يزيد مرتين عن عدد سكان كندا"، وتساءل قائلا "هل يمكنكم تصور التأثير الناجم عن تدفق بهذا الحجم على بلدكم؟".

لبنانيون وخبراء يرون ان اللاجئين السوريين يؤثرون سلبا على الاقتصاد

على صعيد ذو صلة يقول ابو فاروق صاحب كشك للمرطبات في بيروت، ان "لبنان محتل من غرباء. انهم يدمروننا"، وتقول المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ان عدد اللاجئين السوريين الى لبنان ارتفع  الى 470 الفا، وقد يصل هذا الرقم، بحسب خبراء، الى سبعمئة الف. ويؤكد مسؤولون لبنانيون ان لا طاقة لبلدهم الصغير ذي الموارد المحدودة على استيعاب هذا العدد من الوافدين من الخارج، ويتذمر اللبنانيون من ان السوريين يفرضون منافسة غير متكافئة وغير عادلة في سوق العمل اللبناني، ويقول ابو فاروق "لا يمكن لبلدنا ان يستضيفهم. ليكن الله في عون اللبنانيين"، ويقول علي، وهو سائق تاكسي، من جهته ان هذا التدفق للاجئين "يؤثر سلبا على مستوى معيشتي"، موضحا "انهم يأخذون زبائننا. بعضهم يقود من دون اجازة سوق. لا احد يوقفهم ولا احد يقول لهم شيئا".

ويشير الخبير الاقتصادي في مصرف بيبلوس نسيب غبريل الى تراجع حركة السياح في لبنان بنسبة 17,5 في المئة في 2012، بعد تراجع بنسبة 23,7 في المئة في 2011، بسبب النزاع السوري. كما تراجعت الصادرات الصناعية ونسبة الاستثمارات الاجنبية وحركة الاستهلاك، ويقول غبريل لوكالة فرانس برس "تراجعت الرغبة بالاستهلاك بنسبة 37 في المئة في 2012، بعد ان كانت سجلت تراجعا ايضا بنسبة 29 في المئة في 2011"، ويضيف ان "الاستثمار الخارجي المباشر انحدر ايضا بنسبة 68 في المئة في 2012. انها النسبة الاكثر تدنيا منذ 2007"، السنة التي تلت حرب 2006 بين اسرائيل وحزب الله والتي شهدت معارك دامية بين الجيش اللبناني وحركة فتح الاسلام المتطرفة في شمال البلاد استمرت ثلاثة اشهر.

في المقابل، يوجد بين اللاجئين السوريين عدد كبير من الميسورين الذين يملؤون مقاهي بيروت ويدفعون احيانا مبالغ طائلة لاستئجار شقق في مناطق مترفة. وقام بعض هؤلاء بشراء سيارات وبتسجيل اولادهم في مدارس خاصة، لكن غبريل يؤكد ان ما يستهلكه هؤلاء يبقى بعيدا جدا عن تغطية كل الخسائر التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، مضيفا "التأثير النهائي سلبي"، وتشعر السلطات اللبنانية بضغط نتيجة تدفق اللاجئين هذا، لا سيما انها تدعم انواعا عدة من المواد الاستهلاكية مثل الخبز والطحين والمازوت والكهرباء.

وقام بعض السوريين بفتح مشاريع تجارية. هكذا فعل احد سكان دمشق الذي رفض الكشف عن هويته، بتاسيس سوبرماكت مع شريك لبناني في شارع القدس في صيدا، احدى مدن الجنوب. واقدم سوريون آخرون على استئجار محال تجارية في هذه المدينة، ويؤكد صاحب السوبرماركت انه على علاقة جيدة مع جيرانه، بينما يؤكد اللبناني فادي قمبز الذي يبيع الخضار الى جانب المحل التجاري الجديد ان لا مشاكل مع السوريين في المنطقة، ويضيف "اننا نرحب بهم ونأمل بان يساعدهم الله. لم يقوموا باي اذية ويفترض بنا مساعدتهم". بحسب فرانس برس.

الا ان سوريين آخرين لا يملكون مثل هذه الفرص، ويرون ان المعيشة في لبنان اغلى بكثير مما هي في سوريا. وقد اضطر العديد منهم الى بيع مجوهراته، ويقول بلال ابو حرب، صاحب محل مجوهرات في شارع الحمرا في بيروت وهو يشير الى زوجين باعاه ذهبا "كان طفلهما يحتاج الى معاينة طبية، وبعد ان دفعا ايجار الشقة التي يقيمون فيها، لم يعد لديهم مال"، ويضيف "انه لامر محزن ان نرى زوجين يصلان دامعين لبيع مجوهراتهما. هذا امر فظيع"، اما الآخرون الذين لا يملكون مالا، فيجوبون الشوارع يبيعون القهوة او يمسحون الاحذية، وبعضهم يتسولون كمثل هذه المرأة التي ارتدت فستانا اسود ووقفت الى جانب متجر ابو حرب، تمد يدا لتستعطي بها واخرى تحمل بها جواز سفرها السوري.

تزايد معاناة النازحين السوريين قرب حدود الأردن

من جهتهم قال عمال إغاثة ونازحون سوريون إن آلاف النازحين الذين تقطعت بهم السبل قرب الحدود المغلقة مع الأردن ومن بينهم أمهات وأطفال رضع بدأوا يعانون من نفاد الأغذية وكثير من الأدوية الطبية الضرورية، وأغلق الأردن حدوده الشمالية قبل نحو عشرة أيام بعد أن منح اللجوء لمئات الآلاف من السوريين الذين فروا من العنف منذ بدء الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في مارس آذار 2011.

وتعيد المملكة أيضا السوريين الذين يحاولون الدخول من معابر حدودية غير رسمية إلى بلادهم. وقال نازحون وعمال إغاثة أجروا اتصالات مباشرة بسلطات الحدود إن المسؤولين الأردنيين لم يقدموا تفسيرا واضحا لإغلاق الحدود، ومنذ ذلك الحين لم تسمح المملكة إلا بعبور عدد قليل من اللاجئين. وقال عمال إغاثة إنه حتى المدنيين الذين يسعون للعلاج الطبي أعيدوا أيضا من حيث أتوا ولم يدخل سوى المصابين بجروح خطيرة.

ولا يزال مئات النازحين الوافدين من مناطق إلى الشمال في سوريا حتى حمص وأحياء مزقتها أعمال العنف في دمشق يصلون بصفة يومية إلى قريتي نصيب وتل شهاب الحدوديتين في جنوب سوريا على مسافة بضعة كيلومترات من الطرق الرئيسية المؤدية إلى الأردن، وأظهرت لقطات مصورة على موقع يوتيوب نازحين ومن بينهم أمهات وأطفال رضع انتظروا لساعات في حر قائظ لكن ضباط الجيش الأردني منعوهم من الدخول.

وقال سكان من قرية نصيب وعمال إغاثة في الجانب السوري إن إطلاق النار المتواصل من مواقع المدفعية السورية على المعبر الحدودي السوري الرسمي القريب حال دون تجمع أعداد كبيرة عند الحدود، وبدأ سكان القرى الحدودية أيضا في التوجه إلى قرى أخرى يسود فيها هدوء نسبي بدلا من عبور الحدود، وقال شهود عيان إن من وصلوا مؤخرا إلى القرى الحدودية استنفدوا الإمدادات الغذائية المحدودة بالفعل وبدأت تتشكل أزمة إنسانية متصاعدة.

ويقول عمال إغاثة إن الأردن يحجم أيضا عن السماح بدخول إمدادات الدقيق (الطحين) والغذاء إلى جنوب سوريا مما يعرقل عملهم، وقال سمير الحريري من قرية نصيب "ما أفعله لم تفعله أي من لجان الإغاثة الدولية... لم تعطني (هذه اللجان) حتى أموالا لتوفير الغذاء لهؤلاء الناس. هذه الأغذية من نصيب ونحن مجموعة من المتطوعين يجمعون المال والغذاء لهؤلاء الناس"، وسعى حوالي 500 ألف لاجئ من إجمالي 1.5 مليون سوري للاحتماء بالأردن ولم يتم تقديم سوى جزء ضئيل من المساعدات الدولية التي جرى التعهد بتقديمها لمساعدة اللاجئين السوريين والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، واستقبل المملكة نحو ألف لاجئ يوميا في المتوسط منذ بداية العام. بحسب رويترز.

وقال مسؤول كبير طلب عدم ذكر اسمه "كانت هناك ضرورة لتوجيه رسالة مفادها أن العالم لم يقم بواجباته" لدعم الأردن، وأحجمت وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة التي تساعد السلطات الأردنية عن انتقاد الخطوة التي اتخذتها المملكة في وقت تزداد فيه الضغوط الاقتصادية على ميزانيتها التي تعاني من عجز شديد، وقال أندرو هاربر رئيس بعثة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن إن المعاناة المتزايدة للاجئين تظهر ضرورة تكثيف الدعم داخل سوريا وقد يكون ذلك من خلال إنشاء ممرات للمساعدات لتخفيف الضغط على المملكة، وأضاف هاربر "ثمة حاجة إنسانية في جنوب سوريا ونحتاج إلى الحصول على الدعم هناك بطريقة أو بأخرى"، وتابع "إذا لم نستطع تقديم المساعدة للسكان في جنوب سوريا سيضطرون للمجيء إلى الأردن ... هدفنا هو مساعدة السكان السوريين ويجب علينا في مرحلة معينة أن نبحث عن أفضل الطرق العملية للقيام بذلك"، ويخشى مسؤولو الأردن أن يتسبب فتح الحدود أمام تدفق السلع إلى المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في إثارة غضب السلطات السورية التي تصر على ضرورة إرسال أي مساعدات من خلالها.

كما افادت منظمة اطباء بلا حدود ان الاردن يستضيف ثلث اللاجئين السوريين الذين هربوا من العنف لكن "سوء تمويل المساعدة" الانسانية يزعزع استقراره ودفعه الى اغلاق حدوده منذ اسبوع، واصفة هذا البلد بانه "نموذجي"، واوضح انطوان فوشيه رئيس بعثة اطباء بلا حدود الى الاردن متحدثا لوكالة فرانس برس في باريس "مضت ستة او سبعة ايام واللاجئون السوريون عالقون عند الحدود" التي اغلقتها السلطات الاردنية لكن "الجرحى ما زالوا يتمكنون من العبور". بحسب رويترز.

ولفتت المنظمة الى ان مخيم الزعتري، اكبر مخيمات اللاجئين السوريين الذي يؤوي 120 الف شخص يشهد توترا يوميا ويعاني من نقص في المياه والتجهيزات الصحية و"تخطى بشكل كبير سعته"، واوضحت انه في نيسان/ابريل قبل اغلاق الحدود كان "الف شخص" يتوافدون يوميا الى المخيم حيث يتم احصاء "اعداد متزايدة من حالات الاسهال والالتهابات التنفسية" نتيجة "ظروف العمل الرديئة"، ويتوزع حوالى 400 الف لاجئ سوري اخرين في انحاء الاردن ما يثير توترا في جميع مناطق وجودهم. واوضح انطوان فوشيه انه بعدما رحب الاردنيون باللاجئين السوريين في بداية النزاع عام 2011 "انقلبوا" ضدهم وباتوا يتظاهرون احيانا ضد السوريين الذين يوافقون على العمل لقاء اجر زهيد من شدة فقرهم.

اكثر من 68 الف لاجئ سوري الى الاردن عادوا الى بلدهم خلال عامين

على الصعيد نفسه قال مسؤول اردني ان اكثر من 68 الف لاجئ سوري عادوا الى بلدهم خلال العامين الماضيين، بينهم نحو تسعة آلاف عادوا خلال الشهر الحالي، وقال انمار الحمود الناطق الاعلامي لشؤون اللاجئين السورين في الاردن ان "العدد الاجمالي للاجئين السوريين الذين عادوا الى بلدهم خلال العامين الماضيين بلغ 68 الفا و373 لاجئ"، واضاف ان "وتيرة عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم خلال شهر حزيران/يونيو كانت اكثر من أي وقت مضى"، موضحا ان "قرابة 350 لاجئا يغادرون المملكة يوميا". لكنه قال ان "لاسبب معينا لذلك".

واوضح ان "هناك 8974 لاجئ عادوا طواعية الى بلدهم خلال الشهر الحالي"، وقال الحمود انه "رغم انخفاض وتيرة اللجوء عما كانت عليه سابقا الا ان عدد اللاجئين السوريين في ازدياد بالمملكة وخلال الشهر الحالي لجأ اليها 12200 لاجئ"، وتقول عمان انها تستقبل اكثر من 540 الف لاجئ سوريا بينهم نحو 150 الفا في مخيم الزعتري شمال المملكة منذ بدأ الازمة في الجارة الشمالية. بحسب فرانس برس.

وتتوقع الامم المتحدة ان يبلغ عدد اللاجئين السوريين خارج بلادهم 3,45 ملايين شخص نهاية 2013 من دون تعداد ملايين النازحين داخل سوريا والبالغ عددهم حاليا 4,25 ملايين، وتقول ان اكثر من 1,6 مليون سوري فروا من بلادهم الى الدول المجاورة منذ بداية النزاع في آذار/مارس 2011.

عودة اكثر من سبعة آلاف لاجيء سوري من العراق

الى ذلك قال مسؤول عراقي إن اكثر من سبعة آلاف لاجيء سوري عادوا الى بلدة البوكمال السورية الحدودية في الاسابيع القليلة الماضية بعد تحسن الوضع الأمني هناك، وتتزامن عودة اللاجئين مع هدوء في المعارك والغارات الجوية التي تشنها قوات الرئيس السوري بشار الاسد والتي تنفذ هجمات في أماكن اخرى من سوريا خاصة بلدة القصير بغرب البلاد وحول دمشق وفي الجنوب، وقال فرحان فتيخان رئيس بلدية بلدة القائم الحدودية العراقية إن سبعة آلاف من جملة 11 الف لاجيء سوري كانوا هناك عادوا الى ديارهم.

وأضاف "كل اسبوع تصلنا طلبات من مجموعة من اللاجئين يطلبون فيها العودة الى قراهم وبلداتهم في المناطق المجاورة... هم يعودون طوعيا وليس إجباريا"، وتابع "حاليا هدوء تام في البوكمال ولا توجد معارك او اشتباكات مع القوات الحكومية كما أن الغارات الجوية توقفت منذ ثلاثة اشهر تقريبا"، وتقول مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه تم تسجيل نحو 152 الف لاجيء في العراق أغلبهم من الأكراد والسنة الذين فروا الى إقليم كردستان العراق شبه المستقل ومحافظة الأنبار بغرب البلاد التي يغلب على سكانها السنة. بحسب رويترز.

والتعامل مع اللاجئين السوريين قضية حساسة بالنسبة للحكومة العراقية التي يقودها الشيعة وتخشى من تسلل مقاتلين سنة عبر الحدود من الصراع في سوريا مما سيؤدي الى تفاقم أعمال العنف الطائفية المتزايدة بالعراق، ويخشى مسؤولو أمن عراقيون من أن تتحول البلدات الحدودية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة السورية الى قواعد لإسلاميين متشددين ولتنظيم القاعدة يشنون منها هجمات في العراق. واستفاد جناح تنظيم القاعدة في العراق من تدفق الاسلحة والمقاتلين على سوريا.

65 مليون يورو من الاتحاد الاوروبي

من جانبه قرر الاتحاد الاوروبي تقديم 65 مليون يورو (نحو 84 مليون دولار) لمساعدة اكثر من اربعة ملايين سوري في الداخل اجبروا على ترك منازلهم والهروب بسبب استمرار النزاع الدائر في سوريا، وذلك بحسب ما افادت بعثة الاتحاد في عمان، وقالت البعثة في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه "نعلن عن تقديم 65 مليون يورو استجابة للازمة الانسانية الناجمة عن مستوى العنف المتنامي بشكل سريع جراء القتال المندلع في سوريا"، واضافت ان "التمويل الاضافي سيتم انفاقه داخل سوريا لمساعدة اكثر من اربعة ملايين شخص اجبرهم القتال على الهرب من بيوتهم".

وقالت كريستالينا جيورجيفا مفوضة المساعدات الانسانية في الاتحاد الاوروبي ان "اوروبا ساعدت وسوف تستمر بمساعدة اولئك المتضررين، وهذا التمويل الجديد ما هو الا قسطا من الراحة لضحايا هذا النزاع المرعب"، واوضحت جيورجيفا ان "العنف وعدم الامان والصراع لاجل البقاء سحق حياة ملايين السوريين اليومية حاليا (...) كما ان الوضع يزداد سوء بشكل يومي، فالعديد من الناس فقدوا منازلهم وعائلاتهم ويتكبدون الكثير من المصاعب النفسية والجسدية ولايبدو وجود نهاية تلوح بالافق"، وبحسب البيان، فانه وقبل تخصيص هذا التمويل الاضافي، "قامت المفوضية الاوروبية بأنفاق 200 مليون يورو على المساعدات الانسانية لسوريا والدول المجاورة، حيث تم تخصيص ما نسبته 49 بالمائة من التمويل للداخل السوري والباقي تم توزيعه بين الاردن ولبنان وتركيا والعراق". بحسب فرانس برس.

كما قام الاتحاد الاوروبي "قبل ثلاثة اشهر بمنح 100 مليون يورو لجهود الاغاثة وذلك في مؤتمر المانحين في الكويت"، وقدم الاتحاد الاوروبي "193 مليون يورو اخرى عبر آليات الاتحاد الاوروبي الاخرى استجابة للازمة السورية تم انفاقها في مجالات التعليم ودعم التجمعات والمجتمعات المضيفة"، وادى النزاع السوري منذ منتصف آذار/مارس 2011 الى نزوح اكثر من 1,4 مليون لاجىء سوري، اضافة الى 4,25 مليون شخص تركوا منازلهم في داخل سوريا.

الاتحاد الاوروبي يدعو اليونان الى احترام حق اللجوء وخصوصا للسوريين

من جهته دعت المفوضة الاوروبية المكلفة الشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم مجددا اليونان الى تحسين سياستها حيال طالبي اللجوء وخصوصا السوريين منهم الذين فروا من بلدهم بسبب "فظاعات" الحرب الاهلية، وقالت المفوضة خلال مؤتمر صحافي عقدته في اثينا ان "نسبة منح حق اللجوء لا تزال منخفضة جدا في اليونان واني قلقة جدا لهذا الوضع خصوصا بشأن السوريين (...) نسمع كل يوم عن وقوع فظاعات" في بلادهم.

ومالستروم التي تزور اليونان اعتبرت ان نسبة حماية طالبي اللجوء السوريين في الدول الاوروبية الاخرى "تصل الى 100%" في حين انها تعادل "الصفر تقريبا" في اليونان، واضافت "على هذا الامر ان يتغير بالطبع (...) اكد لي وزير النظام العام اليوناني (نيكوس دندياس) انه سيغير" الامور.

ورغم "التقدم" المحرز في اليونان في مجال حقوق المهاجرين واللاجئين "لا يزال هناك المزيد" من الامور الواجب القيام بها حسب ما قالت مالستروم مذكرة بانه "لا يتم معاملة العديد من المهاجرين وطالبي اللجوء بكرامة وانهم محتجزون في شروط غير مقبولة"، وقالت مالستروم "بعض مراكز الاحتجاز حيث كانت الشروط سيئة اغلقت وهذا نبأ سار" لكن في بعض المراكز "الشروط تبقى غير مقبولة"، واضافت "لا تزال الشروط والاجراءات لطالبي اللجوء دون مستوى المعايير الاوروبية وشروط الاحتجاز تبقى غير مناسبة" في اليونان. بحسب فرانس برس.

في حين ان تدفق المهاجرين يزداد خصوصا الى جزر بحر ايجه (شرق) القريبة من تركيا الممر المنتظم للمهاجرين الى اوروبا، وفي 2012 تم اعتقال 400 الف شخص اوضاعهم غير قانونية في الاتحاد الاوروبي بينهم 72 الفا في اليونان و65 الفا في المانيا و50 الفا في اسبانيا بحسب مالستروم، وعلى خلفية ارتفاع عدد الهجمات العنصرية في اليونان بعد دخول حزب من النازيين الجدد الى البرلمان اليوناني في حزيران/يونيو 2012، اعربت مالستروم عن "قلقها الكبير" معربة عن الامل في تبني البرلمان سريعا مشروع قانون ضد العنصرية اثار جدلا في البلاد.

تركيا تؤكد احباط مخطط لتنفيذ اعتداءات ضد لاجئين سوريين

من جهتها أحبطت الشرطة التركية خطة لتنفيذ اعتداءات على لاجئين سوريين في جنوب تركيا واعتقلت ستة اتراك للاشتباه بتورطهم في هذه القضية، وفق ما اعلن مسؤول تركي، وقال جلال الدين ليكيسيز حاكم مقاطعة هاتاي المحاذية لسوريا والتي تضم عددا من مخيمات اللاجئين السوريين ان هؤلاء المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ "هجمات بالعبوات الناسفة وخطف لاجئين سوريين" من المخيمات. ولم يوضح المسؤول تاريخ حصول عمليات الاعتقال الا انه اشار في تصريحات متلفزة الى ان التحقيق في القضية ما زال مستمرا، وبحسب قناة ان تي في الخاصة فإن عملية الشرطة حصلت في هاتاي ومحيطها.

وكانت مدينة الريحانية التركية الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من سوريا داخل مقاطعة هاتاي، تعرضت في 11 ايار/مايو الجاري الى اعتداء مزدوج بسيارات مفخخة ما ادى الى سقوط 51 قتيلا، ووجهت تركيا اتهامات الى 12 تركيا بالضلوع في الهجوم الذي نسبته الى مجموعة سرية من اليسار المتطرف التركي على صلة باجهزة استخبارات الرئيس السوري بشار الاسد، وهو ما نفاه النظام في دمشق. بحسب فرانس برس.

وتدعم تركيا مقاتلي المعارضة السورية ودعت مرارا الى تنحي الاسد. كما تستقبل على اراضيها حوالى 400 الف لاجئ سوري، يتوزع نصفهم تقريبا على حوالى 12 مخيما، وبعد هذه الهجمات التي اعقبتها موجة عدائية تجاه اللاجئين السوريين، حضت الحكومة التركية المواطنين المحليين على الحفاظ على الهدوء في مواجهة استفزازات محتملة مؤكدة انها ستواصل استقبال النازحين السوريين على اراضيها.

قرض البنك الدولي لمساعدة الاردن في ايواء اللاجئين

كما قالت مصادر بمجلس ادارة البنك الدولي ومصادر اردنية إن البنك اقترح تقديم قرض بقيمة 150 مليون دولار للاردن لمساعدته في تغطية تكاليف ايواء آلاف اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الاهلية في بلدهم، وقال مصدر لرويترز إن من المنتظر ان يتخذ مجلس ادارة البنك قرارا بشأن القرض في يونيو حزيران. واضاف قائلا "الضغوط على الاردن تتزايد والقرض من شأنه ان يساعد في تخفيف العبء الاقتصادي"، ولجأ ما يقرب من 500 ألف سوري من اجمالي 1.5 مليون إلى الاردن فرارا من حرب اهلية متصاعدة بين القوات الموالية للرئيس بشار الاسد ومقاتلي المعارضة الذين يسعون للاطاحة به.

وقد يساعد قرض البنك الدولي في جلب المزيد من المساعدة الدولية للاردن، ووضعت تكاليف إيواء اللاجئين مزيدا من الضغوط على الاقتصاد الاردني الذي تضرر من أزمة مالية العام الماضي أجبرت الحكومة على طلب قرض بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي، وأبلغ جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي رويترز في جنيف انه قلق بشأن الوضع في المنطقة وان البنك -الذي يحارب الفقر- مستعدة للمساعدة. بحسب رويترز.

وفي يناير كانون الثاني 2012 تعهد البنك الدولي بتقديم 250 مليون دولار للاردن لمساعدة في التغلب على التراجع الاقتصادي لكن الملك الاردني عبدالله طلب من كيم قبل اسبوعين المزيد من المساعدة، وقال كيم "فيما يتعلق بالاردن فانهم أول من جاءوا وطلبوا مني بشكل مباشر زيادة المساعدات.. ونحن قلنا نعم"، ومع وجود كثيرين من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري الرئيسي في الاردن لجأ كثيرون اخرون للاقامة مع عائلات او اصدقاء اردنيين في بلدات قريبة من الحدود السورية وهو ما وضع ضغوطا على مرافق اساسية مثل الماء والكهرباء والموارد المحلية الاخرى، وحثت الامم المتحدة الاردن على عدم اغلاق حدوده امام اللاجئين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/تموز/2013 - 16/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م