التعيين العائلي ومخاطره على الامن الوظيفي

رياض هاني بهار

 

يعتبر التعيين العائلي اسوء صورة لإساءة استعمال السلطة لانطلاقها من دوافع قبلية ومناطقية وطائفية، وتقوم على التمييز بين المواطنين، فهي تؤدي إلى تفرقة الصف، وفك التلاحم، ان تعيين أقارب المسؤولين في مؤسسات الدولة بدأت تأخذ منحى خطيرا واصبحت ظاهرة لايمكن السكوت عنها، بحيث اثرت على عمل المؤسسات وعلى قدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين، ووصلت الظاهرة في العراق إلى مرض سرطاني خطير، ستؤدي ببلدنا الى كوارث، كما انها أدت إلى تحطيم مستوى الأداء في جميع المجالات، والتي أثرت تأثيراً مباشراً على عدم تقدم بلادنا بالمقارنة ببلاد العالم التي تتسابق بسرعة رهيبة نحو التطور والتحضر.

وأصبحت الظاهرة عنواناً للظلم الذي أثر على الكثيرين في المجتمع وولد الشعور بالحقد والكراهية، الى جانب فقدان ثقة المواطن بالحكومة وبأجهزة الدولة وشعور المواطن باللاالعدالة، ناهيك عن الحقد الدفين والكراهية يكون تأثيرها مؤلماً وضاراً وفتاكاً بين المواطنين، وبهما ينسف المساواة وتمحو العدالة الاجتماعية وتعزز ثقافة عدم الانتماء والولاء، ويخلق احتقانا وقهرا في المجتمع.

 إن الوقوف أمام هذه الظاهرة ومحاربتها يحقق العدالة في المجتمع، لأن تفشيها وسريانها يؤدي إلى اختلال العدالة، إن استمرار تعيين المسؤولين لأقاربهم في دوائر الدولة العراقية، سيؤدي إلى إيجاد دولة قائمة على أسس عائلية، كما كان في فترة حكم رئيس النظام السابق صدام حسين، وكثر الحال فنشاهد ثلاث إخوة واكثر والاب والام والاعمام والخوال والاقارب موظفين بنفس الدائرة أو الرجل وزوجته معا في نفس القسم فلا نعلم ما هي المعايير الحقيقية الذي جمعت بين هؤلاء؟ هل هي الخبرة العملية والكفاءة لإشغال هذه الوظائف ؟؟ السبب في وجودهما معا لانهم اقارب احد المسوولين بالحكومة.

اما الاحصاءات المتيسرة عن حجم الظاهرة

1 ـ بلغ عدد الموظفين بالعراق قبل عام 2003 أقل من مليون موظف، واشرت بيانات رسمية صادرة عن وزارتي المالية والتخطيط، إلى وجود أرقام خطيرة، حيث بلغ عدد العاملين في القطاع العام 2 مليون و907 آلاف و776 وهذا يعني أن أكثر من مليوني وظيفة استحدثت بعد هذا التاريخ، وحذر خبير اقتصادي، من خطر استمرار هيمنة الأحزاب السياسية العراقية على قطاع التشغيل أن ذلك تسبب بفرض 644769 موظفاً لا يعرفون القراءة والكتابة على مؤسسات الدولة المختلفة في العراق.

2ـ اشار التقرير الصادر عام2013 الذي اعد بالتعاون مع البرنامج الانمائي للامم المتحدة وهيئة النزاهة الذي حمل عنوان (الفساد وتحديات النزاهة في القطاع العام في العراق) حيث ورد بالصفحات (78 و79و80) الى احصاءات بغاية الاهمية خلاصتها (ان الشبكات غير الرسمية مصدرا مهما للحصول على معلومات عن فرص العمل في مجلس الوزراء 80% والبنك المركزي 71% وهيئة النزاهة 63% ووزارة التخطيط وبالإمكان الاطلاع على الاحصاءات الدقيقة بالرابط ادناه:

http://unami.unmissions.org/Default.aspx?tabid=4979&ctl=Details&mid=8222&ItemID=1582081&language=en-US

3ـ احصائية غير رسمية تنقل ان هناك مئات من العوائل اصبح دخلها الشهري من الراتب الحكومي مابين (50 لغاية150 مليون دينار شهريا) نتيجة استحواذ العائلة على وظائف في مجلس الوزراء والداخلية والدفاع والخارجية والعدل والدوائر الامنية الاخرى.

أثر الظاهرة على الامن الوظيفي:

يعد الأمن الوظيفي من أهم ركائز النجاح في أية مؤسسة. وتقوم فكرة الأمن الوظيفي على رفع درجة الطمأنينة لدى الموظف على مستقبله الوظيفي، وإنهاء جميع صور القلق على ذلك المستقبل، ويعتبر التعيين العائلي من أهم مقوضات الأمن الوظيفي وذلك بعدم منح المكافأت والترقيات لمستحقيها وانصرافها إلى من لا يستحقها، وعدم اكتراث المسؤولين بإنجازات وابداعات العاملين.

اما اهم افرازات هذه الظاهرة على الدولة العراقية:

1ـ تشكيل لوبيات لإدارة المؤسسات لسد الطريق على أي إصلاح يمكنه أن يزعزع مصالحهم وكذا تطبيق كل ما يملى عليهم دون قيد أو ش رط.

2ـ افرزت في اوساط المؤسسات الحكومية ظاهرة(الشللية) وهذه الظاهرة خطيرة اذا انها تفشت في اوساط المؤسسات واصبحت تؤدي الى ضياع الكفاءات والاستغناء عنها بالشلة ولتوضيح معنى الشللية هو وجود ثلة من الاشخاص يتزعمهم شخص مسؤول بالمؤسسة فاسد يتبنى هذ المجموعة تكون بمستوى متدني من العمل ومن الكفاءة تحكم الشللية اي العصابة التي تسيطر على المؤسسة وتقمع اي صوت يتقاطع مع توجهاتها وبالتالي تصبح اقطاعيه عائلية.

3ـ تقسيم الغنائم والاستهتار المالي والإداري

4 ـ فقدان المصداقية بين المسؤول وبين المواطن بعد أن غيب مصطلح العدالة وحل محله المسمى الجديد المحسوبية لان في ذلك قتل متعمد للكفاءات والتجني على حقوق العباد وبالتالي فان أصحاب الكفاءات والخبرة والعلم الحقيقيين لن يصلوا إلى الهرم ومراكز صنع القرار ولن يسهموا في رفعه هذا البلد ونهضته.

 الخلاصة:

وخلاصة ماتقدم ان طرح ظاهرة التوظيف العائلي لتسليط الضوء عليها من قبل الاعلام العراقي والحد منها حيث أصبحت الظاهرة عنواناً للظلم الذي وقع علي الكثيرين في المجتمع وولد الشعور بالحقد والكراهية، الى جانب فقدان ثقة المواطن بالحكومة وبأجهزة الدولة وشعور المواطن باللاالعدالة، ناهيك عن الحقد الدفين والكراهية يكون تأثيرها مؤلماً وضاراً وفتاكاً بين المواطنين، وبهما ينسف المساواة و تمحو العدالة الاجتماعية وتعزز ثقافة عدم الانتماء والولاء، ويخلق احتقانا وقهرا في المجتمع

وفي الختام أتساءل أليس التمييز جريمة يعاقب عليها القانون العراقي ناهيك عن القوانين الدولية فان كان الجواب بالإيجاب ندعو السيد رئيس الحكومة لتفعيل قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي الذي صدر عام 2009 والمعطل من الحكومة منذ اربع سنوات الذي ينظم شؤون الوظيفة العامة وتحريرها من التسييس والتحزب وبناء دولة المؤسسات وتشكيل مؤسسة مهمتها تطوير العمل في دوائر الدولة وبلورة القواعد والأسس السليمة وتأمين العدالة والحيادية وضمان معايير الكفاءة في التعيين، بدل من الحلول المبتورة.

[email protected]

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/reyadhanibahar.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/تموز/2013 - 13/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م