المتحدث الإعلامي والمستشار الإعلامي

علي إسماعيل الجاف

 

يحتاج اصحاب القرار والسياسيين والاعلامين والصحفيين وعامة الناس فهم الفرق بين المتحدث والمستشار لان الاثنان باختصار شديد يجب ان يمتلكان مهارات الالقاء والتحدث الفعال كون الحديث هو اسلوب اقناع ووسيلة تفاهم مع الاخر عبر نافذة الرسالة، المرسل والمستقبل.

 يعتبر العمل الصحفي والاعلامي حلقة اتصال بين الجماهير والمؤسسة لان البيئة الداخلية تتمثل بالمؤسسة او الدائرة او الوزارة التي في الغالب يمكن السيطرة عليها بحكم المحكم؛ لكن نحتاج ان نفهم ونخاطب بلغة مفهومة (SMART) البيئة الخارجية المتمثلة بالانسان البسيط، الفقراء والاغنياء وشرائح المجتمع المتعددة والمتنوعة كونهم حصن منيع لايمكن اختراقه بمجرد عبارات او الفاظ او مصطلحات اعتيادية يطلق متحدث او مستشار بحجة الاقناع المؤقت.

يحتاج المتحدث والمستشار ان يكون علاقات اجتماعية متعددة ويوسع دائرة الاتصالات والعلاقات العامة كون العلوم الاجتماعية الحديثة تؤكد على ضرورة ان يكون هناك جهة ترعى متطلبات الجمهور بالتنسيق وتوفير البيانات اللازمة ليكون الكلام مقبولا بلغة التحليل والمنطق. فالناطق الاعلامي لابد ان يمتلك ملكة التواصل ليجيب عن الاستفسارات الهاتفية والخطوط المفتوحة ويحاول تحسين تصريحات واقع المؤسسة ويعطي ما يعرف بالتفسير الاقناعي والارضائي.

 لايمكن ان يترك المتحدث شكوكا لدى الجمهور ويجب عليه ان يخلق استجابات معينة لدى الجمهور خصوصا في حالة طرح اسئلة جريئة وعليه ان يكون ملما ببساطة ورؤية وهدف المؤسسة لان الجماهير قوة يمكنها خرق المؤسسة عبر نافذة ديمقراطية مما يعني هز الثقة في حالة عدم الاقتناع.

الناطق الاعلامي جاء حديثا في العراق بعد التغيير في 9/4/2003 وبالتأكيد يتطلب وقتا كبيرا وكثيرا لاستيعاب هذا التوجه لدى الجمهور كونهم من سيستمعون لكلامه ويقررون مدى مصداقية حديثه، ويحاول المتحدث الاعلامي الدفاع عن المؤسسة وبيان المحاسن وتصحيح المغالطات ويعتبر جزء من الفريق الاستراتيجي في اتخاذ القرارات والاقتراب من نبض الشارع.

 فعلى المؤسسة، بكافة انواعها، ان تراعي توفير الظروف الملائمة والمناسبة للمتحدث وتلبية كافة احتياجاته ليكون عمله ابداعيا ومطورا لان الجمهور يتذمرون بسرعة وينتفضون بقوة ويواجهون بشراسة، فمن الحكمة ان يكون هناك رجلا قادرا ومتمكنا في ادارة النزاعات ولديه فنون الحوار المقنع مع كافة الطبقات والمستويات. ويكون المتحدث الاعلامي مديرا للعلاقات العامة والاعلام اي اعلى جهة اعلامية في المؤسسة بعد الادارة العامة.

يحتاج المتحدث ان يستهلك كلامه بميزان المعرفة والسلوك والتطبيق (Knowledge, Attitude & Practice) كون ذلك يتيح الختام الجيد للحديث واستثمار الحواس وانتقاء المفردات والابتعاد عن التقليد. بالتأكيد، المتحدث الاعلامي يكون بوابة المعلومات الوحيدة عن رؤية ومخرجات المؤسسة لان العمل التلميعي في الاداء وليس في الشخص سيولد انهيار لتلك المؤسسة بدون سابق انذار.

يتطلب من المتحدث الاعلامي تقبل النقد واستيعابه بلغة التحليل العقلي حتى يكون قادرا على الرد وفق اتاحة الفرصة والمجال لان العرض والتعبير يحتاج لغة التحليل والابتكار بهيئة وشكل صادق الوضوح وفيه دقة وحماس وقدرة على التركيز والاتزان والابتعاد عن الانفعال التعبيري، والسعي الى جعل المظهر الجيد اساسيا وجوهريا ووضوح الصوت وسرعته والتوقعات عن التحدث ومعرفة تفكير المقابل من خلال: ردة الفعل، التعلم، السلوك والنتائج: Reaction, Learning, Attitude & Results.

اما المستشار الاعلامي نختصر الحديث فنقول هو مرآة المسؤول وصورة مؤطرة باسلوب وابعاد سياسية هدفها كسب لعبة او اجادتها بفنون تبادل الادوار لان علامة مخرجات القائد او السياسي او المسؤول المهم والكبير يتطلب منه ان يضع من يمثله وفق علامات الخبرة (Experience) والمهارة (Skills) والكفاءة (Qualification) والسلوك المنطقي المقبول (Accepted Logical Attitude) من قبله والمقربين وفي الغالب يكون هناك خرقا لقواعد المستشار الدولية والمعيارية وينصب الشخص بناء على الولاء والصداقة والتزكية والانتماء ونرى مخرجاته ترقيعية باسلوب التملق والمواربة والمحاباة والتنظير في بلداننا.

ويجب ان يضع المستشار ما يعرف "جدول اعمال تنظيمية" Organizational Works Tables ويتطلب منه الدقة والسرعة والتواصل في الكلام والافعال والمخرجات لانه يعكس صورة مرؤسه. ولايكون حديثه عاما بل مختصرا ومقتصرا ومحددا عن شخص، ولايخرج عن مضمون السياسة العامة المرسومة لان ذلك يمثل خرقا للولاء والجهة والمنصب. بينما يساهم المتحدث في الحديث عن انشطة عامة عن المؤسسة ويأخذ الدور في القيادة الاعلامية والسرد والرد وربما يقرر في امور لديه دراية وعرفان شامل عنها.

لابد ان نأخذ بنظر الاعتبار العوامل الاجتماعية والمهنية والعمر والجنس للمتحدث والمستشار لان ذلك يشكل مصدرا مهما في الجذب والاستقطاب وخصوصا في قضايا الجماعات المعارضة وتوفير الرضا الوظيفي داخل المؤسسة وتجنب ضغط السلطة وان تتوفر للاثنان عامل اقتصادي جيد بحيث تكون الردودات متميزة بلغة الحاجة والطلب. ويكون لدى المتحدث السلطة والتخويل والتفويض في قضايا النشر من عدمه للمواضيع والارقام ودور الرقيب في مواجهة الدعاية لانها اسلوب نفسي هدفه تغيير سلوك وتجاه الفرد. ويتطلب من المتحدث والمستشار نقل ما يدور في الشارع الى اسماع المسؤول والمؤسسة ولهم الحق في مواجهة الخصوم بحد التخويل والتفويض من المرؤس، ومحاولة القضاء على الشائعات والتأويل والقلق والتوتر المسيطر على الشارع والمؤسسة.

يحتاج المتحدث والمستشار الاقناع من خلال لغة المنطق والعاطفة في الاستمالة والتوضيح وازالة الغموض عن الموضوعات والانصات الجديد. وهناك ما يعرف بالناطق ومن صفاته الاهتمام بالمشاعر واحاسيس الاخر والتركيز والانتقاء للكلمات الملائمة والحرية والصراحة والتشجيع والقدرة والاستماع ومراقبة التعبيرات والاستيعاب العاجل، وتجنب الغرق في التفاصيل والحديث المنمق ومراعاة تعبيرات، ومراعاة تعبيرات الوجه وحركة اليدين والجسم وتقديم الحجج المؤيدة او المعارضة. لاشك ان احترام اراء الاخرين وتجنب القاء الاوامر ومحاولة عدم الاستطراد والعصبية والخجل والافراط.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/aliismaeelaljaf.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/تموز/2013 - 7/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م