محمد عباس شهيد الغيرة

علي فاهم

 

كان خروجه من عشيقه الاول العراق هروباً من العنف والاضطهاد المستشري فيه آنذاك فلم يتحمل قلبه وهو يرى احد محبوبيه تأكله البغاة القساة فرحل عنه محتضناً المعشوق الاخر لأنه كان يعشق الاثنين محبوبه العراق ومحبوبته الكرة فكان احدهما يذكره الاخر ولأن الكرة لم تسد مسد الوطن فأبى الا العودة اليه تاركاً الرفاهية والترف والراحة خلفه، حاملاُ في جعبته كرة وأحلاماً ولهفة..

عاد الى مدينته كربلاء وتعهد ان ينشئ مدرسة كروية لأطفالها وان يأتي بمدربين من هولندا لفريقها لأنه يشعر انه مدين لهذه المدينة، ففي ازقتها ترعرع وفي شوارعها تعلم كيف يدحرج اول كراته وفي احضان ابنائها نمى حبه لها ولأهلها، لم يخطر في باله ان ارض الملعب الذي جاء ليسقي عشبه الاخضر سيشرب دمه، وان رائحة ترابه ستكون اخر العطور التي سيستنشقها ولم يخطر في باله ان القسوة والوحشية ارتدت لباساً آخر واسماً أخر وانها لم تغادر الملعب بل مازالت تلعب فيه، اراد ان يسجل كلمة، معتقداً ان (الكلمة) هي العليا (هنا) ولم يدر ان البعض مازال يؤمن ان العصا هي فوق الجميع وان هذا (البعض) مازال يظن ان العراقي تابع للعصا والدينار يسوقونه او يضربونه أو يهينونه كيفما واينما ومتى شاءوا.

ان الشهيد محمد عباس كفاءة عراقية مغتربة اجبرته غيرته الا ان يحمل احلامه (التي تكسرت مع جمجمته عند اول عصا هوت عليه) عائداً الى العراق فكيف احتضن العراق ابنائه المغتربين ليس غريبا ان نسمع ان طبيباً عراقياً او عالما او رياضياً جاء للعراق متلهفاً ثم غادره هارباً من هول ما رأى،من صور مشوهة لتصرفات تحسب على العراقيين اولاً، سواءاً في دوائر الدولة اوفي الشارع اوفي أي مكان فهذا المنتسب في اجهزة قوى الامن الداخلي لو كان واعياً لدوره ومسؤوليته وواجبه بالتحديد لما قام بجريمته، هو لا يدري حدود واجباته ولا حدود صلاحياته او مسؤوليته فالكثير من منتسبي الاجهزة الامنية يعتقدون انهم فوق القانون لا حماة القانون وان القانون اداة بيدهم لا انهم اداة القانون ووسيلة تنفيذه، وان الشعب بخدمتهم لا انهم في خدمة الشعب كما هو معروف فهم يملكون القوة والسلطة والقانون والحصانة، فلابد من توعية هولاء وتعريفهم لحدودهم وواجباتهم واهمية حقوق الانسان التي هي اسمى الحقوق وليست منة من أحد وانما حق له ان يحترم ويعامل بكل ما يجب ان يعامل به الانسان ناهيك عن التعامل مع النخبة من مثقفين ورياضيين واعلاميين وكفاءات فضلا ان يكون هولاء من المضحين.

 فيجب ان ينال من اعتدى على هذا الانسان العراقي الذي أثبت عراقيته عندما عاد الى العراق ليخدم مدينته، يجب ان ينال اشد العقوبات وان يأخذ القانون مجراه والا تسوف القضية أو أن نضع للمعتدي المبررات فلا مبرر لمثل هولاء وهنا نشد على يد مجلس محافظة كربلاء المقدسة حيث تم الموافقة بالاجماع على تقديم مبلغ خمسة وعشرون مليون دينار وتخصيص قطعة ارض لعائلة الشهيد في كربلاء وتسمية ملعب كربلاء باسم الشهيد محمد عباس (رحمه الله) ومطالبة الاجهزة القضائية بالقصاص من المذنبين ومخاطبة الاتحاد المركزي لكرة القدم لبحث كافة السبل لتكريمه بما يتناسب وتضحيته،وهذا أقل ما يمكن تقديمه، العزاء لكل من يعشق العراق...،آلمتنا برحيلك يا أبا سمية، فانا لله وانا اليه راجعون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/تموز/2013 - 24/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م