من المخلص للشعوب؟

محمد العرادي

 

الخلاص تلك الكلمة التي ترمز لمعاني كثيرة تحمل البشائر المستقبلية للناس بأجمعهم، فرغم تفرق الناس لأديان وشعوب وقبائل متعددة إلا انهم يتفقون على فكرة واحدة ولكنهم يسيرون في طرق شتى نحو الوصول لها، فالبحث عن المخلص من الأمور التي شغلت الشعوب والقبائل والساسة الكبار من اجل من يخلصها من الويلات والمآسي فكان هو أمل الشعوب المستضعفة ولكن من هو المخلص للشعوب؟ وهل المخلص واحد ام مجموعة من المخلصين؟

على مر التاريخ والشعوب ترزح تحت نيران الظلم والقهر والدكتاتورية ولكن ما ينقضي الزمان حتى يظهر من يخلص شعبه من نار الظلم ويحقق شيء من العدل ومن ثما في نهاية الأمر يموت ويصبح جزء من ذاكرة الشعوب التي تستلهم مبادئه لتنير لها درب الحرية والنضال، صحيح انه حقق نصراً مؤزراً ولكنه خاصاً بشعبه وبوقته، إذا اين من يحقق آمال الشعوب بأجمعها وينتشلها من نار الجلاد الأحمق ويبعدها عن غارات الجفاة الطغام التي تقتل طفلاً هنا وشيخ هناك وتنزع قرط إمرأة مخدرة وربما تتطاول لتهتك جثة طاهراً وقبة لمسجد طال ما عبد الله فيه!!

من المؤكد بل من اليقين ان النصر الحقيقي سيكون للمخلص الحقيقي فالبحث عنه ليس من باب التسلية وليس هو فكرة اخترعها مؤلف او بحث جامعي يقدمه طالباً جامعي لكي يحصل على الدرجات العلى وليس فكرة لسينارست اخترعها لمسرحية جديدة يجتذب لأجلها المتفرجين، فالمسألة هي مسألة مصير وقضية دين، من يبحث عن مخلصه في كل الأديان لابد ان ينتظره ويقدم أدلته من دينه التي تؤكد حقانية مدعاه، هل المخلص شخصية تاريخية كان لها مواقف مشرفة وماتت ثم ستعود لتحرر البشرية؟، ام ان المخلص شخصية مستقبلية ستظهر ولكن لا نعرفها؟ وهل هو معروف بالاسم والاختلاف في اسم ابيه، لو أخضعنا تلك الأديان القديمة والجديدة لميزان الحق وميزاننا هو كلام الله سبحانه وتعالى والذي قال (ان الدين عند الله الاسلام) وهذا يدل على ان من قدمه الاسلام كمخلص للبشرية هو غير من قدمته الأديان بفكرها الضيق قال تعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ).

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: المستضعفون في الأرض، المذكورون في الكتاب، الذين يجعلهم الله أئمة: نحن أهل البيت، يبعث الله مهديهم فيعزهم ويذل عدوهم.

الآية الثانية الدالة على المخلص وفق كلام الحق جل وعلى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

الله سبحانه لا يخلف وعده وهناك من سيخلص الشعوب بعد ان يستخلفه الله ويمكن له في الارض ولا يكون ذلك لشخص عادي فالتمكين من الارض هي إحكام القبضة الحديدية حتى يصبح من يملك القوة العجيبة من الظلمة والمستبدين فاقديها امام هذا المخلص العظيم.

وفي آية أخرى (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).

عن أبي الفضيل عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليه السلام، قلت (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)؟ قال عليه السلام: هو أمر الله رسوله بالولاية والوصية، الولاية: هي دين الحق. قلت: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)؟ قال عليه السلام يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليه السلام).

إذا إجابة على السؤال في بداية مقالنا والذي ابدينا فيه تساؤلنا عن مخلص البشرية وبعد القياس بالميزان الحق فلا عذر امام الشعوب المنتظرة مهما تعددت اديانها ومشاربها، فالحقيقة ماثلة أمامهم بان مخلصهم هو الامام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه الذي يملأ الارض عدلا بعد ما ملئت ظلم وجورا) ولا بد من انتظاره ليشرق بوجه على العالم أجمع فهو المخلص العظيم للعالم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/حزيران/2013 - 13/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م