في الإلحاح على تربية "التوحيد والإصلاح"

ياسر الحراق الحسني

 

كتب القيادي في حركة التوحيد والإصلاح امحمد الهلالي في مقال عنوانه "عندما يسقط القناع ويتحول مقاوم للصهيونية بالأمس إلى عميل للفارسية اليوم" (هسبريس 17 يونيو2013) عن رأيه حول الأزمة السورية. رأي يعتبر أن الصراع الدائر هو بين شعب ثائر وحاكم قاتل، بين الحرية والإستبداد، بين الديمقراطية وحكم الأقلية الأوليكارشة الطائفية.

 وإذا كان رأيه على اختلافنا معه يدخل في صميم حريته في التفكير وحقه في التعبير، فإنه تجاوز كل حدود الإحترام، ونفث من غيه الأسقام، باذلاً في ذلك نشاطاً بالغاً دون حجة بالغة أو فائدة سابغة، باهت متهافت، طويل اللسان عديم البرهان. وحيث أن الباعث على الإلحاح في تربية التوحيد والإصلاح ليس هو موقفها ضد بشار أو نصر الله على لسان الهلالي، فإن الباعث هو تطاولها على لسان الهلالي على طائفة من المسلمين أدخلتهم بفتوى من القرضاوي سبقتها فتوى من الزرقاوي في السجال السياسي والحروب بين الدول والجماعات. فجعلوا بحقدهم الدفين وفكرهم اللعين يحاربون إيران بذبح الشيعة واستهدافهم.

لقد صدرت عن القيادي في التوحيد والإصلاح عبارات في حق طائفة من المسلمين وشريحة أصيلة من المغاربة يندى لها الجبين. فقد وصف الشيعة المغاربة في المقال المذكور بأنهم خلايا نائمة:" تنفث سموم الحقد الطائفي وجرثومة التشييع السري" في موضع. وفي موضع آخر وصف الشيعة المغاربة بأنهم خلايا حزب الله " النائمة الغارقة في نكاح المتعة والمغررة بالقاصرات تحت تزييف ديني وفقهي منحرف". معتبراً أن الشريحة الشيعية في المغرب لم تكن في موقع " تهتف بإسمه (أي نصر الله) وترفع ألوية حزبه وصوره في التظاهرات المليونية بل حملها شباب الجامعات والمعاهد سواء في تركيا أوفي المغرب أوفي القاهرة.، أيام كان يقاوم الصهاينة على حد تعبيره. وتابع:" عندما يقتنع الشباب المسلم بوجوب الجهاد في أي مكان ويكون فرض العين هو الفداء بالرواح بدون ضبابية وبشكل واضح فالشباب المسلم لن يقعده استحلال الفروج والزنا المقنع باسم زواج المتعة".

والصورة الذي أراد القيادي في حركة التوحيد والإصلاح أن يجعلها تتبادر إلى الذهن حينما يكون الحديث عن المغاربة الشيعة هي صورة مشيطنة لهذه الشريحة . صورة تعكس كونهم خلايا سياسية أو شبه عسكرية نائمة بهدف التحريض الأمني ضدهم. وتعكس دناءتهم عن طريق محاولة ضربهم في أخلاقهم إستعمالاً لأسطوانة زواج المتعة المشروخة في إطار التحريض الإجتماعي ضدهم. وأخيراً أراد من خلال صورته المأزومة عن شيعة المغرب أن تعكس تآمرهم على تحريف الدين، وفي هذا نداء ناعم لخلايا الإرهاب النائمة في أمة الريسوني لكي تجدد الفقه وتنزل شرع الله فيهم كما أنزلته في تفجيرات الدار البيضاء ومراكش وفي محاولة ذبح النشطاء اليساريين في المغرب سابقاً.

إن أصحاب مراسيل وقصاصات الفكر الضيق يحتاجون أحياناً إلى أن يذوقوا وبال أمرهم. وهنا يأتي مطلب مساءلة خطاب المتكلم على نحو إفتراض مخاطبة الأخر له بمثل ما خاطبه به. نبني إذن على ما قاله هو للمسلمين المغاربة الشيعة بالمماثلة على أن نعوض الشيعة بالسنة وحزب الله بجبهة النصرة وإيران بالسعودية. فهل يقبل الذوق السليم أن يخرج مثقف شيعي مغربي ليقول أن السنة في المغرب خلايا نائمة تابعة لجبهة النصرة تنفث سموم الحقد الطائفي وجرثومة الوهابية السرية؟ هل يقبل الذوق السليم أن يقول مثقف شيعي أن "المجاهدين" لما كانوا يحاربون في ما شاء الله من أماكن في العالم كان أهل السنة غارقون في نكاح الجزرة والبطيخة ونكاح الأصنام (الدمية)؟ ظني بصاحب الذوق السليم والرفيع أنه سيقول عن هذا المثقف بأنه أحمق. فهل حركة التوحيد والإصلاح تهيء الحمقى لتضخهم في الحياة السياسية المغربية عن طريق حزب العدالة والتنمية؟!

إن الإنسان المغربي صاحب التدين المعتدل والمغربية العالية والإنفتاح على الحضارة والتمدن لا يقبل بمثل الإفك الذي جاء على لسان قيادي في حركة تحتاج إلى التربية. ذلك لأن الذي لا خلاق له لا يمكن أن يتصدى لمهمة التربية ، والذي لا يربي لا يصلح. ومن هنا ادعو الحركة أن تؤجل مشروع تأطير المفسدين وتهيئهم للحياة العامة وأن تنشغل بتربية صغارها وإعادة تأهيل كبارها كي يتعلموا النظر إلى المغاربة كمغاربة دون أي تمييز بسبب التاريخ أو الجغرافيا أو المحفوظات. إن التجارب علمتنا أن "أنغام الطائر" تتغير ويبقى مقرر التربية الوطنية ثابت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/حزيران/2013 - 13/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م