نهاية الأزمة في العراق هل من دلائل؟

علي الطالقاني

قتل في العراق خلال شهر مايو/أيار أكثر من ألف شخص بينما أصيب 2397 آخرون بجروح. جراء الأعمال الإرهابية، لكن أرقام وزارات الداخلية والدفاع والصحة تقول ان عدد الضحايا 630 شخصاً، بينما أصيب 1097 شخصا. اما خلال شهر نيسان الماضي فقد بلغ عدد الضحايا 712 شخصاً. فيما تشير الأدلة التي يطرحها المراقبون على ان دوافع هذه الاحداث طائفية وسياسية.

وفي إحصائية للشهرين الماضيين قتل نحو ألفي شخص، في وقت يتوقع فيه ان تجذب أعمال العنف مجموعات مسلحة من أطراف عديدة من شأنها ان تدفع بالمواطنين نحو القتال.

وشهد العراق في الشهور الأربع الأولى من عام 2013 هجمات ارهابية بمعدل 800 هجمة شهريا، وان متطرفين من الطائفة السنية نفذوا نحو خمسين هجوماً انتحارياً في الشهر الأخير، مما أسفر عن مقتل 500 شخص أغلبهم من المدنيين الشيعة.

إن أعمال العنف الدموية التي تقع يوميا في العراق ترسم مستقبلا مخيفا لا يلوح في أفقه دلائل لنهاية الأزمة، حتى بدأ المواطن العراقي يستعيد أحداث العنف التي حدثت خلال الأعوام 2006 و2007 عندما انزلقت بعض المدن العراقية نحو الاقتتال الطائفي.

وتسعى التنظيمات الإرهابية تطوير قدراتها بالتزامن مع ما يحدث في سوريا عبر بسط نفوذها بالتعاون مع بعض القوى السنية المتشددة وخصوصاً في مناطق غرب العراق، والتي تشهد حراكا معقداً.

ويقول بعض قادة من المعارضة في العراق إن حراك المعارضة السورية منحهم ثقة لمواجهة ما أسموه التمييز الذي تمارسه حكومة المالكي، وإنهم متشائمون من التوصل إلى حل دائم، وإن الحرب السورية أصبحت عاملا حاسماً بهذا الشأن.

إن اتساع دائرة العنف في العراق يضاعف المخاوف من تمزقه تحت وطأة الصراع الطائفي والسياسي. وعلى مدار الشهريين الماضيين من هجمات امتدت من بغداد شمالا إلى البصرة جنوبا مخلفة وراءها مئات القتلى، استهدفت قوات أمن عراقية ومساجد سنية وأحياء شيعية.

التفجيرات الانتحارية وتفجير السيارات المفخخة وعمليات الاختطاف التي شهدتها أحياء شيعية تحمل جميعا بصمات القاعدة والتي استفادت من التوتر السياسي لإعادة تنظيم صفوفها في مناطق سنية.

وعلى الرغم من أن أي جهة لم تعلن مسئوليتها عن موجة العنف العراقية الأخيرة، إلا ان تنظيم القاعدة ينشط في بعض المناطق دون الأخرى وهذا ما يعقد مسار القضاء عليه.

وتقول معلومات استخباراتية ان قيادات الفصائل المسلحة المكونة من (كتائب ثورة العشرين وجيش الفاتحين وجيش عمر وجيش الطريقة النقشبندية وتنظيم القاعدة)، استغلت تواجد قياداتها في ساحات الاعتصام في الانبار وباقي المحافظات التي شكلت فيها ساحات الاعتصام، وكان لها حضور منذ الايام الاولى من الاعتصام بمشاركة ضباط من الحرس الجمهوري وبقايا البعثيين الموالين لنظام صدام وجرى تسجيل اسماء المتطوعين في اجواء اتسمت بتصعيد طائفي من اجل كسب عناصر جديدة لصفوفها.

وتشير معلومات الى توجه التنظيمات الارهابية نحو خطط تتم عبر اعادة تشكيل خلاياها بعد ان تستقطب مجموعات من الشباب، من خلال اعتماد اساليب تعتمد على الشحن الطائفي فضلا عن تقديم الدعم المادي ، أما الرحلة الأخرى تتم عبر تدريب المقاتلين في معسكرات خاصة لتعليمهم قتال الشوارع والقنص فضلا عن اقناع قسم منهم بتنفيذ عمليات انتحارية.

ويرى محللون ان التنظيمات الارهابية ومن خلال قيامها ببعض الأعمال تسعى الى اختبار القوات الامنية على مسك الارض من أجل دراسة الظروف الميدانية لتتسنى لها الفرصة لسحب البساط من تحت قوات الجيش والشرطة، كما ان بعض هذه المجاميع الارهابية تحاول انتهاز الفرص لتأجج المواجهات عند سيطرة ما يسمى بالجيش الحر على سوريا وتعتقد انها ستفتح المناطق التي تتواجد بها على سوريا واعلان دولة العراق والشام الاسلامية.

وأعلنت المجاميع الارهابية في وقت سابق عن استعدادها الحرب ضد القوات الأمنية العراقية في مناطقها الزراعية والصحراوية كما حدث في منطقة الإسكندرية ومناطق أخرى في مدن نينوى وصلاح الدين والانبار ومناطق جنوب وغرب بغداد، حيث تعمد المجاميع الإرهابية بتعزيز خزين الاسلحة، وانشاء ساحات لتدريب المقاتلين الشباب على مختلف صنوف لإعداد مقاتلين جدد بدل السابقين الذين سقطوا في مواجهات مع القوات الامنية.

لكن القوات البرية العراقية أعلنت سيطرتها بالكامل على اكبر معسكر تابع لتنظيم القاعدة الارهابي في الانبار. وتأمين الحدود العراقية السورية من الداخل بقطعات تابعة لقيادة عمليات الجزيرة على امتداد 640 كم

أما سياسيا فهناك قلق من بعض القوى السنية جراء السياسات التي يتبعها رئيس الوزراء نوري المالكي حيث يرون انه يميل إلى ممارسة الاستحواذ على السلطة وإنه متهم في استخدام سلطته بعد ان أخل بجملة من الوعود التي قطعها على نفسه أمام خصومه. بحسب قول المعارضين.

واليوم، ينظم السنة في الأنبار تجمعات وتحشيد يتخلله نشاط ليس له قيادة واضحة المعالم وهو الأمر الذي يشكل تحدياً للحكومة المركزية. يضاف الى ذلك هناك توجه للمحافظات السنية في العراق نحو النظام الاتحادي وهو الأمر الذي يثير شبح الانقسام الطائفي.

ويمكن القول أن الأغلبية الشيعية في العراق يرغبون في بناء دولة ديمقراطية بعيدا عن التورط في حرب مفتوحة ضد السنة أو دول المنطقة ولذلك نرى ان القوى المسلحة الشيعية لم تظهر على الساحة إلا وقت ما تكون فيه التهديدات والقتل واضح ضدهم، وعلى عكس ذلك نرى ان بعض الجماعات السنية المتشددة تنتمي الى تنظيم القاعدة يعملون باتجاه خلق توتر طائفي من خلال شن هجمات واسعة النطاق.

* كاتب صحافي في شؤون الإرهاب

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/حزيران/2013 - 26/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م