حروب الإنترنت... اشد معارك العصر فتكا!

 

شبكة النبأ: الإنترنت اصبح اليوم وبحسب بعض المتخصصين ساحة حرب حقيقية لجميع الدول والحكومات، خصوصا بعد ان تزايدت أعداد الهجمات الالكترونية المجهولة التي يقوم بها قراصنة الانترنت او بعض المؤسسات الاستخبارية المتخصصة، بهدف الحصول على المعلومات المهمة سواء كانت عسكرية او شخصية، او لأغراض تدميرية تهدف الى اضعاف قدرات العدو التقنية من خلال الهجمات الفيروسية التي تتسبب في الحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات أو قطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادات المركزية او تعطيل أنظمة الدفاع الجوي أو إخراج الصواريخ عن مسارها أو اختراق النظام المصرفي أو ارباك حركة الطيران المدني أو شل محطات الطاقة الكبرى.

وفي هذا الشأن تسبب واحد من أكبر الهجمات الالكترونية على الاطلاق في إبطاء خدمات الانترنت على مستوى العالم بعد استهداف شركة تعمل على منع البريد غير المرغوب فيه وقال بعض الخبراء ان الخلل عرضة للاتساع. وقال ستيف لينفورد المدير التنفيذي لمنظمة سبام هاوز متحدثا لهيئة الاذاعة البريطانية ان الشركة تعرضت لهجمات على نطاق لم يسبق له مثيل.

ويستهدف منفذو هجمات الرفض الموزع للخدمة التي يطلق عليها اختصارا (دي.دي.او.اس) في العادة مواقع الانترنت باغراق أجهزة الخوادم برسائل من أنظمة متعددة كي لا يمكنها التعرف على الرسائل المشروعة والرد عليها. وقالت شركة كاسبرسكي لاب لأمن الانترنت في بيان "بناء على نطاق الهجوم الذي وردت به تقارير وقدر بنحو 300 جيجابت في الثانية يمكننا تأكيد ان هذه واحدة من أكبر عمليات دي.دي.او.اس حتى الآن." واضافت "قد يحدث مزيد من التعطيل على نطاق أكبر مع تصاعد الهجوم." بحسب رويتر.

وقال بول فليسيديس المدير الفني في مؤسسة (ان.سي.سي) لأمن الانترنت ان مشاركة الكثير من أجهزة الكمبيوتر يزيد صعوبة الدفاع ضد الهجوم. واضاف "اذا كان لديك عدد قليل من أجهزة الكمبيوتر يرسل كميات كبيرة من الرسائل يمكنك ترشيحها بسهولة. وحين يشارك آلاف وآلاف فعليا يصبح الامر أصعب كثيرا كثيرا." وقال ان حجم الرسائل التي يشملها الهجوم يُحدث أثرا غير مباشر على باقي الانترنت.

كوريا الجنوبية والشمال

في السياق ذاته أرجع معظم المعلقين الهجوم الالكتروني الذي عطل ثلاث قنوات تلفزيونية وبنكين كبيرين في كوريا الجنوبية الى ان بيونجيانج تستعرض عضلاتها مع تصاعد التوترات العسكرية في شبه الجزيرة المقسمة. وتتبع مسؤولون في كوريا الجنوبية التسلل الذي حدث الى خادم في الصين وهي دولة استخدمها متسللون من كوريا الشمالية من قبل في هجماتهم. وأبرز الهجوم الالكتروني الذي وقع هشاشة وضع كوريا الجنوبية وهي من أكبر الاقتصادات الالكترونية في العالم أمام حرب غير تقليدية.

وقدر جانج سي يول وهو جندي سابق في الجيش الكوري الشمالي التحق بكلية عسكرية في بيونجيانج لتدريب المتسللين وفر الى الجنوب عام 2008 ان كوريا الشمالية لديها نحو 3000 فرد في الوحدة الالكترونية من بينهم 600 متسلل. والجامعة التي درس فيها جانج كان اسمها جامعة ميريم وهي الان تعرف باسم جامعة اوتوميشن وتأسست في الثمانينات من القرن الماضي لمساعدة الوحدات الالية في جيش كوريا الشمالية وبها قسم خاص للتسلل الالكتروني بشكل مهني.

وقال جانج ان "مقاتلي الانترنت" في كوريا الشمالية يحظون بمزايا خاصة منها شقق سكنية فاخرة لدورهم فيما وصفته بيونجيانج بأنه جبهة جديدة في حربها ضد الجنوب. ومثلما هو الحال بالنسبة لكل شيء في كوريا الشمالية يصعب تقييم القدرات الالكترونية لبيونجيانج بشكل حقيقي. والغالبية العظمى من مواطني كوريا الشمالية لا يستخدمون الانترنت او يمتلكون جهاز كمبيوتر وهي سياسة يطبقها نظام كيم جونج ايل زعيم البلاد بصرامة للحد من تأثير العالم الخارجي.

وقالت قناة واي.تي.ان التلفزيونية المحلية ان المرشح لشغل منصب مدير المخابرات في الكوريا الجنوبية أبلغ اعضاء البرلمان مؤخرا ان كوريا الشمالية هي المشتبه الرئيسي وراء غالبية الهجمات الالكترونية وعددها 70 الف هجوم التي تعرضت لها المؤسسات العامة خلال الخمس سنوات الماضية. بحسب رويتر.

وتحقق شرطة كوريا الجنوبية في انقطاع خدمة الانترنت عن محطات تلفزيون رئيسية وبنكين كبيرين وتقول شركة كبرى لتقديم خدمة الانترنت إن نظامها تعرض لتسلل. وقالت الشرطة والحكومة إن الخوادم في شبكات التلفزيون واي.تي.ان وأم.بي.سي وكيه.بي.اس تضررت فضلا عن بنك شينهان ونونجهيوب وبنكين آخرين. ولم يعلقا على الاسباب المحتملة للانقطاع. وقال متحدث باسم شركة ال.جي يوبلاس إن الشركة تعتقد أن شبكتها تعرضت لعملية تسلل. وتقدم الشركة خدمات الإنترنت لشبكات التلفزيون.

مركز جديد

على صعيد متصل تم إنشاء برنامج جديد أطلق عليه "شراكة تأمين تبادل المعلومات الإليكترونية (CISP)" لتبادل المعلومات بين الحكومة البريطانية والشركات العامة والخاصة حول التهديدات الإليكترونية. ويضم المركز الجديد خبراء من الشرطة والشركات وهيئة الاتصالات الحكومية وجهاز المخابرات الداخلية، ويهدف للتوصل لأفضل أشكال التعاون من أجل مواجهة تلك التهديدات.

وسيكون هناك تأمين لشبكة الإنترنت للسماح بالوصول إلى المعلومات المتبادلة في الوقت الحقيقي، مثل تأمين الفيسبوك. وكانت شبكات الإنترنت البريطانية قد تعرضت لهجمات إليكترونية متعددة من دول معادية وقراصنة معلومات وشركات مما كلفها ملايين الجنيهات. حيث أكد رئيس جهاز المخابرات الداخلية جوناثان إيفانز عام 2012 أن معدل الاختراقات كان مذهلا.

وتسببت هجمات إليكترونية من إحدى الدول المعادية في خسائر لواحدة من أكبر الشركات في لندن تقدر بمبلغ 800 مليون جنيه استرليني، بسبب عيوب تجارية في مفاوضات التعاقد. وقال مسؤول حكومي رسمي لايوجد أحد لديه رؤية كاملة عن تهديدات الفضاء الإليكتروني، ولكننا نرصد تزايدا في معدلات الهجمات الإليكترونية ونتوقع أن تواصل الارتفاع".

وتمخض برنامج (CISP) من رحم مشروع استكشافي بدأ عام 2012 وأطلق عليه مشروع أوربان. وتم تشجيع 80 شركة من خمس قطاعات هي الاقتصاد المالي والدفاع والطاقة والاتصالات السلكية واللاسلكية والمستحضرات الصيدلانية، على المشاركة بمعلوماتها. وتم توسيع المشروع الاستكشافي ليشمل 160 شركة، وسيتم الإعلان عن المشروع الدائم.

وتشمل المعلومات التي تتم مشاركتها، التفاصيل الفنية للهجمات الإليكترونية، والأساليب المستخدمة في التخطيط لكيفية تخفيف حدة هذه الهجمات وكيفية التعامل معها. ويحتوي المقر الجديد في لندن على شاشات ضخمة ترصد الهجمات الإليكترونية وتوفر التفاصيل في الوقت المناسب حول هوية المستهدف من هذا الهجوم، حيث تعمل مجموعة بين 12 إلى 15 محلل بتصريح أمني خلال مواعيد العمل الرسمية.

وكانت الشركات في الأوقات السابقة تصاب بالتوتر من إعلان أنها تعرضت لهجمات إليكترونية، بسبب التأثيرات المحتملة على سمعتها، وكذلك خوفا من تأثر أسهمها بسبب احتمالية فقدانها معلومات مهمة تتعلق بملكيتها الفكرية. ويأمل البرنامج الجديد بمشاركة المزيد من الشركات علاوة على الشركات التي بدأت معه وهي 160 شركة. بحسب بي بي سي.

وقال فرانسيس مود رئيس ديوان رئاسة الوزراء :"نحن نعلم جيدا أن الهجمات الإليكترونية تحدث على نطاق صناعي، وأن الشركات هي الضحية الكبرى لهذه العمليات من التجسس الصناعي والتعدي على الملكية الفكرية، ومع الخسائر الاقتصادية التي تتحملها المملكة المتحدة سنويا والتي تقدر بمليارات الجنيهات، فإن هذه الشراكة المبتكرة تخلق مساحات جديدة من التعاون الحقيقي لتبادل المعلومات حول التهديدات، وحماية مصالح المملكة المتحدة في الفضاء الإليكتروني." ويؤكد مسؤولون حكوميون أنهم سيظلون غير مرتاحين للصيغة المبدئية لتعليمات الاتحاد الأوروبي التي تلزم الشركات بالإعلان عن تعرضها للهجمات الإليكترونية ويأملون في شراكة تطوعية تكون أكثر فاعلية في التعامل مع المشكلات.

الوحدة 61398

تعاون أعضاء احدى الكليات بجامعة صينية كبيرة لأعوام مع وحدة تابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني في اعداد أبحاث فنية. ومن بين من أعدوا عددا من الأبحاث المتعلقة بأمن الانترنت ورصد عمليات التسلل والتي يمكن الحصول عليها بسهولة عن طريق الانترنت باحثون في وحدة 61398 التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني المزعوم انها وحدة عمليات منخرطة بنشاط في أعمال التجسس على الشبكة العنكبوتية واحدى الكليات بجامعة شنغهاي جياوتونغ وهي مركز أكاديمي له علاقات ببعض من أكبر الجامعات في العالم وتخرجت فيها شخصيات تنتمي للنخبة السياسية الى جانب رجال أعمال في البلاد.

وعلاقة العمل الواضحة بين وحدة 61398 وجامعة شنغهاي جياوتونغ تتعارض مع الممارسات العامة في معظم الدول المتقدمة حيث لم يبد أساتذة جامعيون في العقود الأخيرة حرصا على التعاون مع وحدات العمليات الاستخباراتية. وقضية أمن الانترنت تختبر العلاقات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى اثارة مخاوف بشأن التسلل على الانترنت خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ. وتنفي الصين ضلوعها في أعمال تسلل ترعاها الدولة قائلة إنها ضحية هجمات على الانترنت من الولايات المتحدة.

وليس هناك دليل يشير إلى أن أيا من الأكاديميين في جامعة شنغهاي جياوتونغ الذين شاركوا في اعداد الأبحاث مع وحدة 61398 عملوا بشكل مباشر مع أي من الضالعين في عمليات تجسس على الانترنت. وقال جيمس لويس مدير برنامج التكنولوجيا والسياسة العامة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن الأمر يتعلق بما إذا كانت هذه المؤسسات البحثية انخرطت في عمليات استخباراتية حقيقية مضيفا "هذا أمر لا تفعله الولايات المتحدة". بحسب رويتر.

وتابع أن في الولايات المتحدة هناك "خطا فاصلا بين الباحث الأكاديمي والناس الضالعين في أنشطة جمع معلومات استخباراتية." ورفضت جامعة شنغهاي جياوتونغ التعليق. وفشلت جهود الحصول على تعليق من جيش التحرير الشعبي الصيني عن تعاونه مع جامعة شنغهاي جياوتونغ.

احكام واجراءات

من جانب اخر حكم على متسلل إلكتروني بالسجن ثلاث سنوات وخمسة اشهر لسرقته بيانات شخصية لحوالي 120 ألف مستخدم لإجهزة الكمبيوتر اللوحي (آي باد) الذي تنتجه شركة أبل ومن بين هؤلاء رؤساء بلديات ومذيعة لشبكة أخبار تلفزيونية وقطب سينمائي في هوليوود. وادانت هيئة محلفين في نيوارك بولاية نيوجيرزي الأمريكية أندرو اورنهيمر (27 عاما) بتهمة التآمر للوصول إلى خوادم شركة آيه.تي آند تي دون الحصول على إذن وتهمة سرقة الهوية.

والحكم الذي اصدرته القاضية سوزان ويجنتون بالمحكمة الجزئية في نيوارك هو أقصى عقوبة كانت تسعى لها وزارة العدل الأمريكية والتي تتراوح من 33 إلى 41 شهرا. وقال ممثلو ادعاء إن فترة السجن من شأنها أن تساعد في ردع المتسللين من غزو خصوصية الأبرياء على شبكة الإنترنت. وأضافوا أن بين المتضررين من أنشطة اورنهيمر مذيعة الأخبار بمحطة (ايه.بي.سي) ديان سوير ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج ورئيس بلدية شيكاجو رام ايمانويل والمنتج السينمائي في هوليوود هارفي وينشتاين.

وقال ممثل الادعاء الأمريكي بول فيشمان في بيان "عندما اتضح أنه في ورطة دبر الرواية وحاول تأمين الإنترنت وكل ما فعله هو المشي في طريق باب غير موصد... لم تأخذ هيئة المحلفين ولا المحكمة بذلك عند النطق بالحكم." وكان اورنهيمر سعى إلى وقف تنفيذ العقوبة. وقال محاميه إن كلمات السر لم تتعرض للتسلل الإلكتروني وإن مدة السجن الطويلة غير مبررة بالنظر إلى أن الحكومة سعت في الآونة الأخيرة لسجن متهم لمدة ستة أشهر في قضية تتعلق "بحقائق أكثر تطفلا." وأضاف المحامي تور ايكلاند إن موكله سيقيم دعوى استئناف للطعن.

في السياق ذاته قال الجيش المصري إن خفر السواحل ألقى القبض على ثلاثة غطاسين اثناء محاولتهم قطع كابل بحري للانترنت في أول إشارة لاحتمال تورط مجرمين في قطع وتعطيل خدمات الانترنت لايام. وقال العقيد اركان حرب أحمد محمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إن دورية اوقفت قارب صيد قرب مدينة الاسكندرية الساحلية حيث ألقت القبض على ثلاثة غطاسين كانوا على متنه.

ولم يدل المتحدث باسم الجيش بتفاصيل حول الدافع المحتمل لمحاولة الغطاسين قطع الكابل الذي قال إنه تابع للشركة المصرية للاتصالات التي تحتكر خدمة الهواتف الثابتة في مصر. وقال "نجحت القوات البحرية اليوم في احباط محاولة لثلاثة غواصين اثناء قيامهم بقطع الكابل البحري الخاص بالاتصال بشبكة الانترنت."

ولم يتضح على الفور ما اذا الحادث مرتبط باعطال أبلغت عنها شركة سيكوم للكابلات البحرية قبالة الساحل المصري والتي قالت إنها ضربت بضعة خطوط تربط اوروبا بافريقيا ومنطقة الشرق الاوسط وآسيا. ولم تقدم الشركة اي تفسير للاعطال التي قالت إنها ضربت الكابلات وانظمة شبكات اخرى في ساعات مبكرة يوم الجمعة. بحسب رويتر.

وأفاد مستخدمو الانترنت بتباطؤ في الخدمة في انحاء متفرقة في مصر منذ ذلك الحين. وتعرضت كابلات الاتصالات تحت البحر المتوسط لأعطال في السنوات القيلة الماضية. واشارت بعض الشركات المشغلة إلى ان دواسر الدفع لسفن عابرة اصطدمت بالكابلات. وفي وقت سابق نقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية عن الشركة المصرية للاتصالات قولها إن أحد كابلاتها حدث به قطع على بعد 750 مترا من ساحل الاسكندرية. وقالت الشركة أن الخدمة ستعاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/آيار/2013 - 8/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م