ازدهار الجهالات في عصر التكنلوجيات

توفيق أبو شومر

 

أثارت الصورة المرفقة مع المقال دهشة واستغراب كثيرين، لا لأنها صورة غريبة، ولكن لأن محتواها له جذور عقدية دينية يهودية نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 13/4/2013 !

باختصار فإن الصورة المرفقة هي لراكب يهودي حريدي يجلس على كرسي في إحدى الطائرات من طائفة الكوهانيم، آثر حتى يحافظ على طهارته أن يُدخِل نفسه في كيس بلاستيكي أثناء السفر ولا أعرف كيف تمكن من ربط الكيس وكيف تمكن هذا المتزمت من التنفس داخل الكيس، وهل أدخل في حلقه انبوبا ليتنفس، أم أنه استعان بمضخة هواء!!

ساد اعتقاد في الطائرة بأن المسافر اليهودي لا يرغب في رؤية مضيفات الطائرة، فالنساء مدنسات، يفسدن طهارة المتزمتين، كما أن المسافر هو من سلالة نقية تعود إلى سلالة هارون أخو النبي موسى، غير أن الحقيقة اتضحتْ بعد أن أفصح عنها صاحبها:

" يعتقد هذا المسافر الذي اضطر للسفر مرغما لجمع التبرعات لطائفته الدينية، بأن الطائرة سوف تمر في أجواء المقابر الكثيرة المنتشرة على سطح الأرض، ودخول المقبرة أو المرور فوقها ينتهك الطهارة في الشريعة اليهودية، مما يقتضي إجراءات تطهير متعددة وشاقة، ليس بغمر الجسد في حمام المكفا فقط، بل بإجراءات دينية وطقسية عديدة، فمقابر الأغيار عند الحارديم المتزمتين نجاسات.

 وحتى ينجو من هذه الطقوس قام بإدخال نفسه في الكيس، حتى يظل صافيا نقيا طاهرا عفيفا نظيفا !!!!"

وقرأت خبرا آخر في اليوم نفسه يتحدث عن قناة فضائية تبث التخاريف المنسوبة للدين الإسلامي أيضا، وفيها يظهر شيخٌ من الفئة نفسها، فئة المهرطقين الذين يشبهون طائفة الكوهانيم، يقدم برنامجا تلفزيونيا من داخل قبر، وشيخٌ آخر يقدم برنامجا آخر من غرفة غسل الموتى!!

إن ما يجري في عالم اليوم من غرائب ينسبها كثيرون إلى الأديان ليست سوى أعراض لمرض خطير، هو مرض الجهالة، غير أن الغريب في الأمر هو ازدهار الجهالات في عصر التكنلوجيات فائقة السرعة والتطور، بعد أن تقارب العالم بالتكنلوجيا، وأصبحت الحدود بين الأوطان مجرد خطوط وهمية في كتب الجغرافيا المدرسية!

إن الترهات والخرافات ليست سوى أحدى مظاهر إحباطات الإنسان الذي يشعر بالعجز والتقصير في الإسهام في هذه الطفرة التكنولوجية، وإحباطه يعود أيضا إلى أن هذه الطفرة لم تحقق له الحد الأدنى من السعادة والرفاه!!

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/نيسان/2013 - 7/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م