اندماج تنظيمات القاعدة... مخاطر محتملة

علي الطالقاني

في رسالة صوتية نشرت على الانترنت يوم 7/4، دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، المعارضة السورية التي تقاتل ضد النظام في سوريا الى اقامة دولة خلافة اسلامية.

وفي رسالة صوتية نشرت على الانترنت يوم 9/4 اعلن تنظيم القاعدة في العراق ان "جبهة النصرة" التي تنشط في الأراضي السورية امتداد له وجزء منه.

وفي رسالة صوتية نشرت على الانترنت يوم 10/4 بايعت "جبهة النصرة" الظواهري على السمع والطاعة". لكن الجبهة تنصلت من إعلان دولة العراق الإسلامية اندماجهما تحت راية واحدة. وقال أبو محمد الجولاني مسؤول الجبهة إن الفرع العراقي للتنظيم لم يستشر الجبهة في إعلانه تبنيها وأضاف فإننا لم نستشر ولم نستأمر.

وتكشف التصريحات المتباينة لقادة القاعدة على انها ليست تنظيماً موحدا، وان الأطماع في سوريا جعلت من الخلافات داخل التنظيم بارزة بشكل أوضح وخصوصا بعد ان اعلنت جبهة النصرة بأنها ستحصل على أموال سعودية وقطرية لتعويض خسائرها.

وكشفت معلومات ان صراع يدور بين الجولاني، وميسرة الجبوري القيادي في "دولة العراق الاسلامية" فكليهما مرتبط بجهاز استخباري مختلف عن الآخر، فالجولاني له صلة مع الاستخبارات الأردنية والتركية، بالمقابل فإن الجبوري يرتبط بأجهزة الاستخبارات السعودية.

القاعدة في العراق وعبر فرعها المحلي "دولة العراق الاسلامية" ساهمت في تأسيس جبهة النصرة ودعمها بالمال والسلاح والأفراد والخبرات وهذا ما قاله أبو بكر البغدادي – الذي يُعتقد انه يحمل نفس اسم الشخص الذي اعلنت الحكومة العراقية عن اعتقاله في وقت سابق – بأن التنظيم خصص نصف ميزانيته لدعم جبهة النصرة. وأن جبهة النصرة ما هي إلا امتداد للجمهورية الاسلامية في العراق وجزء منها.

وبحسب معلومات يبلغ عدد تنظيم القاعدة في العراق خمسة وعشرون ألف مقاتل، ويرسل شهريا 300 مقاتل لرفد جبهة النصرة في سوريا، وهو الرقم الذي ينكره كبار القادة الأمنيين، ويحاول التنظيم ايجاد منافذ والانتقال في أماكن آمنة داخل مناطق من العراق. اما في سوريا وبحسب التقديرات يوجد أكثر من4000 مقاتل أجنبي معظمهم من الأوربيين.

وتقول معلومات إن تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة لديهما معسكرات تدريبية مشتركة في المنطقة الحدودية حيث يتبادل الطرفان المعلومات والسلاح. فان أهالي هذه المناطق يقولون ان هناك انتشارا لتنظيمات مسلحة.

ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع النائب حاكم الزاملي أن الحكومة عاجزة عن ردع المجاميع الإرهابية، ما شجع هذه المجاميع على اتخاذ منطقة الجزيرة (الواقعة بين دجلة والفرات دخولا إلى العمق السوري) حاضنة كبيرة لها، وإرسالها المجاميع المسلحة إلى سوريا وسط غفوة كبيرة من قيادات عمليات الجزيرة.

وخلال الشهر الماضي آذار/ مارس الماضي قتل في العراق 456 قتيل فيما جرح 115 آخرين.

وبحسب منظمة عراقية فقد قتل مليون وخمسة الاف ومئتين وأثني عشر شهيداً منذ عام 2003،

لكن دراسة أعدها معهد واتسون للدراسات الدولية بجامعة براون الأمريكية قالت إن الحرب على العراق أفضت إلى مقتل نحو 134 ألف مدني عراقي. بينما تقول منظمة أخرى إن اجمالي القتلى العراقيين منذ 2003 إلى 122 ألف و438. ويوجد 63,500 ألف عراقي مسجلين رسميا كلاجئين في سوريا.

لاشك ان لتنظيم القاعدة في العراق امتداد وروابط عشائرية وعائلية تمتد عبر الحدود العراقية السورية وهو الأمر الذي دفع بعض رجال القبائل السنية الانضمام لصفوف القاعدة.

وقوضت الأعمال الإرهابية الكبيرة التي تحدث بين فترة وأخرى تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين والعراقيين الذين قالوا ان القاعدة تعرضت لهزيمة كبيرة في العراق واصبحت بصورة عامة في موقع الدفاع وتشهد هزيمة شبه تامة.

اعلان الاندماج بين "جبهة النصرة" و "دولة العراق الاسلامية" جاء بشكل مفاجئ ربما لأسباب أمنية، كذلك ان التنظيم يعمل بشكل سري وتدريجي من أجل كسب أنصار له وهو الأمر الذي حدث في اليمن وتونس وليبيا فان هذه المجاميع تعمل بشكل محلي لكنها تؤمن بقادة في التنظيم يعملون تحت مسمى "الجهاد العالمي."

ربما لم يكن الأمر خطرا بصورة قد تجعل القاعدة تسيطر في العراق بسبب أن الغالبية العظمى من العراقيين لا يؤمنون بفكر القاعدة، فالقاعدة قامت بأعمال إرهابية بسبب فرضها للمعتقدات المتشددة والصارمة، وقامت بالقتل والترويع والتهجير ومنع العادات والتقاليد.

لو تم اندماج تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة في سوريا أو مع أي تنظيم آخر مستقبلا بشكل حقيقي سيمدد من المساحة الجغرافية التي يتواجد بها التنظيم حيث ستكون جبهة ممتدة من مناطق الأنبار والموصل مرورا بالمنطقة الشرقية من سوريا، مما يحقق حزاماً جغرافياً يمنح ثقلاً للسنة المتطرفين في مساعدة التنظيم.

وشهدت هذه المناطق منذ عام 2004 الى 2008 تواجدا مكثفا للقاعدة وخصوصا في محافظة الانبار وديالى والموصل.

هذه التحديات تفرض ضرورة ايجاد حل للمأزق السياسي أولا، وثانيا على واشنطن دعم الأمن في العراق من خلال تدعيم المؤسسات الأمنية، ورفع قدراتها في التصدي للتنظيمات الإرهابية سواء تعلق الأمر بالتدريب أو تزويدها بالمعلومات والسلاح.

* كاتب صحافي في شؤون الارهاب

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/نيسان/2013 - 5/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م