الأعمال الإرهابية ترسم مستقبل البلد

علي الطالقاني

خلال الفترة الممتدة ما بين شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2012 وشباط/ فبراير من عام 2013. أزهقت الأعمال الإرهابية أكثر من ألف وثلاثمائة من أرواح المدنيين، فيما أصيب أكثر من ثلاثة آلاف بجروح. ولقي قرابة ستمائة من أفراد قوات الأمن مصرعهم وأصيب أكثر من ألف آخرين بجروح.

وبحسب الإحصاءات بين المدنيين فان معدلات القتل لا تقل عن 4000 سنويا، أما بين القوات الأمنية نحو 1000 حالة.

وتقول منظمة Iraqi Body Count إن 4571 مدنيا قتلوا في عام 2012، ليصبح العدد الإجمالي للقتلى العراقيين منذ 2003 إلى 122 ألف و438.

وبحسب دراسة أعدها معهد واتسون للدراسات الدولية بجامعة براون الأمريكية. إن الحرب على العراق أفضت إلى مقتل نحو 134 ألف مدني عراقي.

ومع إدراج أعداد القتلى في صفوف قوات الأمن والمتمردين والصحفيين وعمال الإغاثة، ارتفع إجمالي ضحايا الحرب إلى ما بين 176 ألفا و189 ألفا، بحسب الدراسة.

من جانب آخر كشفت معلومات عن أعداد تنظيم القاعدة في العراق، حيث تجاوز خمسة وعشرون ألف، وانه يرسل شهريا 300 مقاتل لرفد جبهة النصرة في سوريا، ويواصل التنظيم من خلال فصيله الرئيس "دولة العراق الإسلامية" بقاء نفوذه والانتقال في أماكن آمنة داخل مناطق متعدد من العراق وخصوصا في مناطق حزام بغداد.

وكشفت الأزمة السياسية بين الحكومة المركزية وبعض القوى السنية من جانب، وتدهور الأوضاع الأمنية داخل سوريا وشريطها الحدودي مع العراق من جانب آخر، عن شكل التنظيم الذي أصبح مألوفا في بعض مدن العراق، ويحاول أن يلعب دوراً محورياً في الأحداث السياسية والأمنية المتدهورة إلى حد مخيف.

وتعتقد قوى الإرهاب في محاولتها بتأجيج الأزمة والطائفية في العراق سيكون لها سطوة بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة المجاميع المسلحة في سوريا لتكون جبهة موحدة ممتدة إلى الشريط الحدودي لسوريا مع العراق، لكن الحكومة العراقية مصرة على إنهاء الأزمة الداخلية من خلال التفاوض مع المتظاهرين في المدن السنية. وتصر أجهزة مكافحة الإرهاب العراقية على مواجهة التنظيمات الإرهابية، فأن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة بقوة على دعم جهاز مكافحة الإرهاب العراقي من أجل التصدي للقوى الإرهابية، فثمة كيانات صغيرة إرهابية غير واضحة من جهة الهوية متناثرة في العراق من المرجح أن تكون الحلقة الأصعب، ويستغل تنظيم القاعدة ضعف الدولة، ورغم أن الخطط الحالية من قبل الأجهزة الأمنية وتوجيه ضربات كبيرة للقاعدة إلا أن هذا التكتيك الأمني يبقى غير كاف.

توصيات وخيارات

يبدو أن الأحزاب السياسية والقوى الأمنية العراقية غير جادة في إنهاء ملف تنظيم القاعدة ومواجهته، فالقاعدة حركة منظمة، ويعتبر الدين أو بعض الرموز الدينية آلية لتنفيذ أجندتها. وهناك أسباب تحول دون القدرة على احتواء العنف والإرهاب، كما هناك متطلبات من قبل الأجهزة المعنية عليها مراعاتها:

أولاً، إذا كان العراق لم يشكل أولوية للولايات المتحدة الأمريكية لكن ضغط واشنطن وبغداد على مختلف دول جوار العراق لوقف دعم التنظيمات الإرهابية أمر يساعد على إنهاء الإرهاب في العراق.

ثانياً، يتعين على الحكومة العراقية الاستعداد لسيناريوهات متعلقة بتأزم الوضع السياسي وانتشار العنف. وقد كشف تقرير لخبراء في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن جبهة النصرة تمثل الآن خطراً إرهابياً حقيقياً بسبب تصاعد الموجة الطائفية وفتح مساحة جديدة لجبهة النصرة.

ثالثاً، تقليص قدرة التنظيم في تجنيد الانتحاريين من خلال وضع خطط مناسبة، وتجنيد عدد من الضباط لجمع معلومات استخباراتي دقيقة.

رابعاً، بعد أن تم قرصنة مواقع لمسؤولين عراقيين بمن فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي، ومستشاره لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي، ومسؤولين آخرين وهو دليل على أن التنظيم له خطط ويعمل من خلال تقنيات تكنولوجيا دقيقة، وانه يعمل على استقطاب جماعات جديدة، والمتتبع للمواقع التابعة للتنظيم يرى بيانات وتوجيهات تحرض على مواجهة الحكومة العراقية. من هنا على الحكومة العراقية أن تضع خطة إستراتيجية لمواجهة الإرهاب الإليكتروني، من خلال تأسيس مراكز أمنية تتمتع بتكنولوجيا متطورة، وأفراد قادرين على اكتشاف أي خطر، ومن أجل مساعدة أجهزة الاستخبارات وتقديم المعلومات لها.

خامساً، وضع إستراتيجية سياسية وأمنية من أجل السيطرة على مختلف مدن العراق. وينبغي على الحكومة العراقية تفعيل برنامج المصالحة الوطنية والحوار ودعم السلطة السياسية في هذه المناطق.

سادساً، دعم مجالس الصحوات والإسناد من قبل الحكومة وأبناء هذه العشائر مؤقتا من أجل الدفاع عن هذه المناطق، هو أمر مهم لدعم الأمن.

ويتطلب من القادة العراقيين بذل جهود حقيقية في تشخيص القيادات الإرهابية في مختلف مدن العراق فان هذه القيادات تعمل على توجيه إيعاز لأفراد التنظيم بالانتشار وتوجيه ضربات إرهابية.

كما تعتبر المناطق المحرومة في العراق والمتردية اقتصاديا عامل جذب لكل من هو ساخط على المشروع الحكومي والديني، حيث تزداد عوامل الجذب للطبقة التي تشعر بأنها محرومة سياسيا واقتصاديا، وهو الأمر الأكثر خطورة.

* كاتب صحافي في شؤون الإرهاب

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/نيسان/2013 - 28/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م