البابا القطري وسايكس بيكو

علي حسين كبايسي

سئل البابا القطري ما حكم من يتسبب في قتل شخص بغير عمد، فأجاب: صيام شهرين متتابعين مع دفع الدية، ثم كرر السائل السؤال في حالة شخصين، فأجاب: صيام أربعة أشهر متتابعة مع دفع الدية، ثم قال له السائل: ما الحكم في حالة العديد من الأشخاص؟، فكان الجواب ضحكات مصحوبة بقول: الله أعلم!؟، خيبه القياس فبهت!!، وعجز عن الرد!!، مع أن المسألة عملية تستوجب الفتوى، فكيف للمبتلى أن يُبرأ ذمته أمام الله تعالى مع غياب الفتوى البابوية، أم أن البابا القطري سيكون له شفيعا يوم القيامة، ويصبح ذنبه زكاة ورحمة!!، ماذا لو سئل ما حكم من قتل شخصا عمدا؟، فيرد: النفس بالنفس، ثم يكرر السؤال: ما الحكم في حالة العديد من الأشخاص؟، أكيد سيعجزه السؤال لأن قداسة البابا القطري لا يمكن له أن يميز بين المسألة الكلامية والمسألة الفقهية، وما له في علم الكلام من باع!.

يفتى البابا القطري: قل نعم للدستور لتأتي 20 مليار دولار!!، ويقول فولتير: ” قد أختلف معك في الرأي ولكن سأقاتل من أجل إبداء رأيك "، فولتير يؤمن بحرية الرأي والاعتقاد والتعبير عنهما، والبابا القطري يصادر رأيك مقابل20مليار دولار!!، أين القيمة الأخلاقية لما يتخلى الإنسان عن مبادئه وقيمه مقابل رشوة!!، ويصبح متسولا عند باب القصر القطري، أين الكرامة وعزة النفس!!، وهل الدول المقتدرة تقام بالتسول وطلب الصدقات من أمريكا، وهل أمريكا تقدم المساعدات حُبًا في أم الدنيا وأهلها!! أين أخلاق التعفف والإيمان بالله الغني الحميد؟؟.

أُنتخب الدستور ولم تأت العشرون مليار دولار!!، هل وعود البابا القطري كاذبة؟، هل من الدين أن تكذب وتخادع أم الغاية تبرر الوسيلة حسب مكيافيللي؟!.

لما أرسل لويس الرابع عشر قواته لاحتلال بلجيكا ودخل معها في حروب طاحنة، فنصحه ليبنيز الفيلسوف والرياضي الألماني: بدل الزج بجيوشك في حرب ضروس من أجل قطعة أرض!، فلماذا لا تحتل مفتاح العالم – مصر – فتسيطر بذلك على العالم كله (1)، ومنه ينكشف لنا أن مخادعة البابا تكمن في مطامع دولة الشيخة موزه للاستيلاء على قناة السويس بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية، فالأمريكان يعون جدا نصيحة الفيلسوف العبقري ليبنيز لملك فرنسا، وتصبح المعادلة البابوية: 20مليار دولار تساوي التخلي عن قناة السويس!!.

يفتي البابا القطري بقتل العلماء، والمدنيين العاملين في صفوف النظام!!، هل البابا من سلالة دراكولا، حتى يكون متعطشا لهذا السيل الجارف من دماء الأبرياء!!، من أعطاه الحق في هذه الفتوى: القرآن أم السنة!!!، أم الحقد البغيض المتراكم عبر الموروث الفاسد، موروث يحكمه الهوى الذي يضرب القرآن والسنة عرض الحائط مع كل تعارض، والكذبة الكبرى أنه يتغلف بهما، وما خدع البسطاء سوى الأفكار الشيطانية للبابا القطري المتلبسة بمسوح الدين.

البابا القطري يُعجزه حكم قتل العديد من الناس بالخطأ ودون عمد، ويفتي بكل برودة دم بإفناء البشر، وإهلاك الحرث والنسل!!، فالبابا وكيل الشيطان في إفساد الأرض، وسفك الدماء!!.

سايكس بيكو(2) تعود من جديد بهدف الاستيلاء على الثروات العربية وذلك بإحياء الاستعمار القديم، وتقسيم المقسم وتجزئ المجزأ حسب نظرية المؤرخ والمستشرق الانجليزي لويس دي برنارد، والبابا القطري يسخر كل فتاويه من أجل تحقيق المشروع الاستعماري بأمر من الشيخة موزه التي لا يتردد في تقبيل معذرة مصافحة يدها!!، فالبابا القطري يفتي بالاستجداء بالغرب على كل دولة لا ترض عليها الشيخة موزه، ويعطي الورقة البيضاء لقوات الناتو باستباحة الدولة العربية التي جاء عليها الدور من قصف وتدمير للبنى التحتية وقتل للأبرياء، ونهب للثروات.

البابا القطري يُصدِر صكوك القتل والدمار من دويلة لا تُرى إلا بالمجهر، وعلى أرضها تعمل القوات الأمريكية المقاربة لتعداد سكانها الأصليين في القاعدتين السلية ( 3 ) والعيديد، وتعج بالصهاينة الذين لهم سفارة معنونة تحت عنوان المركز التجاري الإسرائيلي!!، والبابا القطري لا يجد حرجا بأن يلتقي بالحاخامات اليهود أحفاد كعب الأحبار وموسى بن ميمون بدعوى حوار الأديان وإثراء المنظومة الدينية!!، والمفارقة أنه يقول لا تقريب مع المذهب الجعفري الشيعي لكونه خطر داهم!! بما يقوم به من تبشير على الجغرافيا التي تدين له بالولاء!!، ونتساءل إن رفضت التقريب بين المذهبين وجعلته استحالة، فلماذا لا يكون هناك تعايش سلمي في إطار احترام حرية الاعتقاد (4)، كيف يَطرحُ على مائدة التفاوض أسيادك أمراء الخليج العربي وثيقة سلام مع إسرائيل ولأجل غير محدد!! فلا تعبأ بها إسرائيل ولا تعير لها اهتماما، بينما تعلنون حرب إبادة على أمة ذنبها الوحيد أحبت أمير الموحدين عليه السلام وبغضت ابن هند ولعنت ابنه اليزيد!!.

البابا القطري يعمل على إحياء الخلافة العثمانية، ويشارك رئيس الوزراء التركي أوهامه بأنه السلطان العثماني (5) الموعود، فيغازل الباب العالي العالم العربي عبر مسلسلاته التي لا تقدم للمشاهد العربي سوى زنا المحارم، ألا يعرف البابا القطري أن زنا المحارم من الكبائر وما اختلف علماء الإسلام إلا في مسألة هل صاحبها مخلد في النار أم لا؟، أم فقهه يتناسى ذلك أما المسؤوليات الجسام التي على عاتقه!!، الخلافة العثمانية الحديثة لها عشق ممنوع مع إسرائيل، فكيف تصبح عند البابا القطري وأعوانه الإخوان المسلمين مثل يحتذى به!! أم أنهم يشاركونها هذا العشق الممنوع!!!.

إمبراطورية الشيخة موزه على إيقاع موسيقى حبرها الأعظم تفتي تحت غطاء المفرقة العربية بالحق لأي دولة عربية في تسليح الجهاديين! الذين استباحوا أرض الشام لإحياء زمن الغنائم والجواري!!، وهل غابت الجواري على أرض إسرائيل!!، والدول الناشئة من الخريف العربي والمتسارعة إلى شتائها الحتمي ترسل الآلف من الدمويين إلى أرض الشام بالمباركة المالية للإمبراطورية القطرية السعودية، فنتساءل لماذا لا تفتى بتسليح حماس وهي على هوى البابا القطري والعقيدة الواسطية لابن تيمية، ولماذا لا يرسل ببعض المتفجرات البشرية إلى إسرائيل!!، أم حرب إسرائيل أمر عدمي في الاستنباط الفقهي لبابا قطر.

يقول أتباع البابا القطري وإخوان الشياطين! لو قدم رئيس إيران إلى المحروسة ثانية، سنحاكمه علنا، لأنه يساند نظاما يقتل الشعب السوري!!، فلماذا لا تطالبون بمحاكمة الرئيس الأمريكي لو زار المحروسة إن زارها، ألا تقف أمريكا مع الصهاينة في جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وهل أصبحت مذابح الصهاينة في طي النسيان أم أصبح الصهاينة حمائم سلام وتهويد القدس حق تاريخي مشروع لإحياء هيكل سليمان ( ع )، أم أسدُ علّي وفي الحروب نعامة!!.

يقول أتباع البابا القطري وحكام أم الدنيا دون الآخرة، إن المساس بأمن الخليج خط أحمر، ونتساءل هل اختفت قاعدة السلية؟ وهل غادر الأسطول الأمريكي الخامس البحرين وعاد إلى إدراجه حتى يصبح أمن الخليج من مسؤوليات رئيس المحروسة وخليفة قطر!!، وهل غابت الأسود حتى تستأسد القطط والفئران!!، ويقولون أن العلاقات مع بلاد فارس مشروطة بالوضع السوري، ونتساءل هل تجديد التعامل الدبلوماسي مع إسرائيل، وإرسال سفير مصحوب برسالة حميمية لا يلزم قيدا ولا شرط!!. (6)

.......................................

(1) هذا ما دفع نابليون بونابرت بالقيام بحملته الشهيرة على مصر، ووقوف الدولة الاستعمارية الكبرى آنذاك بريطانيا له بالمرصاد، ثم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بسبب تأمين قناة السويس، وننوه أنه بالدعم المالي لشركة قناة السويس الانجليزية تأسست حركة الإخوان المسلمين عام 1928، وما يهُم الأمريكان أن يخدم الإخوان أمن إسرائيل والملاحة في قناة السويس والتخطيط للاستحواذ عليها بالوكالة القطرية وفتاوي بابا البلاط القطري.

(2) بالأمس قاد لورانس العربي الثورة العربية من أجل تحرير العرب من عبودية الرجل المريض، وقام جون فيلبي الملقب الحاج عبد الله فيلبي بتقسيم الخارطة العربية إلى دويلات يجمعها سقف المفرقة العربية، واليوم يقود الثورات العربية هنري برنارد ليفي لتحرير العرب من أنظمتهم الديكتاتورية وتقسيم دويلاتهم إلى دويلات ممزقة شرق ممزق.

 (3) السلية أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط مجهزة بالصواريخ النووية.

(4) يأمرنا علي عليه السلام أن نعامل الآخر على أساس: أخوك في الدين وإن لم يكن فهو أخوك في الإنسانية، وهذه هي المواطنة التي يؤمن بها فولتير ويجهلها البابا القطري الذي لا يعرف سوى الإبادة على نهج سلفه ابن تيمية.

(5) إحياء أيام جده سليم الأول قاتل أبيه وأخوته وذريتهم وهو الذي احتل العالم العربي وأذاقه كل أنواع البطش والقهر والاستبداد والتشريد والقتل المباح.

(6) ما الذي جد يخالف زمن مبارك!، أزمة اقتصادية خانقة بلا حلول واتفاقية الخزي والعار كامب دايفيد التي يقول عنها سليم العوى أحد أتباع البابوية القطرية إنها إلزام شرعي، فالمسلم مجبر على احترام المواثيق والعهود وإن كانت على حساب الكرامة والسيادة!!، والعداء لإيران تلزمه شريعة آل سعود لحكام أم الدنيا وإلا لحقت بهم الويلات من بينها طرد العمالة المصرية ولعنة الوقوف مع المجوس والعمل على المد الشيعي!!، والمفارقة أن آل سعود لهم سفارة بإيران، فكيف لدولة تفتقد إلى أبسط حقوق السيادة ولا تتنفس إلا على التسول أن تكون أم الدنيا وقائدة للعالم العربي!!!، كن سيدا على نفسك ثم تكلم بلغة الأحرار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/نيسان/2013 - 25/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م