كان اسمها القائمة العراقية!

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: ربما كانت الزيارة الاخيرة التي قام بها اسامة النجيفي الى قطر وتصريحاته المثيرة لقناة الجزيرة الفضائية في 13 شباط الماضي هي السبب الذي عجل بانهيار ائتلاف القائمة العراقية.

ربما استشعر عدد من قادة القائمة، الدور الذي اخذت قطر ترسمه لبعض السياسيين على حساب اخرين، والحجم الذي بدأ يكبر على حساب حجوم اخرى لقادة من نفس القائمة مقابل قادة اخرين كل منهم يستشعر نفسه هو القائد او الزعيم الابرز في هذا الائتلاف غير الناضج والذي فرضته ضرورات المصلحة وليس المباديء، ففي مزرعة البصل، الكل رؤوس كبيرة.

قبل تلك الزيارة ربما نتذكر ما كشفه التحالف الوطني في التاسع من الشهر نفسه وقبل الزيارة والحديث الى الجزيرة، عن تلقيه خبرا موثوقا يتعلق بأبلاغ تركيا احدى قيادات القائمة العراقية بتحديد مطالب المتظاهرين بمطلبين، وهما اما تنحية رئيس الوزراء الاتحادي نوري المالكي، او الذهاب لتشيكل الاقاليم في العراق.

ومن المفيد التذكير ايضا بالانسحاب الخجول لزعيم القائمة العراقية اياد علاوي من المشهد السياسي والاعلامي، وقلة تصريحاته الداعمة للتظاهرات، وتاكيده ان صرح على المطالب الدستورية حصرا، وكانه كان يحاول النأي بنفسه عما يراه قد تبلور من اتجاهات داخل القائمة التي يرأسها اخذت ببرنامجها الانتخابي بعيدا، واخذت تختط لنفسها طريقا بعيدا عما كان يراد لها، والذي لن يرضي الدولة الداعمة لعلاوي وهي المملكة العربية السعودية، وهي ترى قطر تدخل على خط التجاذبات لحلفائها.

ولو عدنا ابعد قليلا وتحديدا في الرابع من شباط الماضي، وتذكرنا تصريح النائب عن القائمة العراقية رعد الدهلكي حين قال ان (القائمة العراقية متماسكة ومتوحدة الا انها بحاجة الى قرارات اكثر قوة وشجاعة في المرحلة المقبلة تتناسب مع متطلبات المرحلة وحقوق المتظاهرين خلال مواجهتهم للتسويف الحكومي ازاء تلبيتها). وهو يقصد بذلك موقف اياد علاوي الذي سبق ان ذكرناه.

طيلة الفترة السابقة منذ الانتخابات البرلمانية الاخيرة، يستطيع المراقب للشان السياسي العراقي ان يضع عنوان عريضا لجميع تحركات وتصريحات القائمة العراقية، وهي معارضة كل تحرك او قول لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، باطلا كان هذا الاعتراض ام محقا.. رغم وجود تسعة وزراء للقائمة في الكابينة الحكومية.

لم تكن المعارضة مفهومة او مستساغة، خاصة بوجود اطراف اخرين ينتهكون الدستور او يفسرونه كما يرغبون مثل اقليم كردستان، الا ان القائمة العراقية لم توجه يوما نقدا للقيادات الكردية لانهم حلفاء محتملين لهم في اي خلاف مع رئيس الوزراء، فقط النواب العرب في كركوك والمنضوين تحت ائتلاف العراقية كنت تسمع اصوات اعتراضهم على سياسة التكريد التي يمارسها الاقليم الكردي بحق مدينة كركوك.

لا اذكر موقفا للقائمة العراقية كان داعما للحكومة او لرئيس وزرائها في اي خلاف مع احد او حتى دون خلافات، وحتى في ملف العلاقات الخارجية، مع دول الاقليم او غيرها من الدول، هي ضد المالكي والحكومة، سواءا اقترب من تلك الدولة او ابتعد عنها.

القائمة العراقية ربما تفوقت على بقية القوائم في حجم التضليل السياسي الذي مارسته طيلة الفترة السابقة ولم تجن منه سوى التشظي والتفكك ورغم ذلك يخرج علينا من ينفي الانشقاقات في القائمة ويرى رعد الدهلكي ان الخلافات لا ترقى الى مستوى الانشقاق أو اسقاط رموز القائمة العراقية. وان القائمة العراقية ستكون قادرة خلال الايام القليلة القادمة على اعادة لملمة نفسها والعمل بمشروع واحد لإعادة العلاقة فيما بينها. مؤكدا ان هذا الموضوع جاء آنيا، ولذلك فإن الاصوات التي تعمل على شقّ القائمة العراقية يجب أن تُسكت. واضاف ان رئيس القائمة اياد علاوي سيعمل على اعادة بناء القائمة العراقية فالامل كبير بها.

كيف بدأت كتابة شهادة وفاة القائمة العراقية؟

في السابع والعشرين من الشهر الحالي أعلن المتحدث باسم جبهة الحوار الوطني حيدر الملا، (وفاة القائمة العراقية) وحمل (الإسلاميين الجدد) المسؤولية عن ذلك، واتهمهم بـ(العمل مع أميركا وحتى إيران) لـ(تقسيم العراق)، داعيا العشائر العراقية إلى الانتباه لتلك المخططات.

وذكر حيدر الملا أن (رئيس البرلمان اسامة النجيفي التقى بوزير الخارجية الأميركية جون كيري ليس بصفته كرئيس للبرلمان، وانما التقاه بصفته السياسية وبحضور بعض الشخصيات من الإسلاميين الجدد بهدف الحصول على الدعم الأميركي لمشروع تقسيم العراق).

ولفت الملا إلى (اننا في جبهة الحوار نرى ان الاسلاميين الجدد لديهم الاستعداد الكامل للتعامل مع المحتل الأميركي وحتى مع اليمين الصهيوني في سبيل تحقيق مشروعهم الطائفي التقسيمي، اذ ليس لديهم خطوط حمراء، ونرى ايضا ان ما قام به الإخوان المسلمين في مصر خير دليل على ذلك، لاسيما دعوات عصام العريان لعودة الإسرائيليين الى مصر للعيش فيها، وكذلك وصف الرئيس المصري محمد مرسي للرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بالصديق العزيز).

وأشار الملا إلى انه (من نافل القول وجود حالة فرز داخل القائمة العراقية بين مشروع وطني يريد المحافظة على وحدة وعروبة العراق ومحاربة الطائفية السياسية وآخر طائفي تقسيمي يقوده الإسلاميون الجدد الذين يحاولون إيهام بعض العشائر ورجال الدين من اجل ان يكونوا داعمين لهم، لكن رجال الدين والعشائر لا يعرفون مكرهم ونواياهم السيئة تجاه العراق وشعبه، ولذلك دعواتنا لهم في ان يتوخوا الحيطة والحذر من أي أجندات تريد المساس بوحدة البلاد والعباد).

وسبق للملا أن هاجم بعض قيادات العراقية أذ اتهم في الـ24 من آذار 2013، (الإسلاميين الجدد) في القائمة العراقية بإشاعة (أكاذيب سياسية) تستهدف رئيس جبهة الحوار صالح المطلك، وفيما أكد انهم مرتبطون بـ(تنظيم القاعدة وتركيا وقطر)، أشار إلى انهم (كانوا يخططون لترويع الناس لانتخاب قائمة معينة).

وقد اتهم بعض من تبقى من القائمة العراقية، وهم كتلة (متحدون) برئاسة اسامة النجيفي، (العائدين إلى حكومة المالكي)، بأنهم الجهة التي (تحاول قتل مشروع العراقية)، مؤكدة أن مشروعها مرتبط بـ(الجماهير الغاضبة) الموجودة في ساحات الاعتصام، ووجهت كلامها إلى الناطق السابق باسم القائمة النائب حيدر الملا (لا أنت ولا غيرك يستطيع الحكم علينا بالموت).

وقال النائب عن القائمة العراقية احمد المساري (نقول للملا ان العراقية مشروع وطني متمثل بالجماهير الغاضبة المحتشدة اليوم في ساحات العزة والكرامة، لا ولاحد يمكنه ان يحكم عليها بالموت).

واضاف النائب المساري(حتى عندما يخرج جزء بسيط من العراقية عن مشروعها، وينضموا لمشروع المالكي والاجندات الخارجية، التي يعرف الكل ارتباطها بإيران والاجندات الاخرى فإن العراقية اليوم اقوى من اي وقت آخر، وقد صدر منها بيان على تأكيد واتفاق قياداتها بالتماسك والوحدة، وقد كان لهذه القيادات موقف واضح من عودة المطلك وجمال الكربولي لحكومة المالكي وشقهم الصف الوطني والاجماع العراقي).

والجزء البسيط الذي يذكره النائب المساري وكما تعودنا على التضليل السياسي لاعضاء القائمة العراقية هو خمسون نائبا ينتمون الى جبهة الحوار والى كتلة الحل، اي انهم اكثر من نصف نواب العراقية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة.

حديث الملا عن وفاة القائمة العراقية جاء بعد ساعات قليلة من عودة صالح المطلك ووزيري التربية محمد تميم والصناعة والمعادن احمد الكربولي، وهما سياسيان من الطائفة السنية، إلى الحكومة.

وكانت الحكومة قررت بالتوازي مع هذه التطورات إضافة الساسة السنة العائدين إلى الحكومة الى اللجنة الوزارية المكلفة بالنظر في مطالب المتظاهرين، والموافقة على مشروع قانون حجز ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لأركان النظام السابق ومن ثم رفعه إلى مجلس النواب.

حال العراقية اليوم سيء للغاية. عملياً قواها السياسية موزعة بعد سلسلة انشقاقات كبيرة، بين ثلاثة فصائل سياسية، وهي (العراقية العربية) التي تضم كتلة (الحل) بزعامة جمال الكربولي، والتجمع الجمهوري بزعامة سعد عاصم الجنابي، وجبهة الحوار الوطني، يزعامة صالح المطلك، وهناك (العراقية الحرة) التي ينشط فيها نواب لديهم مشاكل شخصية مع علاوي، استفاد الملاكي من خدماتهم، إلى جانب فصيل ثالث يمثله إياد علاوي عبر فصيله التقليدي المعروف باسم حركة الوفاق الوطني.

ينطبق المثل الشعبي العراقي اليوم على القائمة العراقية وهو: (مْصَخَّمْ ومْلـَطـَّمْ) التي تقال للشخص الساقط او الفاشل بمعنى ملوث بالسخام وملطوم على وجهه دلالة على الفشل اي جاء بالعار (يا مصخم وملطم ساقط بكل الدروس؟).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/نيسان/2013 - 20/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م