القرصنة الالكترونية... حرب متعددة الجبهات

 

شبكة النبأ: القرصنة الالكترونية و تزايد الهجمات المعادية ضد بعض المواقع المهمة والحساسة أصبحت اليوم وبحسب بعض المراقبين خطر يهدد الكثير من الدول والمؤسسات الاستخباريه او الإعلامية او الأشخاص، مؤكدين في الوقت ذاته ان هذه الهجمات هي بداية مخيفه لحرب جديدة ومختلفة قد يتسع نطاقها ويصعب السيطرة عليها في السنوات القليلة القادمة خصوصا وان هنالك تقارير تفيد أن هناك سوق سوداء عالمية تقدر بمليارات الدولارات تقوم على مفهوم القرصنة، الذي تطور وتعقد خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعل حكومات الدول الكبرى في العالم تتجه للبحث عن الأشخاص المناسبين لحماية المعلومات السرية.

ومن المخاطر الأولى التي يمكن أن تهدد الاستعمال العام للإنترنت تتمثل بإمكانية الدخول إلى الرسائل الخاصة من خلال برامج تحتوي على فيروس، أو القيام بعمليات التزوير، وهي المصدر الأول لتحقيق دخل القائمين على القرصنة. ويشير الخبير التقني، ستيفن ميلر، إلى ضرورة زيادة الوعي العام حول مخاطر الضغط على روابط مجهولة المصدر، أو تقديم المعلومات إلى جهات غير مؤكدة بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى الاهتمام بكلمات حفظ المرور، وتنويعها قدر الإمكان. بحسب CNN.

بالإضافة إلى المخاطر التي يمكن أن تهدد المعلومات السرية للمؤسسات أو الملفات التي تحتفظ بها بهدف إعداد الأبحاث ولغايات تعليمية، وبالأخص المعلومات السرية الحصرية لبعض المؤسسات والتي يمكن لخسارتها أن تكلف هذه الشركات مئات ملايين الدولارات. وطبعاً، يتشكل التهديد الأكبر بوجود احتمالية توصل القائمين على القرصنة الإلكترونية إلى معلومات سرية تخص أمن الدولة، مما يمكن أن يكشف بعض نقاط ضعف تلك الدول.

كما يمكن لهذه المعلومات أن تتسبب بانقطاع التيار الكهربائي وتوقف قطاع الإتصالات، بالإضافة إلى التأثير على إمدادات الماء في بعض الدول التي أصبح الإنترنت متحكماً بكافة عملياتها الحيوية، وبخاصة خلال الخمس سنوات الماضية.

تحذيرات وقلق

في السياق ذاته تصاعدت حدة الهجمات الإلكترونية التي يُعتقد أن مصدرها الصين ضد الولايات المتحدة، بشكل زاد من درجة القلق لدى الحكومة الأميركية بشكل كبير، لكن مجموعة من خبراء الأمن الإلكتروني، أفادوا أخيراً بأن الشركات والهيئات الحكومة الأميركية يجب أن تقلق حيال الهجمات القادمة من إيران وكوريا الشمالية، بقدر قلقها من الهجمات الصينية. وعلى الرغم من أن الصين وروسيا تمتلكان إمكانات أكثر تطوراً بالنسبة لشن الهجمات الإلكترونية مقارنة بإيران وكوريا الشمالية، إلا أن الدولتين تظلان سبباً للقلق في النقاشات المتعلقة بالتهديدات الإلكترونية على المستوى الدولي، وذلك بحسب ما قاله خبراء لممثلين عن البيت الأبيض في لقاء نقل تفاصيله موقع «بي سي وورلد» الإلكتروني.

وفي حين أن الصين وروسيا تحافظان على علاقات دبلوماسية متينة مع الولايات المتحدة ـ وهو ما يجب أن يمنعهما من شن هجمات كبيرة ضد الولايات المتحدة، أو محاولة إخفاء هذه الهجمات على أقل تقدير ـ إلا أن إيران وكوريا الشمالية قد تقومان بمثل هذه الهجمات كمحاولة للحفاظ على أنظمتهما السياسية، في ظل العزلة الدولية التي تواجهانها، وذلك بحسب مدير معهد الأمن القومي، الاقتصادي في جامعة جورج واشنطن، فرانك كيلوفو.

ويركز القراصنة الإلكترونيون في الصين وروسيا بشكل أساسي على عمليات التجسس والسرقة، لكن تمتلك الدولتان اهتماماً أقل خلال الفترة الحالية بالهجمات التي تهدف إلى إلحاق الضرر ليس إلا، بحسب كيلوفو، الذي أفاد بأن الإمكانات التي تمتلكها الصين وروسيا تجعلان منهما تهديداً متقدماً ومستمراً، لكنهما تمتلكان قليلاً من المسؤولية، وتدركان أن الولايات المتحدة قادرة على الرد.

ويرى كيلوفو، وهو يشغل أيضاً منصب المدير المساعد في مركز الأمن الوطني، أن «إيران مازالت تفتقد القدرات التي تمتلكها كل من روسيا والصين، لكنها خلال الشهور الأخيرة اختبرت قدراتها على الهجمات الإلكترونية، كما أنها تستطيع دائماً تعويض النقص في قدراتها من خلال الاعتماد على وكلاء أو شراء الإمكانات والخبرات».

ويمكن للمهاجمين الإيرانيين شراء البرمجيات الخبيثة المثبتة على شبكات ضخمة من الخوادم، التي تستطيع شن الهجمات على الشركات والمؤسسات الأميركية وتعطيلها أو التشويش على عملها. وأشار الخبراء الأمنيون إلى سلسلة من هجمات الحرمان من الخدمة ضد عدد من المصارف الأميركية، التي تم شنها خلال فترة سابقة من العام الجاري، إضافة إلى الهجمة التي شنها المهاجمون الإيرانيون في عام 2012 على شركة «أرامكو» النفطية في السعودية. وأضاف كيلوفو أن «كوريا الشمالية ورقة صعبة كذلك، إذ تبحث باستمرار عن تحسين إمكاناتها الهجومية».

من جهة أخرى، فإنه من الصعب التنبؤ بالخطوات التي تتخذها كل من إيران وكوريا الشمالية، ويبدو أن إيران تركز قدراتها الهجومية الإلكترونية على العمليات الانتقامية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب محاولة الدولتين إيقاف برنامجها النووي، وذلك بحسب نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركي، إيلاين بيرمان. وقال بيرمان «كانت الضربة التي وجهها القراصنة الإيرانيون إلى شركة «أرامكو» في منتصف عام 2012، التي ألحقت الضرر بنحو 30 ألف جهاز كمبيوتر، عبارة عن تحذير للولايات المتحدة والدول الأخرى حول القدرات المتنامية لإيران، إذ تستعرض إيران ردة فعلها المحتمل في حال قررت الانتقام من أي جهة في لحظة من اللحظات»، مضيفاً أن «الهجمة على (أرامكو) يمكن أن تُرى كوسيلة تريد إيران أن توصل للمجتمع الدولي من خلالها خططها لمهاجمة البنى التحتية الحساسة في حال اندلعت أي حرب ضدها.

من جهته، قال الخبير من شركة «مانديانت»، المتخصصة في الأمن الإلكتروني، ريتشارد بيغتليش «بدأ قراصنة الإنترنت تغيير تكتيكاتهم المتبعة، وذلك لأن الشركات الأميركية الكبرى بدأت تحصين دفاعاتها». وأضاف أن «المهاجمين غالباً ما يستهدفون الشركات الأصغر التي لديها شراكات مع المؤسسات الكبرى، ومن ثم يجدون طريقهم من خلال ذلك نحو الأهداف الأكبر». وتابع أن «المهاجمين غالباً ما ينجحون في تنفيذ مهامهم، إذ هناك دائماً عدم توازن بين الهجوم والدفاع، على حد تعبيره، أي أن مُهاجماً واحداً، أو مجموعة من المهاجمين، يمكن أن يُبقي مئات أو آلاف المُدافعين مشغولين فترة طويلة.

معلومات السيدة الأولى

على صعيد متصل أعلنت السلطات الاميركية فتح تحقيق حول عملية قرصنة محتملة لمعلومات شخصية لاسيما تلك المتعلقة بالاميركية الاولى ميشال اوباما ونائب الرئيس جو بايدن ومشاهير. واكد موقع على شبكة الانترنت نشر "ملفات سرية" لم تتأكد صحتها عن هذه الشخصيات المعروفة في الولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم الجهاز السري ماكس ميليان الذي سئل عن مطالب الموقع على شبكة الانترنت، "لقد فتحنا تحقيقا، لكننا لن ندلي بمزيد من التعليقات لان التحقيق جار". والجهاز السري هو الشرطة التي تحمي كبار المسؤولين الاميركيين وعائلاتهم، لكن عمله يشمل ايضا التصدي لعمليات التزوير المصرفية وتزوير العملة. بحسب رويترز.

وفتح مكتب التحقيقات الفدرالي (اف.بي.آي) تحقيقا ايضا، كما ذكرت متحدثة رفضت الادلاء بأي تعليق حول صحة المعلومات. والصفحة المخصصة "للاميركية الاولى" واحدة من اشهر الصفحات. ونشر الموقع ما يمكن اعتباره رقمها للضمان الاجتماعي معلومة بالغة الحساسية في الولايات المتحدة وارقام هاتفها ... ونشر هذا الموقع ايضا ما قال انه معلومات سرية عن وزير العدل الاميركي اريك هولدر ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون ومدير الاف.بي.اي روبرت مولر.

ومن بين الضحايا المفترضين لهذا الموقع، الممثلان ميل غيبسون وارنولد شوارزنيغر.

احكام وهجمات

من جانب اخر حكم على متسلل إلكتروني بالسجن ثلاث سنوات وخمسة اشهر لسرقته بيانات شخصية لحوالي 120 ألف مستخدم لإجهزة الكمبيوتر اللوحي (آي باد) الذي تنتجه شركة أبل ومن بين هؤلاء رؤساء بلديات ومذيعة لشبكة أخبار تلفزيونية وقطب سينمائي في هوليوود. وادانت هيئة محلفين في نيوارك بولاية نيوجيرزي الأمريكية أندرو اورنهيمر (27 عاما) في نوفمبر تشرين الثاني بتهمة التآمر للوصول إلى خوادم شركة آيه.تي آند تي دون الحصول على إذن وتهمة سرقة الهوية.

والحكم الذي اصدرته القاضية سوزان ويجنتون بالمحكمة الجزئية في نيوارك هو أقصى عقوبة كانت تسعى لها وزارة العدل الأمريكية والتي تتراوح من 33 إلى 41 شهرا. وقال ممثلو ادعاء إن فترة السجن من شأنها أن تساعد في ردع المتسللين من غزو خصوصية الأبرياء على شبكة الإنترنت. وأضافوا أن بين المتضررين من أنشطة اورنهيمر مذيعة الأخبار بمحطة (ايه.بي.سي) ديان سوير ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج ورئيس بلدية شيكاجو رام ايمانويل والمنتج السينمائي في هوليوود هارفي وينشتاين. بحسب رويترز.

وقال ممثل الادعاء الأمريكي بول فيشمان في بيان "عندما اتضح أنه في ورطة دبر الرواية وحاول تأمين الإنترنت وكل ما فعله هو المشي في طريق باب غير موصد... لم تأخذ هيئة المحلفين ولا المحكمة بذلك عند النطق بالحكم." وكان اورنهيمر سعى إلى وقف تنفيذ العقوبة. وقال محاميه إن كلمات السر لم تتعرض للتسلل الإلكتروني وإن مدة السجن الطويلة غير مبررة بالنظر إلى أن الحكومة سعت في الآونة الأخيرة لسجن متهم لمدة ستة أشهر في قضية تتعلق "بحقائق أكثر تطفلا."

وأضاف المحامي تور ايكلاند إن موكله سيقيم دعوى استئناف للطعن في الحكم.

الى جانب ذلك قال متحدث باسم شركة تومسون رويترز إن الشركة أوقفت نائبا لرئيس تحرير موقع رويترز على الانترنت لشؤون الشبكات الاجتماعية مع الاستمرار في دفع أجره بعد اتهامه بمساعدة أعضاء في شبكة أنونيماس وهي تجمع لجماعات تسلل على الانترنت. ووجهت هيئة محلفين اتحادية في سكرامنتو بكاليفورنيا ثلاث تهم جنائية لماثيو كيز (26 عاما). وتشير لائحة الاتهام إلى أن الاحداث المزعومة وقعت قبل انضمامه إلى تومسون رويترز.

واكد المتحدث باسم تومسون رويترز ديفيد جيراردين نبأ وقف كيز عن العمل لكنه رفض الادلاء بمزيد من التفاصيل. ولم يرد كيز فورا على طلب للتعليق. وتبادل كيز تعليقات على موقع تويتر مع البعض وقال لأحدهم "أنا بخير". وتقول لائحة الاتهام إن كيز أتاح للمتسللين الدخول على أنظمة كمبيوتر شركة تريبيون في ديسمبر كانون الاول 2010. وقالت إن أحد المتسللين قام بعد ذلك بفترة وجيزة بتغيير قصة اخبارية نشرت على الموقع الالكتروني لصحيفة لوس انجليس تايمز المملوكة لتريبيون. وانضم كيز إلى رويترز في يناير كانون الثاني 2012 كنائب لرئيس التحرير لشؤون الشبكات الاجتماعية. وكان يعمل في نيويورك ويعيش في نيوجيرزي.

في السياق ذاته هاجم متسللون عددا من المواقع الاخبارية الالكترونية في جمهورية التشيك مما أدى الى ابطاء او تعطيل صفحاتها الرئيسية في أحدث سلسلة من الهجمات الالكترونية على مواقع اخبارية في أنحاء العالم. وقال المديرون التنفيذيون لثلاثة من أكثر المواقع الاخبارية انتشارا في جمهورية التشيك ان مواقعهم تعطلت. وأغرق المتسللون المواقع بطلبات رقمية فاقت قدرة أنظمتها وهو تكتيك معروف للهجوم على الخدمة.

وقالت لجنة حماية الصحفيين ان الهجمات التي تستهدف وسائل الاعلام في تصاعد وانه يتم استئجار المتسللين من قبل جهات تريد فرض رقابة على الاخبار ليستهدفوا مراسلين ومواقع اخبارية الكترونية. وقالت وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز ان الهجمات الالكترونية التي استهدفتهما في يناير كانون الثاني انطلقت من الصين. وقال باحثون ان المتسللين استهدفوا ايضا عشرات من أنظمة الكمبيوتر في وكالات حكومية في جمهورية التشيك وايرلندا ورومانيا ودول أوروبية أخرى مستغلين عيبا أمنيا في برامج شركة ادوب سيستيمز. وعبرت أجهزة الامن الرومانية عن اعتقادها بأن دولة أخرى وراء الهجوم الذي تعرضت له مؤسسات للامن الوطني وأيضا حلف شمال الاطلسي. ولم تكشف الاجهزة عن اسم الدولة المشتبه بها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/آذار/2013 - 19/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م