العراق... أزمة داخلية تتغذى على التدخلات الاقليمية

 

شبكة النبأ: العراق لا يسير في الاتجاه الصحيح، هكذا يرى اغلب المحللين السياسيين وضعه في الوقت الراهن، نظرا لما يشهده هذا البلد من تصعيد في التوتر السياسي والطائفي الممزوج بموجات العنف الدامية التي تعزف على أوتار الأزمة السياسية المؤججة حاليا.

وتعد هذه الموجات من الهجمات هي أحدث علامة على حملة تصاعدت منذ بداية العام الجاري وزادت من خطر اتساع العنف الطائفي في البلاد.

حيث وضعت الإشكاليات السياسية عميقة الجذور بلاد الرافدين خلف قضبان الاستقرار، بفعل تمسك الكتل السياسية وقادتها كلٌ برأيه وموقفه الذي يستند الى مصالح الكتلة او الحزب، فضلا الاضطرابات الطائفية التي تغذيها الاحتجاجات الاخيرة بين الاطراف المتخالفة، إذ تغرس ببراثنها التعصب الطائفي مع صراع المصالح، فضلا عن الأطماع الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير.

ويرى بعض المحللين ان الاتهامات العراقية المتبادلة من خلال تصريحات المسوؤلين من الجانبين وتراشق الكلمات والقاء اللوم على طرف دون غيره، واستمرار مسلسل المناورات  والاتهامات والإستراتيجيات وألأجندات السياسية تحت غطاء كامن لغايات مجهولة والأهداف غير معروفة المقاصد، كلها امور تنذر بفشل جهود المصالحة، وتؤدي تكرار أخطاء الماضي أو المضي نحو المجهول.

فيما يرى الكثير من المحللين ان الخروق الأمنية المستمرة بمختلف أنواعها، كالعجلات المفخخة والعمليات الانتحارية والاغتيالات، تشكل ابرز معضلة  تغدي ديمومة هذه الأزمة السياسية المزمنة، وللقاعدة او ما يعرف ب دولة العراق الاسلامية حصة الاسد في تنفيذها، بينما تلعب الحسابات والتدخلات الإقليمية دورا كبيرا في هذا المجال، في حين تضع الخلافات السياسية الداخلية والصراعات المستدامة بين السياسيين الكثير من العقبات أمام تحسن الأمن خاصةً في الآونة الأخيرة.

وعليه فيرى اغلب المراقبين انه في حال غياب أي حوار أو حلول وسط أو توافق بين المسئولين يمكن للأزمة أن تطول مع ما يبدو من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاقتصاد وبالأخص على مسار التحول الديمقراطي الوليد، وبالتالي فان بلد الازمات – العراق- يمضي بثبات نحو المجهول في المستقبل.

في سياق متصل راى الجنرال اوستن الذي كان اخر قائد للقوات الاميركية في العراق قبل انسحابها في نهاية 2011 ان هذا البلد حافظ على استقراره لكنه "هش"، وقال خلال جلسة تثبيته امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ان "بعض الامور التي نراها في العراق مثيرة للقلق، مع التوتر القائم حاليا لدى العرب، والتظاهرات السنية""، وردا على سؤال طرحه السناتور الجمهوري جون ماكين الذي كان من اشد منتقدي سياسة الرئيس باراك اوباما بالانسحاب من العراق، عما اذا كان هذا البلد يسير برأيه "في الاتجاه الصحيح" رد الضابط بالنفي.

وقال اوستن انه على الرغم من المخاوف هناك ايضا بعض البوادر المشجعة، ذاكرا منها الانتاج النفطي واداء قوات الامن العراقية التي اشار الى انها بقيت موحدة رغم الازمة السياسية، وتابع ان قوات الامن "واجهت مرارا تحديات على الصعيد الامني، لكنها بقيت متماسكة، ولا تزال تدين بالولاء للقيادة المدنية، لم تتفكك". بحسب فرانس برس.

وقال "هناك اذا عنصر او عنصران يشيران الى انهم اذا ما باشروا اتخاذ القرارات الصحيحة سياسيا، عندها اعتقد ان لديهم فرصة في السير في الاتجاه الصحيح. لكنهم في الوقت الراهن لم يتخذوا هذه القرارات، وهذا ما يثير القلق".

على الصعيد نفسه أعلنت ما يسمى دولة العراق الإسلامية جناح تنظيم القاعدة في العراق مسؤوليتها عن تفجيرات سيارات ملغومة أودت بحياة 28 شخصا في أحياء تقطنها أغلبية شيعية بالعاصمة بغداد قائلة إنها تثأر لما تعتبره قمع الدولة للسنة.

وكانت ثماني سيارات ملغومة على الأقل انفجرت قرب متاجر ومطاعم في شوارع تجارية مزدحمة في بغداد، وسبب أحد التفجيرات دمارا كبيرا في واجهات متاجر في منطقة الكيارة بينما تسبب تفجير آخر في تدمير سيارة بمنطقة الكرادة التجارية المزدحمة.

ويكثف المتمردون هجماتهم في وقت يواجه فيه المالكي احتجاجات ينظمها آلاف السنة في المحافظات الغربية منذ شهرين متهمين حكومته بتهميش طائفتهم، وتضم حكومة تقاسم السلطة التي يرأسها المالكي مسؤولين من الشيعة والسنة والأكراد. وقدم رئيس الوزراء الشيعي بعض التنازلات للمحتجين مثل إطلاق سراح محتجزين اعتقلتهم قوات الأمن وتعديل قوانين يقول السنة إنها تستغل لاستهدافهم.

حيث انفجرت ثماني سيارات ملغومة في أحياء شيعية في أنحاء العاصمة العراقية بغداد مما أسفر عن مقتل 28 شخصا على الاقل في التفجيرات التي الحقت اضرارا بمتاجر ومطاعم وشوارع تجارية مزدحمة، وسبب احد التفجيرات دمارا كبيرا في واجهات متاجر في منطقة الكيارة بينما خلف تفجير اخر بقايا سيارة متناثرة على الطريق في منطقة الكرادة التجارية المزدحمة والمملوءة بالمطاعم والمتاجر.

وقال جمعة كريم التاجر في منطقة الحبيبية وقد غطت بقع الدماء سترته "كنت اشتري مكيف هواء وفجأة وقع انفجار. رميت نفسي على الارض. وبعد دقائق رأيت عددا كبيرا من الناس حولي وبعضهم قتل وبعضهم أصيب"، وجاءت تفجيرات بعد اغتيال ضابط رفيع بالمخابرات العسكرية العراقية في احدث حلقة من سلسلة تفجيرات انتحارية منذ يناير كانون الثاني تبين تصميم المسلحين على اشعال التوتر الطائفي، واصاب الشلل حكومة المالكي الهشة بسبب الصراعات الداخلية في الائتلاف الحاكم بعد انسحاب اخر جندي في القوات الامريكية قبل أكثر من عام. بحسب رويترز.

الى ذلك اتهم رئيس مؤتمر "صحوة العراق،" أحمد أبوريشة، رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بالوقوف خلف سلسلة التفجيرات التي هزت العاصمة بغداد، بهدف زرع فتنة طائفية بين الشيعة والسنة، ونقل تقرير، نشر على وكالة الأنباء العراقية "واع،" على لسان أبوريشة قوله "إن المالكي وحكومته، وبتوجيه وتنفيذ إيرانيين، هم من استهدفوا الأبرياء في تفجيرات بغداد، لإشعال نار الفتنة"، وإن الهجمات الإجرامية التي تقع كل يوم "مسؤولية المالكي، وإن القوات الأمنية ضعيفة في حماية المدنيين من هجمات المليشيات."

في حين تظاهر مئات العراقيين امام مبنى محافظة بابل، مطالبين باقالة رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي، فيما جمع مئة نائب في البرلمان تواقيع لسحب الثقة عنه.

واستنكر المتظاهرون وبينهم شيوخ عشائر ورجال دين، الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى الدوحة لحضور لقاء تلفزيوني في الوقت الذي لاتزال موازنة البلاد معلقة اثر خلافات سياسية، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "اقالة النجيفي مطلب جماهيري لتوحيد البلاد واخرى "نتصدى للارهاب وبارواحنا نبني البلاد".

وقال الشيخ كاظم علي احد المنظمين للتظاهرة، "كان الاحرى بالنجيفي البقاء في البلاد والعمل على اقرار الموازنة، لا الهروب في الوقت المواطن ينتظر حسم هذا الملف لحضور برنامج تلفزيوني"، وشن النجيفي في حوار مع قناة الجزيرة هجوما على رئيس الوزراء نوري المالكي وطالبه بالاستقالة، من جانبه، قال عضو ائتلاف دولة القانون النائب علي شلاه ان "مئة نائب جمعوا تواقيع لسحب الثقة عن النجيفي بعد التصريحات الطائفية التي ادلى بها من الدوحة".

واضاف ان "النجيفي اصبح لا يستطيع ان يكون رئيس مجلس للنواب بل زعيم طائفي وهذه العملية خطوة للنواب الراغبين في حفظ الوحدة الوطنية"، وتاتي زيارة النجيفي الى قطر بينما تشهد البلاد ازمة سياسية حادة وتظاهرات مناهضة للحكومة في المدن ذات الغالبية السنية.

الى ذلك تجددت التظاهرات المطالبة باسقاط النظام في عدد من المحافظات العراقية ابرزها الانبار وصلاح الدين ونينوى، وسط تصاعد اعمال العنف التي ترافقها ازمة سياسية منذ عدة اشهر، وطالب المتظاهرون الذين يشارك عدد منهم باعتصام دخل شهر الثاني باقالة رئيس الوزراء نوري المالكي والغاء قانوني اجتثاث البعث ومكافحة الارهاب، ورفع المتظاهرون في مدينة سامراء الواقعة في محافظة صلاح الدين لافتات كتب عليها "لا معنى للحرية في وطن مجرموه احرار" واخرى، "بغداد صبرا نحن قادمون".

بدوره، قال الشيخ علاء الحسني في خطبته في حي اليرموك غرب مدينة الموصل "على ولاة الامر ان ينظرو حال الشعب الذي رغم فقره والمه (...) لا ينسى مابذمته من واجبات دينية"، وفي الوقت نفسه يواجه المالكي تحديا كبيرا اذ انقلب العديد من شركائه في العملية السياسة ضده قبيل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في نيسان/ابريل المقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/شباط/2013 - 13/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م